1440/06/05


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بيع الفضولي– شروط المتعاقدين.

بيع الفضولي:- قال(قده):-

الرابع من شرائط المتعاقدين القدرة على التصرف بكونه مالكاً أو وكيلاً عنه أو مأذوناً منه أو ولياً عليه ، فلو لم يكن العاقد قادراً على التصرف لم يصح البيع بل توقفت صحته على اجازة القادر على ذلك التصرف مالكاً كان أو وكيلاً عنه أو مأذوناً منه أو ولياً عليه فإن أجاز صحّ وإن ردّ بطل . وهذا هو المسمّى بعقد الفضولي . والمشهور أنَّ الاجازة بعد الرد لا أثر لها ولكنه لا يخلو عن إشكال بل لا يبعد نفوذها . وأما الردّ بعد الاجازة فلا أثر له جزماً...........................................................................................................وقبل أن ندخل في المسألة نبيّن قضيتين جانبيتين:-

الأولى:- هل المناسب التعبير بعقد الفضولي بنحو الاضافة ، يعني قد يضاف إلى الفضولي أو أنَّ المناسب ( العقد الفضولي ) يعني بنحو الوصفية - أي البيع الفضولي - والشيخ الأعظم(قده) أوّل ما دخل هذه المسألة أشار إلى ذلك ومال إلى أنَّ المناسب ذكره بالإضافة ، ثم قال: ولكن قد يقال بالوصفية ، قال(قده):- ( وقد يوصف به نفس العقد[1] ولعله تسامح ) [2] .

وأما الحاج ميرزا علي الايرواني(قده) فقد أصرَّ في هذا المورد وقال المناسب أن يكون بنحو الوصفية أي البيع الفضولي[3] .

وهذا الكلام لا يسمن ولا يغني من جوع ولكن أردنا أن نبيّن وجود هكذا خلاف ، والأمر سهل.

الثانية:- إنَّ صياغة المسألة ثقيل وقديم ، فمثلا قال ( الرابع من شراط المتعاقدين القدرة على التصرف ) ، فكان من المناسب حذف عبارة ( القدرة على التصرّف ) ويقال ( حق التصرّف ) ، فيقال ( الحق في التصرف بكون مالكاً أو .... ) وأحسن من ذلك أن ندخل في المطلب رأساً فنقول ( الرابع من شروط المتعاقدين أن يكون مالكاً أو ..... ) ، ومن جملة التعابير التي ذكرها أنه قال في آخر المسألة ( والمشهور أنَّ الاجازة بعد الرد لا أثر لها ولكنه لا يخلو من إشكال ) فإنَّ هذا يذكر في الكتب العلمية ، بل لابد أن نقول ( ولا يبعد صحة الاجازة بعد الرد ).

وهذه المسألة تشتمل على ثلاثة نقاط:-

النقطة الأولى:- إنَّ بيع الفضولي صحيحٌ بعد الاجازة.

النقطة الثانية:- إنَّ الردّ بعد الاجازة باطل.

النقطة الثالثة:- إنَّ الردّ قبل الاجازة لا يؤثر في صحة الاجازة.

والذي فيه كلام هو النقطة الأولى دون الأخيرتين ، ونحن نتعرض للنقطتين الأخيرتين أوّلاً ثم ندخل في النقطة الأولى.

أما النفطة الثانية:- وينبغي أن يكون واضحاً عدم الجدوى في الرد بعد الاجازة إذ بالاجازة قد تم العقد فلا يضر الرد بعدها ، نظير ما إذا فرض في البيع العادي - غير الفضولي - إذا قال البائع بعت كذا بكذا وقال المشتري قبلت ثم بعد أن قبل المشتري قال البائع رجعت فإنَّ هذا لا ينفع ، فإنه قد تم العقد بالإيجاب والقبول فلا ينفع الرفض البعدي ، وفي الفضولي الأمر كذلك ، فإذا أجاز المالك فقد تم العقد وكأنه حصل الايجاب والقبول فالرد البعدي لا يجدي.

أما النقطة الثالثة:- وهي الردّ قبل الاجازة فهذا الموضع قد وقع محلاً للكلام ، والشيخ الأعظم(قده) اختار أنَّ الرد قبل الاجازة يمنع من صحة الاجازة واستدل على ذلك ثلاثة وجوه:-

الوجه الأول:- الاجماع.

الوجه الثاني:- إنَّ الاجازة إذا حصلت من المجيز - أي من المالك - فقد صار هذا المجيز طرفاً للعقد ، وكأنه صار بائعاً أو صار مشترياً ، ومن المعلوم أنَّ المالك إذا ردَّ قبل قبوله يكون ذلك موجباً لزعزعة وزوال المعاقدة التي هي نحو من العهد ، فلو فرض أنَّ البائع قالت بعت وقبل أن يقول المشتري قبلت قال البائع رجعت ، يعني ما بين الاجابة والقبول حصل التراجع ، فإذا حصل التراجع زالت المعاقدة والمعاهدة ، فلا ينفع بعد ذلك قبول المشتري ، هنا أيضاً كذلك.

وهذا الوجه كما ترى مركبّ من مقدمتين:-

المقدمة الأولى:- إنَّ المالك بقبوله يصير أحد طرفي العقد.

المقدمة الثانية:- إنَّ أحد طرفي العقد إذا رفض العقد والمعاقدة في الاثناء فلا يجدي قبول الآخر.

قال(قده):- ( إن الاجازة إنما تجعل المجيز أحد طرفي العقد وإلا لم يكن مكلفاً بالوفاء بالعقد لما عرفت من أنَّ وجوب الوفاء إنما هو في حق العاقدين أو من قام مقامهما وقد تقرر أنَّ من شروط الصيغة أن لا يحصل بين طرفي العقد ما يسقطهما عن صدق العقد الذي هو في معنى المعاهدة )[4] .

الوجه الثالث:- إنَّ مقتضى قاعدة السلطنة أنَّ الطرف له حق قطع علاقة ذلك الطرف بماله ، فإذا قطعها وصارت عدماً فالاجازة بمَ تتعلق بعد زوال تلك العلاقة ؟!! ، يعني إنَّ الطرف الآخر إذا قال اشتريت ، فالفضولي قال بعت وقال المالك اشتريت فببيع الفضولي حصلت علاقة للمشتري - المالك – بالعين المبيعة وهي علاقة الشراء فمن حق المالك أن يزيل هذه العلاقة من الأساس ويفنيها ، وإذا أفناها فلا يوجد بعد ذلك على الأرض شيئاً يقبل بعد ذلك الاجازة وإلا كان ذلك خلف السلطنة على ازالة العلاقة.

ثم اشكل على نفسه قائلاً:- إنَّ صحيحة محمد بن قيس ورد فهيا أوّلاً من قبل المالك ثم بعد ذلك حصلت الاجازة ومضمون الصحيحة هو أنَّ شخصاً كان صاحب وليدة وقد سافر فباعها ابنه فأولدها المشتري ثم رجع المالك فطالب بها وأخذها من المشتري ثم بعد ذلك المشتري سأل الامام عليه السلام وقال إنه أخذ الوليدة وابنها فعلّمه الامام عليه السلام طريقةً فقال له خذ ابنه الذي باعك الوليدة فحينما أخذه قال والده أترك ابني وسوف اترك ابنك فحينما رأى صاحب الوليدة الأوّل الأمر هكذا اجاز بيع ابنه ، هنا الاجازة وقعت بعد الرد والرد أبرزه بأخذ وليدته فكيف نجيب عن ذلك ؟

قال:- إنَّ هذا فعل وليس إنشاءً للفسخ وأنا أقول إن إنشاء الفسخ يمنع من الاجازة البعدية لا تحقق فعل يتنافى مع الاجازة ، كلا بل المهم أن يحصل إنساء للفسخ.

ثم أشكل على نفسه وقال:- ولكن يمكن أن نقول إننا لا نحتاج إلى إنشاء الفسخ بل يكفي كل فعل يلازم الملكية كالوطئ والعتق ، يعني إذا فرض أنَّ المالك رجع وأعتق الجارية فهذا لا يكون إلا من المالك ، فإما بإنشاء الفسخ أو يكون فعلاً بهذه المثابة لا كل فعلٍ يمنع من الاجازة البعدية بل الفعل الذي هو من لوازم الملكية ، فعلى هذا الأساس إذا حصل الرد بإنشاء الفسخ كما هو محل كلامنا وهي أنه لو اطلع المالك بأن عينه قد بيعت بالفضولية فردّ وقال لا أرضى فهذا إنشاء للفسخ فحينئذٍ الاجازة البعدية لا تكون مجدية.

 


[1] يعني ( العقد الفضولي ).
[2] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج3، ص346.
[3] حاشية المكاسب، الميرزا علي الايرواني، ج2، ص210.
[4] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج16، ص426.