1441/04/20


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/04/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

(مسألة 207): المشهور بين الأصحاب أنّ دية شبه العمد تستوفى في سنتين، ولكن لا دليل عليه، بل الظاهر أنّها تستوفى في ثلاث سنوات(1)(مسألة 208): إذا هرب القاتل فيما يشبه العمد فلم يقدر عليه أو مات، أُخذت الدية من ماله، فإن لم يكن له مال فالدية على الأقرب فالأقرب إليه(2)
هناك امران يرتبطان بالدروس السابقة

الاول: في صحيحة محمد بن مسلم وزرارة قلنا لو تنزلنا وقلنا بان تحديد الاوصاف مذكوراً في كلام جميل فيمكن التمسك بمرسلة ابن ابي عمير لاثبات القول الثالث،

قد يشكل على ذلك بان المختار في مراسيل ابن ابي عمير هو الحجية بالنسبة الى من يروي عنه مباشرة واما اذا كان يرسل عن شخص لا بالمباشرة كان يقول حدثني فلان عن فلان عن بعض اصحابنا فلم نلتزم بشمول ما دل على حجية مراسيل ابن ابي عمير له، ومقامنا من قبيل الثاني او لا اقل من احتمال كونه من هذا القبيل بقرينة سند نفس هذا الخبر لان ابن ابي عمير فيه لم يروي عمن يروي عن احدهما (عليهما السلام) مباشرة انما يروي عنه بواسطة جميل

ويمكن الجواب عن ذلك بانه لا مشكلة في رواية ابن ابي عمير عن الامام الصادق (عليه السلام) بواسطة واحدة وقد ثبت انه يروي عن اصحاب الامام الصادق (عليه السلام) كثيراً مثل عمر بن اذينة وعلي بن رئاب وعبد الله بن سنان وجميل بن دراج وحماد بن عثمان وعبد الرحمن بن الحجاج وهشام بن الحكم وهشام بن سالم وغيرهم

بل روى عن اصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام) فقد روى عن ابي ايوب الخزاز كثيراً وروى عن ابي بصير ومعاوية بن عمار ومنصور بن حازم

وظاهر العبارة في المقام انه يروي عنهما (عليهما السلام) بواسطة واحدة

الثاني: واما صحيحة جميل السابقة فتقدم باننا نستبعد ان لا يكون جميل قد سمع ذلك، والمهم في المقام ان ننفي كون الحكم المذكور من اجتهادات جميل ولا فرق في ان يكون سمعه من الامام او ممن سمعه من الامام (عليه السلام) فنستبعد ان يكون قد استند الى غير الحس في مثل هذه المسائل التي ينحصر المستند فيها بالنص

والاشكال على ما ذكرنا هو حيث اننا نحتمل ان جميل قد استند في نقل هذا المضمون الى شخص رواه عن الامام (عليه السلام) فكيف نعتمد عليه والحال اننا لا نعرف ذلك الشخص الذي نقل عنه جميل بن دراج

وجواب هذا الاشكال يكون بملاحظة من يروي عنهم جميل بن دراج فقد يحصل بهذا وباضافة قرائن اخرى الاطمئنان الى رواية جميل

فان الامر لا يخلو من حالتين فاما ان نقول بان جميل قد رواه عن الامام مباشرة، او ان احتمال نقل جميل عن اصحابه الثقات كبير جداً بحيث يكون احتمال ان يروي هذه الرواية بواسطة عن الامام وان تكون هذه الواسطة ضعيفة احتمال ضعيف

وذكر السيد الخوئي (قده) في المعجم بان روايات جميل هي خمسمئة وسبعون رواية، روى منها عن المعصوم مئتين وتسعة وثلاثين رواية وعن زرارة اثنان وتسعون رواية وعن محمد بن مسلم خمساً وخمسين رواية، والباقي من العدد الكلي لرواياته هو مئة واربعة وثمانون رواية رواها عن اشخاص متعددين بلغوا قرابة الاثنين والاربعين شخصاً، منهم عشرة او احد عشر شخصاً من المجاهيل، بمعنى انه روى ثلاثة ارباع الاحاديث الباقية عن اشخاص ثبتت وثاقتهم، فاحتمال ان يروي هذه الرواية عن الامام بالواسطة وكون الواسطة ضعيفة ضعيف جداً

    1. قال المحقق (قده) في الشرائع ( قال المفيد رحمه الله تستأدى في سنتين فهي إذن مخففة عن العمد في السن و في الاستيفاء) ولعل نقله عن المفيد اشارة الى عدم وضوح المسألة عنده اذ لا دليل واضح من الروايات الواصلة الينا على ذلك، نعم المشهور والمعروف هو ذلك قال في الجواهر (ظاهر المبسوط الإجماع عليه ، بل في الغنية نفي الخلاف فيه)[1] ويؤيد ذلك ما ذكروه من ان هذا هو المناسب لكون شبيه العمد‌ حالة وسط بين العمد والخطأ المحض، ولذا قالوا بان دية شبه العمد مخففة في الاستيفاء بالنسبة الى دية العمد ومغلظة بالنسبة الى دية الخطأ المحض

ولكن هذا استحسان واضح، نعم الشهرة محققة ومعروفة وهذا من الغرائب مع عدم وجود دليل واضح

وفي مقابل هذا القول هو القول بانها تستادى في ثلاث سنين ويستدل لذلك بامرين

الاول: ما اشارت اليه صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : (دية الخطأ إذا لم يرد الرجل القتل مائة من الابل ، أو عشرة آلاف من الورق ، أو ألف من الشاة ، وقال : دية المغلظة التي تشبه العمد وليست بعمد أفضل من دية الخطأ بأسنان الابل)[2] فيفهم منها ان التغليظ في دية شبه العمد بالنسبة الى دية الخطأ المحض فقط في اسنان الابل وليس هناك تغليظ في الاستيفاء

الثاني: صحيحة أبي ولاد ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال: (كان علي عليه‌السلام يقول : تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين ، وتستأدى دية العمد في سنة) [3] والرواية صحيحة السند ودلالتها على المقام بالاطلاق حيث جعل الخطأ في مقابل العمد فهي شاملة للخطأ المحض والخطأ شبيه العمد

والصناعة تلزم الانسان ان يلتزم بهذه الصحيحة، ولكن يبقى ذهاب المشهور الى انها تستادى في سنتين يمنع الانسان من الالتزام بهذا القول، فالظاهر انه لا بد للجاني ان يحتاط بدفعها في سنتين فالاحتياط لازم في المقام