33/07/06


تحمیل
 الموضوع:- مسألة ( 331 ) / الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع ( صلاة الطواف ) / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 النقطة الثانية:- أن يكون المكلف ملتفتاً إلى لحنه قبل أداء الصلاة وتوجد سعة في الوقت للتعلم ، فلا اشكال هنا في لزوم التعلم كي يؤدي الواجب الذي عليه.
 النقطة الثالثة:- أن يكون ملتفتاً قبل أداء الصلاة ولكن تهاون حتى ضاق عليه الوقت أو فرض أنه لم يتهاون ولكن التفت عند ضيق الوقت ، وفي مثل هذه الحالة يلزمه الاحتياط بالجمع بين أمور ثلاثة فيأتي بما يحسنه وينيب شخصاً ويؤدي الصلاة جماعة أيضاً فانه يلزمه ذلك لأجل تردد وظيفته واقعاً بين هذه الاحتمالات الثلاثة فيلزمه أن يجمع بينها لأن حكمه الواقعي لا يخلو من أحدها وحيث لا نافي لبعضها المعيَّن في مقابل الآخر فيلزم من باب منجزية العلم الإجمالي الجمع بينها ، وهذا فتوى بلزوم الاحتياط لأجل وجد العلم الإجمالي.
 ان قلت:- أوليس قد قلنا سابقاً ان الروايات الثلاث السابقة - أعني ( سين بلال .... ) ورواية الأخرس ورواية مسعدة - يستفاد منها أنه يأتي بما يحسنه فلماذا لا نسحب تلك الروايات إلى مقامنا ونفتي على طبقها ونقول بأنه يأتي بما يحسنه ؟ فكما استفدنا من الروايات في النقطة الأولى فلنستفد منها في هذه النقطة ؟
 وهكذا الحال بالنسبة إلى الدليل الذي أشرنا إليه - وهو أن المسألة وان لم تكن ابتلائية بدرجة كبيرة ولكن بالتالي هي ابتلائية فيلزم أن يكون حكمها واضحا ..... إلى آخر البيان فان ذلك البيان - فلماذا لا نسحبه إلى هنا أيضا ؟
 وأيضاً ما ذكرناه لإثبات عدم مشروعية الجماعة في صلاة الطواف - وهو أنه لو كانت الجماعة مشروعة لأداها النبي صلى الله عليه وآله أو بعض الأئمة عليهم السلام أو على الأقل المتشرعة ولم ينقل التاريخ ذلك - فهذه البيانات لماذا لا نسحبها إلى المقام ؟
 والجواب:- ان البيانات السابقة كانت ناظرة إلى العاجز ، فان رواية ( سين بلال ) وهكذا بقية الروايات هي ناظرة إلى من كان في لسانه لكنة بحيث لا يمكنه غير ذلك فان مثل هذا يقال يكفيه ما يحسنه لدلالة الروايات على ذلك ، والمفروض في مقامنا أن الشخص فصيح اللسان غايته هو لم يتعلم سابقاً وضاق عليه الوقت ومثله ليس مشمولاً لتلك الروايات.
 وهكذا البيان الذي ذكرناه - من أن هذه مسألة ابتلائية فيلزم أن يكون حكمها واضحاً وحيث لم تذكر الروايات ولا الفقهاء أن الوظيفة هي الجماعة أو النيابة يحصل اطمئنان للفقيه بأن الوظيفة هي الاكتفاء بما يحسنه - فانه يأتي فيمن كان في لسانه عجز ولُكنة ولا يمكن أن يتعلم لا في مثل المقام الذي فرض فيه أنه يمكنه التعلّم.
 وهكذا الدليل الذي ذكرناه لعدم مشروعية الجماعة فانه ناظر إلى الجماعة في الحالة الطبيعية والعادية - أي في حقنا نحن الذين يمكننا أن ننطق بالفصيح - فهنا يقال لا دليل على مشروعية الجماعة إذ الدليل هو على العدم إذ لو كانت مشروعة لأداها المعصومون عليهم السلام أو المتشرع ، وهذا بخلاف ما نحن فيه فانه حالة نادرة - وهو أن الشخص يمكنه أن يتعلم ولكنه لم يتعلم حتى ضاق الوقت - فلا يكون مشمولاً لهذا الدليل.
 وعليه فالأدلة السابقة لا تشمل مقامنا بل تختص بمن يتمكن من التكلم بالفصيح أو كان في لسانه عجز بحيث لا يتمكن أن يزيله لا مثل المقام ، وعليه فالأحوط هو الجمع بين هذه الأمور الثلاثة.
 نعم جاء في مناسك الشيخ النائيني ( يصلي أوّلاً بقراءته الملحونة ثم يقتدي ثم يستنيب على الأحوط ) فانه ربما يظهر من عبارته أن الوظيفة في المرحلة الأولى هي أن يأتي بما يحسنه ثم يأتي دور الوظيفتين الأخريين.
 وهذا لعله لا دليل عليه ، بل بعد العلم الإجمالي المذكور يكون مخيّراً في تقديم أيّاً من الأطراف الثلاثة من دون ترتيب . اللهم إلا أن يكون الوجه عنده هو أن المظنون أو المُطمَأن به من ذوق الشارع أن المكلف يأتي بما يتمكن عليه فان هذا إذا كان شيئاً مُطمَأناً به يكون هو الوظيفة والاتيان بالأخيرين يكون من باب الاحتياط ولكنّه مبني على هذا الاطمئنان.
 
 مسألة( 332 ):- إذا كان جاهلاً باللحن في قراءته وكان معذوراً في جهله صحت صلاته ولا حاجة إلى الاعادة حتى إذا علم بذلك بعد الصلاة ، وأما إذا لم يكن معذوراً فاللازم عليه اعادتها بعد التصحيح ويجري عليه حكم تارك صلاة الطواف نسياناً.
 .................................................................................................
 فرق هذه المسألة عن سابقتها هو أن السابقة ناظرة إلى من كان في لسانه لحن وهو ملتفت قبل فعل الصلاة وذكرنا لذلك شقوقاً ثلاثة فتارة لا يمكن التصحيح وأخرى يمكن وفي الوقت سعة وثالثة يمكن ولكن الوقت ضيق ، وأما هذه المسألة فالمفروض فيها أنه التفت إلى كونه يلحن ويخطئ بعد الصلاة.
 وكان من المناسب له(قده) تسليط الأضواء على هذه القضية بأن يقول ( إذا فرغ من الصلاة والتفت - اما مباشرة أو بعد فترة - إلى اللحن فحكمه كذا ) ، وأنسب منه جمع المسألتين في مسألة واحدة ولكن مع التشقيق حتى يحصل انتظام وترتيب فيقال هكذا ( من كان في لسانه لحن فتارة يكون ملتفتاً إلى ذلك قبل الصلاة وأخرى يلتفت بعدها ، فان كان ملتفتاً قبل الصلاة فلذلك شقوق ثلاثة ويذكر عدد الشقوق - وإذا التفت بعد الصلاة فحكمه كذا )
 وحاصل الحكم في هذه المسألة هو أنه تارة يفترض كونه جاهلاً قاصراً وأخرى يكون مقصراً ، فان كان قاصراً فصلاته صحيحة ولا حاجة إلى الاعادة ، وأما إذا كان مقصراً فعليه الاعادة ، ويأتي السؤال:- أين يعيدها ؟ فهل يعيدها في بلده أو يرجع إلى مقام إبراهيم ؟ والجواب:- ان وظيفته وظيفة الناسي - أي ان شق عليه فيأتي بها في مكانه وان لم يشق عليه فعليه أن يرجع -.
 وما المستند في ذلك ؟ توجد لدينا دعويان هما:-
  الأولى:- التفصيل بين القاصر والمقصر ، فالقاصر يكتفي بما سبق والمقصر تلزمه الاعادة . وما هي نكتة الفرق ؟
 الثانية:- إذا كان مقصراً فذكرنا أن عليه الاعادة ، ثم قلنا:- هل يلزم أن يعيد في مكانه أو يذهب إلى مكة ؟ وأجبنا بأن حكمه حكم الناسي ، فما هو مستند هذه الدعوى ؟
 أما بالنسبة إلى الدعوى الأولى:- فوجهها حديث ( لا تعاد ) الذي هو من الأحاديث المباركة ، ومنه انتزعت القاعدة المعروفة بقاعدة ( لا تعاد ) فان مستندها هو هذا الحديث وهو صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ( لا تعاد الصلاة إلا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود ...... القراءة سنّة والتشهد سنّة والتكبير سنّة ولا تنقض السنة الفريضة ) [1] فانه ذكرت قاعدة عامة في هذا الحديث وهي أن المكلف إذا انتهى من صلاته ثم التفت إلى وجود خلل فيها فالخلل تارة يكون في الأشياء الخمسة المذكورة فيلزم أن تعاد - وهي المعبّر عنها بالأركان - وأخرى في غيرها فلا يلزم أن تعاد ، وعلل الامام عليه السلام وبيّن الفارق حيث قال ان تلك الخمسة هي فرض الله عز وجل ومتى حصل خلل في فرض الله لزمت الاعادة وأما البقية فهي تشريع وسنَّة من الرسول والسنة لا تنقص الفريضة فمادامت الفريضة محفوظة فالخلل في سنّة الرسول لا يؤثر وأعطى عليه السلام قاعدة عامة وهي ( ولا تنقض السنّة الفريضة ).
 وبناء على هذه القاعدة يكون المناسب في مقامنا - أي إذا اتضح وجود الخلل في مقامنا - هو عدم الاعادة ، ولكن لماذا استثني المقصّر وقيل يلزمه الاعادة ؟ وذلك لأن قاعدة لا تعاد تختص بالقاصر دون المقصر فالمقصر ليس مشمولاً لهذه القاعدة ، ولماذا لا تشمله ؟ سنبين ذلك فيما بعد.
 وأما بالنسبة إلى الدعوى الثانية:- فالوجه في ذلك هو صحيحة جميل السابقة التي قالت ( ان الجاهل في ترك الركعتين عند مقام إبراهيم بمنزلة الناسي ) فهي قد سوَّت بين الجاهل والناسي وعلى هذا الأساس يكون حكم الجاهل حكم الناسي.
 وقد تقول:- ان هذه ناظرة إلى من ترك الركعتين رأساً والمفروض هنا أنه قد أتى بهما ولكن مع اللحن فكيف نعمم هذه الرواية للآتي بالركعتين بشكل ملحون ؟


[1] الوسائل 5 470 1 من أبواب افعال الصلاة ح14.