33/01/29


تحمیل
 الموضوع :-

مسألة 296 / اشتراط الطهارة في الطواف / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
 الوجه الثالث:- انه ورد في صحيحة معاوية ( والمبطون يرمى عنه ويصلى عنه ) وفي النقل الآخر ( يطاف عنه ويصلى عنه ) فقرنت الصلاة بالطواف والرمي ، يعني أنه يُناب عنه أيضاً بالنسبة إلى صلاة الطواف والحال أنّا نعرف من الخارج أن المبطون متى ما كانت له سعة في الوقت بحيث يمكنه أن يؤدي الصلاة في تلك الفترة من دون خروج شيء من الحدث فيلزمه ذلك ، إذن فكيف تقول الصحيحة في مقامنا ( يصلى عنه ) انه لابد وأن تكون ناظرة إلى ذلك المبطون الذي ليست له سعة في الوقت ، يعني أن هناك تقييد لمن ليست له سعة فإذا ثبت هذا التقييد بالنسبة إلى الصلاة يثبت أيضاً بالنسبة إلى الطواف لوحدة السياق.
 وفيه:- ان الحكم في المبطون في باب الصلاة وان كان هو كما ذكر - أي إذا كانت هناك سعة فيلزم مراعاة تلك الفترة وأداء الصلاة بشكلها الطبيعي - بيد أن هذا الحكم ليس من الأحكام التي لا تقبل التخصيص وإنما هو حكم شرعي قابل للتخصيص وأي مانع في أن نلتزم بخروج صلاة الطواف بالنسبة إلى المبطون من إطلاق ذلك الدليل بالتخصيص ، يعني هكذا نقول:- كل صلاة تمكن المبطون من أن يأتي بها بشكلها الطبيعي فيلزمه ذلك إلا صلاة الطواف لخروجها بالمخصِّص بعد فرض إطلاق دليلها - أي دليل صلاة الطواف وانه يناب عنه - خصوصاً بعد الالتفات إلى هذه النكتة وهي أنه ما دام الآتي بالطواف شخصاً آخر - غير المبطون - فمن المناسب أن يكون المؤدي للصلاة هو ذلك الشخص الآخر الذي أتى بالطواف لا أنه بالنسبة إلى الطواف يأتي به شخص آخر نيابة عن المبطون وأما الصلاة فيأتي بها نفس المبطون ، انه بعد فرض الإطلاق بالنسبة إلى الطواف فمن المناسب الإطلاق بالنسبة إلى الصلاة أيضاً.
 نعم قد تدَّعي أنه لا إطلاق بلحاظ الطواف ، إلا أن هذا تمسك بأحد الوجهين السابقين وليس هو الوجه الثالث الذي جعل في مقابل الوجهين السابقين ، ولا نحتاج إلى هذه الإطالة.
 والخلاصة:- انه بعد فرض إطلاق الدليل فلا محذور بأن نلتزم بخروج صلاة الطواف بالتخصيص من ذلك الحكم العام الثابت في حق المبطون.
 هذا مضافاً إلى أن كلمة ( يصلي ) لم تذكر في صحيحة معاوية بجميع نسخها وإنما ذكرت في نقلين دون النقل الثالث ومعه يحتمل زيادتها ، اللهم إلا إذا بنينا على أصالة عدم الزيادة بمعنى أن الزيادة قد وقعت في موقعها المناسب ، فنبني على أصالة عدم الزيادة عند تردد الكلمة بين أن تكون زائدة أو ناقصة.
 والخلاصة من كل هذا :- إنا لا نجد مانعاً من الأخذ بإطلاق الصحيحتين فالحكم بالنيابة ثابت حتى في حالة قدرة المبطون على المباشرة بنفسه.
 نعم هناك قضية جانبية يجدر الالتفات إليها وهي أن النيابة هل ثبتت في حق المبطون بنحو الرخصة أو بنحو العزيمة ؟ فصحيحة معاوية عبَّرت بجملة ( يطاف عنه ) وهل المقصود أنه ملزم بالنيابة أو أنه مرخَّص في ذلك ؟ وهذا التساؤل نطرحه على غير الشيخ النراقي(قده) ومن حذا حذوه ، فانا ذكرنا في أبحاث سابقة أنه يرى في باب الجملة الخبرية التي قُصِد بها الإنشاء مثل ( يغتسل ) و (يعيد ) و ( يصلي ) أنها لا تدل على الإلزام ويصرح بذلك في موارد كثيرة من مستنده خلافاً لما قراناه في الكفاية من أنها تدل على الإلزام بل بشكل آكد.
 وإنما الكلام على مبنى المشهور الذي يرى أنها تدل على الإلزام ، فهل تدل على الإلـزام في هذا المورد أيضا ؟ قد يقال بذلك بدعوى أن كلمة ( يطاف عنه ) ككلمة ( يعيد ) و( يغتسل ) و (يصلي ) فكما أن هذه الكلمات نستفيد منها الإلزام في سائر الموارد كذلك الحال بالنسبة إلى كلمة ( يطاف عنه ) في مقامنا.
 ولكن يمكن أن يقال بوجود خصوصية في المقام لا تدل معها الصيغة المذكورة على الإلزام وهي ورود هذا الأمر مورد توهم الحضر ، فالذهن المتشرعي يحمل هذه الرؤية وهي أن المبطون والكسير يكون حكمه حكم غيره ولو على سبيل التوهُّم والاحتمال فجاءت الرواية لتقول كلا هو ليس ملزماً بذلك بل يطاف عنه.
 إذن كلمة ( يطاف ) عنه قد وردت مورد توهم حظر النيابة ولزوم المباشرة بنفسه وما دامت قد وردت في هذا المورد فلا تدل على الإلزام بل أقصى ما تدل عليه هو الرخصة والجواز ولا أقل تكون مجملة وهذا المقدار يكفينا إذ بالتالي لا يمكن التمسك بها لإثبات الوجوب والإلزام بالنيابة بعد فرض إجمالها فنرجع إلى الأصل آنذاك فنشك هل أن المبطون ملزم بالنيابة أو لا - بعد فرض أن الرخصة في النيابة وجوازها ثابت في الجملة - فننفي اللزوم بالبراءة . هذا بالنسبة إلى صحيحة معاوية.
 وأما بالنسبة إلى صحيحة الخثعمي فقد يقال:- ان الوارد فيها هو التعبير التالي ( أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يطاف عن المبطون والكسير ) وفي التعبير المذكور لا يأتي ما تقدم.
 وفيه:-
 أولاً:- ان ما ذكرناه في التعبير السابق يأتي هنا أيضاً ، فكلمة ( أمر ) هي واردة مورد توهم الحضر فيكون حالها حال ( يطاف عنه ).
 وثانياً:- إنا ذكرنا في أبحاث سابقة أن المشهور بين الأعلام في كلمة ( أمر ) و( نهى ) من قبيل ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الغرر وعن بيع الحصاد ....... وغير ذلك ) هو استفادة الإلزام ، ولكن نحن ذكرنا أن هذا أمر مشكل باعتبار أن هذا التعبير - أي تعبير ( أمر ) أو تعبير ( نهى ) - ليس صادراً من الرسول وإنما هو حكاية عما صدر عنه ، فنحن نسلم أنه لو فرض أن الرسول قال ( آمركم بكذا ) أو ( أنهاكم عن كذا ) لاستفدنا منه الإلزام فان مادة الأمر أو النهي - كما قرأنا في الكفاية - ظاهرة في الإلزام ، ولكن هذا التعبير أي ( أمر رسول الله أن يطاف عن المبطون ) ليس نقلاً للنص الذي صدر منه وإنما هو حكاية عن شيء صدر منه ولعل الصادر منه هو صيغة أمر أو صيغة نهي ولكن لا يستفاد منها الإلزام بل يستفاد منها الرخصة أو الاستحباب ، ان هذا الاحتمال موجودٌ ولا يكون بذلك الراوي خائناً في تعبيره أو نقله بل هو صادق إذ بالتالي قد صدر أمر من الرسول ويصح للراوي أن يقول (أمر الرسول).
 إذن حيث لا نحرز الصيغة الصادرة من الرسول صلى الله عليه وآله وأنها هل هي بشكل يستفاد منها اللزوم أو لا فيعود المورد من موارد الإجمال . وهذه نكتة ظريفة يجدر الالتفات إليها وهي نكتة سيَّالة في جميع الموارد التي يرد فيها التعبير بـ( أمر رسول الله ) أو ( نهى رسول الله ) فان استفادة الإلزام من مثل ذلك شيء مشكل ، وحيث أن مقامنا من هذا القبيل فيشكل حينئذ استفادة اللزوم ، وعليه فأقصى ما هو ثابت في حق المبطون هو الرخصة دون الإلزام.
 إذن الحكم الثابت هو الرخصة في الطواف عن المبطون بشكل مطلق إلا أن الأحوط استحبابا في حالة إمكان المباشرة بنفسه أن يضم ذلك إلى النيابة.
 بقي شيء:- وهو أنه هل نلحق المسلوس بالمبطون فيكون حكمه حكم المبطون ، أو نقول ان الروايتان قد وردتا في المبطون فيختص الإلزام أو الرخصة بالنيابة بخصوص المبطون ويبقى المسلوس تحت مقتضى القاعدة وهو أنه لا تجوز له النيابة بل يأتي بطهارته العذرية ؟