33/05/04


تحمیل
 الموضوع :- مسألة( / الشك في عدد الأشواط / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 مسألة(318):- اذا شك بين السادس والسابع وبنى على السادس جهلاً منه بالحكم وأتم طوافه لزمه الاستئناف . وان استمر جهله الى أن فاته زمان التدارك لم تبعد صحة طوافه.

 هذه المسألة وما بعدها من مسألتين أو ثلاث واضحة مضموناً ومستنداً فنمر عليها مرور الكرام.
 وحاصل مضمون هذه المسألة - والذي تقدمت الاشارة اليه في ثنايا البحث في المسألة السابقة - هو أن المكلف لو شك بين الشوط السادس والسابع فقد ذكرنا أن طوافه يبطل ومستند ذلك روايات متعددة عبّر فيها بكلمة ( يستقبل ) أو ( هلّا استأنف ) .اذن تجب اعادة الطواف.
 بيد أن المكلف لو كان جاهلاً وبنى على أحد الطرفين - كالسادس مثلاً - ثم أتى بشوط آخر ومضى الى حدٍّ لا يمكنه التدارك بحيث يصدق عنوان ( فاته الطواف ) فلا يبعد الحكم بصحة طوافه رغم أن القاعدة تقتضي البطلان ، ومستند ذلك الروايات المتقدمة فان الامام عليه السلام قال ( يستقبل ) فقال الراوي ( قلت:- ففاته ذلك ، قال:- ليس عليه شيء ) يعني لا يترتب عليه شيء من لزوم الاعادة ، وهذا معناه الحكم بالصحة . هذا مضمون المسألة مع مدركها
 وقد تقدمت الاشارة الى الخلاف بين صاحب الجواهر وبين صاحب الحدائق والمدارك في أنه هل يمكن الأخذ بظاهر هذه الروايات أو لا ؟ قال صاحب الجواهر المناسب هو البطلان ولا يمكن الحكم بالصحة اذا فاته التدارك بل ادعى الاجماع على ذلك ، بينما صاحب الحدائق والمدارك خالفاه ، وقلنا ان هذا هو الوجيه ، ويظهر من السيد الماتن تبنيه لهذا ايضاً حيث قال ( لم تبعد صحة طوافه ) ، فان الحكم وان كان على خلاف القاعدة ولكن لا محذور في مخالفة القاعدة ما دام قد دلَّ نصٌّ معتبرٌ على ذلك ولا ينبغي أن نطرح النص لأجل مخالفته للقاعدة . اذن لا يبعد الحكم بالصحة وهو شيء وجيه.
 وأما الاجماع الذي ادعاه صاحب الجواهر فان تمَّ حقاً فمن المناسب أن يقال:- ( نطرح الرواية لهجران الاصحاب لمضمونها ) فان الهجران أحد مسقطات الحجية كما بيَّنا أكثر من مرَّة ، ولكن مثل هذه الاجماعات التي نسمعها كثيراً يشكل الاعتماد عليها بعد الالتفات الى أن هذه المسألة ليست من المسائل المطروحة بشكلٍ واضح ويمكن تحصيل رأي الفقهاء فيها جميعاً فلذلك من المناسب الأخذ بمضمون الرواية ، ولعله لأجل ذلك عبر بكلمة ( لا يبعد ).
 ولكن يبقى شيء أشرنا اليه سابقاً أيضاً:- وهو الوجيه أن يكون المقصود من هذه الروايات هو الشك بعد فوات المحل لا أن الشك قد حصل وهو بَعدُ في المحل وبذلك تكون هذه الروايات ناظرة الى الحكم بالصحة لو طرأ الشك بعد الفراغ فتكون اجنبية عن المقام ، ولأجل وجاهة هذا الاحتمال يحتمل أنه عبر (قده) بـ( لا يبعد ) ، ويبقى درجة ارادة هذا الاحتمال - يعني ان هذه الروايات ناظرة الى الشك الطارئ بعد الفراغ - مرتبطة بنفسية الفقيه فرب فقيه يقول ان ارادة هذا المعنى بعيد عن ظاهر الروايات جداً وحينئذ يكون من المناسب أن يحكم بالصحة في حق الجاهل لو تجاوز المحل في حالة كون الشك ثابتاً قبل التجاوز ، ورب فقيه آخر يقول ان هذا احتمال وجيه فيحتاط في المسألة ، وهذه قضية فنيّة ينبغي الالتفات اليها.
 ونحن حيث نرى أن هذا احتمال وجيه - أي ارادة الشك الطارئ بعد فوات المحل - فلا نجزم بالحكم بالصحة في حق الجاهل بل نقول ان في ذلك اشكالاً والاحتياط يقتضي اعادة الطواف.
 يبقى شيء:- وهو أنه قال في العبارة ( اذا شك بين السادس والسابع وبنى على السادس جهلا منه .... ) والتقييد بقوله ( وبنى على السادس ) لا داعي له فانه لا فرق بين أن يبني على السادس ويأتي بشوط آخر أو يبني على السابع ويكتفي به اذ الروايات السابقة ليست مقيّدة بهذا القيد بل قالت ( شك بين السادس والسابع ) أما على ماذا بنى ؟ فهي ساكتة من هذه الناحية والامام عليه السلام لم يستفصل ، اذن المناسب هو التعميم من هذه الناحية.
 كما أنه (قده) قيد هذا الحكم بين ما اذا كان الشك بين السادس والسابع أما اذا كان شكا آخر كأن شك بين الخامس والسادس مثلاً وبنى على أحد الطرفين جهلاً منه وفاته الطواف فلا يأتي هذا الحكم - وهو الحكم بالصحة - ، ووجهه أن الروايات المقدمة خاصة بالشك بين السادس والسابع وحيث أن الحكم مخالف للقاعدة فنقتصر على مورده ، ولكن من حقِّ الفقيه لو كان له أفقٌ واسعٌ أو يُسرع له حصول الاطمئنان أن يتعدى ويقول ( صحيح ان موردها هو السادس والسابع ولكن لا خصوصية له وأنا أجزم بذلك ) فاذا فرض ذلك فمن حقه التعدّي ، أما اذا لم نجزم - كما هو ليس ببعيد - فينبغي الاقتصار على المورد.
 
 
 مسألة( 319 ):- يجوز للطائف أن يتكل على احصاء صاحبه في حفظ عدد أشواطه اذا كان صاحبه على يقين من عددها.

 .......................................................................................................
 مضمون المسألة واضح فيجوز للطائف أن يتكل في عدد الاشواط على غيره شريطة أن يكون الغير حافظاً ومتيقناً والا كانت الحوالة على مفلّس.
 ومحل الكلام أيضاً ما لم يحصل اطمئنان من قول الصاحب اذ لو حصل اطمئنان فهذا اعتماد على الاطمئنان ولا يحتاج الى تنبيه واشارة.
 اذن هذه المسألة ناظرة الى حالة عدم حصول الاطمئنان من قول الصاحب ومقتضى القاعدة في مثل ذلك هو عدم الحجية فان كلامه غاية ما يفيده هو الظن وهو ليس بحجَّة ، ولكن دلت رواية على جواز الاعتماد في خصوص المورد كما هو الحال في باب الجماعة في باب الصلاة حيث دل الدليل على أن الامام يجوز له أن يتّكل على حفظ المأموم وبالعكس وهنا كذلك ، والرواية هي صحيحة سعيد الأعرج ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الطواف أيكتفي الرجل بإحصاء صاحبه ؟ فقال:- نعم ) [1] .
 
 
 مسألة ( 320 ):- اذا شك في الطواف المندوب يبني على الاقل وصح طوافه.

 ........................................................................................................
 عرفنا بالنسبة الى الطواف الواجب أن الشك مبطلٌ له أما اذا كان في المندوب فلا ، وقد دلّت بعض الروايات على أنه يبني على الأقل من قبيل صحيحة رفاعة ( عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل لا يدري ستة طاف أو سبعة ، قال:- يبني على يقينه ) فان المقصود هو البناء على الأقل غايته نخصّص الرواية - كما تقدم - بالنافلة للروايات الدالة على التفصيل بين الفريضة والنفلة كصحيحة حنّان.
 ويدل على ذلك أيضاً صحيحة حنّان فانه ورد فيها ( وان كان طواف نافلة فاستيقن ثلاثة وهو في شك من الرابع أنه طاف فليبنِ على الثلاثة فانه يجوز له ) وغير ذلك من الروايات.
 هذا ولكن المنسوب الى العلامة والشهيد الثاني [2] أن المكلف بالخيار في النافلة بين البناء على الأقل أو الأكثر - أي كما هو الحال في باب الصلاة - فانه ذكر أن من شك في صلاة النافلة فيجوز له أن يبني على الأقل أو الأكثر ولعل مستندهم في ذلك أحد الأمور التالية:-
 الأول:- النبوي المتقدم وهو ( الطواف بالبيت صلاة ) حيث أن مقتضى اطلاق التنزيل أن جميع آثار الصلاة تنتقل الى الطواف.
 وفيه ما تقدم:- من أنه ضعيفٌ سنداً اذ لم يثبت من طرقنا ، وضعيف دلالةً فانه منصرفٌ الى التنزيل بلحاظ الثواب وان الطواف من حيث الثواب هو كالصلاة لا أنه من حيث الأحكام الأخرى كذلك.
 الثاني:- مرسلة الصدوق حيث قال في الفقيه ( سُئل عليه السلام عن رجل ثلاثة طاف أو أربعة ..... قال:- ان كان طواف نافلةٍ فابنِ على ما شئت وان كان طواف فريضة فأعد الطواف ) [3] ، ودلالتها واضحة ولا يعارضها ما سبق - أي مثل صحيحة رفاعة - اذ نحملها بقرينة هذه على بيان أحد فردي التخيير ، وانما الكلام في سندها فان مراسيل الصدوق لو كانت حجَّةً فهي حجّة لو كانت بلسان ( قال ) حيث يدل ذلك على جزم الشيخ الصدوق بنسبة الحديث الى الامام عليه السلام وبأصالة الحسّ يثبت أن هذه النسبة نسبة عن حسّ وقد تقدمت الاشارة الى ذلك منّا في بعض الأبحاث وناقشنا ذلك.
 وعلى أي حال هذا يتم فيما اذا كان بلسان ( قال ) أما اذا لم يكن كذلك - كما هو المفروض - فلا يتمّ.
 اللهم الا اذا بنينا على مبنىً آخر وهو أن كل ما في الفقيه حجَّة بلا حاجة الى بحثٍ عن سنده لأنه قال في المقدمة ( أنا لا أذكر في هذا الكتاب الا ما أفتي به ويكون حجَّة بيني وبين ربي ) ، ولكن تقدمت المناقشة لذلك أيضاً.
 الثالث:- صحيحة حنّان المتقدمة فانه جاء فيها ( يبن على الثلاثة فانه يجوز له ) وهذا معناه أن البناء على الاقل - وهو الثلاثة في النافلة - ليس الزامياً بل هو أمر جائز ويجوز له أيضا أن يبني على الأكثر . هكذا قد يقال.
 وجوابه:- ان صحيحة رفاعة حيث أنها ظاهرة في وجوب البناء على الأقل فلا يكون التعبير المذكور معارضاً فيحمل الجواز على كون المقصود أنه لا يبطل بذلك طوافه ومن حقه أن يبني على الأقل وليس الجواز هنا بمعنى التخيير بقرينة تلك الرواية التي هي أظهر ، وعليه يكون المناسب ما هو المعروف بين الفقهاء وهو أنه يبنى على الأقل في طواف النافلة.


[1] الوسائل 13 419 66 من الطواف ح1.
[2] كما جاء في الجواهر 19 383.
[3] الوسائل 13 -0 360 33 من ابواب الطواف ح6.