38/05/01


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/04/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: زكاة الفطرة.

ذكر الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 2): لا يشترط في وجوبها الإسلام فتجب على الكافر لكن لا يصح أداؤها منه ، وإذا أسلم بعد الهلال سقط عنه، وأما المخالف إذا استبصر بعد الهلال فلا تسقط عنه)[1] .

ذكرنا ان الصحيح ان الكفار ليس مكلفين بالفروع طالما لم يكونوا مؤمنين بالاصول ، واما على المشهور من انهم مكلفون بالفروع في عرض تكليفهم بالاصول فيقع الكلام في انه يصح الايتان بالعبادات من الكافر او لا يصح؟

الجواب: المشهور يقولون ان الكفار مكلفون بالفروع ولكن عباداتهم باطلة ولا تصح الصلاة منهم ولا الصوم ولا الحج ولا الزكاة ولهذا قد أشكل على المشهور بان لازم ذلك ان تكليف الكفار بالفروع لغو فانهم مادام كافرا فلا يتمكن من الاتيان بالصلاة ولا بالحج ولا بالصوم ولا بسائر العبادات ، واما اذا أسلموا فبمجرد الاسلام سقط عنهم ما مضى من الصلاة والصوم والزكاة فحينئذ لا يتمكن من الاتيان بالصلاة في حال كفرهم ولا في حال اسلامهم وعلى هذا فتكليفهم لغو ومن الواضح ان صدور اللغو من المولى الحكيم مستحيل ولا يمكن ان يصدر منه ، فهذا الاشكال وارد على المشهور وان اجيب بأجوبة متعددة ولكنها جميعا قابلة للنقاش.

وقد استدل على ان عباداتهم غير صحيحة وان الايمان بالله تعالى وبرسوله شرط في صحة العبادات والاسلام شرط في صحة العبادات بوجوه.

الوجه الاول: الاجماع فان الاصحاب قد اجمعوا على شرطية الايمان في صحة العبادات فمن لم يؤمن بالله ولا برسوله (صلى الله عليه واله) فعبادته باطلة لأنها فاقدة لشرط الصحة ، والاجماع ثابت بين المتقدمين والمتاخرين.

ولكن المناقشة في هذا الاجماع ظاهرة فانا لو سلمنا ان هذا الاجماع ثابت بين المتقدمين والمتاخرين وسلمنا انه اجماع تعبدي ولكن لا طريق لنا الى انه قد وصل من زمن الائمة (عليهم السلام) اليهم ولا دليل لنا الى ذلك.

مضافا الى ان هذا الاجماع اجماع مدركي فان مدرك هذه الاجماع الوجوه الاتية وليس اجماعا تعبديا او لا اقل محتمل المدرك والاجماع المحتمل المدرك لا يمكن الاعتماد عليه ولا يكون حجة وكاشفا عن قول المعصوم (عليهم السلام) ، اذن لا يمكن الاعتماد على الاجماع.

الوجه الثاني: ان قصد القربى لا يتأتى من الكافر فان الكافر لا يتمكن من قصد القربى ومن الواضح ان قصد القربى مقوم لعبادية العبادة وبدونه لا يصدق عليه عنوان العبادة فان عبادية الصلاة متقومة بقصد القربى ، فان قصد القربى من الاجزاء الرئيسية ومن الاجزاء المقومة ومع عدم قصد القربى لا يصدق عليها عنوان العبادة ، والمفروض ان الكافر لا يتمكن من قصد القربى.

ولكن هذا الوجه ايضا لا دليل عليه ومجرد دعوى ، فان حال الكافر حال سائر المكلفين فهو متمكن من قصد القربى فان قصد القربى عبارة عن الاتيان بالعبادة لله تعالى وهو متمكن من ذلك سواء اكان من اهل الكتاب او من المشركين والملحدين فانه يتمكن من الاتيان بالعمل لله تعالى وهو قصد القربى ، اذن كل فرد وكل مكلف سواء أكان مسلما ام كافرا فهو متمكن من قصد القربى ولا مانع منه.

فان قيل: ان الكافر مبغوض وهذا يضر بقصد القربى؟

قلت: هذا لا يضر بتمكنه من قصد القربى لأنه.

اولاً: فان ذات الكافر ليست مبغوضة بل المبغوض هو كفره وعدم ايمانه بالله وبالرسالة هذا هو المبغوض لا ان المبغوض ذات الكافر بما هو انسان او بما هو بشر فانه ليس مبغوضا بل البشر مكرم عند الله ، اذن الكافر مبغوض من جهة عدم ايمانه بالله وبالرسول.

ثانياً: مضافا الى ان مبغوضية الكافر لا ترتبط بمبغوضية الفعل ، فان المانع عن قصد القربى هو مبغوضية الفعل لا مبغوضية الفاعل فالفعل اذا كان مبغوضا لا يمكن قصد التقرب به واما مبغوضية الفاعل فلا أثر لها ولا يمكن ان تسري مبغوضية الفاعل الى الفعل فقبح الفعل ومبغوضية الفعل مانعة عن قصد القربى لا قبح الفاعل وخبث الفاعل ومبغوضية ذات الفاعل فانه لا تمنع من قصد القربى فان قصد القربى فعل المكلف.

اذن لا مانع من قصد القربى من الكافر فالكافر كالمسلم من هذه الناحية بل بعض المسلمين لعله اسوء من الكافر واخبث من الكافر مع ذلك لا شبهة في انه يأتي منه قصد القربى ولم يستشكل فيه احد ، اذن لا مانع من هذه الناحية.

الوجه الثالث: الروايات التي تدل على ان الايمان شرط في صحة العبادات وهذه الروايات روايات كثيرة قد وردت بالسنة مختلفة مثل بلسان ان العبادات لا تقبل من لم يؤمن الائمة الاطهار عليهم السلام وفي بعضها انه لا يثاب عليه بدون الايمان بإمامة الائمة الاطهار عليهم السلام وان عدم الايمان بالائمة الاطهار لا يخلصه من العقاب ومن العذاب فقد ورد بهذه الالسنة المختلفة.

ولكن هذه الروايات أجنبية عن المقام فان هذه الروايات في مقام بيان الايمان بولاية الأئمة الاطهار عليهم السلام وانه شرط لقبول العبادات او ليس شرطا لقبولها وليس شرطا في صحة العبادات فان العبادات صحيحة ولكن هل الايمان بولاية علي ابن ابي طالب عليه السلام واولاده الطاهرين شرط في قبول العبادات او ليس بشرط؟ هذه الروايات في مقام بيان ذلك ولا تدل هذه الروايات على الايمان بالله تعالى وبرسوله وانه شرط في صحة العبادات لا تدل على ذلك اذن هذه الروايات اجنبية عن المقام.

مضافا الى ان هذه الروايات الظاهر انها لا توجد بينها روايات معتبرة وصحيحة فمن اجل ذلك لا يمكن الاستدلال بهذه الروايات.

النتيجة انه اذا قلنا بان الكفار مكلفون بالفروع كالمسلمين فالصحيح ان عباداتهم صحيحة كعبادات المسلمين اما انها مقبولة او غير مقبولة فهو شيء آخر ، واما الايمان بولاية الائمة الاطهار عليهم السلام ليس شرطا في صحة العبادات بل هو شرط في قبولها.

اذن ما هو المشهور لا يمكن المساعدة عليه ، بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله.