38/08/09


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/08/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- زكاة الفطرة.

ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 1): يشترط في الجنس المخرج كونه صحيحا فلا يجزي المعيب ويعتبر خلوصه فلا يكفي الممتزج بغيره من جنس آخر أو تراب أو نحوه إلا إذا كان الخالص منه بمقدار الصاع أو كان قليلا يتسامح به)[1] .

السيد الماتن (قدس الله نفسه) تعرض في هذه المسالة لفرعين.

الفرع الاول:- ان لا يكون الجنس المخرج لزكاة الفطرة معيبا فلا يجزي صاع من الحنطة اذا كانت معيبة ولا يجزي صاع من الشعير اذا كان معيبا.

ولكن ما ذكره (قدس الله نفسه) في الفرع الاول بإطلاقه لا يمكن المساعدة عليه فان للعيب مراتب ، فتارة يكون الشيء معيبا بحيث لا يعتنى به ويسقط عن الانتفاع به فاذا كانت الحنطة معيبا بدرجة خرجت عن قابلية استعمالها في الاكل وكذلك الشعير اذا كان معيبا بدرجة خرج عن قابلية استعماله في الاكل فلا شبهة في انه لا يجزي لانصراف الادلة عن ذلك قطعا فان الوارد في الادلة (صاع من الحنطة) ولا شبهة في ان الحنطة منصرفة عن ذلك فان المتبادر منها هي التي قابلة لاستعمالها في الاكل في قوته وغذائه , واما اذا كانت الحنطة غير قابلة لاستعمالها في الاكل فهي منصرفة عن هذه الادلة وهي لا تشملها , هذا مما لا شبهة فيه.

واما اذا كان معيبا بدرجة قابلة للاكل كالحنطة مثلا اذا كانت معيبة كما اذا جاء المطر بعد انعقاد الحبة جعل المطر الحنطة معيبا ولكنها لا تخرج عن قابلية استعمالها في الاكل فالظاهر ان الادلة لا تنصرف عن ذلك فان صاع من الحنطة سواء أكانت صحيحة او معيبة بدرجة لا تخرج عن قابلية استعمالها في الاكل فان المتعارف استعمالها في الاكل وان كانت معيبة كالتمر والزبيب وما شاكل ذلك فالادلة غير منصرفة عن ذلك , اذن ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) غير صحيح مطلقا.

الفرع الثاني:- وهو ان يكون مخلوطا وممتزجا بغيره ، وهنا توجد صورتان.

الاولى:- ان يكون ممتزجا بغير جنسه أي بجنس اخر من الاطعمة كما اذا كانت الحنطة ممتزجة ومخلوطة بالعشير او بالعدس او بالماش وما شاكل ذلك ففي مثل ذلك اذا كان العدس او الشعير كثيرا ولا يكون الحنطة بمقدار صاع فلا شبهة في عدم الاجزاء فان ظاهر الروايات ان زكاة الفطرة لابد ان تكون بمقدار صاع من الحنطة والمفروض ان هذه الحنطة خالصها ليس بمقدار صاع فاذا لم يكن بمقدار صاع فلا يجزي وسوف يأتي انه لا يجزي صاع من الممزوج من الحنطة والشعير او من الحنطة والعدس سواء أكان متساويين ام كان احدهما اكثر من الاخر فعلى كلا التقديرين المركب من الطعامين لا يجزي اذا كان المركب بمقدار صاع او كل واحد منهما يكون اقل من صاع فهو لا يجزي فلا شبهة في عدم اجزائه.

الثانية:- اذا كان مخلوطا بغير الطعام كالماء والملح وما شاكل ذلك كما في الخبز فانه مخلوط بالملح والماء بناء على ما ذكرنا اذا كان الخبز بمقدار صاع يجزي عن زكاة الفطرة لأنه من الطعام ، واما بناء على ما ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) انه لا يجزي لأنه من مشتقات الحنطة فلابد ان يكون بمقدار قيمة الحنطة فيدفع من الخبز بمقدار قيمة الحنطة او يدفع من الدقيق بمقدار قيمة الحنطة هكذا ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) ـــ كما تقدم ـــ وذكرنا ان المستفاد من الروايات ان صاع من كل طعام يجزي وان كان الافضل التمر ثم الزبيب ثم القوت الغالب.

وكذا تعرض السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) انه اذا كانت الحنطة بمقدار صاع ولكنها مخلوطة بأكثر من التراب او غير التراب كما اذا كان التراب بمقدار صاعين والحنطة بمقدار صاع واحد وتصفية ذلك بحاجة الى مؤونة فهل يجزي دفع ذلك الى الفقير بعنوان زكاة الفطرة او لا يجزي؟ سوف يأتي الكلام فيه في ضمن المسائل القادمة.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 2): الأقوى الاجتزاء بقيمة أحد المذكورات من الدراهم والدنانير أو غيرهما من الأجناس الأخر وعلى هذا فيجزي المعيب والممزوج ونحوهما بعنوان القيمة، وكذا كل جنس شك في كفايته فإنه يجزي بعنوان القيمة)[2] .

تقدم الكلام في ذلك وانه لا شبهة في انه يجزي دفع زكة الفطرة بأحد النقدين من الدينار او الدرهم وقد دلت على ذلك جملة من الروايات وفي بعض هذه الروايات ان النقدين أنفع بحال الفقير لأنه يشتري ما يريد ، وكيفما كان فلا شبهة في انه اذا دفع بدل القوت الغالب من احد النقدين هو مجزئ.

واما دفع الزكاة الفطرة من غير النقدين فقد ذكرنا انه بحاجة الى دليل كما اذا دفع شعيرا بدل قيمة الحنطة سواء أكان قيمة الحنطة صاع ونصف من الشعير او اكثر او اقل بان يقّوم صاع من الحنطة وبمقدار قيمة الحنطة يدفع زكاة الفطرة من جنس اخر قد يكون بمقدار صاع وقد يكون اقل من صاع وقد يكون اكثر من صاع فذكرنا انه لا دليل على اجزاء ذلك.

واما اعطاء زكاة الفطرة ـــ بديلا عن القوت الغالب وبديلا عن الاطعمة ـــ من الثوب والفراش وما شاكل ذلك فقد تقدم انه لا دليل على الاجزاء فهو لا يجزي وان كان الفقير بحاجة الى اللباس وكان دفع اللباس للفقير انفع واصلح له.

النتيجة انه اذا لم يدفع زكاة الفطرة من نفس القوت الغالب يجزي ان يدفعها بقيمتها من احد النقدين ولا يجزي ان يدفع بقيمتها من سائر الاجناس سواء أكان من الاطعمة او كان من غير الاطعمة , بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.