34-04-22


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

34/04/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضـوع:- مسألة ( 374 ) / الواجب الثالث من واجبات حج التمتع ( الوقوف بمزدلفة) / حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 وأما بالنسبة إلى القضية الرابعة:- أعني لزوم الوقوف مقداراً كساعةٍ أو أقلَّ فالكون كما نعرف إنه يصدق بمجرد المرور بلا حاجةٍ إلى توقّف ولبثٍ لفترةٍ ولكن حيث إن بعض الروايات أخذت القيد المذكور بعين الاعتبار فيلزم حينئذ ذلك وحيث لا إعراض عن ذلك من قبل الفقهاء فالالتزام به شيءٌ وجيهٌ غايته لا يلزم أن يكون اللبث لفترة نصف ساعة مثلاً بل يكفي ولو لعشر دقائق أو أقل من ذلك فإن التعبير بالساعة إذا كان وارداً فيقصد منه الإشارة إلى الفترة الزمنية لا المصطلح المعهود يننا اليوم فلاحظ صحيحة سعيد حيث جاء فيها:- ( ولا تفض بهنَّ حتى تقف بهنَّ بجمعٍ ) فإن قوله ( حتى تقف ) إشارة إلى لذلك ، وعلى منوالها صحيحة أبي بصير:- ( لابأس لأن تقدم النساء إذا زال الليل فيقفن عند المشعر ساعة ) . إذن المكث لفترة قليلة شيء لازم بمقتضى الروايات المذكورة.
 وأما بالنسبة إلى القضية الخامسة من أنه هل حكم المرافق حكم ذوي الأعذار أو لا:- فنعم إن حكمه حكم هؤلاء وذلك لوجهين:-
 الأول:- إنه عليه السلام في بعض تلك الروايات جوَّز للمرافق أن يصاحب النساء ولم يذكر أنه يلزمه العود فسكوته عليه السلام يدلّ على عدم لزوم ذلك وهذا ما قد يصطلح عليه بالتمسك بالإطلاق المقامي وليس بالإطلاق اللفظي إذ لا يوجد لفظ نتمسك بإطلاقة وإنما المقام هو مقام البيان وقد سكت الإمام عليه السلام عن حكم المرافق بالعودة فيفهم أنه لا يجب عليه ذلك.
 والثاني:- إن نفس جواز مرافقة شخص للنساء مثلاً هو بنفسه يوّلد الاطمئنان بعدم لزوم العودة بقطع النظر عن التمسك بفكرة الاطلاق المقامي ببيان أن المصاحب يحتاج إلى أن يرافق النساء لأجل رمي الجمرات ثم يذهب بهنَّ إلى منازلهن وهنَّ يحتجن إلى وجود شخصٍ معهنَّ فكيف يمكن لهذا الشخص أن يرجع ؟! فيحصل الاطمئنان بأن حكمه حكم هؤلاء لا أنه يلزمه العود.
 وإذا قلت:- هل هذا الحكم يختص بالمرافق الواحد أو يعمّ ما إذا كان متعدداً فالمدار على ماذا ؟ بعد الالتفات إلى أن المفروض في الرواية كان واحداً ولم يكن متعدداً.
 والجواب:- إذا فرض أنه كانت هناك حاجة إلى تعدّد المرافق كما لو كانت الحملة النسائية كبيرة وفيها نساء كبيرات السنّ فحينئذ يجوز مرافقة أكثر من شخصٍ ويكون حكمه حكم ذوي الأعذار لعدم احتمال وجود خصوصيةٍ للشخص الواحد وإنما ذلك من باب حاجة النساء فإذا كانت الحاجة لأكثر من واحد فيتعدّى حينئذ بلا موجب للتوقف ، وإذا فرض أن امرأة لخصوصيةٍ كانت تحتاج إلى مرافقة زوجها لأنها تحتاج لمن تستعين به بحيث لا ينفعها مرافق غيره فهل يجوز له أن يرافقها ويكون حكمه حكمها ؟ نعم لا يبعد ذلك فإن تمام النكتة كما عرفنا هي الحاجة إلى المرافق وهذه حاجة أيضاً وعليه فلا مشكلة من هذه الناحية . نعم إذا فرض أن البعض رافق النساء ولكن لم تكن هناك حاجة إلى ذلك - كبعض نساء هذا الزمان - فحينئذٍ لا يكون حكم هذا المرافق حكم ذوي الأعذار . إذن القضية تدور مدار الحاجة كما عرفنا من النصّ وهذه قضية ينبغي أن تكون واضحة.
 وقد تسأل:- إن الشيخ الكبير إذا كان بحاجة إلى مرافق فهل يجوز ذلك بمعنى أن يكون حكم المرافق حكم ذوي الأعذار ؟ وإنما نطرح هذا السؤال باعتبار أن مورد الروايات السابقة هو المرافق للنساء دون الشيوخ فهل نتعدى حينئذٍ إلى مرافق الشيوخ ؟
 والجواب:- نعم نتعدى إلى ذلك من باب أنا لا نحتمل أن الشيخ يقال له لا يجوز لك الإسراع في الإفاضة والمفروض أن الروايات قد صرحت لهم بالإسراع في الإفاضة ولا يحتمل أيضاً أن يقال لهم اذهبوا لوحدكم مع فرض حاجتهم إلى المرافق . إذن يلزم وجود مرافق لهم وبالتالي يلزم أن يكون حكم هذا المرافق حكم ذوي الأعذار لعدم إمكان أن يعود عادةً كما ذكرنا.
 
 
 مسألة( 375 ):- من وقف في المزدلفة ليلة العيد وأفاض منها قبل طلوع الفجر جهلاً منه بالحكم صح حجّه على الأظهر وعليه كفارة شاة.
 ..........................................................................................................
 هذه المسألة مبنيّة على مبناه(قده) في صحيحة مسمع المتقدمة والتي كانت بلسان ( رجل وقف مع الناس بجمع ثم أفاض قبل أن يفيض الناس ، قال:- إن كان جاهلاً فلا شيء عليه وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة ) فإن الشق الثاني من الرواية - أعني ( وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر ) نحن أرجعناه إلى العامد - يعني ( وإن كان عامداً وأفاض ) - فأنه بناءً على هذا لا تجب الشاة على الجاهل لو أفاض من دون فرق بين أن تكون إفاضته بعد طلوع الفجر أو قبل ذلك فلا مجال إذن لذكر هذه المسألة ، ولكنه(قده) حيث أنه اختار أن الشق الثاني راجعٌ إلى الجاهل أيضاً والتفصيل في الرواية تفصيلٌ في حقه فالرواية تريد أن تقول ( إن أفاض الجاهل بعد طلوع الفجر فلا شيء عليه وإن أفاض قبل ذلك فعليه شاة ) ذكر هذه المسألة كما هو واضح ، هذا شيء.
 وأما مدرك هذا الحكم الذي أشار إليه(قده) فهو صحيحة مسمع كما ذكرنا.
 وقد تسأل عن حكم الناسي:- فهل تثبت الشاة في حق الناسي لو أفاض قبل الفجر أو لا ؟ وواضح أن هذا السؤال لا يطرح على ما ذهبنا إليه لأن وجوب الشاة بناءً على ما ذهبنا إليه يختص بالعامد وعليه فلا تجب الشاة في حق الناسي إما لأنه مصداق لغير العامد أو لأنه مساوٍ للجاهل فإذا لم تثبت في حق الجاهل فالناسي إن لم يكن أولى بعدم ثبوت الشاة في حقة فلا أقل هو مساوٍ فلا تحتمل الخصوصية من هذه الناحية . وإنما يأتي هذا التساؤل على مختاره لأنه على مختاره تجب الشاة لو أفاض الجاهل قبل الفجر فإذا وجبت بالإفاضة قبل الفجر فنسأل ونقول لو كان الذي أفاض هو الناسي فهل تجب في حقه الشاة أيضاً أو تكون مرتفعة ؟
 وهنا قد يغفل شخص ويقول لماذا لا نتمسك بالأولوية ؟ والجواب:- إن التمسك بالأولوية هنا لا معنى له إذ هي تتم لو كانت الشاة مرتفعة عن الجاهل فيقال إذا ارتفعت الشاة عن الجاهل لو أفاض قبل طلوع الفجر فهي بالأولى لا تثبت في حق الناسي ولكن المفروض أنها واجبة وثابتة في حق الجاهل لو أفاض قبل طلوع الفجر فلا معنى حينئذٍ لأن نتمسك بالأولوية ونقول إذن بالأولى تثبت أو بالأولى لا تثبت إذ كلاهما لا معنى له ، فعلى هذا الأساس الأولوية لا معنى لها هنا فحينئذٍ نكرر السؤال ونقول:- إذا أفاض الجاهل قبل طلوع الفجر فعلى رأيه تثبت الشاة فلو فرضنا أن الشخص كان ناسياً فهل تثبت الشاة في حقه - أي كما هي ثابتة في حق الجاهل - ؟
 والجواب:- هو العدم وذلك إما ببيان أن المورد من موارد الشك في أصل التكليف يعني يشك في وجوب شاةٍ في حقه فإن الدليل دلّ على ثبوتها في حق الجاهل أما ثبوتها في حق الناسي فيشك فيه فيرفع بالبراءة - أي بفقرة ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) - أو ببيان أنه لا حاجة إلى التمسك بفقرة ( رفع عن أمتي مالا يعلمون ) بل نتمسك بفقرة رفع النسيان فإن حديث رفع النسيان يرفع الحكم وكلّ إلزام في حق الناسي ومنه الكفارة فتكون مرتفعة في حقه بحديث رفع النسيان . إذن نتمكن أن نتمسك بفقرة رفع ما لا يعلمون كما يمكن أن نتمسك بفقرة رفع النسيان وهذا مطلب واضح.
 وقد يخطر إلى الذهن:- إن ذكر هذه المسألة في كتاب المناسك أمر لا حاجة إليه إذ هل يوجد إنسان في هذا الزمان يجهل ويفيض قبل طلوع الفجر ؟! فهو يرى الناس موجودين ولم يفيضوا قبل طلوع الشمس فهذا شيء إن لم يكن معدوماً فهو نادر جداً ولا داعي لذكر مسألة له ؟
 والجواب:- إنه يمكن أن نتصور ذلك بشكل وجيه وذلك كما لو فرض أن النساء أفيض بهنَّ قبل طلوع الفجر وشخص كان زوجاً لاحداهن ولما رأى أنها تفيض مع الجماعة فتخيّل أنه تجوز له الإفاضة فأفاض معهم فيأتي الكلام هنا وهذه صورة طبيعية يمكن أن نتصورها ولكن كان من المناسب له(قده) أن يذكر مثالاً يخرج المسألة من كونها نظرية إلى كونها عمليّة فيذكر هذا المثال مثلاً.