38/03/12


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

ذكرنا ان السيد الماتن (قدس الله نفسه) قد اشكل في تقسيم الشريك المزكي مع شريكه العاصي الغاصب لحق الفقراء فيما اذا علم شريكه المزكي انه لا يؤدي الزكاة ولا يدفعها.

ولكن ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) لا يتم على مبناه فان مبنى الماتن ان تعلق الزكاة بالاعيان الزكوية بنحو الكلي في المعين ، فاذا كان تعلق الزكاة بالاعيان الزكوية بنحو الكلي في المعين فهو لا يمنع من التصرف في الاعيان الزكوية مثلا في اربعين شاة شاةٌ واحدة من هذه الشياه وهو لا يُـمنع من التصرف في هذه الشياه فيجوز له التصرف الى تسعة وثلاثين من هذه الشياه بالبيع والهبة وما شاكل ذلك ، وحينئذ لا مانع من التقسيم وهذا التقسيم ليس تصرفا في حق الفقراء كي يكون غير جائز.

مضافا الى ان تعلق الزكاة بالاعيان الزكوية جميعا بنحو الكلي في المعين لا يمكن المساعدة عليه ، اما في الغلاة الاربعة فالروايات ظاهرة في ان تعلق الزكاة بالعين الزكوية بنحو كشر المشاع فان الفقير شريك مع المالك في العين بنحو الاشاعة ، وكذا في زكاة النقدين ، واما في زكاة البقر فلا يتصور الكلي في المعين ولا في زكاة الابل فلا يتصور ان يكون تعلق الزكاة بالابل بنحو الكلي في المعين لان الزكاة من غير جنس الاعيان الزكوية فكيف يكون نسبته الى النصاب نسبة الكلي الى المعين ، فما ذكره (قدس سره) انما ينطبق على زكاة الاغنام فقط.

واما السيد الاستاذ (قدس لله نفسه) فقد ذكر ان تعلق الزكاة بالاعيان الزكوية بنحو الشركة في المالية لا في الاعيان فان الفقير شريك مع المالك في مالية العين الزكوية لا في الاعيان مثلا الفقير شريك في عشر مالية الحنطة وليس شريكا في الحنطة الخارجية ، وهذا خلاف الظاهر فلا يمكن المساعدة عليه ، أما زكاة الغلاة الاربعة فالروايات ظاهرة في الكسر المشاع وشركة الفقير مع المالك في العين بنحو المشاع أي العشر ونصف العشر ولا شبهة في ان العشر ظاهر في كسر المشاع ومن هنا لا شبهة في ان أكثر الفقهاء يقولون بان الخمس تعلق بالعين لا في الذمة لان كلمة الخمس ظاهرة في الكسر المشاع وان السادة والامام (عليه السلام) شريك مع المالك في خمس هذا العين الخارجية.

ومع الاغماض عن ذلك فما ذكره الماتن من الاشكال في التقسيم وعلل السيد الاستاذ على ما في تقرير بحثه انه لا ولاية للشريك المزكي على التقسيم مع الغاصب ايضا لا يمكن المساعدة عليه ، فان الظاهر ان الامر ليس كذلك اذ لا شبهة في ولاية المالك على إفراز زكاته وتقسيم ماله وافراز ماله الزكوي عن مال شريكه ، فهذه الولاية موجودة في جميع الشركاء كما اذا فرضنا انه شريك في الاموال التجارية واحد الشريكين يدفع خمس حصته دون الشريك الاخر فان لهما ولاية على التقسيم أي وقت أراد بل للغاصب ايضا ولاية على التقسيم غاية الامر انه غاصب لحق الفقراء وعاصي بالنسبة الى حق الفقراء أما ولايته على التقسيم فهي باقية فاذا قسم فتكون الزكاة في حصة الغاصب واما حصة المزكي فلا زكاة فيها ، فما ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) من انه لا ولاية للشريك المزكي على التقسيم مع العاصي لا يمكن المساعدة عليه.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): الثلاثون: قد مر أن الكافر مكلف بالزكاة ولا تصح منه، وإن كان لو أسلم سقطت عنه وعلى هذا فيجوز للحاكم إجباره على الإعطاء له أو أخذها من ماله قهرا عليه ويكون هو المتولي للنية وإن لم يؤخذ منه حتى مات كافرا جاز الأخذ من تركته وإن كان وارثه مسلما وجب عليه، كما أنه لو اشترى مسلم تمام النصاب منه كان شراؤه بالنسبة إلى مقدار الزكاة فضوليا، وحكمه حكم ما إذا اشترى من المسلم قبل إخراج الزكاة، وقد مر سابقا)[1] .

هذا القول مبني على ان الكفار مكلفون بالفروع كما ان المسلمين مكلفون بالفروع أي بالصلاة والزكاة والحج والصيام وما شاكل ذلك ، وقد يستدل على ذلك ببعض الآيات.

منها:- قوله تعالى: ﴿إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ ، فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ ، عَنِ الْمُجْرِمِينَ ، مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ، وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ، وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ، حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾[2] .

فان العقاب انما هو على ترك الصلاة وهذا يدل على انه مكلف بالصلاة فلو لم يكن مكلفا بالصلاة فكيف يعاقب على تركها فلا معنى للعقاب على تركها ، اذن العقاب على ترك الصلاة يدل بوضوح على انه مكلف بالصلاة.

ومنها:- قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ ، الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾[3] ، فان هذه الآية واضحة الدلالة على ان المشركين مكلفون بالزكاة ومن الواضح انه لا خصوصية للزكاة أي انهم مكلفون بالفروع جميعا ولا خصوصية للزكاة.

ولكن في مقابل المشهور قول بان الكفار لا يكونون مكلفين بالفروع ، وأما هذه الآيات فان العقاب انما هو على عدم اختيار الكافر للاسلام لكي يصلي فالعقاب انما هو ذلك لا على ترك الصلاة ولا على ترك الزكاة ، وقد استدل على ذلك بجملة من الآيات.

منها:- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[4] ، فان الخطاب خطاب تشريعي لكن موضوعه المؤمنون ولو كان الكفار مكلفين بالفروع فلا معنى للتخصيص بالمؤمنين ، فان الآية في مقام تشريع الاحكام الشرعية فلو كانت هذه الاحكام ثابتة للكافرين ايضا فلا وجه للتخصيص بالمؤمنين

ومنها:- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[5] ، فان تخصيص وجوب الصيام بالمؤمنين يدل على ان الكفار ليس مكلفين بالفروع.

ومنها:- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[6] ، فالخطاب موجه الى المؤمنين ، وهذا الخطاب خطاب تشريع الحكم ولو كان هذا الحكم يعم الكافر ايضا فلا وجه لتخصيصه بالمؤمنين ، اذن هذه الآيات الشريفة تؤكد ان الكفار ليس مكلفين بالفروع والا فلا وجه لتخصيص الخطاب بالمؤمنين.

واما الروايات فقد ورد في معتبرة زرارة (يأمر بالإسلام اولا ثم بالولاية) ، فالولاية اهم الفروع فان هذه الرواية تدل على الترتيب فمن لم يؤمن بالاسلام فلا يكون مكلفا بالولاية ، فهذه الصحيحة واضحة الدلالة على ان من لم يؤمن برسالة الرسول لم يكن مكلفا بالفروع.

النتيجة ان الاظهر ان الكفار ليس مكلفين بالفروع ، وقد تقدم تفصيل ذلك في اول مسالة الزكاة موسعا. بقي هنا اشياء اخرى يأتي الكلام فيها ان شاء الله تعالى.