36/11/28


تحمیل

الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة, 11,12,13,14.[1]

وهذا التفصيل _ في المانع الاضطراري بين صورة العلم حين الافطار بعروض المانع بعد ذلك, وبين صورة الشك (حين الافطار) في عروضه بعد الافطار _ اذا تم فالظاهر أنه لا يختص بالمانع الاضطراري بل يشمل المانع الاختياري ايضاً, فإذا فرضنا علم المكلف بسفره بعد ساعتين (قبل الزوال) وافطر متعمداً, يقال ايضاً أن علمه بعروض المانع يساوق العلم بعدم التكليف واذا صار عالماً بعدم التكليف يستحيل جعل التكليف عليه لا واقعاً ولا ظاهراً واذا افطر لا تجب عليه الكفارة.

نعم يمكن أن يقال بأن السفر له خصوصية وهي أن الادلة _ وهي مورد اتفاق العلماء_ ظاهرة في أن الحاضر يجب عليه الصوم ويحرم عليه الافطار اذا سافر قبل الوصول إلى حد الترخص, فكما أنه لا يجوز له التقصير قبل وصوله إلى حد الترخص كذلك لا يجوز له الافطار قبل ذلك, وهذه القضية واضحة ومسلمة, ومقتضى اطلاق الادلة الدالة عليها واطلاق كلمات الفقهاء المتفقين عليها عدم الفرق بين المسافر الذي يجب عليه الصوم ما دام لم يصل إلى حد الترخص بين أن يكون عالما ً بأنه سيسافر أو غير عالم, وهذا الأمر مستفاد من الادلة ويختص بالسفر.

فلو اردنا التفصيل فينبغي التفصيل بين السفر _لقيام الادلة على أن الصائم حتى لو علم أنه سيسافر لا يجوز له الافطار ما لم يبلغ حد الترخص فإذا افطر قبل ذلك تجب عليه الكفارة _وبين ما عداه فيأتي فيه الكلام السابق.

ولابد من استثناء السفر للأدلة الخاصة, ويبقى الأمر في كيفية تخريج هذا الاستثناء, لأنه يواجه مشكلة, وهي أن مقتضى القواعد أن هذا المكلف الذي يعلم بعروض المانع يكون عالماً بعدم التكليف واقعاً, وحينئذ لا يعقل جعل التكليف الظاهري في حقه, هذا من جهة ومن جهة اخرى يقال بأنه يجب عليه الصوم ويحرم عليه الافطار وهذا ما تقتضيه الادلة.

ويمكن أن يخرج هذا الاستثناء على اساس أن القاعدة تنظر لنفي التكليف بالصوم بعنوان أنه شهر رمضان, والادلة تقول يجب الصوم _ على المسافر قبل أن يصل إلى حد الترخص _أي يجب الامساك عن المفطرات وهو غير الصوم الذي تنفيه القاعدة.

نعم اذا افطر الصائم في هذا الصوم قبل أن يصل إلى حد الترخص فأنه تجب عليه الكفارة لأن موضوع الكفارة اعم, فموضوعها من وجب عليه الصوم.

وبعضهم خرجه على اساس الصوم التأدبي, لكن الصوم التأدبي لا تجب فيه الكفارة.

وعلى كل حال فأن هذه الوجوه ليست ناهضة لأثبات هذا الاستثناء, ونحن نتبع الدليل الذي يدل على حرمة الافطار _قبل بلوغ حد الترخص_ ووجوب الكفارة عند ارتكابه.

 

قال الماتن

(مسألة 12 ) : لو أفطر يوم الشك في آخر الشهر ثم تبين أنه من شوال فالأقوى سقوط الكفارة وإن كان الأحوط عدمه ، وكذا لو اعتقد أنه من رمضان ثم أفطر متعمدا فبان أنه من شوال أو اعتقد في يوم الشك في أول الشهر أنه من رمضان فبان أنه من شعبان .[2]

الفرق بين الشق الاول من المسألة (لو أفطر يوم الشك...) والشق الثاني منها (كذا لو اعتقد أنه من رمضان...) هو أن الاول لم يكن فيه جرم بل مجرد ظنٍ, وكان يجب عليه صوم ذلك اليوم إما للاستصحاب أو اعتماداً على قول صم للرؤية وافطر للرؤية, ثم قامت البينة على أنه من شهر شوال فأنه تسقط عنه الكفارة, وفي الثاني اضاف عنصر الجزم والاعتقاد بذلك (أي أن هذا اليوم من شهر رمضان) فصامه وافطر فيه متعمداً ثم تبين أنه من شوال, فهنا تسقط عنه الكفارة ايضاً.

ثم ذكر الشق الثالث (اعتقد في يوم الشك في أول الشهر أنه من رمضان فبان أنه من شعبان) وفرقه عما تقدم أن الكلام فيه يقع في اليوم الذي يُشك بأنه من رمضان أو من شعبان, بخلاف ما تقدم حيث كان محل الكلام فيه اليوم الذي يكون إما من رمضان أو من شوال, وقد حكم السيد الماتن في هذا الشق (الثالث) بعدم وجوب الكفارة ايضاً, أي أنه حكم في جميع صور المسألة بعدم وجوب الكفارة, وهذا هو الصحيح.

ويمكن أن يقال بأن الجميع ذهب إلى هذا الرأي, والسر في ذلك هو أن موضوع وجوب الكفارة في الادلة هو الافطار في شهر رمضان, وفي محل الكلام تبين أنه لم يفطر في شهر رمضان وإنما افطر أما في شهر شوال أو في شهر شعبان, ولا فرق بين ما اذا كان ظاناً أو كان جازماً.

فهو كان يتخيل بأنه افطر في رمضان وهذا الأمر التخيلي الذي تبين فساده ليس له اثر في وجوب الكفارة عليه, وهنا يظهر الفرق بينه وبين ما تقدم _في من افطر متعمداً ثم عرض له مانع من اتمام الصوم_ حيث كنا نثبت امر شرعي حقيقي بالصوم غاية الأمر أنه ظاهري لا واقعي, فلا يجوز له الافطار.

نعم يكشف عروضُ المانع فيما بعد عن عدم التكليف الواقعي, لكنه يبقى وجوب الصوم عليه وحرمة الافطار وان هذا امر صادر من الشارع, فإذا خالف ذلك استحق الكفارة, بينما في محل الكلام ليس فيه امر بوجوب الصوم وإنما تخيل ذلك خيالاً صرفاً, فلا تشمله الادلة الدالة على وجوب الكفارة.

قال الماتن

(مسألة 13 ) : قد مر أن من أفطر في شهر رمضان عالما عامدا إن كان مستحلا فهو مرتد بل وكذا إن لم يفطر ولكن كان مستحلا له ، وإن لم يكن مستحلا عزر بخمسة وعشرين سوطا فإن عاد بعد التعزير عزر ثانيا فإن عاد كذلك قتل في الثالثة والأحوط قتله في الرابعة .[3]

وقد تقدمت هذه المسألة بتمام خصوصياتها وتفاصيلها في اول كتاب الصوم ولا حاجة للتكرار.

 

قال الماتن

(مسألة 14 ) : إذا جامع زوجته في شهر رمضان وهما صائمان مكرها لها كان عليه كفارتان وتعزيران خمسون سوطا فيتحمل عنها الكفارة والتعزيز وأما إذا طاوعته في الابتداء فعلى كل منهما كفارته وتعزيره وإن أكرهها في الابتداء ثم طاوعته في الأثناء فكذلك على الأقوى وإن كان الأحوط كفارة منها وكفارتين منه ولا فرق في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة.[4]

في المسألة صور اربع:

الصورة الاولى: ما اذا اكرهها في الابتداء وفي الاستدامة, كما في قول الماتن (إذا جامع زوجته في شهر رمضان وهما صائمان مكرها لها....)

الصورة الثانية:ما اذا طاوعته في الابتداء والاستدامة. كما في قول الماتن (وأما إذا طاوعته في الابتداء.....)وهذا العبارة تشمل هذه الصورة والصورة الثالثة, لأنها مطلقة من حيث الاستدامة أي سواء طاوعته في الاستدامة أو لا .

الصورة الثالثة: ما اذا طاوعته في الابتداء لا في الاستدامة. كما في قول الماتن (وأما إذا طاوعته في الابتداء....)

الصورة الرابعة:ما اذا اكرهها في الابتداء وطاوعته في الاستدامة. كما في قول الماتن (وإن أكرهها في الابتداء ثم طاوعته في الأثناء...)

أما بالنسبة إلى الصورة الاولى: (ما اذا اكرهها في الابتداء وفي الاستدامة) وقد ذهب المشهور إلى أن عليه كفارتين وتعزيرين خمسين سوطاً, بل اُدعي على ذلك الاجماع ولم ينقل الخلاف _ في تحمل الزوج الكفارة عن الزوجة _ الا عن العماني كما نقل ذلك العلامة في المختلف, والذي يظهر أن العماني انكر هذا الشيء تمسكاً _ على ما قالوا _ بالأصل فأنه قد يرى ما دل على ذلك غير تام, وبأعتبار أن صوم المرأة صحيح فلا موجب لكي يتحمل الزوج عنها الكفارة.

ويجاب عن التمسك بالأصل أن النوبة لا تصل إليه مع وجود الدليل, وسيأتي بيان امكان اثبات الدليل على ذلك.

وأما مسألة أنه لا يفسد صومها فهو اول الكلام وقد تقدم منا التفريق بين مسألة الالجاء (الاجبار) وبين الاكراه الاصطلاحي فهو عبارة عن التوعد بأنزال الضرر بهذا الشخص اذا لم يفعل كذا, وهو يبطل الصوم, وفي المقام يبطل صومها بالجماع الذي اكرهت عليه, وحينئذ يمكن افتراض وجوب الكفارة عليها.

مضافاً إلى أنه لا منافاة بين تعدد الكفارة على الزوج وبين صحة صومها, فلو سلمنا بصحة صومها, فأن ذلك لا ينافي وجوب كفارتين على الزوج لإمكان أن تكون الكفارة الثانية على اكراه الزوجة على الجماع لا على افساد صومها.

والصورة الثانية (ما اذا طاوعته في الابتداء والاستدامة) فقد حكم السيد الماتن فيها (فعلى كل منهما كفارته وتعزيره) وهو مقتضى القاعدة فكل منهما يتحمل ما وجب عليه وما دلت عليه الادلة فإذا كانت الادلة تدل على أن من يفطر متعمداً في شهر رمضان تجب عليه الكفارة يثبت على كل منهما كفارة, واذا دلت الادلة على وجوب التعزير فأنه يثبت على كل منهما تعزير, وذلك لأن الافطار العمدي قد صدر من كل منهما, ولا اشكال في ثبوت الكفارة على كل منهما, أما التعزير فلم يتقدم دليل يدل على أن من افطر متعمداً فعليه تعزير ولا توجد هكذا ادلة واضحة , وإنما المستند للتعزير _ كما سيأتي_ رواية نستشكل في سندها أو يُتمسك بدعوى الاجماع _ على ما سيأتي_ فالثابت في المقام هو وجوب الكفارة على كل منهما.