1441/05/23


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/05/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

(مسألة 219) لا دية لمن قتله الحدّ (1) أو التعزير (2)، وقيل: إنّ ديته إذا كان الحدّ للناس من بيت مال المسلمين، ولكنّه ضعيف

    1. في المسألة قولان:

الاول: ما ذكره من عدم ثبوت الدية من دون فرق بين ان يكون حداً لله سبحانه كما في حد شرب الخمر او للناس كما في حد السرقة والقذف، وهذا هو المشهور -كما في الجواهر- وذهب اليه الشيخ في النهاية وابن ادريس في السرائر وتبعهما غيرهما ويستدل له باطلاق الروايات فان مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين ان يكون الحد لله او يكون للناس، والروايات هي:

الاولى: ما رواه الشيخ عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : ((أيما رجل قتله الحد أو القصاص فلا دية له)) [1]

الثانية: صحيحة عن جعفر بن بشير ، عن معلى بن عثمان ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) ـ في حديث ـ قال : ((من قتله القصاص ، أو الحد لم يكن له دية))[2] والظاهر انها تامة سنداً فان الشيخ (قده) وان لم يذكر الى جعفر بن بشير طريقاً في المشيخة الا ان له اليه طريقاً صحيحاً، في الفهرست ذكره بعد ان ذكر ان له كتاب وذكر طريقه اليه فيكون هذا هو طريقه الى كتاب جعفر بن بشير، وهو عادة عندما يبدأ السند بشخص فهذا يعني انه اخذ الرواية من كتابه كما صرح بذلك في مقدمة الكتاب وخاتمته

الثالثة: وبإسناده (الشيخ في التهذيب) عن أحمد بن محمد ،عن محمد بن عيسى ، عن داود بن الحصين ، عن أبي العباس (والمقصود به الفضل بن عبد الملك البقباق) ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) : قال : ((سألته عمن اقيم عليه الحد ، أيقاد منه؟ أو تؤدى ديته؟ قال : لا ، إلا أن يزاد على القود))[3] وهناك كلام في سندها فالموجود في التهذيب (احمد بن محمد عن محمد بن داود بن الحصين) [4] ولا يوجد شخص باسم محمد بن داود بن الحصين لا في كتب الرجال ولا في اسانيد الروايات، ومن هنا ذكروا بان الصحيح هو عن داود بن الحصين فما ذكره في الوسائل من توسيط محمد بن عيسى بين احمد بن محمد وداود بن الحصين غير صحيح، وعلى كل حال فسواء كان الصحيح هو ما يقوله السيد الخوئي (احمد بن محمد عن داود بن الحصين) او ما يقوله صاحب الوسائل فالسند صحيح، نعم بناءً على ما هو الموجود في التهذيب فمحمد بن داود بن الحصين مجهول فوجوده مضر في صحة السند

الرابعة: صحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما ‌السلام) ـ في حديث ـ قال : ((ومن قتله القصاص فلا دية له))[5] وهي واردة في القصاص وكلامنا في الحد، ومن جهة اخرى فان في سندها الحسين الذي يروي عنه محمد بن علي بن محبوب وهو يروي عن صفوان وهو مشترك بين اشخاص كثيرين في هذه الطبقة فيهم الثقة وغيره، والظاهر والله العالم ان المراد به هو الحسين بن سعيد فهو يلائم هذه الطبقة وهو يروي عن صفوان ويروي عنه محمد بن علي بن محبوب

الخامسة: صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال : ((أيما رجل قتله الحد في القصاص فلا دية له ، وقال : أيما رجل عدا على رجل ليضربه فدفعه عن نفسه فجرحه أو قتله فلا شيء عليه ، وقال : أيما رجل اطلع على قوم في دارهم لينظر إلى عوراتهم ففقؤوا عينه ، أو جرحوه فلا دية عليهم، وقال : من بدأ فاعتدى فاعتدي عليه فلا قود له)) [6] والرواية تتحدث عن القصاص وان عبرت (قتله الحد في القصاص) وكلامنا في الحد، وقد يستدل بذيل الرواية (أيما رجل اطلع على قوم في دارهم لينظر إلى عوراتهم ففقؤوا عينه ، أو جرحوه فلا دية عليهم) بدعوى انه لا يفرق بين قيامهم بالوظيفة الشرعية وقيام الامام بالحد منه وقد جرح في الحد

القول الثاني: التفصيل بين ما اذا كان الحد لله سبحانه فلا دية وبين ما اذا كان الحد للناس فالدية من بيت مال المسلمين، وذهب اليه الشيخ المفيد في المقنعة واختاره الشيخ في الاستبصار وقد نسب للشيخ المفيد الاستدلال له برواية الحسن بن صالح الثوري، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : سمعته يقول : ((من ضربناه حدا من حدود الله فمات فلا دية له علينا ، ومن ضربناه حدا من حدود الناس فمات فان ديته علينا))[7] واذا تمت هذه الرواية سنداً فلا اشكال في انها تقيد المطلقات، الا ان كثير من الفقهاء ذكروا بانها ضعيفة السند بالحسن بن صالح بن حي الهمداني الثوري فانه لم ينص على وثاقته، نعم وثقه العامة بشكل مبالغ فيه حتى عده الذهبي من ائمة الاسلام وقد وثقه غيره وهو موصوف بالزهد والعبادة والنسك وكان زيدياً من الذين يؤمنون بالخروج على الدولة مع كل من يحمل السيف من الطالبيين،

وفي كتبنا الرجالية هناك ثلاثة عناوين مذكورة، الاول: الحسن بن صالح الاحول ذكره النجاشي وقال بانه كوفي له كتاب تختلف روايته ثم ذكر طريقه الى كتابه

الثاني: الحسن بن صالح بن حي الثوري الهمداني ذكره الشيخ في رجاله في اصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وقال صاحب المقالة زيدي اليه تنسب الصالحية منهم، وذكره في رجاله مرة اخرى في اصحاب الامام الصادق (عليه السلام) وقال اسند عنه وقال في الفهرست ان له اصل وذكر طريقه اليه

الثالث: الحسن بن صالح، مجرداً وعده الشيخ في رجاله من اصحاب الامام الكاظم (عليه السلام) من دون توثيق

وواضح من هذه العناوين ان الواقع في روايتنا هو الثاني فهو الملقب بالثوري دون الاول والثالث وثور بطن من همدان كما ذكر بعضهم، وهو لم يوثق من طرقنا فتبقى توثيقات العامة له وبعضهم قال فيه تشيع، والذي يكتفي بهذا التوثيق باعتبار ان وثاقته واصلة الى درجة من الوضوح بحيث منعهم من عدم الاعتراف بها فتكون الرواية صحيحة فلا بد من تققيد المطلقات السابقة والمصير الى التفصيل الذي ذهب اليه الشيخ المفيد والشيخ الطوسي، واذا قلنا بان هذا لا يكفي في اثبات وثاقة الرجل فلا بد من الالتزام بالقول الاول

والتوثيقات التي اطلعت عليها من العامة كثيرة جداً بحيث ان من يعتد بكلامه منهم وثقه صريحاً مضافاً الى انه كان معروفاً بالزهد والعبادة، فمجموع هذه الامور قد توجب الركون الى وثاقته

    2. والتعزير غير مذكور في الروايات ولكن ذكر السيد الخوئي (قده) باننا نتعدى الى التعزير باعتبار انه لا خصوصية للحد الا باعتبار انه شان من شؤون حكومة الحاكم فكذلك التعزير،

وقد منع الشيخ (قده) في المبسوط من هذا الامر فقال من مات بالتعزير فديته من بيت مال المسلمين، ولكنه جزم في الخلاف بان التعزير كالحد لا دية فيه

ولكن ما يقوله السيد الخوئي (قده) ليس ببعيد بمعنى انه يفهم من الادلة الارتباط بين سقوط الدية وكون الموجب للقتل مامور به من قبل الشارع، وقد يكون هذا تعبيراً عما ذكره السيد الخوئي (قده) من ان هذا من شؤون الحكومة ولو باعتبار انه ماذون به شرعاً