32/02/12


تحمیل

الموضوع: المسالة 248 .

 كان حديثنا في حرمة لبس المحرم للخف والجورب

 وقلنا ان من خالف فالاحوط وجوب شاة في حقه بعد وضوح انه لاتوجد رواية خاصة في ذالك، فما هو السبب؟

 قلنا ربما يقال انه نتمسك في صحيحة زرارة الواردة في من لبس ما لاينبغي له لبسه اثناء الاحرام فعليه دم

 لكن التمسك بها يحتاج الى صدق عنوان الثوب على الجورب حيث انه لا جزم بصدقه عليه فلذالك صير الى الاحتياط

 وهذا التوجيه للاحتياط دون الفتواى بنحو الجزم وان كان شيئا له وجاهة

 ولكن نلفت النظر الى هذه القضية فان درجة كون الاحتياط بنحو الاستحباب او الوجوب تتبع درجة احتمال صدق عنوان الثياب على الجورب فاذا كانت درجة الاحتمال ضعيفة لدى الفقيه فالاحتياط ينبغي ان يكون استحبابيا

 اما اذا كانت الدرجة معتدا بها فالمناسب ان يكون الاحتياط وجوبيا

 ولاجل هذا ترى ان فقيها يحتاط في ثبوت الشاة على نحو الاحتياط الاستحبابي بينما فقيه آخر يصير الى الاحتياط الوجوبي وذلك لقوة درجة احتمال الصدق عنده

 وهو معنى ماقلناه من ان الاستنباط قد يتأثر احيانا بعوامل نفسية والمقصود هذا المعنى كما اوضحنا

 وكأن السيد الماتن كانت درجة الاحتمال عنده بشكل معتد بها فصار الى الاحتياط الوجوبي

 وتبقى قضية اخرى وهي انا لو سلمنا صدق عنوان الثوب على الجورب وان الشاة ثابتة فيمن خالف ولكن كيف التعدي الى الخف فانه ليس من جنس الثياب جزما وهنا نحتاج الى ضم قضية عدم القول بالفصل اي ان الفقهاء لم يفصلوا في ثبوت الشاة بين الجورب والخف فمن قال بثبوت ذالك في احدهما قال بثبوته في الثاني فلو تم هذا فيتعدى الى الخف ايضا ويكون ثبوت الشاة فيه احتياط زائد

 وهذه نكات فنية يجدر الالتفات اليها

النقطة الثالثة: ان حرمة الخف والجورب ثابتة في حق الرجل دون المرأة فالمرأة المحرمة يجوز لها ان تلبس ذالك

 وكيف يمكن تخريج ذالك فنيا؟

قد تذكر احد وجوه اربعة

الوجه الاول: التمسك بالبرائة بعد ضم فكرة القصور في المقتضي اي يقال ان مقتضي تحريم الخف والجورب هو عبارة عن النصوص المتقدمة وهي مختصة بالرجل حيث عبرت بلفظ (المحرم) ومعه يشك ثبوت الحرمة في حق المراة فيتمسك بالبرائة

 وقد صار الى هذا جمع من الاصحاب كصاحب المدارك في ج7 ص 338 وصاحب الحدائق في ج 15 ص 444

 وممن صار الى ذالك السيد الخوئي في المعتمد فانه تمسك بفكرة القصور في المقتضي ثم قال قد يقال بضميمة التمسك بقاعدة الاشتراك فصحيح ان النصوص خاصة بالمحرم ولكن بقاعدة الاشتراك يشمل المرأة، ولكنه اجاب عن ذالك بان قاعدة الاشتراك لايمكن التمسك بها في باب الحج وبالاخص في باب الملابس فانه يوجد اختلاف يبن الرجل والمراة في حكم اللباس في باب الحج بدرجة كبيرة الامر الذي يوهن قاعدة الاشتراك

 وهذا الكلام قريب من ان قاعدة لاضرر لايمكن التمسك بعمومها الاّ اذا كانت مدعومة بعمل الاصحاب فان عمومها موهون بسبب كثرة التخصيص الطارئ عليها وهذا كلام ذكره الشيخ الاعظم في الرسائل وغيره

 فالدليل الاول هو القصور في المقتضي

والجواب: انا لو رجعنا الى الروايات وجدنا ان بعضها ليس قاصرا من قبيل صحيحة الحلبي عن ابي عبد الله (عليه السلام) واي محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله ان يلبس الخفين اذا اضطر الى ذالك فان التعبير بقوله اي محرم فيه شمولية واضحة لكل محرم بما فيه المرأة

 وهكذا الحال بالنسبة الى صحيحة رفاعة سال ابا عبد الله (عليه السلام) عن المحرم يلبس الجوربين قال نعم والخفين اذا اضطر اليهما

واذا قلت ان كلمة المحرم خاصة بالمذكر ولاتعم المؤنث

قلت ان هذا الاحتمال ملغى بمناسبات الحكم والموضوع والاّ فالاشكال وارد في جميع الموارد اي حتى في كتاب الصلاة، ومقامنا كذالك

 واما ما افاده السيد الخوئي من ان قاعدة الاشتراك لايمكن التمسك بها لكثرة التخصص

 فكلامه يوحي ان قاعدة الاشتراك يوجد لها مدرك خاص من نص او اجماع والحال انا ذكرنا سابقا ان الاشتراك ثابت لمناسبات الحكم والموضوع فنفس المناسبة المذكورة تقتضي التعميم

ودعوى ا ن هذه المناسبات لايمكن التمسك بها لكثرة اختلاف حكم الرجل عن المراة

هي دعوى عهدتها عليه (قده) فلاتوجد تلك الكثرة التي نرفع بها اليد عن هذه المناسبات

الوجه الثاني: ان عدم جواز لبس الخف والجورب في النصوص السابقة هو من جهة انهما من المخيط فنكتة التحريم هي الخياطة وحيث ان المرأة يجوز لها ان تلبس المخيط فلاحرمة للخف والجورب في حقها

وفيه ان هذا مجرد احتمال لاينبغي بناء الاستنباط عليه اي ان كون حرمة الخف والجورب ناشئة من حرمة لبس المخيط

 فالوجيه ان الحرمة لعنوانهما لا كونهما من المخيط

الوجه الثالث: ما ورد من ان احرام المراة في وجهها على عكس الرجل كما في صحيحة عبد الله بن ميمون عن جعفر عن ابيه (عليه السلام) المحرمة لاتتنقب لان احرام المراة في وجهها واحرام الرجل في ر اسه وسائل الشيعة ج 12 ص550 الباب 55 من تروك الاحرام الحديث2

 بدعوى ان المستفاد من كون احرام المراة في وجهها هو ان اللازم في حق المراة ا ن تكشف عن قرص وجهها اما ان تكشف عن غير ذالك كالقدمين بحيث لايجوز لها لبس الجورب او الخف فمنفي بالحصر المذكور

 وهذا شيئ وجيه لولا انه يحتمل ان يكون الحصر المذكور حصرا اضافيا اي ان الحصر المذكور ناظر الى الرأس فاي مقدار من الراس يلزم للمحرم ابرازه وهو مايعم المجموع بما يشمل الوجه، وهذا الاحتمال شيئ وجيه اي الحصر ليس حقيقيا

الوجه الرابع: ان يدعى التمسك بفكرة الاستبعاد بمعنى ان من البعيد ان الشرع يلزم المرأة باظهار قدمها فان ذالك موجب شهوة الرجال او ماشاكله

 والمقصود ان هذا الاستبعاد بنفسه ليس دليلا وانما هو يولد الاطمئنان ان الشارع لايرديد اظهار قدميها

والجواب ان الوجه موجب لاثارة الشهوة بدرجة اكبر او لا اقل بدرجة مساوية ومعه فلايتحقق هذا الاستبعاد بعد النكتة التي تمت الاشارة اليها

والاجدر التمسك بوجهين آخرين

الاول: الصحيحة الدالة على ان المراة تلبس ماشاءت من الثياب غير الحرير والقفازين وهي تدل على جواز لبس الجورب او الخف بمقتضى العموم

الثاني: ان المسالة عامة البلوى فالنساء يذهبن الى الج او العمرة طيلة السنة وما دامت المسالة ابتلائية فيلزم ان يكون الحكم واضحا في فتوى الفقهاء والمنعكس من فتواهم هو الجواز لا عدم الجواز

 وهذا يولد الاطمئنان للفقيه بالجواز