37/05/01


تحمیل

الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد(المورد السابع).

أما بالنسبة إلى الاعتراض الاول(في رياض المسائل) فيجاب عنه بأنه خلاف الظاهر, لأنه لو كان هذا _أن الرواية تنبه على أن الاكل بعد انكشاف الخلاف يجب فيه القضاء_ المراد واقعاً كان المناسب بل لعله المتعين أن يقال (فمن اكل بعد ذلك فعليه قضاءه) وهذا التعبير لا يشمل فرض الرواية (الاكل قبل انكشاف الخلاف) لكن الرواية لم تقل هكذا بل قالت (فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا)[1] وهذا التعبير يشمل الفرض الذي فرضته الرواية (أي الاكل الواقع قبل انكشاف الخلاف) وحينئذ يدل هذا التعبير على وجوب القضاء عند الاكل قبل الانكشاف وهو عكس ما ذهبوا إليه, أو لا اقل من أن يكون هذا التعبير موهماً لشمول هذا الفرض ويدل على وجوب القضاء فيه, هذا مع أنه لا قرينة على تقييد الرواية بصورة الاكل بعد انكشاف الخلاف, فالرواية تقول (فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه) أي كل من اكل قبل دخول الليل فعليه القضاء فلماذا نقيدها بمن اكل قبل دخول الليل بعد انكشاف الخلاف مع عدم القرينة والشاهد على هذا القيد؟؟

فذيل الرواية ناظر إلى هذا الفرض ويريد أن يحكم بوجوب القضاء فيه كما أن قوله عليه السلام على من افطر صيام ذلك اليوم يمكن تفسيره بأن المقصود به وجوب القضاء وعليه تكون الرواية دالة على وجوب القضاء من جهتين من جهة قوله (على الذي أفطر صيام ذلك اليوم) وليس هذه العبارة غريبة بأن يقول صيام ذلك اليوم مع أن القضاء يقع في يوم آخر فأن هذا التعبير متعارف بأن يقال أن هذا اليوم يجب عليك صومه أي يجب عليك قضاءه والجهة الثانية هو أن الاستشهاد بالآية يكون في محله بأعتبار أن الظاهر من الآية انها في مقام بيان الوقت الذي يجب صومه وهو من طلوع الفجر إلى الليل وهو لم يفعل ذلك فعليه صيام ذلك اليوم.

ثم أن صاحب الرياض ذكر أن الاستدلال بالآية يؤكد ما ذكره هو من أن الآية لا تحكم ببطلان الفعل ووجوب القضاء بل تحكم بصحته وعدم وجوب القضاء لأن الآية تدل على وجوب الامساك إلى الليل مطلقاً سواء اكل في الاثناء أم لم يأكل, وهذا المطلب غير مقنع ولا يمكن قبوله لأن الآية ظاهرة في انها في مقام تحديد نهاية الوقت الذي يجب فيه الصوم, وان النهاية هي الليل, وذلك بعد أن حددت البداية في قوله تعالى ﴿ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [2] فالآية غير ناظرة إلى مسألة حصول الافطار في الاثناء لكي يُتمسك بأطلاقها من هذه الجهة ويقال بأن مقتضى اطلاق الآية وجوب اتمام الصيام إلى الليل سواء اكل أم لم يأكل, ومن هنا يظهر _خلافاً للمشهور الذي ناقش في هذه الرواية وحملها على هذا المحمل (انها لا تدل على وجوب القضاء بل تدل على صحة الصوم) _ أن الرواية تامة الدلالة على وجوب القضاء في موردها (ما اذا افطر بظن (اعتقد) دخول الليل بسبب وجود سحاب أو غيم ثم تبين الخلاف).

وقد قلنا أن الظاهر أن هاتين الروايتين(روايتي سماعة وسماعة وابي بصير) عبارة عن رواية واحدة, والى هنا يتبين وقوع التعارض بين هذه الرواية الصحيحة التامة دلالة على وجوب القضاء في موردها وبين الرواياتين السابقتين (رواية الكناني والشحام) الدالة على عدم وجوب القضاء في نفس المورد, والمشهور بنى على صحة سند الروايتين السابقتين_ وقد استشكلنا في سندهما_ وبناءً على وجود الاشكال السندي لا تستطيع هاتان الروايتان مقاومة هذه الصحيحة الدالة على وجوب القضاء وحينئذ لابد من تقديم الصحيحة والالتزام بوجوب القضاء في مورد الرواية (اعتقاد دخول الليل بأعتبار وجود غيم أو سحاب).

وتبقى صحيحتا زرارة فهل أن صحيحة سماعة وابي بصير معارضة لصحيحتي زرارة أو لا؟؟ ومدلول صحيحتي زرارة خصوصاً الثانية نفس هذا المدلول تقريباً غاية الأمر أن تلك الصحيحة أو الصحيحتين تشملان مورد صحيحة سماعة بالإطلاق لعدم تقييدها بالغيم أو السحاب, لكنها تدل على أنه اذا اعتقد الصائم بغياب الشمس فأفطر ثم تبين الخلاف فلا يجب عليه القضاء فهي مطلقة بالنسبة إلى مورد رواية سماعة لأنها تقول اذا وجد غيم أو سحاب يجب عليه القضاء وتلك تقول لا يجب عليه القضاء اذا اعتقد دخول الليل وافطر وتبين الخلاف مطلقاً اي سواء وجد غيم في السماء أم لا, ومن هنا يكون حل هذا التعارض بسيطاً لأنه تعارض بنحو العموم والخصوص المطلق فنقيد صحيحتي زرارة بهذه الصحيحة أي نخرج مورد رواية سماعة عن صحيحتي زرارة والنتيجة هي التفصيل بين صورة وجود غيم فنحكم بوجوب القضاء عملاً برواية سماعة وبين عدم وجود غيم فنحكم بعدم وجوب القضاء عملاً بصحيحتي زرارة لكن هذا التفصيل غريب وهو خلاف المشهور بل لعله لا يقول به احد, لكنه مقتضى البناء على عدم صحة رواية الشحام ورواية الكناني ومقتضى البناء على أن رواية سماعة ظاهرة في وجوب القضاء, نعم اذا صححنا سند رواية الكناني وسند رواية الشحام, يحصل تعارض بين رواية الشحام ورواية الكناني(حيث تقولان بعدم وجوب القضاء) من جهة وبين صحيحة سماعة وابي بصير (حيث تقولان بوجوب القضاء) من جهة اخرى وهما في مورد واحد فكل منهما يفترض الغيم والسحاب, والتعارض ليس بنحو العموم والخصوص المطلق, وحينئذ اذا قدمنا روايتي الكناني والشحام على صحيحة سماعة وابي بصير كما فعل المشهور بناءً على تمامية دلالة صحيحة سماعة وابي بصير _حيث أن المشهور ناقشوا في دلالتها _ قالوا بأنه لو كانت تامة فأنها تحمل على التقية فقدموا رواية الكناني والشحام على هذه الصحيحة وقالوا لأن الصحيحة موافقة لرأي العامة ونقلوا هذا عن العلامة وغيره وكأنه شيء واضح, والنتيجة هي عدم الالتزام بوجوب القضاء في محل الكلام مطلقاً سواء وجد الغيم أم لا, وذلك عملاً برواية الكناني ورواية الشحام عند وجود الغيم وعملاً بصحيحة زرارة مع عدم وجود الغيم, لأطلاقها وعدم معارضتها بشيء لأن صحيحة سماعة وابي بصير تحمل على التقية, واذا لم يتم التقديم ووصلت النوبة إلى التعارض والتساقط فحينئذ لابد من الرجوع إلى صحيحة زرارة وهي مطلقة تدل على عدم وجوب القضاء مطلقاً.