35/11/04


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, تعمد الكذب على الله تعالى أو رسوله أو الأئمة صلوات الله عليهم. مسألة 24
قال الماتن مسألة 24 : - (لا فرق في البطلان بين أن يكون الخبر المكذوب مكتوبا في كتاب من كتب الأخبار أو لا )[1]وذلك لأطلاق الادلة (فمع العلم بكذبه لا يجوز الاخبار به وإن أسنده إلى ذلك الكتاب إلا أن يكون ذكره له على وجه الحكاية دون الاخبار) فهناك فرق بين ان يكون حاكيا عن الواقع وهو يعلم بأنه ليس بواقع وان اسنده الى كتاب, وبين ان يحكي عن صاحب الكتاب في نقله لذلك الامر كما لو قال ( قال الطبري في كتابه كذا ) وهو يعلم ان ما ذكره الطبري مخالفا للواقع فلابأس بالثاني وهو ليس كذبا على الله وعلى الرسول اما الاول فأنه يعد من المفطرات ولا يجوز ارتكابه ( بل لا يجوز الاخبار به على سبيل الجزم مع الظن بكذبه) وهذا ترقٍ عن الصورة الاولى التي ذكر فيها ان المتكلم يعلم بكذبه وفي هذه الصورة لا يعلم المتكلم الكذب وانما يظنه واخبر به على سبيل الجزم ثم ترقى الماتن الى حالة الاحتمال وقال( بل وكذا مع احتمال كذبه إلا على سبيل النقل والحكاية فالأحوط لناقل الأخبار في شهر رمضان مع عدم العلم بصدق الخبر أن يسنده إلى الكتاب أو إلى قول الراوي على سبيل الحكاية(.والكلام في ان الاخبار على سبيل الجزم عن الله او الرسول او احد الائمة عليه الصلاة والسلام له صور ثلاث :-
الصورة الاولى: ان يكون مع العلم بمخالفته للواقع ومع ذلك يسنده الى الله او الرسول او احد الائمة عليهم السلام على سبيل الجزم .
الصورة الثانية: مع الظن بالمخالفة .
الصورة الثالثة : مع الشك والترديد بالمخالفة .
ولا اشكال في حرمة الاخبار في جميع هذه الحالات الثلاثة تكليفا وذلك لما دل على حرمة الاسناد مع عدم العلم بالمطابقة , او العلم بعدم المطابقة .
وهذا الحكم لا يحتاج الى كلام فأن هناك العديد من الادلة التي دلت عليه منها آيات قرآنية وروايات وغير ذلك, وانما الكلام يقع في مبطلية هذا الإخبار للصوم .
الكلام في الصورة الاولى :-ان يكون مع العلم بمخالفته للواقع ومع ذلك يسنده الى الله او الرسول او احد الائمة عليهم السلام على سبيل الجزم .
والظاهر انه لا اشكال عندهم في مبطلية هذه الصورة للصوم بل هي القدر المتيقن .
والكلام يقع في ان صدق الكذب عليهم هل يتوقف على كون ما اخبر به عنهم مخالفا للواقع ؟ بأن نفترض بأن علمه بالمخالفة كان مصيبا للواقع ؟ او ان الكذب يصدق حتى لو انكشف ان ما اخبر به مطابق للواقع ؟ والجواب عن هذا السؤال وتحديد ما هو الصحيح من هذين الاحتمالين يرتبط بتحديد معنى الكذب والصدق فما هو المراد من كل منهما ؟
فهل ان الكذب هو الاخبار عما يعتقد المخبر مخالفته للواقع ؟ سواء كان كذلك او لم يكن ؟ اي ان الكذب هو الاخبار عن شيء يعتقد المخبر حين الاخبار انه مخالف للواقع ؟
او ان الكذب هو الاخبار عما يكون مخالفا للواقع ؟ فليس هو الاخبار عما يعتقد انه مخالف للواقع ؟ فالمناط هو المخالفة للواقع وليس اعتقاد المخبر المخالفة للواقع .
بعبارة اخرى هل ان مخالفة الواقع مأخوذة في مفهوم الكذب بحيث لا كذب مع عدمها حتى وان اعتقد بها المخبر حين الاخبار ؟ او ان المخالفة ليست مأخوذة في مفهوم الكذب بل المأخوذ هو المخالفة للأعتقاد ؟
فإذا قلنا بالأول _ اي ان الكذب هو الاخبار عما يعتقد ( اي ان مخالفة الواقع ليست دخيلة في مفهوم الكذب) وانما الدخيل في مفهوم الكذب هو مخالفة الاعتقاد_ فحينئذ يصدق الكذب و يحكم بالبطلان في المقام بمجرد الاخبار .
واما اذا قلنا بالثاني _ اي ان الكذب هو الاخبار بما يخالف الواقع ( اي ان مخالفة الواقع دخيلة في مفهوم الكذب ) _ فحينئذ يكون الحكم بالبطلان موقوفا على كون ما اخبر به مخالفا للواقع , فلا يمكن الحكم عليه بالبطلان بمجرد الاخبار لأنه اذا كان مطابقا للواقع لا يكون كذبا اصلا فضلا عن ان يكون مبطلا للصوم .
نعم قد يُحكم بالبطلان من جهة اخرى وهي جهة نية المفطر .
ومن هنا قد يقال بأن هذا البحث ليست له ثمرة عملية , لأنه على كلا الحالتين يحكم بالبطلان , غاية الامر ان الحكم بالمفطرية يكون من جهة الكذب عندما تكون المخالفة غير مأخوذة في مفهوم الكذب وان الحكم بها يكون من جهة نية المفطر عندما تكون المخالفة مأخوذة في مفهوم الكذب على تقدير عدم المخالفة .
والكلام يقع في تنقيح اصل البحث وهو هل ان مخالفة الواقع وعدمه اخذت في مفهوم الصدق والكذب؟ ام لا؟
والظاهر ان المعروف بينهم هو الثاني ( اي ان المخالفة مأخوذة في مفهوم الكذب ) فالكذب هو عبارة عن الاخبار عما يخالف الواقع والصدق هو عبارة عن الاخبار عما يوافق الواقع , واعتقاد المخبر ليس له اثر في ذلك فالخبر الموافق للواقع يكون صدقا وان اعتقد المخبر حين الاخبار انه مخالف للواقع , كما ان الخبر المخالف للواقع يكون كذبا وان اعتقد المخبر حين الاخبار موافقته للواقع .
وقد يقال انه يمكن التأمل بما ذكروه بمعنى اننا لا يمكن ان نجرد اعتقاد المكلف عن كونه دخيلا في تحقق الكذب والصدق , فالظاهر ان اعتقاد المكلف حين الاخبار له دخل في تحقق كل من الامرين ( الكذب والصدق) ولهذا صار الكذب من الصفات المذمومة والا لا وجه لأن يكون من الصفات المذمومة اذا كان يناط فيه على المخالفة للواقع .
فلا وجه لذم الشخص الذي يعتقد حين الاخبار مطابقة اخباره للواقع ثم تبين مخالفته له , ويؤيد ذلك ان العرف يرى صدق الكذب على الاخبار عندما يحرز ان المخبر اخبر بما يراه مخالفا للواقع ويرى ان هذا الشخص يستحق الذم من دون ان ينتظر انكشاف مخالفة الاخبار للواقع او مطابقته , مع انه على ذلك الرأي (المعروف ) لا يمكن الحكم على هذا المخبر بأنه كاذب في كلامه وانما يجب الانتظار الى حين انكشاف المخالفة للواقع , فإذا تبين انه مخالف للواقع يحكم بأنه كذبا والا فلا .
اما عرفا فأن الحكم بالكذب لا ينتظر الانكشاف .
بل اكثر من هذا, لا يبعد ثبوت الكذب عرفا فيما لو تعمد الاخبار جازما عما لا يعلم مطابقته للواقع .
والخلاصة
ان صدق الخبر وكذبه لا يساوق صحة الخبر وعدم صحته فهناك فرق بين كذب الخبر وبين كونه غير صحيح, وهذا الكلام يصح في الثاني اي ان صحة الخبر لا اشكال في انها تعني مطابقته للواقع , فالصدق غير الصحة والكذب غير عدم الصحة .
وبناءا على هذا الكلام يمكن ان نقول بأن المبطلية تثبت بمجرد الاخبار جازما عما يعلم بأنه مخالفا للواقع كما هو في الصورة الاولى , وذلك لصدق موضوع المبطلية ( وهو الكذب ) وهو متحقق في المقام لأن الكذب ليس منوطا _ على ما ذكرناه _ بمخالفة الواقع وانما هو منوط بمخالفة الاعتقاد , وعليه فلا تصل النوبة الى اثبات المفطرية على اساس نية المفطر , لأنها تصل الى ذلك عندما لا يتحقق المفطر , فيقال بأن هذا المخبر قد نوى المفطر ونية المفطر مفطرة .