1440/04/03


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/04/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أقسام الصوم المحظور/صوم العيدين

 

ذكرنا روايات القسم الثالث (أي: الرواية الثالثة) من الدليل الثالث، التي يجمعها أنها تدل على حرمة الصلاة مع الحدث.

 

من حيث السند

نبني على إعتبار الرواية الثانية -وهي رواية الفضل بن شاذان-، لأن طريق الشيخ الصدوق في العلل إلى الفضل بن شاذان صحيح،

والرواية الثالثة -وهي رواية صفوان بن مهران- صحيحة بلا إشكال. نعم الرواية الأولى -وهي رواية مسعدة بن صدقة- غير معتبرة لعدم ثبوت وثاقة مسعدة. فالعمدة من حيث السند رواية الفضل و رواية صفوان .

 

و من حيث الدلالة فروايتا مسعدة وصفوان ظاهرتان في حرمة الصلاة مع الحدث، وهذه الحرمة حرمة تكليفية وإن تعلقت بالعبادة، بقرينة العذاب الوارد فيهما المترتب على الصلاة من دون وضوء.

فلا مجال لحملهما على الإرشاد إلى البطلان أو عدم المشروعية كما فعلنا ذلك في الدليل الثاني المتقدم[1] . حيث قلنا أن النهي أو الأمر بالترك أو التحريم إذا تعلق بالأفعال الخارجية -كما في تحريم شرب الخمر والغيبة- يكون ظاهراً في الحرمة التكليفية، أما إذا تعلق بالعبادة -كحرمة صلاة الحائض- يكون ظاهراً في الإرشاد.

 

أما رواية الفضل فتقدمت كيفية الإستدلال بها وهي انها بالملازمة تدل على حرمة الصلاة مع الحدث.

 

فهذه الروايات الثلاثة تدل على حرمة الصلاة مع الحدث ومبغوضيتها وحينئذ نستدل بها على الحرمة الذاتية التي تعني وجود مفسدة في الفعل، بإعتبار أن ظاهر حرمة الصلاة بنحو الحرمة التكليفية هو حرمتها ذاتاً وأن ذات الفعل فيها مفسدة، والمانع من هذا الظهور وهو إحتمال حرمتها من جهة التشريع مفقود في المقام.

 

نوقش في الإستدلال بهذه الروايات:-

 

ذكرنا مناقشتين في رواية مسعدة ودفعناهما في الدرس السابق.

 

وذكرنا مناقشة واحدة في صحيحة صفوان، -وهي إحتمال حرمة الصلاة من جهة التشريع، وقصد العبادة من تلك الصلاة، فلا يصح الإستدلال بالرواية على الحرمة الذاتية- وقلنا لا يمكن دفعها كما دفعناها في رواية مسعدة، لأن رواية مسعدة فيها قرائن تدل على أن الصلاة صورية ولم يقصد بها العبادة، والحال ان إحتمال قصد العبادة منها في الصحيحة وارد.

 

و توجد مناقشة ثانية في صحيحة صفوان وهي أن الحكم المستفاد منها -لو سلمنا به- يختص بغير شريعتنا، بقرينة أن الكلام فيهاعن رجل من الأحبار، فلا يمكن الإستدلال بها على المطلوب،

 

لكن يمكن الجواب عنها

أولاً بإستصحاب عدم نسخ أحكام الشرائع السابقة -لو بنينا على جريانه-،

وثانياً بأن ظاهر كلام الإمام (عليه السلام) عندما يتكلم بقضية ترتبط بشرائع أخرى أنه يتكلم كمشرّع ومولى، لا كمخبر أو مورّخ أو محدّث.

بعبارة أخرى: ظاهر حاله يدل على أنه في مقام بيان أن الحكم ثابت في شريعتنا ويحذر المخاطبين منه، لا أنه في مقام نقل واقعة تأريخية من دون أن يترتب على ذلك عمل المخاطبين بهذا الحكم الشرعي.[2]

 

و ذكرنا مناقشة في معتبرة الفضل بن شاذان و لتقريب المناقشة ببيان آخر نقول :

انه لا اشكال في دلالة الرواية على محبوبية العبادة مع الطهارة، وقد يستفاد من قوله (فأحب الله أن لا يعبد إلا طاهراً) عدم المحبوبية مع الحدث، لكن هل يلازم ذلك مبغوضية الصلاة من غير طهارة، أو يمكن تصور حالة وسطى بين المحبوبية وبين المبغوضية؟ فعلى الاخير لا يستفاد دلالة الرواية على مبغوضية الصلاة مع الحدث فيسقط الاستدلال بها، والظاهر هو عدم الملازمة بين عدم المحبوبية وبين المبغوضية.

ومما ذكرنا يتبين عدم صحة الاستدلال بالروايات الثلاث على الحرمة الذاتية اما لعدم تمامية السند كما في رواية مسعدة أو لعدم تمامية الدلالة كما في صحيحة صفوان ومعتبرة الفضل بن شاذان.

هذه هى النصوص التي يمكن الاستدلال بها في المقام

والمتيقن من النصوص التي استدل بها على الحرمة الذاتية هو صلاة الحائض، ولا يمكن التعدي من الصلاة إلى غيرها _كالصوم_ بالنسبة إلى الحائض، ولا التعدي من الحائض إلى غيرها بالنسبة إلى الصلاة فضلا عن غيرها من العبادات، وقد تقدم تمامية دلالة بعض الروايات على الحرمة الذاتية كصحيحة خلف بن حماد الواردة في صلاة الحائض، ومعتبرة اسماعيل الجعفي حيث تقول (تقعد ايام قرئها) وذكرنا ان المراد انها تقعد عن الصلاة ولهذا المعنى شواهد كثيرة وصحيحة الفضيل و زرارة التي ورد فيها (المستحاضة تكف عن الصلاة ايام اقرائها و تحتاط بيوم او اثنين ) و موردها ايضا الحائض و الصلاة [3] [4]

 

و الرواية الوحيدة التي يظهر منها ان هناك شيئا اخر محرما على الحائض غير الصلاة هى موثقة البصري التي ورد فيها الطواف في سؤال السائل (عن المستحاضة أيطأها زوجها؟ وهل تطوف بالبيت؟قال: تقعد قرؤها الذي كانت تحيض فيه، فإن كان قرؤها مستقيما فلتأخذ به، وإن كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين)

و نحن بلحاظ جملة (تقعد قرئها) بشكل عام قلنا انها ظاهرة في القعود عن الصلاة لكن في هذه الرواية لا يمكننا القول بذلك لوقوع السؤال عن غير الصلاة فهذه الجملة كما تشمل الصلاة تشمل الطواف و الوطء فتكون الجملة اللاحقة لها وهى (و ان كان فيه خلاف فلتحتط ) معناها انها تقعد احتياطا عما قعدت عنه ايام قرئها فتكون شاملة للطواف فيكون الطواف محرما ذاتا على الحائض

و هل هذا مما يمكن الالتزام به ؟


[1] لاحظ درس يوم السبت ٢٣ ربيع الأول ١٤٤٠.
[2] هذا الكلام سيال في كل مورد يتكلم الإمام (عليه السلام) بحكم في الشرائع السابقة، ولا يختص بموردنا.
[3] و ان ورد في بدايتها المستحاضة لكن قلنا انه استمر معها الدم الى ما بعد العادة و الامام عليه السلام امرها بالاحتياط الناقص مراعاة لاهمية حرمة الصلاة على الحائض على وجوبها عليها فامرها بترك الصلاة.
[4] اما روايات القسم الثالث ( رواية مسعدة و معتبرة الفضل و صحيحة صفوان) فقد قلنا انها غير تامة اما سندا و اما دلالة.