35/03/23


تحمیل
الموضوع:صلاة وصيام من يعيش في القطب الشمالي أو الجنوبي
هذه المسألة التي تقدمت وهي ان الذي يعيش في القطب الجنوبي أو الشمالي الذي نهاره ستة أشهر وليله ستة أشهر كيف يصلي وكيف يصوم؟ صاحب العروة عرض هذه المسألة وقال ان الإحتمالات فيها أربعة، واختار من بينهما الإحتمال الأول وهو ان صلاته وصومه على حسب البلدان المتعارفة فيصوم ويصلي بصلاتهم
وان الاحتمال الثاني يقول ان التكليف في هكذا مناطق ساقط عن هؤلاء الناس لأن التكليف منصرف الى الساكنين في البلدان المتعارفة من حيث النهار والليل
القول الثالث وقد اختاره السيد الحكيم وهو يقول ان الصوم يسقط عنه أما بالنسبة الى الصلاة فإنه يصلي الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء
القول الرابع ان يكون تابعا للبلد الأول الذي كان فيه سابقاً فيصلي بصلاة بلده الأول ويصوم بصومهم
السيد الخوئي (قده) يقول ان هذه الإحتمالات الأربعة كلها باطلة لأنها لاتنسجم مع الروايات الواردة فان هذا الاحتمال خارج عن حدود الروايات الموجودة فهذه الأقوال ليس لها دليل
أما الإحتمال الأول والذي قد اختاره السيد اليزدي حيث يقول انه لابد ان يأخذ بلدة متعارفة ويحسب على حسابها كمكة مثلا او كربلاء او النجف فان القول الأول يقول ان الصلوات لها مواقيت معينة بيننما هذا الفرض وهو من في القطب الشمالي عندما يصلي فانه ليس وقت معين فهو لم يصل الفجر في وقتها وكذا الظهرين وكذا العشائين لأنه لافجر ولازوال ولامغرب في القطب الجنوبي هذا مع ان الصلوات لها أوقات معينة وهذه الأوقات المعينة مفقودة عند من يصلي في القطب الشمالي أو الجنوبي فتكون صلاته في غير وقتها، فالاحتمال الأول لامقتضي له كما يقول السيد الخوئي
أما الاحتمال الثاني وهو الذي يقول بسقوط التكليف فان التكليف منصرف الى الساكنين في البلدان المتعارفة وهذه البلاد هي بلاد غير متعارفة فان يوم واحد عنده يعادل سنة كاملة، فهذا الاحتمال باطل كما يقول السيد الخوئي لأنه منافي لإطلاق الأدلة من الكتاب والسنة الناطقة بوجوب الصلاة والصوم لكافة الناس، نعم خرج منه المريض والمسافر بالنسبة للصوم والمغمى عليه والمجنون بالنسبة للصلاة لورود الدليل فيه لكن هذا الذي يعيش في القطب هو شخص بالغ عاقل ولاعلّة فيه فلابد من شمول التكليف له
الإحتمال الثالث وقد اختاره السيد الحكيم وهو القائل بسقوط الصوم فقط دون الصلاة فهو منافي لاطلاق الادلة الواردة من الكتاب والسنة فان اطلاقات الأدلة الشاملة لهذا الانسان تنافي سقوط الصوم وحده فان قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون [1] تعني وجوب الصوم على الناس فلايمكن القول بسقوط الصوم عنه فان موضوع الصوم لم ينعدم، وكذا ينافي بني الاسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية [2] فمنها الصلاة والصوم
أما قول السيد الحكيم بوجوبصلاة يوم واحد غهو قول باطل ايضا فان هذا اليوم خارج عن موضوع الأدلة لأن المنسبق من الأدلة هو اليوم المتعارف، فالاحتمال الثالث والذي قد اختاره السيد الحكيم قد أبطله السيد الخوئي
الاحتمال الرابع وهو ان من ذهب الى القطب الشمالي يراجع بلده الذي كان فيه من قبل فيصلي بصلاتهم ويصوم صيامهم، فيقول السيد الخوئي لامعنى لهذا القول فإن هذا الشخص قد ترك بلده ولامعنى لأن يصلي بصلاة بلده فإن اُفق بلده يختلف عن افق البلد الذي فيه والصلاة تكون حسب اُفق البلد الذي يكون فيه فعلاً
هنا قال السيد الخوئي: لايقال بانه يمكن هنا ان يستصحب بأن يقول ان هذا الشخص الذي كان سابقا في النجف الأشرف ويصلي باُفق النجف الاشرف فالآن أيضا يصلي حسب افق النجف الأشرف، فيجيب السيد الخوئي ويقول لايمكن هنا الاستصحاب فإن الحالة السابقة وهي الصلاة حسب اُفق النجف الأشرف قد انتفت يقينا بخروجه من النجف الأشرف ومع العلم بإنتفاء الحالة السابقة فلايمكن الإستصحاب
ثم ان السيد الخوئي بعد ان أبطل هذه الإحتمالات الأربعة قال: توجد حقيقة وهي وجوب الصلاة والصوم على كل انسان بالغ عاقل وهذا مقطوع به ولايجوز تفويت الواجبات لأن الصلاة والصوم هي أركان الدين لايجوز تفويتها فنستنتج من هذا حرمة البقاء والمكث في مكان يوجب تفويت الواجبات عليه ومعه فلابد من الخروج من القطب والذهاب الى بلد يمكن فيه أداء الصلاة والصوم فيحرم البقاء وتجب المهاجرة مقدمة للاتيان بالواجبات، وتوجد روايات تقول يجب المهاجرة من البلاد التي يمحق فيها الدين ومن موارد محق الدين هو عدم التمكن من الصلاة والصوم
ومثل هذا الفرع ينتقل السيد الخوئي الى فرع آخر وهو اذا ركب الشخص بطائرة تسير بسرعة حركة الأرض وكلما تسير الطائرة فيكون الوقت قبل الزوال بساعة مثلا ومعه فلا يصلي مادام في الطائرة لأنه لايرى طلوع الشمس ولايرى الغروب ولايرى الزوال فلايتمكن من الصلاة ولامن الصوم، ومثله اذا ذهب الشخص الى القمر فان كان بجهة القمر الذي يواجه الشمس فتكون خمسة عشر يوما عنده نهار ثم تكون خمسة عشر يوم في الليل فيكون شهره يوم واحد، وهذه فروض ثلاثة
لكن ركوب الطائرة التي تعادل سرعة حركة الأرض ومن كان في القمر بحيث يكون في تمام الشهر يومه يوما واحدا فقط فيمكن القول بانه عليه القضاء اذا كان العمل في هاذين الفرضين مصلحة راجحه أما الساكن في القطب الشمالي والجنوبي فلايمكن القضاء فلايجوز للانسان ان يفوت الواجبات باجمعها مع عدم امكان قضائها
فهذا الانسان يُعد عاصيا لله الذي كلفه بتكاليف معينة بحيث لايتمكن من ادائها ولاقضائها وهو لايجوز، بالنسبة الى من في القطب الشمالي فان قضاء الصلوات ممكن لكن الصوم لايمكن قضائه لكن الكلام هنا في أصل وجوب الصلاة عليه، فيقول السيد الخوئي بأنه يجب عليه لكنه لايمكنه إتيانها فيلزمه المهاجرة
نحن نقول للسيد الخوئي لو اضطر الانسان ان يسكن في القطب فالحرمة ترتفع أو انه عصى فهل عليه الصلاة والصوم او ليس عليه ذلك، فنقول ان السيد الخوئي نظر الى من كان في القطب مع هذه الأدلة الموجودة لدينا حسب اليوم المتعارف عندنا فالذي يسكن في القطب ليس له دليل على الصلاة والصوم فهو لايجوز
لكن توجد روايات وردت في هذا المورد فتقول يجب عليهم ان يصلّوا الصلوات الخمس في كل أربعة وعشرون ساعة وان يقدّروا للصلوات أو قاتها ويعتمدون في تقدير الصلوات على أقرب البلاد اليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها عن بعض، فقد ورد في حديث الإسراء والمعراج وغيره ان الله تعالى فرض على هذه الامة خمسين صلاة ولكن النبي (صلى الله عليه واله) لم يرض بذلك الى ان تنزل الى خمس صلوات في اليوم والليلة وهو أربعة وعشرون ساعة فيجب علينا خلال أربعة وعشرين ساعة خمس صلوات وهو اليوم والليلة ولكن لاداعي لأخذ أقرب الأماكن بل أخذ البلد الاستوائي اذا كان ممكنا
كما انه توجد رواية تقول ان النبي (صلى الله عليه واله) حدّث أصحابه عن المسيح الدجال فقالوا مالبثه في الأرض قال أربعون يوما، يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم، فقيل يارسول الله (صلى الله عليه واله) اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم قال لا أقدروا له قدره وقد روى هذه الرواية مسلم في الفتن واشراط الساعة، فالاحتمال الأول والثاني مستند الى هذه الرواية
فظاهر هذا النص ان النبي الأكرم (صلى الله عليه واله) لم يعتبر اليوم الذي كسنة يوما واحدا بل أوجب في كل أربعة وعشرون ساعة خمس صلوات ومعه فالتعدي الى أقرب نقطة فيها ليل ونهار ومشرق ومغرب فهو أقرب وأرجح من اطلاق مطلق البلاد وكذا الكلام في الصوم كالكلام في الصلاة