33/07/15


تحمیل
 الموضوع:- مسـألة ( 335 ) / الواجب الرابــــع مـن واجبـات عمـرة التمتـع ( السعي ) / باب السعي / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 ثم انه إذا كانت لدينا رواية تدل على جواز الجلوس مطلقاً - أي حتى أثناء الشوط الواحد - فيلزم تقييدها بالرواية السابقة ، من قبيل صحيحة الحلبي ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يطوف بين الصفا والمروة أيستريح ؟ قال:- نعم ان شاء جلس على الصفا والمروة وبينهما فليجلس ) [1] فانها دلت على جواز الجلوس حتى أثناء الشوط الواحد فيلزم تقييدها بالصحيحة السابقة - أعني صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله - وهذا مطلب واضح.
 بقي شيء لم يتعرض إليه السيد الماتن(قده) وهو:- هل يجوز السعي من الطابق العلوي أو من الطابق ما تحت الأرضي ؟ وهكذا بالنسبة إلى الطواف - فانّا لم نتعرض إلى ذلك سابقاً - ؟
 أما بالنسبة إلى الطواف:- فالجواب عن ذلك يرتبط بهذه النكتة وهي أن اللازم في الطواف أن يكون طوافاً حول الكعبة المشرفة لقوله تعالى ( وليطّوّفوا بالبيت العتيق ) وهكذا دلت الروايات ، وعليه فلو فرض أن الكعبة كانت أعلى من الطابق الثاني بحيث أن الذي يطوف فيه يكون طائفاً حول الكعبة المشرفة فيجزي ذلك من دون محذور ولكن بالشرط الذي أشرنا إليه سابقاً وهو أنه يلزم اتصال خط الطائفين اتصالاً عرفيّاً لا دقيّاً فانه إذا لم يكن هناك اتصال فيمكن أن يقال انه لا يصدق عرفاً أن هذا يطوف حول الكعبة فاتصال الخط وعدمه له تأثير في هذا المجال ، أما إذا فرض أن جدار الكعبة كان أخفض من الطابق الثاني أو كان ذا ارتفاع قليل فلا يجوز حينئذ الطواف فيه ، إذن المسألة من هذه الناحية ترتبط بهذه القضية ، ولعل الذي يصعد في الطابق الثاني قد لا يحرز أن جدار الكعبة أعلى فيشكل آنذاك الطواف فيه ، أما إذا فرض أنه صعد شخّص ونظر بواسطة بعض الوسائل الحديثة وثبت له أن جدار الكعبة أعلى من الطابق الثاني فلا مشكلة آنذاك ، والفقيه أحيانا قد يحيل القضية إلى المكلف من باب عدم احرازه لذلك - أي لارتفاع جدار الكعبة - وعلى أي حال المسألة ليست تقليدية وأن هذا موضوع من الموضوعات العرفيّة فإذا ثبت أنه أعلى فلا مشكلة.
 وأما بالنسبة إلى السعي:- فالحكم من هذه الناحية يرتبط بمدى امتداد الصفا والمروة فان اللازم أن يكون السعي ما بينمها ، فإذا فرض أنا أحرزنا ارتفاع الصفا إلى الطابق العلوي بحيث كان الصفا أعلى من الطابق العلوي ولو بمقدار أقل من شبرٍ فيكفي ، وهكذا بالنسبة إلى المروة فيكفي ويصدق آنذاك أنه طواف بين الصفا والمروة ، أما إذا كانا أخفض من ذلك أو كانا مساويين له فلا يصدق آنذاك العنوان المذكور.
 وهكذا الأمر من ناحية الطابق الأسفل فالكلام هو الكلام فإذا ثبت أن جذور الجبلين موجودة في الطابق ما تحت الأرضي فيكفي آنذاك الطواف ما بينهما ، والفقيه أحياناً يتوقف أو يحيل المسألة على المكلف نتيجة عدم احرازه لارتفاع الجبلين عن الطابق العلوي وعدم إحراز امتدادهما إلى الطابق ما تحت الأرضي ، وإذا فرض أن المكلف أحرز ذلك فلا مشكلة.
 ومنه يعرف الحال بالنسبة إلى السعي بالنسبة إلى المسعى الجديد فانه إذا أحرز كونه بين الصفا والمروة كفى السعي فيه آنذاك ، أما إذا لم يحرز فلا يكفي السعي فيه ، وتبقى المسألة من هذه الناحية مرتبطة بمراجعة أهل الخبرة أو القرائن إلى أن يحصل إحراز للامتداد بحيث يصدق السعي ما بين الجبلين.
 ان قلت:- هناك طريقة للتخلص من هذه المشكلة وهي أن نقول:- انّا إذا شككنا هل أن الصفا والمروة ممتدان بحيث يصدق على السعي في المسعى الجديد أنه سعي بين الصفا والمروة ؟ فنجري البراءة عن تعيّن السعي في المقدار المتيقن بأن نقول هكذا:- ان ذمتنا قد اشتغلت بالسعي بين الصفا والمروة والمسعى القديم يكفي بلا اشكال فانه سعي بين الصفا والمروة ولكن نشك هل هو متعيّن أو أنه يكفي السعي في المقدار الجديد ان المورد في مثل ذلك هو من الدوران بين التعيين والتخيير حيث أن في التعيّن كلفة زائدة فتنفى تلك الكلفة بسبب عدم العلم بها بالبراءة ، كما لو فرض أنا علمنا أنه يجب على من أفطر الكفارة ، أما هل هي متعيّنة بخصوص الاطعام أو هي أعم من ذلك ومن الصيام ؟ فهنا يقال بأنّا نجزم بأن الذمة قد اشتغلت بالجامع بينهما وهو عنوان ( الأحد ) وقد اشتغلت الذمة بالأحد جزماً أما خصوص هذا الأحد - أعني الإطعام - فيشك في اشتغال الذمة بعنوان الخصوص فنجري البراءة فتكون النتيجة هي السعة والتخيير ، وهذا الكلام في الكفارة لماذا لا نطبقه في المقام وبذلك يثبت جواز السعي في المسعى الجديد وهكذا في الطابق العلوي وما تحت الطابق الارضي ؟
 والجواب:- ان صحة هذا المطلب وعدمها يرتبطان بنكتة أشرنا إليها في بعض الأبحاث وحاصلها:- ان النصوص أمرتنا بعنوان السعي بين الصفا والمروة وتارةً نفهم من هذا التكليف أن الواجب هو المعنون لا أن هذا العنوان قد اشتغلت به الذمة وإنما هو قد أخذ بنحو المشيرية وكأنه يراد أن يقال هكذا ( يلزم أن يكون السعي في هذا المقدار من الأرض ) فالواجب هو السعي في هذا المقدار من الأرض وعنوان ( بين الصفا والمروة ) أخذ كمشير إلى هذا المقدار من الأرض لا أن الذمة اشتغلت به ، وأخرى نبني على أن الذمة اشتغلت بهذا العنوان وليس المعنون.
 فإذا فرض أنها اشتغلت بالمعنون فحيث أنّا لا ندري سعته وضيقه فيمكن حينئذ أن نقول:- ان الذمة قد اشتغلت بالجامع - يعني اشتغلت بالسعي في مقدار من الأرض - أما خصوص هذا المقدار فهو شيء يشك في اشتغال الذمة به فنجري البراءة عنه . وهذا وجيه إذا فرض أن الذمة لم تشتغل بالعنوان بل اشتغلت بالمعنون.
 أما إذا فرض أنها اشتغلت بالعنوان فلابد من إحراز ذلك العنوان إذ لا يوجد سعة وضيق في دائرة التكليف وإنما دائرة التكليف محدّدة وهي السعي بين الصفا والمروة غايته أن المكلف لا يدري هل يحصل الامتثال - أي امتثال هذا العنوان - بالسعي في المسعى الجديد أو لا ؟ انه شك في تحقق الامتثال فيكون آنذاك مجرى للاشتغال . وهذا بخلافه بناءً على تعلق التكليف بالمعنون فان دائرة المكلف به مردّدة بين السعة والضيق فينفى الضيق بالبراءة ، أما بناءً على التعلق بالعنوان فلا يوجد تردّد في دائرة التكليف بين السعة والضيق.
 ونفس هذا الكلام يأتي بالنسبة إلى منى ، فلو شككنا أن منى تمتد إلى بعض المناطق المشكوكة أو لا ؟ فبناءً على أن التكليف تعلّق بعنوان منى والمبيت في منى بحيث أن الذمة مشتغلة بهذا العنوان وليس بالمعنون فيلزم إحراز تحقق هذا العنوان ، أي بالتالي يلزم أن نبيت في مكان نحرز أنه من منى حتى نحرز تحقق الامتثال ، أما إذا افترضنا أنّا استظهرنا كون عنوان منى قد أخذ بنحو المشيرية إلى المكان أي يراد أن يقال ( يلزم المبيت في هذه المنطقة ) والمنطقة دار أمرها بين السعة والضيق فيكون التردّد آنذاك تردداً في دائرة المكلف به فالمكلف به مردّد بين السعة والضيق فنجري البراءة عن تعيّن كون المبيت في هذا المقدار بالخصوص.
 ان حكم هذه المسألة ومسألتنا يرتبطان بتحقيق هذه النكتة ، فإذا استظهرنا عرفاً اشتغال الذمة بعنوان منى والمبيت في منى وهكذا بعنوان السعي بين الصفا والمروة فيلزم الجزم بالامتثال ولا يكفي السعي في المنطقة المشكوكة.
 ويمكن أن يقال:- ان ظاهر كل عنوان هو أنه مأخوذ بنحو الموضوعية والحمل على الطريقية يحتاج إلى قرينة فيلزم بذلك الاشتغال ، ففي مثل السعي بين الصفا والمروة لا موجب للحمل على المشيرية والطريقية إذ أن هذا يحتاج إلى قرينة ، وبناءً عليه لا يكفي السعي في المسعى الجديد.
 نعم هناك قضية وهي:- لو فرض أن المكلف لم يمكنه إلا هذا بحيث منعت السلطة من السعي في القديم اما بشكل كاملٍ أو في خصوص الذهاب أو في خصوص الاياب فماذا نصنع حينئذ ؟ ان القاعدة الأوّلية تقتضي سقوط وجوب الحج لأن بعض أجزاءه لا يمكن الاتيان بها وحيث أنه ترابطي فيلزم سقوط وجوب المركب بالكامل ، ولكن في خصوص باب الحج حيث لا نحتمل سقوط أصل الحج فان هذا بحسب ارتكاز المتشرعة ليس بمقبولٍ وهكذا سقوط السعي من الأساس فيكون المناسب آنذاك الإتيان بالمقدار الممكن.
 ونفس هذا الشيء يأتي في مسألة الذبح في منى ، فان المناسب هو سقوط أصل الحج ولكن يأتي هذا الكلام الذي ذكرنا هناك أيضاً.


[1] الوسائل 13 501 20 من أبواب السعي ح1.