33/03/11


تحمیل
 الموضوع :-

الواجب الاول والثاني من واجبات الطواف ( الابتداء بالحجر والختم به ) / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 هذا ويمكن أن يناقش الوجه الثالث بأنه:- من المحتمل أنه صلى الله عليه وآله كان يشرع قبيل الحَجَر بقليل قاصداً المحاذاة الحقيقية من بداية الحَجَر ، انه بهذا يتحقق الواجب المطلوب حتى لو فرض أن الطائف كان على ناقة.
 نعم يصح التمسك بهذا الوجه في الواجب الثالث أو الرابع الذي سوف يأتي وهو أن يكون الطواف على اليسار ، أي تكون الكعبة على يسار الطائف بحيث لا يواجهها فانه هناك يذكر أن المدار على اليسار العرفي دون الدقِّي ويتمسك بطواف النبي صلى الله عليه وآله على ناقته ، ان هذا وجيهٌ هناك دونه في مقامنا لما أشرت إليه.
 والأولى إبدال الوجه الثالث بوجه وبيان آخر وذلك بأن يقال:- ان المسألة المذكورة عامة البلوى فلو كانت المحاذاة الحقيقية هي الواجبة فينبغي أن يكون الحكم المذكور شيئاً واضحاً على مستوى الروايات وعمل المسلمين وفتوى الفقهاء فان لازم كون المسالة ابتلائية وضوح حكمها والحال أن ذلك لم ينعكس على المستويات المذكورة وإنما أول من صار إليه هو العلامة(قده) فيحصل الاطمئنان للفقيه بأن ذلك ليس شيئاً لازماً.
 والخلاصة:- ان البدء مع المحاذاة الحقيقية شيء ليس بلازمٍ بل تكفي المحاذاة العرفية ، هذا من حيث البداية.
 وأما من حيث الختم والنهاية فهناك كلامان ينبغي التمييز بينهما:-
 الكلام الاول:- لو بدأ الطائف من نهاية الحَجَر وليس من بدايته لمن أراد الشروع فهل يكفيه أن يصل إلى بداية الحَجَر في الشوط الأخير - أي السابع - أو لابد وأن يسير إلى نهايته - أي من النقطة التي شرع منها - وقد فرضنا أنه شرع من نقطة النهاية ؟ المناسب أن يقال بعدم لزوم ذلك لأن الواجب هو البدء والختم بالحجر بالنحو العرفي ويصدق في المقام أنه لو وصل إلى بداية الحَجَر يصدق أنه أتى بسبعة أشواط من بداية الحجر حتى نهايته.
 هذا ولكن السيد الشاهرودي(قده) في تقرير تلميذه الجنّاتي [1] وهكذا السيد الروحاني [2] ذكرا أنه يلزم أن يسير حتى يصل إلى نقطة النهاية وذلك ببيان أن صحيحة معاوية وان قالت في حق من اختصر الطواف من ناحية الجِحْر قالت ( يعيده من الحجر إلى الحجر ) إنها ليست بصدد البيان من ناحية جميع الجهات وإنما هي بصدد أنه لا يكفيه أن يشرع من بقية الأركان كالركن اليماني مثلاً بل عليه أن يشرع من الحجر الأسود ويختم به ومعه فلا يمكن أن نستفيد من الحديث المذكور أن المدار على البداية العرفية أو على البداية الدقّيّة لأنا قد فرضناه أنه ليس في مقام البيان من هذه الناحية بل من الناحية التي أشرنا إليها لا أكثر وعليه يلزم في أن نرجع في تحقيق القضية المذكورة إلى ما تقتضيه القاعدة وحيث أن الواجب على المكلف هو الإتيان بسبعة أشواط كاملة ولا يصدق على أنها سبعة كاملة الا بأن يسير الطائف إلى نقطة نهاية الحَجَر التي بدأ منها الطواف إذ لو لم يسر هذه المسافة فسوف يصدق أنه طاف سبعة الا مقدار الحجر وعليه يلزم أن يسير إلى نهاية الحجر حتى يصدق أنه طاف سبعةً كاملة.
 وفيه:-
 أولاً:- ان دعوى أن الحديث هو في مقام البيان من تلك الناحية وان كان شيئاً صحيحاً ولكنه لا ينافي - على مشرب القوم - أنه في مقام البيان من الناحية الأخرى أيضاً بكون المدار على البداية الدقيَّة أو العرفية وهكذا النهاية الدقية أو العرفية.
 ولكن لو غضضنا النظر عن ذلك وقلنا ان الأمر كما أفاده العلمان بيد أنه يمكن أن نصل إلى النتيجة من طريق آخر وذلك بأن يقال:- انه لم يثبت بدليلٍ اعتبار عنوان ( سبعة أشواط كاملة ) ونؤكد ( كاملة ) فلا توجد رواية تدل على اعتبار ذلك - يعني أن الطواف يلزم أن يكون سبعة أشواط كاملة - وإنما استفيد ذلك من هنا وهناك ، من قبيل أن من زاد على سبعة أو من أنقص عنها فما هو حكمه ؟ فالروايات تتعرض لحكم من زاد أو أنقص أما عنوان سبعة كاملة فلا يوجد دليل يدل عليه .
 إذن نحن نسلم أن عنوان ( سبعة ) لازم لأنه يستفاد من الروايات عدم جواز الزيادة والنقيصة عنها أما عنوان ( سبعة كاملة ) فلم تدل عليه ولا هو من الأشياء الضرورية بين المسلمين وإنما الضروري بينهم هو السبعة من الحَجَر والى الحَجَر أما أن تكون كاملة بحيث يسير من بداية الحَجَر والى نهاية الحَجَر في الشوط الأخير فهذا لم يثبت بنصٍ كما لم يثبت بضرورة فنرجع آنذاك إلى ما تقتضيه القاعدة وهي البراءة عن هذه الكلفة الزائدة فان ذمتنا قد اشتغلت بحجٍ مشتملٍ على طواف فيه سبعة أشواط أما أن تكون هذه السبعة بهذا الشكل الدقيق - أي بقيد كاملة - فهو شيء يشك في أصل اشتغال الذمة به فيكون مجرى للبراءة . إذن وصلنا إلى نفس النتيجة التي أرادها المشهور - وهو كفاية البداية والنهاية العرفيين - رغم إنكارنا لإطلاق صحيحة معاوية بن عمار فان الوصول إلى هذه النتيجة ليس موقوفاً على الإطلاق حتى يتم ما ذكره العلمان.
 والكلام الثاني:- لو بدأ الشوط الاول من بداية الحَجَر لا من نهايته - على عكس الكلام الاول - في الشوط الأخير هل يلزمه أن يقف عند البداية ولا يسير مقدار الحَجَر الأسود إذ لو سار لحصلت الزيادة وهي مبطلة للطواف ؟
 نقل صاحب المدارك(قده) [3] عن بعض المتأخرين من دون أن يذكره بالاسم من أنه اعتبر ذلك - أي إنهاء الطواف إلى بداية الحجر ولا يجوز الى النهاية - خوف محذور الزيادة.
 ويرد عليه:-
 أولاً:- صحيح أن الزيادة في باب الطواف أمراً ليس جائزاً ولكن سوف يأتي انشاء الله تعالى أن الزيادة لا تتحقق بالقصد فإذا لم يقصد بذلك الزيادة فلا يتحقق عنوان الزيادة والمفروض أن الطائف قد قصد الإتيان بسبعة أشواط من دون أن يقصد الزيادة فيها فلو سار مقدار الحَجَر الأسود فلا يصدق عليه أنه زاد بعد عدم قَصْد الزيادة.
 وثانياً:- ان الدقة بهذا الشكل لو كانت أمراً معتبراً لانعكس ذلك أيضاً على الروايات وعلى فتوى الفقهاء بعد فرض أن المسألة ابتلائية فالإمام عليه السلام لابد وأن يوضح لأصحابه أن الطائف إذا شرع من بداية الحجر يلزم أن يلتفت في شوطه السابع بأن يقف عند بداية الحجر لا أن يسير إلى نهايته ، وعلى أي حال يحصل للفقيه اطمئنان بعدم اعتبار ذلك نتيجة لعدم تعرض الروايات له.
 النقطة الثالثة:- ان المكلف إذا أراد أن يحتاط من حيث البداية ومن حيث النهاية - يعني يُحصِّل البداية الدقيّة والنهاية الدقيّة فبإمكانه أن يسير قُبيل الحَجَر مع الطائفين بنيَّة الشروع من بداية الحجر والانتهاء بالنقطة الواقعية المطلوبة فبها يتحقق الاحتياط من دون حاجة إلى أن يزاحم الطائفين ويقف عند بداية الحجر أو عند نهايته ، وقد أشار إلى هذا صاحب الجواهر(قده) بقوله ( الظاهر عدم البأس في إدخال جزء من باب المقدمة مع استصحاب النية وقصد الاحتساب من حيث يحاذيه ولا يلزم من ذلك الزيادة كما في إدخال جزء من الرأس في غسل الوجه ) [4] ثم ذكر أنه إذا كان يلزم التدقيق في نقطة الشروع فاعتبار ذلك قد يورث الوسواس وذكر ما نصه ( ربما كان اعتباره مثاراً للوسواس كما أنه من المستهجنات القبيحة نحو ما يصنعه بعض الناس عند إرادة النية للصلاة بناءا على انه الإخطار من الأحوال التي تشبه أحوال المجانين ).
 وعلى أي حال تحقق الاحتياط بالشكل المذكور أمر واضح وقياساته معه . هذا كله في الواجب الاول والثاني.


[1] تقرير الجناتي ج4 - 308
[2] المرتقى 2 453.
[3] المدارك 8 127.
[4] الجواهر 19 290.