34/08/08


تحمیل
 
 الموضوع: مسألة 105
 الفرع الثاني : ثبوت ربع الميراث للولد بشهادة القابلة.
 وهذه المسالة حسب الظاهر مما لاخلاف فيها وتدل عليها النصوص ايضاً ،مثل صحيحة عمر بن يزيد قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن رجل مات وترك امرأته وهي حامل ، فوضعت بعد موته غلاما ثم مات الغلام بعد ما وقع إلى الأرض ، فشهدت المرأة التي قبلتها أنه استهل وصاح حين وقع إلى الأرض ، ثم مات ، قال : على الإمام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام [1] .
 ومعتبرة سماعة قال :قال : القابلة تجوز شهادتها في الولد على قدر شهادة امرأة واحدة [2] .
 فاذا شهدت انه ولد حياً فانه يثبت بها ماتثبته شهادة امراة واحدة وهويشير الى الارتكاز الذي ذكرناه مراراً من ان شهادة امراة واحدة تعادل نصف شهادة الرجل وحيث ان تمام الميراث يثبت بشهادة رجلين ، فما يثبت بشهادتها هو عبارة عن ربع الميراث .
 وفي مقابل ذلك قد يدعى دلالة روايات على ان شهادة القابلة الواحدة يثبت بها تمام الارث من قبيل صحيحة عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : لا تجوز شهادة النساء في رؤية الهلال ، ولا يجوز في الرجم شهادة رجلين وأربع نسوة ، ويجوز في ذلك ثلاثة رجال وامرأتان ، وقال : تجوز شهادة النساء وحدهن بلا رجال في كل ما لا يجوز للرجال النظر إليه ، وتجوز شهادة القابلة وحدها في المنفوس [3] .
 فقد يفهم منها ان الولادة حياً لهذا المنفوس تثبت بشهادة القابلة الواحدة ويترتب عليها استحقاقه لتمام الارث .
 وهذه الرواية وان كانت تامة سنداً ، لكن غاية ماتدل عليه هو قبول شهادة القابلة الواحدة في المنفوس في الجملة في مقابل منع شهدتها بالمرة وهذا لايمكن انكاره ولكن هل هي صريحة في ثبوت تمام الارث بشهادة القابلة الواحدة ؟ والظاهر انها ليست صريحة في ذلك بل ليست بذلك الظهور الواضح الذي ينافس ظهور تلك الروايات في ان مايثبت بشهادتها هو ربع الميراث.وحينئذٍ لاتكون معارضة للروايات السابقة ، بل الظاهر تعين حمل هذه الرواية على قبول شهادتها في ربع الميراث باعتبار صراحة الروايات المتقدمة الدالة على ذلك .
 والرواية الاخرى صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ):وسألته عن شهادة القابلة في الولادة ، قال : تجوز شهادة الواحدة [4] .
 وقد يفهم مها ان شهادة القابلة الواحدة تكفي لاثبات ان هذا المولود ولد حياً ويترتب عليه انه يرث تمام الارث .
 ويجاب عنها بنفس الجواب السابق ،بان هذه الرواية ليست صريحة بان تمام الارث يثبت بشهادة القابلة الواحدة ، وغاية مايفهم منها ان شهادة القابلة الواحدة في الولادة جائزة في مقابل عدم جوازها وهذا لااشكال فيه ونحن نقول به .ولو كانت ظاهرة في ان شهادة القابلة الواحدة في الولادة يثبت بها تمام الارث فلابد من حملها على ان مايثبت بها هو ربع الميراث جمعاً بينها وبين الروايات المتقدمة التي تكاد تكون صريحة بان مايثبت بشهادة القابلة الواحدة هو ربع الميراث .
 الفرع الثالث :هل يشترط في ثبوت ربع الميراث ان تكون الشهادة من خصوص القابلة ام يكفي فيها مطلق المرأة وان لم تكن قابلة .
 والظاهر انه لاخلاف بينهم في عدم اشتراط ان تكون من تشهد قابلة ، ويدل على ذلك أولاً: اطلاق مادل على قبول شهادة النساء في المنفوس من قبيل صحيحة العلاء وصحيحة محمد بن مسلم المتقدمة مراراً ومقتضاه قبول شهادة النساء في المنفوس وان لم تكن قابلة ، فاذا شهدت اربع نساء على المنفوس يثبت به تمام الميراث .
 وعليه فلا داعي للتقيّد بان ما يثبت ربع الميراث هو خصوص شهادة المراة اذا كانت قابلة .
 وثانياً: يدل عليه اطلاق ما دل على قبول شهادة النساء في كل ما لايجوز للرجال النظر اليه ، لان الولادة وشوؤنها مما لايجوز للرجال النظر اليه.
 وثالثاً: يدل عليه صحيحة لعبد الله بن سنان قال :سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : تجوز شهادة القابلة في المولود إذا استهل وصاح في الميراث ، ويورث الربع من الميراث بقدر شهادة امرأة واحدة ، قلت : فان كانت امرأتين ؟ قال : تجوز شهادتهما في النصف من الميراث [5] .
 والاستدلال بقول السائل (فان كانت امرأتين) ولعل عدول السائل عن التعبير باثنتين لو كان مقصوده قابلتين الى قوله امرأتين يفهم منه انه اشارة الى عدم اشتراط ان تكون المرأة قابلة .
 ورابعاً : معتبرة ابي بصيرعن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : تجوز شهادة امرأتين في استهلال [6] .
 فانه لم يقيدها بان تكون قابلة .
 الفرع الرابع:إذاشهدت اثنتان ثبت النصف ،وإذا شهدت ثلاث نسوة ثبت ثلاث رباع الميراث ،وإذا شهدت اربع نساء ثبت تمام الميراث .
 وهذا ايضاً مما لاخلاف فيه بينهم ولااشكال كما يظهر من مراجعة كلماتهم ويدل على ذلك في الجملة صحيحة عبد الله بن سنان:ويورث الربع من الميراث بقدر شهادة امرأة واحدة ، قلت : فان كانت امرأتين ؟ قال : تجوز شهادتهم [7] .
 وتوجد روايات يفهم منها هذا المعنى من قبيل معتبرة سماعة المتقدمة: قال : القابلة تجوز شهادتها في الولد على قدر شهادة امرأة واحدة .
  وصحيحة ربعي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي فقال : يجوز في ربع ما أوصى بحساب شهادتها .
 ويفهم منها ان حساب شهادة المرأة هو ربع البينة او قل نصف شهادة الرجل الواحد ، وحينئذٍ يقال اذا كانت شهادة المرأة الواحدة هي عبارة عن نصف شهادة الرجل الواحد ويثبت بها ربع الميراث كما هو منصوص عليه في الروايات فبشهادة اثنتين يثبت النصف وبشهادة ثلاث نسوة يثبت ثلاثة ارباع الميراث واذا شهدت اربع نسوة يثبت تمام الميراث .
 وهناك رواية ذكرها صاحب الوسائل في ختام هذا الباب ينقلها عن الشيخ الصدوق في الفقيه انه بعد ان ذكر رواية قال : وفي رواية أخرى : إن كانت امرأتين تجوز شهادتهما في نصف الميراث ، وإن كن ثلاثة نسوة جازت شهادتهن في ثلاثة أرباع الميراث ، وإن كن أربعا جازت شهادتهن في الميراث كله [8] .
 وهي صريحة في هذا التفصيل ، لكنها مرسلة للشيخ الصدوق ، فهي مؤيدة لما ذكرناه سابقاً.
  وقد تقدم سابقاً من انه يوجد في النصوص ما يخالف ذلك من قبيل صحيحة الحلبي المتقدمة ( وسألته عن شهادة القابلة في الولادة ، قال : تجوز شهادة الواحدة ) فقد يفهم منها انها يثبت بها تمام الميراث وكذلك معتبرة ابي بصير المتقدمة ،ولكن تقدم تعين حمل هذه الروايات على ثبوت ربع الميراث كما في صحيحة الحلبي او نصف الميراث كما في معتبرة ابي بصير لان مقتضى الجمع بينها وبين الروايات الصريحة المفصلة الناصة على ان مايثبت بشهادة امرأة واحدة هو ربع الميراث وما يثبت بشهادة امراتين هو نصف الميراث هو ان امكن حمل الروايات على الثبوت في الجملة في مقابل رفض شهادة القابلة مطلقاً فهو وألا فيتعين حملها على هذا المحمل جمعاً بينها وبين الروايات الصريحة في ان مايثبت بشهادة القابلة الواحدة انما هو عبارة عن ربع الميراث .
 الفرع الخامس:هل ان الدية حالها حال استهلال المولود من ان شهادة المرأة الواحد بالقتل يثبت بها ربع الدية او لا؟
 وهو محل كلام ، والذي يبدو ان المشهور لايرى ذلك ، وتقدم في بحث موجبات الحدود ان في ما يوجب ثبوت القتل روايات متعارضة وكانت نتيجة الجمع بين الروايات هو التفصيل بان شهادة رجل وامرأتين تقبل في القتل لكن لاثبات الدية لا لاثبات القصاص لوجود روايات تصرح بعدم قبول شهادة النساء في القود والقصاص ، وهذا الكلام كان في شهادة النساء منضمات .
 واما الآن فكلامنا في شهادتهن منفردات ،والمشهور يقول بعدم قبول شهادتهن منفردات أي ان الواحدة لاتثبت بها ربع الدية والاثنين لايثبت بها نصف الدية والثلاث لايثبت بها ثلاثة ارباع الدية والاربع لايثبت بها تمام الدية .
 نعم المخالف في هذه المسألة هو ابو الصلاح الحلبي كما صرحوا ، ونسب اليه القول بقبول شهادة المرأتين في نصف الدية والمرأة الواحدة في الربع وكأنه جعلها من قبيل شهادتها في الوصية وشهادتها في استهلال المولود .
 وهذا القول المخالف للمشهور يوجد عليه دليل وهو رواية معتبرة سنداً ظاهرها هو القول الذي يقول به ابو الصلاح الحلبي ويرويها الشيخ باسناده عن الحسين بن سعيد عن النضر ، عن عاصم ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قضي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في غلام شهدت عليه امرأة أنه دفع غلاما في بئر فقتله ، فأجاز شهادة المرأة بحساب شهادة المرأة [9] .
 وهي على غرار الروايات السابقة في ان بشهادة المراة الواحدة يثبت الربع من الدية .
 ويمكن ان تجعل رواية اخرى مؤيدة لها لانها غير تامة سنداً ويرويها الشيخ باسناده عن عن محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن حسان ، ( عن ابن أبي عمير ) وفي نسخة اخرى عن بن ابي عمران ، عن عبد الله بن الحكم قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن امرأة شهدت على رجل أنه دفع صبيا في بئر فمات ، قال : على الرجل ربع دية الصبي بشهادة المرأة [10] .
 وفي سندها محمد بن حسان وهومجهول وعبد الله بن الحكم وهو ضعيف كما نص عليه النجاشي ، ومن هنا لاينفع رواية بن ابي عمير عنه على تقدير ان يكون الراوي عنه بن ابي عمير لان في مثل هذه الحالة يقدم التضعيف المنصوص عليه على التوثيق العام لرواية المشايخ الثلاثة عن شخص . فالرواية غير معتبرة من جهة السند فتصلح للتأييد .
 هذا وقد يستشكل في رواية محمد بن قيس المعتبرة سنداً بان الشيخ الصدوق رواها باسناده الى قضايا امير المؤمنين وله سند معروف الى قضايا امير المؤمنين (ع) من دون قوله (بحساب شهادة المرأة) فتكون الرواية (فأجاز شهادة المرأة) .
 وعليه ، قد يقال ان هذا الذيل لما لم يكن موجوداً في رواية الصدوق تسقط الرواية عن صلاحيتها للاستدلال .
 ولكن الظاهر ان الرواية لاتسقط عن الاستدلال بذلك اما بناءً على تعدد الرواية فالامر واضح ، واما بناءً على وحدة الرواية فيمكن ان يقال ان الامر حينئذٍ يدور بين الزيادة وعدم الزيادة والاصل عدم الزيادة لان اصالة عدم الزيادة مقدمة على اصالة عدم النقيصة لوجوه تذكر في محلها منها ان احتمال النقيصة وسقوط شيء من الرواية اقرب من احتمال ان يزيد الراوي في الرواية شيئاً ، وحينئذٍ يثبت مارواه الشيخ الطوسي .
 ولو تنزلنا وقلنا ان هذه الزيادة ليست موجودة وقدمنا مانقله الشيخ الصدوق على مانقله الشيخ الطوسي ، فايضاً لايضر بالاستدلال بالرواية لان غاية ماتدل عليه ان الامام (ع) اجاز شهادة المراة في الدية في الجملة ولانقول هذا لوجود روايات تدل على ان شهادة المراة الواحدة في القتل يثبت بها ربع الدية لعدم وجود هكذا روايات وانما باعتبار عدم امكان الالتزام بثبوت تمام الدية بشهادة امرأة واحدة لانه لم يعهد من احد انه افتى بذلك ،وحينئذٍ لابد من حمل الرواية على ان المقصود بها هو ان الامام(ع) اجاز شهادة المراة في ربع الدية .
 
 
 
 


[1] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27،ص352،باب24،ح6
[2] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27،ص357،باب24،ح23
[3] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27،ص354،باب24،ح10
[4] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27،ص315،باب24،ح2
[5] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27،ص364،باب24،ح45
[6] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27،ص362،باب24،ح 41
[7] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27،ص364،باب24،ح45
[8] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27 ،ص365،باب24،ح48
[9] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27،ص357،باب24،ح26
[10] وسائل الشيعة(آل البيت) ج27،ص359،باب24،ح33