36/03/13


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, الثامن , البقاء على الجنابة عمدا , مسألة 50 الاقوال في وجوب القضاء على من نسي غسل الجنابة ليوم او ايام .
الجواب الثاني: لحل التعارض بين صحيحة الحلبي والروايات القائلة بعدم وجوب القضاء للنائم هو انكار اصل التعارض بينهما حيث ان اصل التعارض بينهما مبني على تخيل ان هناك تنافي فيما بينهما وهو يتوقف على افتراض ان نصوص النوم تقتضي وتدل على ان النوم يقتضي عدم القضاء فتكون معارضة لصحيحة الحلبي التي تدل على اقتضاء النسيان للقضاء , فيقال بأنهما يتعارضان في مادة الاجتماع (النائم الناسي) ؛ فتلك الروايات تقول بأن نومه يقتضي عدم القضاء ورواية الحلبي تقول بأن نسيانه يقتضي القضاء فيتعارضان .
لكن الصحيح هو ان نصوص النوم ليس فيها دلالة على ذلك فأن مفادها هو عدم اقتضاء النوم لوجوب القضاء وليس مفادها اقتضاء النوم لعدم وجوب القضاء , وهذا المفاد لا ينافي صحيحة الحلبي , أي لا ينافي ان يكون هناك شيء اخر يقتضي القضاء وهو النسيان.
اما الكلام في الدليل السادس وهو رواية تدل على وجوب القضاء, وهي كما في المستدرك حيث ينقل عن كتاب الجعفريات (الاشعثيات) ( الجعفريات : أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه : " أن عليا ) عليهم السلام )، سئل عن رجل احتلم أو جامع، فنسي أن يغتسل جمعة، فصلى جمعة وهو في شهر رمضان، فقال علي ( عليه السلام ) عليه قضاء الصلاة، وليس عليه قضاء صيام شهر رمضان ")[1][2]
والرواية تكاد تكون صريحة في عدم وجوب القضاء فتكون منافية للروايات السابقة الدالة على وجوب القضاء عليه , وسند هذه الرواية هو (اخبرنا محمد) والمقصود بمحمد في كتاب الاشعثيات هو محمد بن محمد بن الاشعث ؛ ومن هنا يسمى هذا الكتاب بالاشعثيات ؛(حدثني موسى) والمراد به موسى بن اسماعيل بن الامام موسى ا لكاظم عليه السلام .
فالمطلوب في المقام اثبات وثاقة كل من هؤلاء الرواة والاهم من ذلك هو اثبات الكتاب نفسه , أي كتاب الاشعثيات الذي ينقل عنه صاحب المستدرك (الموجود والمطبوع ) انه هو ما ألفه محمد بن محمد بن الاشعث نقلا عن موسى عن ابيه عن جده الامام الكاظم عليه السلام , والا فأن الظاهر ان هناك طرق صحيحة لمرويات موسى بن اسماعيل بن موسى عليه السلام ويذكرها الشيخ النجاشي والشيخ الطوسي ,والظاهر ان محمد بن محمد بن الاشعث ثقة , لكن المشكلة في اثبات وجود هذه الرواية في مرويات ذلك الشخص الذي يملك الشيخ النجاشي والشيخ الطوسي طرقا صحيحة اليه فأن اثباته لا يخلو من صعوبة ونحن لا نبت بشيء فيها الان ونؤجل البحث فيها الى وقت قريب ان شاء الله , فتبقى الرواية معلقة , وعلى تقدير تمامية سندها فأنها تكون معارضة الى الروايات السابقة بل لعله يمكن ان يقال انها تتقدم على تلك الروايات ويمكن الجمع بينها وبين تلك جمعا دلاليا لكون هذه الرواية صريحة في عدم وجوب قضاء الصوم بينما تلك الروايات تأمر بالقضاء والامر به ليس صريحا في الوجوب وانما هو ظاهر فيه ويمكن حملة على الاستحباب ويمكن حمله على محامل اخرى , كما هو الحال في الجمع بين الدليل الآمر والدليل الناهي , حيث يُحمل الدليل الآمر على الاستحباب , والكلام في المقام من هذا القبيل والسر في ذلك هو ان هذه الرواية عندما تقول (وليس عليه قضاء صوم شهر رمضان ) فأنها صريحة في عدم وجوب القضاء , بينما تلك مجرد ظاهرة في وجوب القضاء فيمكن رفع اليد عن ذلك الظهور بأعتبار ان هذه الرواية اظهر من تلك , ولذا قد تختلف النتيجة حتى في مقام الفتوى فقد يُتوقف في الحكم بلزوم القضاء على المجنب الذي نسي غسل الجنابة حتى مر عليه يوم او ايام ؛ وتبقى القضية معلقة في هذه المسألة .
وبقطع النظر عن هذه الرواية , فالظاهر ان المسألة كما قال في المتن حيث يحكم ببطلان صوم المجنب الناسي للغسل عملا بالروايات السابقة , لأن كل ما استدل به (ما عدا هذه الرواية ) لم يثبت منها شيء في قبال الروايات السابقة الصحيحة الدالة على وجوب القضاء .

قال الماتن
(والأحوط إلحاق غير شهر رمضان من النذر المعين ونحوه به، وإن كان الأقوى عدمه)[3]
فالاحتياط يكون استحبابيا وهذه العبارة تشمل بأطلاقها صوم القضاء والنذر والكفارة , والكلام يقع اولا في القضاء ثم في بقية اقسام الصوم الواجب المعين وغير المعين ؛ وإفراد القضاء في البحث لأجل ما له من خصوصية كما سيتضح .
اما الكلام في القضاء
فهل ان حكمه كالحكم في شهر رمضان وهو ان المجنب الذي ينسى الغسل حتى تمر عليه ايام يبطل صومه ؟؟
وقد اُستدل على الحاقه بشهر رمضان بوجهين :-
الاول : ما اشرنا اليه سابقا من مسألة اتباع القضاء للأداء والتي قلنا ان منشأها اتحاد القضاء والاداء في الخصوصيات , حيث يُفهم من القضاء انه الاتيان بنفس فعل الاداء لكن خارج وقته , فيكون الفرق بين القضاء والاداء في الزمان فقط , وهذا يعني اعتبار جميع الخصوصيات المعتبرة في الاداء في القضاء , لأنه اذا كانت هناك خصوصية معتبرة في الاداء ولم يأتي بها المكلف في القضاء فهذا يعني عدم الاتيان بنفس الفعل خارج وقته وانما جاء بفعل اخر ؛ وحينئذ يطبق هذا المعنى في محل الكلام فيقال ان المستفاد من الروايات السابقة ان ( البقاء على الجنابة نسيانا مضر بالصوم في شهر رمضان ) فيكون مضرا في قضاءه , ويكون عدمه معتبرا في القضاء لأنه معتبر في الاداء .
وقد تقدم هذا الوجه وتقدم ايضا اعتراض السيد الخوئي عليه ( في ان تبعية القضاء للأداء مسلمة لكن في الخصوصيات الدخيلة في الطبيعة لا في الخصوصيات الدخيلة في الفرد( أي في هذا الفرد من الصوم وهو صوم شهر رمضان لا في طبيعي الصوم )) , وكأنه يريد ان يقول ان الخصوصية في محل الكلام ليست من الخصوصيات الدخيلة في الطبيعة فلا يجب ان يكون القضاء مشتركا مع الاداء فيها .
وقد اجبنا عن هذا الاعتراض بعدم التفريق بين الخصوصيات الدخيلة في الطبيعة والخصوصيات الدخيلة في الفرد لأننا نتكلم عن قضاء هذا الفرد (صوم شهر رمضان ) فكل خصوصية تكون دخيلة فيه لابد ان تكون دخيلة في قضاءه ,لكي يصدق عليه بأنه اتيان نفس الفعل خارج وقته .
وبما ان هذه الخصوصية قد ثبتت في صوم شهر رمضان فلابد من ثبوتها في صوم قضاءه ايضا ؛ ومن هنا يبدو ان الدليل الاول تام .
الوجه الثاني :-
الاستدلال بصحيحة (عبدالله بن سنان، أنه سأل أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل ولا يغتسل حتى يجيء آخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع ؟ قال : لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره)[4]
فيُدّعى بأن هذه الرواية فيها من الاطلاق ما يشمل محل الكلام (ما اذا لم يغتسل نسيانا ) , ويمكن الاستدلال بها على بطلان صوم القضاء اذا نام او طلع عليه الفجر ناسيا لغسل الجنابة .
وصحيحة ابن سنان ـ يعنى : عبدالله ـ( قال : كتب أبي إلى أبي عبدالله ( عليه السلام ) وكان يقضي شهر رمضان وقال : إني أصبحت بالغسل وأصابتني جنابة فلم اغتسل حتى طلع الفجر ؟ فاجابه ( عليه السلام ) : لا تصم هذا اليوم وصم غدا )[5].
ففيها دلالة على بطلان الصوم وفيها اطلاق يشمل محل الكلام فقوله (لم اغتسل) اعم من ان يكون نسيانا او ملتفتا .
وقد اعترض السيد الخوئي على الاستدلال بهاتين الصحيحتين وحاصل الاعتراض (ومنها كصحيحتي ابن سنان ما شمل غير العمد أيضا، إلا أن التأخير كان باختياره، فهو أخر الغسل باعتقاده وفاء الوقت فاتفق طلوع الفجر وأين هذا من التأخير غير الاختياري، المستند إلى النسيان كما هو محل الكلام فإن الحكم بالقضاء في الأول لا يستلزم الحكم به في الثاني بوجه كما هو ظاهر جدا، فهما قاصرتا الشمول لصورة النسيان فالأقوى ما ذكره في المتن من عدم الالحاق وإن كان الالحاق أحوط)[6]
وهذا الاعتراض قد يكون تاما في الرواية الاولى بأعتبار وجود هذا التعبير(وهو يرى أن الفجر قد طلع) وهي يعني انه اخْر الغسل بأعتقاد بقاء الليل أي انه اخْر الغسل عامدا , فلا يمكن الاستدلال بها في محل الكلام بأعتبار انه التأخير في المقام بسبب النسيان ؛ لكن الرواية الثانية ليست فيها هكذا خصوصية (ترك الغسل بالاختيار) وعليه فأن هذا الاعتراض لا يتم في الرواية الثانية , فيمكن الاستدلال بها على المدّعى (الحاق صوم القضاء بشهر رمضان في هذه الخصوصية وبطلان القضاء عند ترك الغسل نسيانا لأيام )