37/10/28


تحمیل

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/10/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ المسالة الثامنة .

قلنا حاول السيد الاعظم الرد على من قال بوجوب لسوق شيء من التراب على اليدين لأنه وان كان الغالب ذلك ولكن الغالبية لاتقتظي ان يحمل الخبر عل الفرد الغالب ويكون الفرد النادر خارجا عن مفهوم التيمم , ثم تمسك بالبراءة وقال اذا شك هل يعتبر اللسوق والعلوق او لا يشترط فقال ان الاصل البراءة , وقلنا ان هذا الكلام ينافي ما قاله في الاصول وهو اذا كانت الماهية مجعولة شرعا كالتذكية فاذا شك في اعتبار ذلك او شرطية شيء فلاتجري البراءة بل يجري الاحتياط نعم اذا كانت الماهية المأمور بها يمكن معرفتها بالعقل كالبيع فحينئذ اذا شك في اعتبار شيء في البيع مالم يكن دليل على ذلك فينفى المحتمل بالبراءة _ وهذا قاله في تنبيهات البراءة _ , ومعلوم ان الصلاة والتيمم مثل التذكية ولايرجع فيها الى العرف ولابد ان يرجع بتلك الماهية الى الشارع المقدس فما افاده في المقام ينافي ما افاده في الاصول .

والتحقيق : التفصيل في المقام في الرجوع الى البراءة او لا وهو ان الصلاة وان كانت مجعولة شرعا الا ان هناك روايات حددت ماهية الصلاة كأولها التكبير واخرها التسليم وغيرها من صلي كما رأيتموني اصلي[1] , فأصبحت ماهية الصلاة معلومة على غرار الماهيات العرفية المحددة غاية ما هنالك ان الماهيات العرفية حددت من خلال العرف واما ماهيات الصلاة فحددت من خلال ما وصل الينا من الشرع الشريف فان كان الشك في اعتبار شيء في الصلاة زائدا على ما نعلم فتجري البراءة واما التيمم وهو ماهية مجعولة ايضا ولكن ليس وضع التيمم وحقيقته كحقيقة الصلاة فان الروايات التي نريد ان نبحث عنها هل هي تدل على وجوب اللسوق او لا تدل فهي واردة في بيان ماهية التيمم فتصبح ماهية التيمم مجهولة الماهية فاذا كانت مجهولة الماهية فلاتجري البراءة اذا شك في اعتبار شيء بل يجري الاحتياط والعبارة الموجودة في التنقيح فيها اجمال _ هل يقصد التمسك بالبراءة في اعتبار اللسوق من جهة الصلاة او هو بالقياس الى ماهية التيمم _ فان كان بالقياس الى ماهية الصلاة فكلامه غير واضح علينا وان كان بالقياس الى ماهية التيمم فلاتجري البراءة انما يجري الاحتياط .

ثم ان هذه المسالة مهمة بحث فيها الاعلام رض ونحن نخوض معهم هذا الكلام فنقول : استدل على اعتبار اللسوق بأدلة منها الروايات الواردة التي فيها تشبيه التراب بالماء يعني ان الماء طهور فكذلك التراب وهذه عدة روايات ذكرها صاحب الوسائل في باب 23من ابواب التيمم بعضها معتبرة وبعضها محل اشكال , ومعلوم ان الرواية تقول وكذلك التراب طهور فلايعني ان التراب لا دخل له في تحقق التيمم ففي نفس التيمم يكون التراب داخلا ومعلوم ان الماء داخل في الوضوء والغسل فاذا اخذ في كفه الماء ورماه فلايكون للماء دخلا في تحقق الغسل ولا في تحقق المسح فحينئذ ان الغسل يكون بالماء وكذلك المسح يكون بالماء والتيمم فيه مسح فلابد ان يكون التيمم مسحا بالتراب وليس باليد الخالية من التراب , هذا ملخص الاستدلال المنسوب الى الاعلام مثل الشيخ البهائي وصاحب الحدائق وحبل المتين فهم افتوا بذلك ومانقل في كلمات الاخرين في مقام رفض هذا الاستدلال هكذا ذكر الدليل السيد الاعظم لم يقبل بهذا الدليل فقال كون التيمم بالتراب ان له عدة احتمالات :

الاول : ان يمسك التراب بيده ويمسح وجهه ويديه بالتراب اي بنفس التراب يمسح على الجسم وهذا مرفوض وقد ادعي الاجماع والمستدل لا يقصد به هذا الاحتمال .

الثاني : ان يكون ضرب اليد على التراب ثم مسح الجبين باليد التي وضعناها على التراب من دون لسوق شيء من التراب باليد كما عليه المشهور .

الثالث : ان يكون هناك شيء من التراب لاسقا بالكف , والثاني والثالث هو المقصود وانت ايها المستدل تدعي ان التيمم هو المعنى الثالث وهو ان يكون التيمم بعد احراز اللسوق هذه دعوى بلا دليل .

وهذا الاشكال من السيد الاعظم غير واضح علينا لان لازم ذلك ان لا يكون له دخل في التيمم فالكف خال من التراب فالمسح باليد الخالية فحينئذ ليس للتراب دخل اصلا فقوله ع التراب طهور كالماء فهذا ان للتراب دخل في التيمم كما للماء دخل في الوضوء ,

ثم كلمة طهور وردت في كلمات الفقهاء وفسرها غير واحد منهم بانها صيغة المبالغة ومنهم الشهيد الثاني في مقام شرح كلام الشهيد الاول فقال الطهارة استعمال طهور مشروط بالنية ثم قال المقصود به كون الشيء طاهرا في نفسه ومطهرا لغيره .

كونه صيغة المبالغة هذا محل اشكال فهذا الوزن جاء بصيغة المبالغة ولكن طهور وغير ذلك من الصيغ يقصد به ما يتطهر به فعول ما يفعل به ونحوا ذلك نعم استعمل هذا الوزن لصيغة المبالغة ايضا , ثم تفسير المبالغة طاهرا لنفسه مطهرا لغيره كيف هذا لان المبالغة هي زيادة في المعنى المصدري وهذا التفسير غير واضح كما قال صاحب مفردات غريب القرآن ان تفسير الطهور بصيغة المبالغة اول من فعل ذلك الشافعية ومن هنا تسرب الى كلمات الفقهاء الاخرين وليس في اللغة ما يدل على ذلك , فجواب السيد الاعظم غير واضح والدليل مازال قائما وهو كيف يكون التراب طهورا من دون اللسوق .


[1] مثلا الامام الصادق ع في رواية يسئل احدهم هل تعرف الصلاة قال نعم يامولاي تعلمت الصلاة من تلميذك فلان فقال الامام ع قم وصلي فصلى ولم يقبل منه الامام ع تلك الصلاة لوجود الخطأ فيها فقام الامام ع وصلى ثم قال له هكذا صلي فأصبحت ماهية الصلاة معلومة محددة على غرار الماهيات العرفية المحددة.