36/07/22


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, فصل المفطرات المذكورة كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة.....)
ذكر السيد الخوئي (قد)(ومقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أقسام المفطرات، وأن الاعتبار بنفس الافطار الذي هو مضاد للصوم ولا ثالث لهما، فإن الافطار في نظر العرف في مقابل الاجتناب عن خصوص الأكل والشرب، ولكن الشارع اعتبر الصوم مؤلفا من الاجتناب عن عدة أمور أخر أيضا زائدا على ذلك من الارتماس والجماع والكذب والحقنة ونحو ذلك مما تقدم . فمتى تحقق الامساك بهذا النحو كان صائما وإلا فهو مفطر، فيندرج حينئذ تحت اطلاق هذه النصوص الدالة على ثبوت الكفارة على من أفطر . ودعوى الانصراف إلى خصوص الأكل والشرب كما في الجواهر غير مسموعة، بعد كون الصوم في نظر الشرع مؤلفا من مجموع تلك التروك ومضادا للافطار من غير ثالث كما عرفت)[1]
وهذا الكلام يحتاج إلى تأمل في موضع وهو أن قوله (قد) (ولكن الشارع اعتبر الصوم مؤلفا من الاجتناب عن عدة أمور) يمكن استكشافه من اطلاق الافطار على بعض المفطرات غير الاكل والشرب, وهذا مؤشر على أن الافطار عند الشارع له معنى اوسع من الافطار اللغوي والعرفي, والكلام يقع في أن الافطار في صحيحة عبدالله بن سنان على أي المعنيين يُحمل؟ على المعنى اللغوي والعرفي أم على المعنى الشرعي؟
فأنها على المعنى الاول لا تنفع في مقام الاستدلال, وإنما تنفع في الحمل على المعنى الثاني (الشرعي).
وهل أن هذا الحمل يكفي بمجرد أن يثبت أن الشارع عنده هكذا اصطلاح؟ أو لا؟ الظاهر أنه يكفي, لأن الروايات_ التي هي كلها واردة عن الامام الصادق عليه السلام_ التي اطلقت الافطار على الكذب والقيء وغيرهما يظهر منها أن الامام (الامام الصادق عليه السلام) لم يكن بصدد تأسيس شيءٍ جديدٍ وليس في مقام تبديل المعنى اللغوي أو العرفي إلى معنى آخر, وإنما يظهر منها أنه عليه السلام جرى على شيءٍ موجودٍ واطلق الافطار على القيء مثلاً طبقاً لشيء متحقق, بل يمكن أن يكشف ذلك عن تبدل المعنى اللغوي إلى معنى شرعي في آخر, وهو عبارة عن مطلق ما يكون مفسداً للصوم فيكشف ذلك عن ثبوت حقيقة متشرعية, على فرض كون الاستعمال حقيقياً.
نعم على فرض النقاش في كون الاطلاق حقيقياً واُدعي بأنه كان مجازياً, كما لو اطلق الشارع الافطار على غير الاكل والشرب مجازاً وحينئذ لا يتبدل المعنى اللغوي إلى معنى آخر, لكن هذا الأمر لا يؤثر على النتيجة لأن الشارع عند استعماله كلمة الافطار في غير الاكل والشرب لابد أن يكون بعلقة أو تشبيه أو تنزيل صحح هذا الاستعمال (التجوز) وحينئذ يمكن أن يقال أنه بمقتضى هذا التنزيل أو التشبيه أن الاثار التي تترتب على الاكل والشرب تترتب على غيرهما ومن هذه الاثار الكفارة, اذ لا اشكال في أن الكفارة تترتب على الاكل والشرب.
وهذا مطلب آخر قد يؤيد فيه كلام السيد الخوئي (قد) .
وحينئذ يحمل عنوان (افطر) في رواية عبدالله بن سنان وفي غيرها على المعنى الشرعي (أي ما يكون مفسداً للصوم).
هذا الوجه الذي يذكره السيد الخوئي (قد) وهو في الجملة لا بأس به.
ويمكن أن يضاف إلى ذلك أنه لو سلمنا أن بعض الروايات لم يرد فيها عنوان الافطار لكنه ورد في بعضها النهي عن بعض الافعال وفي بعضها الاخر ورد الأمر بالقضاء وقد تقدم سابقاً أن الظاهر أن هذا (النهي عن فعل اثناء الصوم _الامر بالقضاء عند صدور ذلك الشيء من الصائم) ارشاد إلى المفطرية, واذا كان كذلك فأن المفطرية تثبت بهذه الامور بلا حاجة إلى الاستدلال عليها بما تقدم.
وهذا ما يؤيد كلام السيد الخوئي (قد) ايضاً.
هذا ما يمكن أن يقال لأثبات التعميم.
وفي المقابل قد يقال بأن هناك قرينة معاكسة ومقتضى هذه القرينة يكون الافطار عند الشارع هو الاكل والشرب أي المعنى اللغوي والعرفي وهذه القرينة تتمثل برواية الهروي المعتبرة سنداً وهي عبدالسلام بن صالح الهروي (قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) : يا بن رسول الله قد روي عن آبائك ( عليهم السلام ) فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفارات، وروي عنهم أيضا كفارة واحدة، فبأي الحديثين نأخذ ؟ قال : بهما جميعا، متى جامع الرجل حراما او افطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات : عتق رقبة، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكيناً، وقضاء ذلك اليوم، وإن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة، وإن كان ناسيا فلا شيء عليه)[2]
والموضع الاول للاستدلال هو (قلت للرضا ( عليه السلام ) : يا بن رسول الله قد روي عن آبائك ( عليهم السلام ) فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفارات) وان كان وراداً على لسان السائل, فيقال في مقام الاستدلال أنه لو كان الافطار عند الشارع هو عبارة عن مطلق ما يفسد الصوم لا داعي للعطف بين الجماع والافطار, وإنما يقال (في من افطر في شهر رمضان) فقط وهذه العبارة تشمل الجماع وغيره, فعطف الافطار على الجماع مؤشر على أن الافطار لا يشمل الجماع وإنما هو الاكل والشرب فقط.
والموضع الثاني هو قول الامام عليه السلام (متى جامع الرجل حراما او افطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات)
والموضع الثالث هو قوله عليه السلام ايضاً(وإن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه....)
والكلام فيهما نفس الكلام في الموضع الاول, نعم في الموضع الثاني والثالث في قوله عليه السلام (افطر على) قرينة _ في تعدي الفعل بعلى_ مؤيدة على أن المقصود به الاكل والشرب, فالظاهر من هذه الرواية أن الافطار لا يراد به المعنى الواسع, وإنما يراد به الاكل والشرب ومن هنا سميت هذه القرينة بالقرينة المعاكسة.
ويمكن أن يلاحظ على الوجوه المذكورة للتعميم بعض الملاحظات
فمثلاً يلاحظ على مسألة التمسك بالروايات التي تأمر بالقضاء أو تنهى عن ارتكاب ذلك الفعل حيث قلنا بأنها ارشاد إلى فساد الصوم والمفطرية.
لكن الواقع أن هذا مبني على افتراض ما قاله السيد الخوئي (قد) من عدم وجود حالة ثالثة شرعاً وهو مصادرة على المطلوب فنحن بصدد الاستدلال على وجود الحالة الثالثة أو عدمها وهي محل النزاع.
واصحاب القول الثاني الذين ينكرون التعميم ويلتزمون بعدم وجوب الكفارة في بعض المفطرات _ كما ذهب إلى ذلك صاحب الشرائع _ يرون وجود حالة ثالثة _فيكون صومه فيها فاسداً لكنه لا يصح أن يقال بانه افطر_ ولذا فهم يقولون في حالة القيء يفسد صومه ويجب عليه القضاء لكنه لا تجب عليه الكفارة لأنه ليس مفطراً.