33/03/06


تحمیل
 الموضوع :-

الشرط الخامس من شروط الطواف ( ستر العورة ) / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
  وأما ما أفاده في الكلمة الثالثة ففيه:- ان التفصيل الذكور في مقدمة الحرام وأن الحرام هي المقدمة الأخيرة التي لا تنفك عن الحرام دون غيرها شيء وجيه وقد ذكر في موقعه المناسب من علم الأصول بيد أن تطبيق ذلك في المقام قابل للنظر فانه يفهم منه(قده) ان تحريك المغصوب شيء حرام فلو لبست عباءة أو عمامة مغصوبة وتحركت فهذه الحركة حركة للمغصوب فتكون محرمة والحال أنه يمكن أن يقال ان التصرف الغصبي يتحقق بنفس ارتداء المغصوب ، فلو لبست العمامة المغصوبة كنت آثماً ومتصرفاً في المغصوب أما أنه لو مشيت والعمامة على رأسي فيحصل بذلك إثم زائد وتصرف زائد في المغصوب فهذا نرفضه فان درجة الإثم والتصرف الغصبي لا تتفاوت بين أن أبقى ماكثاً في مكاني والعمامة على رأسي وبين أن أقوم وأسير فالسير لا يكون موجباً لحركة محرمة في المغصوب ، نعم لو وضعت يدي في الأثناء على العمامة بأن رفعتها ووضعتها فهذا تصرف زائد أما نفس الحركة والعمامة على رأسي فذلك ليس تصرفاً زائداً ، وعلى هذا الأساس لو وضع المُحرِم ثوب الإحرام على منكبه وأخذ يطوف بالبيت فهذه الحركة ليست تصرفاً زائداً في المغصوب في مقابل أن يبقى ماكثاً بل ان درجة التصرف والإثم واحدة ولا تتغير وهذا ينبغي أن يكون من الأشياء الواضحة.
 إذن نفس الطواف وان أوجب التحرك للمغصوب بالتبع ولكن هذا التحرك ليس محرَّماً حتى يؤثر على الطواف ويصير الطواف مقدمة للحرام ، كلا ان تطبيق مقدمة الحرام هنا لا معنى له.
 ومن خلال هذا كله اتضح أننا نسلم بأن الطائف لا يجوز له أن يلبس المغصوب أثناء طوافه ، والسيد الخوئي(قده) خصص الحرمة بما إذا كان ثوب الإحرام المغصوب ساتراً للعورة استناداً إلى فكرة أن الحرام لا يكون مصداقاً للواجب ، ونحن قلنا لا يجوز للطائف ارتداء ثوب الإحرام المغصوب حتى إذا لم يكن ساتراً فادعينا الحرمة والبطلان في مساحة أكبر مما ذهب إليه السيد الخوئي(قده) ، لكننا رفضنا الطريق الذي استند إليه فهو استند إلى فكرة أن الحرام لا يقع مصداقاً للواجب ونحن وقلنا ان الواجب هو الانستار وهو لا يتصف بالحرمة حتى يقال ان الحرام لا يكون مصداقاً للواجب فهذا الطريق قد رفضناه لا أننا رفضنا أصل الحرمة والبطلان بل قلنا بذلك في مساحة أكبر واستندنا إلى أن المقرِّبية لا تحصل لدى العقلاء فيما إذا قارن الشيء ما يبغضه المولى مقارنة قريبة وهذه النكتة لا تختلف بين أن يكون الثوب ساتراً أو لم يكن ساتراً ، فنحن نقول بالحرمة والبطلان أيضاً لهذا لا لما قاله(قده).
 النقطة الثالثة:- الأحوط في ساتر العورة - مضافاً إلى كونه مباحاً - أن يكون واجداً لبقية شرائط لباس المصلي ، أي من قبيل أن لا يكون جزءاً من أجزاء حيوان لا يجوز أكل لحمه شرعاً كالسباع ..... وما شاكل ذلك من الشروط.
 وما هو وجه الاحتياط ؟
 والجواب:- لا نكتة لذلك سوى النبوي الذي يقول ( الطواف بالبيت صلاة ) فانه وان قلنا سابقاً بكونه ضعيفاً سنداً ودلالةً الا أنه صالح للاستناد إليه في مقام الاحتياط . ولكن تبقى درجة الاحتياط بأي مستوى تكون ؟ هل هو صالح للاحتياط الوجوبي أو الاستحبابي ؟ ان هذه قضية ترتبط بنفسية الفقيه فأحيانا إذا كان احتمال اعتبار الحديث بدرجة ضعيفة جداً فالمناسب هو الاحتياط الاستحبابي وإذا كان بدرجة أعلى فالمناسب هو الاحتياط الوجوبي ، ويظهر منه(قده) أن الاحتياط وجوبي حيث لم يسبقه ولم يلحقه فتوى بالخلاف.
 يبقى شيء وهو:- كان من المناسب له(قده) أن يحتاط احتياطاً ثانياً وهو أن لا يطوف وهو عريان إذ قد فرضنا وجود روايات تنهى عن طواف العريان وتلك الروايات إذا ناقشنا فيها فغاية ما يلزم هو عدم الفتوى على طبقها لا أنه لا يُحتاط على طبقاها ، فالمناسب له ان يقول ( الأحوط أن لا يصدق على الطائف عنوان العريان ) فانه شيء وجيه.
 
 
 واجبات الطواف

 
 تعتبر في الطواف أمور سبعة:-

 الأول:- الابتداء من الحجر الأسود . والأحوط الأولى أن يمر بجميع بدنه على جميع الحجر . ويكفي في الاحتياط أن يقف دون الحجر بقليل فينوي الطواف من الموضع الذي تتحقق فيه المحاذاة واقعاً على أن تكون الزيادة من باب المقدمة العلمية.

 ..........................................................................................
 في البداية نلفت النظر إلى قضيتين فنيتين:-
 الأولى:- أشرنا فيما سبق إلى أن ذكر عنوانين أحدهما باسم ( شرائط الطواف ) وكان عددها خمسة وعنوان آخر باسم ( واجبات الطواف ) وعددها - على ما يقول الآن - سبعة ليس فنياً ، بل المناسب جعل الجميع تحت عنوان واحد إما الشرائط أو الواجبات ، أما أن نعد بعضها واجبات وبعضها شرائط فلا نعرف له وجهاً سوى متابعة اللاحق لما صنعه السابق.
 والثانية:- هناك شرائط هي من حيث الروح كونها شرائط ولكنها أدرجت ضمن مسائل من دون عدِّها من شرائط من قبيل ( ان الشك في عدد الأشواط مبطل ) فان هذا ذكر في مسالةٍ مسبقةٍ والحال أنه يمكن عده شرطاً فيقال ( من جملة شرائط الطواف عدم الشك ) وهكذا ( عدم القران بين الطوافين ) أو ( عدم الزيادة في الطواف ) فان هذه الأمور يمكن عدُّها تحت عنوان الشرائط والحال أنهم لم يصنعوا ذلك.
 وبعد هذا نقول ان المتن المذكور يشتمل على نقاط:-
 النقطة الأولى:- يلزم في الطواف كشرطٍ أن تكون البداية من الحجر الأسود ، وسيأتي في الشرط الثاني أن تكون النهاية هي الحجر الأسود أيضاً فهو بداية ونهاية.
 وهنا توجد قضية فنية أيضاً وهي:- لا داعي إلى عدِّ هذين تحت عنوان شرطين بل المناسب أن يُعدّا شرطاً واحداً فيقال ( الشرط الاول:- أن تكون البداية والنهاية من الحجر والى الحجر ) فان المدرك واحد والخلاف والكلام واحد ولا يوجد ما يدعو إلى عدهما اثنين.
 وعلى أي حال قال صاحب الجواهر ( بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع بقسميه عليه ) [1] يعني أن المسالة مسلّمة بين الفقهاء ، ولكن إذا رجعنا إلى الروايات لم نجد رواية وردت كبيان للحكم المذكور ، نعم ربما يستفاد من بعض الروايات من باب الفائدة الجانبية أن ذلك لازم ولكن لم تجئ رواية لبيان ذلك استقلالاً وكم من الأشياء الواضحة عندنا فقهياً ولكن قد لا نجد لها ما يليق بها من حيث المستند مع وضوح الحكم فيها ، فربما يواجه الفقيه صعوبة في تحصيل المدرك والمفروض أن النتيجة حتمية ولا يمكن أن يشكك فيها ، وهذا معنى ما قلناه مرة ان الفقيه لا يتابع الدليل لتحصيل النتيجة أحياناً بل النتيجة واضحة عنده ويريد تحصيل الدليل عليها ومن ذلك هذا المقام .
 وعلى أي حال يمكن الاستلال لذلك بوجهين كما أشير إلى ذلك في المدارك [2] والجواهر [3] وغيرهما وهما:-
 الوجه الاول:- سيرة المسلمين طراً على كون البداية والنهاية هي الحجر الأسود ، ولكن كما نعرف أن السيرة لا تدل على الوجوب بل تلتئم مع الاستحباب فنحتاج إلى ضم ضميمة وذلك بأن يقال:- ان السيرة قد جرت بنحو اللزوم وهذا مرجعه إلى ضم الارتكاز لا مجرد السيرة العملية خارجاً بل يدعى وجود ارتكاز على لزوم ذلك فيكون المستند هو الارتكاز وقد بينا مرة وجه دليليته وقلنا ان هذا الارتكاز الواضح بين المسلمين والمتوارث يداً بيد لابد من وجود مدرك له وإلا يلزم حصول المعلول بلا علة ولا مدرك الا الوصول من معدن العصمة والطهارة ويحصل الاطمئنان بذلك فتعود الحجية إلى الاطمئنان.
 الدليل الثاني:- صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( من اختصر في الحِجْرِ [4] - في الطواف [5] - فليُعِد طوافه من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ) [6] ، بتقريب أنها دلت على لزوم إعادة الشوط الذي حصل فيه الاختصار من الحجر الأسود إلى الحَجَر بعد ضم ضميمتين:-
 الأولى:- عدم احتمال الخصوصية للاختصار ، أي لا ينبغي أن يقال ان هذا حكم خاص بحالة الاختصار كلا ، ان هذا غير محتمل.
 والثانية:- لا نحتمل الفرق بين شوطٍ وشوطٍ آخر ، فلا ينبغي أن يقال هذا قد ورد في بعض الأشواط ولا يدل على أن بداية الطواف يلزم أن تكون من الحَجَر الأسود ، ان هذا احتمال ملغي أيضاً.


[1] الجواهر 19 287.
[2] المدارك 8 126.
[3] الجواهر 19 -287.
[4] الحِجر:- هو حِجر إسماعيل ، والاختصار:- هو دخول الحِجر بحيث يصير الطائف بين الحجر وبين الكعبة والواجب هو أن يكون الطواف خارج الحِجر.
[5] يوجد في الكافي دون الفقيه على ما قيل.
[6] الوسائل 13 - 357 31 من ابواب الطواف - ح3.