35/11/07


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, تعمد الكذب على الله تعالى أو رسوله أو الأئمة صلوات الله عليهم. مسألة 24 ,25,26
يلاحظ على كلام السيد الخوئي ان العلم الاجمالي لا يكون منجزا الا اذا كان فعليا ولا يكون فعليا الا مع الالتفات كما في حال احتمال وجود النجاسة في هذا الطرف او في ذلك, فأنه يحتمل التكليف في هذا الطرف ويحتمل في الطرف الاخر فإذا التفت المكلف الى الطرفين فأن العلم الاجمالي يكون فعليا واذا كان فعليا فأنه يكون منجزا في كلا الطرفين, وهذا غير حاصل في المقام لأن المفروض ان المكلف غير ملتفت الى الطرف الاخر لهذا العلم الاجمالي الذي شكله السيد الخوئي (قد) فهو ملتفت الى الطرف الذي يتعلق فيه غرضه بالإخبار به, كما لو افترضنا ان هذا الطرف هو قول نسبه للصادق عليه السلام وهو ( ان النبيذ حرام ) اما قول الصادق عليه السلام ( ان النبيذ حلال) فهو غير ملتفت اليه , فلا يكون العلم الاجمالي فعليا وبالتالي لا يكون منجزا .
نعم ما ذكره من ان المبطلية تكون ثابتة على اساس قصد المفطر فالظاهر صحته بناءا على الرأي المعروف , فأن المخبر تعمد الكلام به على كلا التقديرين ( سواء كان مطابقا للواقع او مخالفا له ) .
اما الوجه الثاني الذي ذكره السيد الحكيم (قد) فالظاهر ان تماميته تتوقف على ان نؤمن بان العمد يتوقف على العلم بالكذب , حيث ان المفطرات لابد ان يرتكبها الصائم عن عمد لكي تكون مفطرة والا فلا , وان العمد يتوقف في المقام على العلم بأن هذا الذي يرتكبه كذبا , اما في حال عدم علمه بأن ما يرتكبه كذبا فأن هذا الارتكاب لا يكون حال العمد لتوقف العمد على العلم , فلا يكون المخبر قد ارتكب المفطر .
اقول الظاهر ان قصد الكذب وتعمده لا يتوقف على العلم بأن هذا كذب لما ذكره السيد الخوئي بأنه حتى مع الشك والترديد واحتمال المخالفة يكون المخبر متعمد الاخبار بالكذب على تقدير المخالفة وهذا يدخل في باب تعمد الكذب وعليه يمكن الالتزام بالبطلان .
ومن هنا يظهر ان كلا الوجهين المذكورين في المستمسك غير تامين لأثبات عدم البطلان.
والصحيح هو الحكم بالبطلان كما هو الحال في الصور الاولى .


قال الماتن
مسألة 25: الكذب على الفقهاء والمجتهدين والرواة وإن كان حراما لا يوجب بطلان الصوم) لعدم الدليل على ذلك فأن النصوص خصصت هذا الحكم بالكذب على الله تعالى والرسول والائمة عليهم الصلاة والسلام ( إلا إذا رجع إلى الكذب على الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم )
لأن هذا بحسب الفرض يكون كذبا على الله وسوله والائمة عليهم السلام ومثال ذلك كما هو المعروف بأن فتاوى ابن بابوية تنزل منزلة النصوص بحيث ان الاصحاب يرجون اليها عند الاحتياج الى ذلك ونقص النصوص فإذا كذب الشخص مع علمه بالمخالفة على ابن بابويه مع افتراض ان كلامه كلام الائمة عليه السلام فأن الكذب عليه حينئذ يكون كذبا على المعصوم عليه السلام , فيكون من المفطرات .

قال الماتن
مسألة 26 ) : إذا اضطر إلى الكذب على الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) في مقام التقية من ظالم لا يبطل صومه به كما أنه لا يبطل مع السهو أو الجهل المركب.[1]
لأن المبطلية مخصوصة بحالة العمد ومع السهو والجهل المركب لا توجد حالة العمد لهذا المفطر , وانما الكلام فيما لو اضطر للكذب تقية , ويبدو لأول وهلة ان هذا الحكم على خلاف القواعد, فأن من اكل مضطرا فأنه يبطل صومه ولذا ورد عن الامام الصادق عليه السلام (....أفطر يوما من شهر رمضان أحب إلي من أن يضرب عنقي)[2]
وقد ترتب على هذا الاكل الافطار وبطلان الصوم , نعم يكون المفطر معذورا في هذا الافطار فلا يحاسب ولا يؤاخذ.
وليس في المقام دليل يقول بأن الصوم يتم بالإمساك عن بقية المفطرات (عند ارتكاب هذا المفطر), وانما الدليل يقول بأن الصوم لا يتحقق الا بالإمساك عن جميع المفطرات , فإذا اضطر الى ارتكاب احد المفطرات يسقط الامر عن البقية , ولا دليل على وجوب الامساك عن الباقي , ومن هنا لابد من الالتزام بالبطلان في الحالات التي من هذا القبيل وفقا للقاعدة.
اذن ما هو الوجه لأستثناء هذا المفطر _ الكذب على الله ورسوله تقية من ظالم _ من بين المفطرات ؟
ولماذا ذهب الفقهاء الى عدم المفطرية في هذا المورد ؟
السيد الحكيم[3] والسيد الخوئي[4](قدهما) ذكرا وجها لهذا الاستثناء وحاصله :-
ان النصوص التي تقول بأن الكذب مفطر منصرفة الى خصوص الكذب الحرام , ولذا لا تشمل المقام ادلة المفطرية والبطلان .
وهذا المطلب اذا تم فجيد جدا , لكن هذا متوقف على تصحيح دعوى الانصراف لأن السؤال قائم ما هو وجه الانصراف ؟ولماذا ادلة مفطرية الكذب تنصرف الى ما اذا كان حراما؟ بينما ادلة مفطرية الاكل لا تنصرف الى ما اذا كان الاكل حراما ؟
ذكروا بأن وجه الانصراف هو تحكيم مناسبات الحكم والموضوع في ادلة مفطرية الكذب , وان مناسبات الحكم والموضوع تقتضي الالتزام بعدم المفطرية في باب الكذب والمفطرية في باب الاكل وامثاله .
والنكتة هي ان الكذب حرام في حد نفسه بينما الاكل ليس حراما بنفسه , فالدليل الذي يدل على منع الصائم من الكذب وتحريمه عليه له ظهور في ان جهة المنع هو كونه حراما في حد نفسه , ومن الواضح انه بناءا على هذا الفهم فأن المفطرية تختص فيما اذا كان الكذب حراما , واما اذا كان حلالا فأن جهة المنع ترتفع عنه فلا يكون مفطرا , كما لو كان الصائم مضطرا للكذب للتقية .
بخلاف الاكل والشرب فأن الدليل الدال على منع الصائم منهما ليس فيه هذا الظهور وانما الاكل (مثلا ) بما هو اكل يُمنع منه الصائم لأسباب اخرى غير الحرمة , وحينئذ لا فرق بين حالتي الاضطرار وعدمه فأنه على كلا التقديرين يكون مشمولا للأدلة .
ولعله يؤيد هذا الكلام ان كثيرا من الادلة دلت على كراهة بعض الافعال بالنسبة الى الصائم كالغيبة والسباب وامثالهما مما يرتبط باللسان , والظاهر من هذا الدليل (الدال على الكراهة للصائم ) ان هذه الامور فيها حزازة ومنقصة ولهذا نُهي الصائم عن الاتيان بها .
وعلى كل حل فأن هذا الانصراف اذا لم يتم ولم يكن واضحا بشكل كامل فلا اقل من انه يوجب التشكيك في شمول الاطلاق للكذب في حالة الاضطرار وفي حالة صدوره حلالا.
ونكتة هذا المطلب هو احتفاف الكلام بما يصلح ان يكون قرينة, وهو يمنع من الاطلاق _ وكأن دليل مفطرية الكذب احتف بكلام يصلح ان يكون قرينة على اختصاص المفطرية بالكذب الحرام _ وحينئذ تصل النوبة الى الشك في ان هذا الفعل هل هو مفطر ؟ او لا ؟ والاصل العملي يقتضي عدم المفطرية وعدم الحرمة .

وعليه فالصحيح هو ما ذكره السيد الماتن من ان هذا الكذب لا يكون موجبا لبطلان الصوم .