1441/03/11


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/03/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 68 ) – هل الاجازة كاشفة أو ناقلة – شروط المتعاقدين.

ثم إنَّ الشيخ جعفر كاشف الغطاء ذكر في شرحه على القواعد أربع ثمرات بين كون الاجازة كاشفة وكونها ناقلة[1] سنذكرها: - ولعله يتضح أنها إلى واحدة روحاً ولكن بألبسة وألوان مختلفة فانتظر، ونقل صاحب الجواهر نقل هذه الثمرات أيضاً في جواهره وأخذ بمناقشتها ولم يرتضها، وقد أشار إليها الشيخ الأنصاري في المكاسب[2] ووافق مناقشة صاحب الجواهر في بعض المجالات وخالف في البعض الآخر.

أما الثمرات الأربع التي ذكرها كاشف الغطاء[3] : -

المثرة الأولى: - إذا فرض أن شروط المتعاقدين كانت متوفرة حين العقد بأن كان كلا المتعاقدين بالغاً عاقلاً رشيداً .... وغير ذلك ولكن قبل أن تصدر الاجازة فقد بعض شرائط المتعاقدين كما إذا فرض موت أحد المتعاقدين أو ارتداده بارتداد فطري أو غير ذلك فعلى الكشف يكون العقد صحيحاً لأنه حينما تؤثر الاجازة والمفروض أنها تؤثر من حين العقد والمفروض أن الشروط من حين العقد كانت موجودة فإذاً يقع العقد صحيحاً، وأما بناءً على النقل فالمناسب بطلان العقد، إذ المفروض أنه قبل الاجازة لم تكن الشروط موجودة وقد استمر عدم توفرها لحين الاجازة، فهو حين الاجازة ميتٌ والمفروض أنَّ الاجازة ناقلة - يعني هي تؤثر من حين تحققها - والمفروض أن أحدهما ميت فلا تؤثر الاجازة شيئاً.

الثمرة الثانية: - ما إذا كانت شروط العوضين متوفرة حين العقد ثم اختل بعضها قبل الاجازة كما إذا فرض أنَّ أحد العوضين تلف أو كان مائعاً فتنجس بشكلٍ لا يمكن تطهيره قبيل صدور الاجازة فإنه بناءً على الكشف يكون العقد صحيحاً لتوفر شروط العوضين حين تأثير العقد، إذ هو يؤثر من حين العقد بخلافه على النقل فإنه يكون باطلاً.

وهذه الثمرة هي نفس روح الثمرة الأولى ولكن الفرق بينهما أننا تارةً نفترض اختلال شروط المتعاقدين قبيل الاجازة، وأخرى نفترض اختلال شروط العوضين قبيل الاجازة، فلا يناسب ذكرهما ثمرتين مستقلتين.

الثمرة الثالثة:- ما إذا فرض العكس، يعني كنّا نفترض في الثمرتين السابقتين أنَّ الشرائط كانت موجودة حين العقد ولكنها اختلت قبيل الاجازة ولكن الآن نفترض بالعكس حيث نفترض أنه حين العقد لم تكون شروط العوضين موجودة ثم وجدت بعد ذلك كما إذا فرض أن الثمرة لم تتحقق حين اجراء عقد الفضولي ولكن قبيل الاجازة بدى صلاحها، فبناءً على الكشف يكون العقد باطلاً، إذ هو يؤثر من حين العقد والمفروض أنَّ شروط العوضين ليست متحققة، فلا يؤثر العقد شيئاً، فيقع باطلاً، بينما بناءً على النقل يقع العقد صحيحاً لتوفر الشروط حين توفر الاجازة، والمفروض أنه على النقل أنَّ العقد يؤثر من حين الاجازة.

الثمرة الرابعة: - أن فترض أنَّ الشروط الأخرى غير شروط العوضين وإنما أي شرط من الشروط المعتبرة في العقد كانت مفقودة كمعلومية العوضين، كما إذا كان المبيع مجهولاً حين اجراء عقد الفضولي ثم بعد ذلك صار معلوم المقدار حين صدور الاجازة، أن نفترض فقدان أحد شروط المتعاقدين كما لو كان المتعاقد مجنوناً ثم صار عاقلاً قبيل الاجازة، فالمناسب هنا أن يكون العقد باطلاً على الكشف ويكون صحيحاً على النقل.

ورفض صاحب الجواهر جميع هذه الثمرات حيث قال: -

أما الثمرتان الأولى والثانية: - فهما قابلتان للمناقشة، فإنَّ كاشف الغطاء قال إنه على الكشف يكون العقد صحيحاً لتوفر الشروط على الكشف، ونحن نقول بل هو باطل وذلك باعتبار أنه على الكشف يلزم توفر جميع الشروط من حين العقد إلى حين الاجازة لأنه على الكشف العقد يؤثر من حين العقد إلى حين الاجازة إذا الاجازة تؤثر في حصول الملكية من حين العقد إلى حين الاجازة فلابد أن تكون جميع الشروط متوفرة في جميع هذه الفترة حتى يؤثر العقد أثره بسبب الاجازة والمفروض في الثمرة الأولى والثانية أن الشروط متوفرة حين العقد ولكنها اختلت قبيل الاجازة فحينئذٍ لا يؤثر عقد الفضولي صحيحاً إذا لا يمكن أن تقع الملكية من حين العقد إلى حين حصول الاجازة.

ثم قال: - وربما يشكل علينا بخبر أبي عبيدة الحذّاء الواردة في تزويج الصغيرين، والتي تذكر أنه قد زوجهما الوليان ثم مات الصبي قبل بلوغه فإذا بلغت البنت وقبلت بهذا الزواج وكان قبولها به مقبولاً وليس مرفوضاً فسوف يؤثر في حصولها على الإرث بينما إذا رفضت وكان العقد باطلاً فلا تستحق الإرث، فهذه الرواية تدل على أنَّ الاجازة كاشفة، فإذا بلغت وقبلت وحلفت بأنه لم يجرها الإرث إلى القبول بالزواج فتدفع إليها حصتها من الإرث، ونصها:- ( سألت أبا جعفر عليه السلام عن غلام وجارية زوّجهما وليان لهما وهما غير مدركين، قال فقال:- النكاح جائز أيهما أدرك كان له الخيار .......قلت:- فإن كان الرجل الذي أدرك قبل الجارية ورضي النكاح ثم مات قبل أن تدرك الجارية أترثه ؟ قال:- نعم يعزل ميراثها منه حتى تدرك وتحلف بالله ما دعاها إلى أخذ الميراث إلا رضاها بالتزويج ثم يدفع إليها الميراث ونصف المهر )[4] .

وتقريب دلالتها على أنه لا يعتبر استمرار شروط المتعاقدين من حين عقد الفضلي إلى حين الاجازة وإنما حتى لو اختلت في الاثناء فهذا لا يؤثر في صحة العقد: - هي أنها دلت على أنه لو مات الزوج قبل تحقق الاجازة يعني اختلّ أحد شروط المتعاقدين وهو الحياة فبعد ذلك إذا بلغت الزوجة ورضيت صح العقد والحال أنَّ شروط المتعاقدين ليست موجودة من حين العقد إلى حين تحقق الاجازة، فهذه الرواية الصحيحة تدل على عدم اعتبار استمرارا شروط المتعاقدين من حين العقد إلى حين الاجازة.

لكنه أجاب وقال:- إنَّ هذه الرواية يقتصر فيها على موردها حيث قال:- ( يمكن الجمود على موردها والرجوع في غيره إلى ظاهر الأدلة )[5] ، يعني إلى ما تقتضيه القاعدة من استمرار الشروط على الكشف.

وأما الثمرتين الثالثة والرابعة: - فإنه حتى على النقل فضلاً عن الكشف هنا باطلتان، باعتبار أنَّ شرط صحة عقد الفضولي كمال العقد وواجدية نفس العقد للشرائط والمفروض في الثمرتين الثالثة والرابعة أنَّ الشرائط حين العقد ليست موجودة فالعقد هو في نفسه غير قابل للصحة بالاجازة، فإنَّ الاجازة تصحح العقد الذي كان واجداً للشرائط أجمع سوى رضا المالك، أما إذا كانت الشروط مختلّة كما إذا كان مجنوناً حين العقد ثم صار عاقلاً فهذا العقد لا شيء من أساسه، فلا تصححه الاجازة.


[1] لا بين أنحاء الكشف، بل ما هي الثمرة بين الكشف بما هو بمعناه العام وبين النقل.
[2] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج3، ص418.
[3] جواهر الكلام، الجواهري النجفي، ج22، ص290 حيث قال: - ( وقيل تظهر أيضاً فيما لو انسلخت قابلية الملك عن احدهما بموت ...... ).
[4] وسائل الشيعة، العاملين ج26، ص219، أبواب ميراث الأزواج، ب11، ح1.
[5] جواهر الكلام، الجواهري النجفي، ج22، ص291.