34/11/04


تحمیل
 الموضوع: لو خاف الصائم الضرر على نفسه أو غيره
 ذكرنا في الدرس السابق انه لو صام المريض مع كون الصوم مضرا بجسمه فذكر السيد الخوئي هنا صورتين
 الصورة الاولى: ان يكون الصوم المضر بجسم الانسان قد بلغ حد التهلكه فبذلك يكون بالغ حد الحرمة الشرعية كالإلقاء في التهلكة فإن صومه باطل لأنه حرام
 نحن قلنا يوجد طريق أسهل وهو ان هذا الصوم المضر بالبدن بحيث وصل الى حد الإلقاء في التهلكة لا أمر فيه ثم فيه نهي وهذا هو دليل على البطلان لعدم الأمر وان كان كلام السيد الخوئي تام أيضا
 وذكرنا في الدرس السابق ان الصوم الضرري لا أمر فيه وهو منهي عنه وان النهي عن العبادة باطل يقينا، وهذا يختلف عن المبحث الذي يذكره العلماء من ان النهي عن العبادة هل يوجب البطلان أو لايوجب البطلان فان بحث النهي عن العبادة يوجب البطلان يأتي مع وجود أمر مطلق بالعبادة كالصلاة في الحمام فإن مطلق الصلاة مشمولة بالإطلاق وبعد ذلك ورد النهي فهي مأمور بها ومنهي عنها بينما هنا عدم المرض هو شرط من شرائط الصحة في الصوم فلا أمر فيه أصلا فليس هو من اجتماع الأمر والنهي بل الموجود هنا نهي فقط
 الصورة الثانية: ان لايكون الضرر قد وصل حد الالقاء في التهلكة كما لو كان محموما وصام او كان الصوم يضر ببصره فصام فهو ليس من التهلكة ثم بنينا على ان الضرر المحرم ليس هو كل ضرر بل ان الضرر البالغ على النفس هو المحرم، فهنا لو صام فان الفتوى تسالمت على انه مبطل أيضا لأنه الأدلة اشترطت في الصوم ان يخلو من المرض وظاهر الآية فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيّام اخر انك ان كنت مسافرا أو مريضا فيجب عليك ان لاتصوم وتمتنع من الصيام فكما فرض الله تعالى على الحاضر الصوم فانه فرض على المسافر والمريض الافطار وكذا هذا هو مضمون موثقة سماعة من ان الصائم لو وجد ضعفا فانه يفطر، فاذا لم يفطر فقد ترك واجبا وان ترك الواجب مبغوض فلايكون الصوم متقربا به الى الله
 لكن صاحب المستند قد استدل على بطلان الصوم في الصورة الثانية وهي ان لايكون الضرر بحد الالقاء في التهلكة استدل بصحيحة حريز التي أوجبت الافطار اذا خاف على عينيه الرمد أفطر فقال ان الأمر بالافطار يوجب النهي عن ضده فالعبادة فاسدة هنا
 لكن هذا غير صحيح فإن الأمر بالشيء لايقتضي النهي عن ضده كما اخترناه في الاصول بدليل ان هذا المريض غير مأمور بالصوم لأن من شرائط صحة الصوم عدم المرض، وقد ذكر صاحب المستند دليلا آخر وهو عدم وجود أمر في الصورة الثانية وهذا دليل صحيح
 فالميزان هو الضرر وليس المرض نعم أغلب موارد الضرر هي المرض ولكن يمكن ان يكون الضرر ليس من ناحية المرض
 نعم توجد رواية واحدة تعارض هذا الكلام حيث قالت بالإجزاء اذا كان مريضا وهي رواية عقبة بن خالد عن الامام الصادق (عليه السلام) في رجل صام في شهر رمضان وهو مريض؟ قال يتم صومه ولايعيد [1] لكن الرواية ضعيفة بمحمد بن عبد الله وعقبة فانهما مجهولان كما ان هذه الرواية شاذة فتطرح أو تحمل على المريض الذي لايضره الصوم
 وكذا إذا خاف من الضرر في نفسه أو غيره أو عرضه أو عرض غيره أو في مال يجب حفظه وكان وجوبه أهم في نظر الشارع من وجوب الصوم وكذا إذا زاحمه واجب آخر أهم منه
 فلو أدّى الصوم الى هتلك عرضه أو عرض غيره أو ضياع مال محترم وكان يجب حفظ هذا المال كما لو كان وديعة فيقدّم حفظ العرض والمال فيجب عليه الإفطار لتحصيل الأمر الأهم وهو حفظ العرض والمال
 فلو عصى ولم يحفظ المال الأهم فقال صاحب العروة ان عدم الابتلاء بالمزاحم وحفظ الأهم هو من شرائط صحة الصوم فيكون الصوم باطلا، وهذا الكلام من صاحب العروة مبنيا على عدم صحة فكرة الترتب ومعه فلا نحتاج الى اثبات ان الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده بل نقول هنا لايوجد أمر أصلا لأنه مزاحم بالأهم ومع عدم الأمر فلا ملاك ولامحبوبيّة
 أما بناء على إمكان فكرة الترتب فلابد من القول انه اذا ترك الأهم فإن الصوم يصح لأن المزاحمة هي بين الاطلاقين أي إطلاق حفظ المال والعرض وبين إطلاق الصوم أما بين ذاتي الخطابين فلا مزاحمة
 ان فكرة الترتب هي فكرة صحيحة لأن معناها الاتيان بالمهم مع ترك الأهم ان لم يمكن الجمع بين الأمرين فتوجه الخطابين ليس بمحال وعليه فالصوم صحيح لو ترك حفظ المال وصام
 
 


[1] وسائل الشيعة،الباب 22 من ابواب من يصح منه الصوم، الحديث 2