38/07/12


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

38/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تتمة بحث تغيير الجنس ، مسألة ( 35 ) حرمة الكذب – المكاسب المحرمة.

فروع ثلاثة:-

الفرع الأوّل:- لو فرض أنَّ الشخص كان يمتلك كلا الجهازين إلا أنَّ أحدهما كان مخفياً تحت الجلد مثلاً بيد أنه بالإمكان ابرازه بعملية جراحية ، فهل هذا محرّم أو ليس بمحرّم ؟

والجواب:- إنه حتى لو قلنا بحرمة تغيير الجنس فهذا ليس مصداقاً لذلك فإنَّ المفروض أنه يمتلك هذا الجهاز من البداية ، فهو لم يحوّل جنسه من جنسٍ إلى آخر ، نعم كان الجهاز والجنس الآخر موجود وهو قد أبرزه ، فعلى أي حال هذا لا يحتمل أن يكون حراماً ، نعم حرمته ثابتة من حيث النظر وتلك قضية ثانية أما الآن فنحن نتكلّم من حيث نفس التغيير فهل هو جائز أو لا ؟ ، أما من الجهات الأخرى فنعم يحرم من جهة النظر.

وقد تسأل وتقول:- إنه قبل أن يزيل الجلد مادام الجهاز الثاني موجوداً فهل يتعامل مع نفسه معاملة الجهاز المخفي أو مع الجهاز الظاهر ، فمثلاً لو كان الجهاز المخفي هو جهاز الرجل فهل يحسب نفسه رجلاً على طبق ما يقتضيه الجهاز المخفي أو يحسب نفسه امرأة على حسب جهاز المرأة البارز ؟

والجواب:- إنه يتعامل مع ما يشعر به من واقع ، فإن شعر أنَّ فيه صفات الرجل فيتعامل مع نفسه معاملة الرجل ، وإن شعر بوجود صفات الأنثى فيتعامل مع نفسه بأنه أنثى ، فإذا كان هناك شعوراً واقعياً بأحدهما فهذا سوف يكون مشخّصاً لحاله وطريقاً إلى احراز أنه رجل أو امرأة ، أما إذا فرض أنه لم يكن له هذا الشعور فهذا معناه أنه خنثى مشكل وحينئذٍ يطبق قواعد الخنثى المشكل.

الفرع الثاني:- لو فرض أنه كان يمتلك كلا الجهازين وهما بارزان فهل يجوز له حذف أحدهما والاقتصار على الآخر إما لأجل تقوية الجهاز الثاني مثلاً أو لنكتةٍ أخرى ؟

والجواب:- المناسب هو الجواز حتى لو قلنا بحرمة تغيير الجنس ، لأنه لم يحوّل نفسه من جنسٍ إلى آخر ، بل هو كان يمتلك كلا الجهازين وإنما حذف أحدهما وهذا لا مشكلة فيه في حدّ نفسه والأصل هو البراءة ، اللهم إلا من ناحية استلزامه للنظر.

الفرع الثالث:- لو فرض أنَّ الشخص كان يمتلك جهازاً واضحاً كأن كان عنده جهاز الرجل ولكن يوجد عنده شعور بالتمايل إلى أنه أنثى فهل يلزمه في مثل هذه الحالة حذف الجهاز البارز الموجود ويتعامل مع ما يشعر به أو لا؟

والجواب:- كلا ، فإنَّ هذا الإلزام يحتاج إلى دليل والأصل الجاري هو البراءة فلا يلزمه ذلك ، نعم لو سألنا وقال: إنَّ واقعي هكذا فهل يجوز لي ذلك أو لا ؟ فهذه قضية أخرى فهو هنا يحذف هذا الجهاز ويضع جهاز الأنثى فإذا قلنا إنَّ تغيير الجنس جائز في حدّ نفسه فيكون هذا العمل جائزاً لكن تواجهه مسألة حرمة النظر.

والخلاصة من كلّ هذا:- إنه لا يجوز ذلك لأنه يستدعي النظر ، وحينئذٍ لا يجوز من هذه الناحية.

 

مسألة( 35 ):- يحرم الكذب . وهو الاخبار بما ليس بواقع .

ولا فرق في الحرمة بين ما يكون في مقام الجدّ وما يكون في مقام الهزل . نعم إذا تكلّم بصورة الخبر هزلاً بلا قصد الحكاية والأخبار فلا بأس به.

ومثله التورية بأن يقصد من الكلام معنىً له واقع ولكنه خلاف الظاهر.

كما أنه يجوز الكذب لدفع الضرر عن نفسه أو عن المؤمن بل يجوز الحلف كاذباً حينئذٍ.

ويجوز الكذب للإصلاح بين المؤمنين والأحوط استحباباً الاختصار فيهما على صورة عدم امكان التورية . وأما الكذب في الوعد بأن يخلف في وعده فالظاهر جوازه على كراهة شديدة ، نعم لو كان حال الوعد بانياً على الخلف فالظاهر حرمته . والأحوط لزوماً الاجتناب عن وعد أهله بشيء وهو لا يريد أن يفي به.

..........................................................................................................

انتهت مسألة الكذب ولا توجد لها توابع في المسائل التالية ، ولقد أحسن(قده) حيث جمعها في مسالة واحدة ، ولكن كان من المناسب بيان المسألة بشكلٍ يمكن أن نأخذها باليد ونفهمها بشكلٍ جيد.

وتشتمل هذه المسألة على نقاطٍ خمس:-

الأولى:- يحرم الكذب.

الثانية:- الكذب عبارة عن الإخبار على خلاف الواقع.

الثالثة:- لا فرق في حرمة الكذب بين أن يكون في مقام الجدّ أو يكون في مقام الهزل ، نعم إذا لم يقصد الحكاية فيكون جائزاً ، كما إذا فرض أننا نتكلم بيننا فنقول زيد قائم والسماء تمطر من دون قصد الحكاية فهنا لم تقصد الحكاية ، أو في بعض الأحيان نقول سوف يدعونا فلان للطعام وفلان سوف يأتي في هذا اليوم ومن هذا القبيل ولكن ليس المقصود أننا نريد أن نحكي ونخبِر فإنَّ هذا فيه مشكلة فإنه يكون مصداقاً للخبر ، وهكذا حينما نقصّ القصص للأطفال ونقول لهم ( كان يا ما كان في قديم الزمان حيث كان هناك سلطان .... ) فهذا كلام فارغ فقط من دون قصد الحكاية ، فإذن شرط الكذب المحرّم هو أن يكون قاصداً للحكاية

الرابعة:- تجوز التورية ، وهو أني أقصد معنىً غير ظاهر الكلام ، كما لو سئل عن الغداء هل تعدى أو لا فيقول نعم قد تغدّيت ويقصد بذلك غداء الأمس وليس غداء اليوم فهذا ليس بكذب.

الخامسة:- يجوز الكذب في موارد.

المورد الأوّل:- لدفع الضرر عن نفسه أو عن بعض المؤمنين ، كما لو سألنا بعض الناس وقال هل يجوز لي أن أشهد كاذباً ؟ فنجيب ونقول:- يجوز لك ذلك لأنك سوف تدفع الضرر عن المؤمن فإنك لو شهدت بالواقع فسوف يلزم منذ لك القتل مثلاً أو غير ذلك فحينئذٍ يجوز لك الكذب لدفع الضرر عن نفسك أو عن المؤمنين.

الثاني:- الكذب للإصلاح بين المؤمنين ، بل يؤجر عليه.

الثالث:- الكذب في الوعد ، يعني أنت تعد شخصاً أن تزوره إلى بيته مثلاً ، فإن قلت ( إن شاء الله تعالى ) فقد انحلّت المشكلة من الأساس ، ولكن أن تعده بالزيارة من دون أن تقول ( إن شاء الله ) فهذا سوف يصير خلفاً للوعد ولكنه ليس بحرام مادمت ليس قاصداً خلف الوعد من البداية ، أما إذا كنت قاصداً الخلف من البداية فهذا فيه شبهة والاحتياط عدمه - يعني على ما هو الموجود في العبارة -.

أما وعد الزوجة بشيء قاصداً الخلف ، فمثلاً هي تصرّ على السفر وهو يقول نعم سوف نسافر ولكنه لم يقصد السفر بل يقول ذلك مجرّد لفظ ، ومن الطبيعي لديك شيء تستند عليه وهو أن تقول ( إن شاء الله تعالى ) فإذا قلت هذا فسوف لا يصير خلفاً وتنحلّ المشكلة ، ولكن خلف الوعد مع الزوجة إذا كانت قاصداً له من البداية فقد توجد بعض النصوص التي تنهى عنه فالسيد الماتن(قده) يقول الأحوط عدم فعل ذلك.