36/04/12


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, الثامن , البقاء على الجنابة,مسألة ,66,65,64
قال الماتن

مسألة 64 :( فاقد الطهورين يسقط عنه اشتراط رفع الحدث للصوم، فيصحّ صومه مع الجنابة أو مع حدث الحيض أو النفاس( [1]
هل يصح الصوم من فاقد الطهورين ويسقط عنه اشتراط الطهارة ؟ او لا ؟
اُستدل على سقوط الاشتراط عن فاقد الطهورين _ وبالتالي صحة الصوم منه حتى مع الجنابة _ بدليل ان الطهارة من الجنابة شرط اختياري في الصوم الواجب , او بعبارة اخرى ان المانع من صحة الصوم هو تعمد البقاء على الجنابة , ومن الواضح انه مع عدم الاختيار والعجز لا يتحقق التعمد ؛ وكون شرط الطهارة شرطا اختياريا يلزم منه اختصاص الاشتراط بصورة الاختيار والتمكن والقدرة على الطهارة فإذا عجز عنه او اضطر فأن الشرطية تسقط حينئذ , لأن هذا من لوازم كون شرط الطهارة شرطا اختياريا .
والمفروض ان فاقد الطهورين عاجز عن الطهارة او مضطر الى تركها فحينئذ لا يكون الاشتراط ثابتا في حقه فيصح منه الصوم مع عدم الطهارة ؛ ويفهم اختصاص الشرط بحالة الاختيار مما ذكرناه من ان الذي يضر بالصوم هو تعمد البقاء على الجنابة كما هو مسلّم, مضافا الى ذلك ما يفهم من بعض النصوص ان الشرط اختياري كما في صحيحة محمد بن مسلم (عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في رمضان ثم ينام قبل أن يغتسل ؟ قال : يتم صومه ويقضي ذلك اليوم، إلا أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر فإن انتظر ماء يسخن أو يستقي فطلع الفجر فلا يقضي يومه.)[2]
وهكذا في رواية أبي بصير، (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إن طهرت بليل من حيضتها ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت عليها قضاء ذلك اليوم)[3]
حيث انها تشترط التواني فأذا صدق التواني وجب القضاء ومفهومها انه اذا لم يصدق التواني لا يجب القضاء , ويفهم هذا التفصيل من غير هذه الروايات ايضا.


قال الماتن
مسألة 65 : (لا يشترط في صحّة الصوم الغسل لمسّ الميّت، كما لا يضرّ مسّه في أثناء النهار [4](.
والظاهر ان هذا الحكم لا اشكال فيه, والوجه في ذلك عدم الدليل على اشتراط الطهارة من حدث مس الميت في صحة الصوم , بالرغم من انه حدث اكبر لكن لا دليل على ان الطهارة من كل حدث اكبر شرط في صحة الصوم , فالدليل دل على اشتراط الطهارة من حدث الجنابة ومن حدث الحيض والنفاس على فرض الحاقه .
وحينئذ يصح القول بأن البقاء على هذا الحدث الى الفجر لا يضر بصحة الصوم بل مس الميت في اثناء النهار لا يضر بصحة الصوم وكل ذلك لعدم الدليل .

قال الماتن

مسألة 66 : لا يجوز إجناب نفسه في شهر رمضان إذا ضاق الوقت عن الاغتسال أو التيمّم، بل إذا لم يسع للاغتسال ولكن وسع للتيمّم )
من الواضح ان السيد الماتن ناظر الى الحكم التكليفي في هذه المسألة , اما الحكم الوضعي فقد تقدم الكلام عنه في قوله (ومن البقاء على الجنابة عمدا اجناب نفسه) وقد ذهب السيد الماتن في تلك المسألة الى القول بعدم الجواز الوضعي والتكليفي , لأنه يدخل في باب تعمد البقاء على الجنابة لأنه اجنب نفسه في وقت لا يسع الغسل ولا للتيمم , وهذا واضح والكلام ليس فيه , وانما الكلام يقع فيما لو اجنب نفسه في وقت يتمكن فيه من التيمم دون الاغتسال ؛ فالسيد الماتن قال في المسألة السابقة بأنه يصح منه الصوم اذا تيمم لكنه يكون عاصيا في الاجناب _ أي انه فرق بين الحكم الوضعي والحكم التكليفي_ وفي المقام لم يذكر ما يخالف ذلك لأن هذه المسألة ظاهرها النظر الى الحكم التكليفي .
والكلام يقع في تخريج ما ذهب اليه السيد الماتن بناء على مبناه ثم يقع في ما اخترناه في البحث السابق .
اما على مبناه(قد) فقد يقال كيف يمكن الجمع بين الفتوى بصحة الصوم اذا تيمم وبين الالتزام بالحرمة التكليفية , وقد ذكرنا سابقا امكان تخريج ذلك على اساس ان الالتزام بأن التيمم بدل عن الغسل وانه يقوم مقامه الا انه يبقى بدلا اضطراريا ,ولا تصل اليه النوبة الا عند عدم التمكن من الغسل , وحينئذ لا يحصل على تمام المصلحة الموجودة في الواجب الاختياري , وحيث ان هذه المصلحة ملزمة وهي التي جعلت الشارع يوجب الغسل , وان المكلف يفوت تلك المصلحة على نفسه عندما يجنب عمدا , لهذا يحرم عليه الاجناب تكليفا .
ونحن ذكرنا سابقا الاستشكال في صحة الصوم مع التيمم عندما يكون العجز اختياريا لأنصراف الادلة عنه , وقلنا بأن الظاهر اختصاص ادلة بدلية التيمم عن الغسل _ في باب الصوم _ بخصوص العجز غير الاختياري كفقد الماء وحالات المرض وامثال ذلك مما يكون خارجا عن اختيار المكلف .
ومحل الكلام هو العجز الاختياري حيث انه اجنب نفسه مع ضيق الوقت عن الغسل , أي انه اوقع نفسه في العجز بأختياره , ولا دليل على بدلية التيمم عن الغسل في هذه الحالة , وهذا يعني انه حتى لو تيمم لا يصح منه الصوم لعدم مشروعية التيمم في حقه , وقلنا بأن هذا هو الصحيح.
واما مسألة الحكم التكليفي وحرمة الاجناب فقلنا وفاقا للسيد الماتن بأنه محرم تكليفا , ويمكن اثبات الحرمة بطريق اخر غير الطريق الذي ذكرناه كتوجيه لكلام السيد الماتن _من انه فوت على نفسه المصلحة الملزمة الموجودة في المبدل الاختياري _ وهو انه يعتبر تعمد البقاء على الجنابة , فعندما يجنب نفسه في وقت لا يتسع الاغتسال بضميمة ان الاغتسال ليس له بدل, فأنه يكون قد تعمد البقاء على الجنابة ولا اشكال في حرمة ذلك تكليفا .
فالصحيح في المقام هو الحكم بفساد الصوم والحرمة تكليفا

قال الماتن

(ولو ظنّ سعة الوقت فتبيّن ضيقه : فإن كان بعد الفحص صحّ صومه، وإن كان مع ترك الفحص فعليه القضاء على الأحوط .)[5]

والكلام يقع فيما اذا ظن سعة الوقت للأغتسال او للتيمم على فرض القول بالبدلية, فأجنب نفسه وتبين ضيق الوقت , فالسيد الماتن فصّل بين ما اذا كان ذلك (حصول الظن ) بعد الفحص فحكم بصحة الصوم وعدم وجوب القضاء وبين ما اذا كان ذلك منه مع عدم الفحص فحكم بوجوب القضاء احتياطا .
والوجه في الصحة مع الفحص هو انه لا يوجد شيء يوجب بطلان الصوم , فأن ما يبطل الصوم هو تعمد البقاء على الجنابة وهو غير حاصل في المقام .
و لعل الوجه في الاحتياط فيما لو ترك الفحص هو احتمال صدق التعمد , بأعتبار عدم المبالاة بالوقت, هذا توجيه كلام السيد الماتن.
استدل السيد الخوئي (قد)[6] على هذا الحكم بروايتين ويمكن اضافة روايات اخرى تدخل في هذا الباب , والرواية الاولى التي ذكرها (قد) هي موثقة سماعة بن مهران( قال : سألته عن رجل أكل أو شرب بعدما طلع الفجر في شهر رمضان ؟ قال : إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثم عاد فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه، وإن كان قام فأكل وشرب ثم نظر إلى الفجر فرأى أنه قد طلع الفجر فليتم صومه ويقضي يوما آخر، لأنه بدأ بالأكل قبل النظر فعليه الاعادة )[7]
فما دام انه بدأ بالأكل قبل النظر فأنه تجب عليه الاعادة اما اذا كان قد بدأ بالأكل بعد النظر والفحص فلا اشكال في ذلك ويصح منه صومه .
وهذه الرواية تامة سندا يرويها الشيخ الصدوق ويرويها الشيخ الطوسي_ عن الكليني _ ايضا.
والثانية رواية إبراهيم بن مهزيار (قال : كتب الخليل بن هاشم إلى أبي الحسن ( عليه السلام ) : رجل سمع الوطء والنداء في شهر رمضان فظن أن النداء للسحور فجامع وخرج، فاذا الصبح قد أسفر، فكتب بخطه : يقضي ذلك اليوم، إن شاء الله )[8].
وهذه الرواية يرويها الشيخ الطوسي بأسناده عن احمد بن محمد عن ابراهيم بن مهزيار ؛ وابراهيم بن مهزيار مجهول ولم يذكر في كتب الرجال والظاهر انه اخو علي بن مهزيار ؛ والسيد الخوئي يوثقه _ بناء على المبنى القديم _ بأعتبار وروده في اسانيد كامل الزيارات .
والخليل بن هاشم وان كان مجهولا ايضا الا ان ذلك لا يضر في الاعتماد على الرواية على فرض وثاقة ابراهيم بن مهزيار , لأن الرواية ظاهرة في ان ابراهيم يشهد بهذه الكتابة .
وهناك روايات اخرى يمكن ذكرها في هذا المجال.