38/01/14


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/01/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

قال السيد الماتن (قدس الله نفسه): الثانية عشر: إذا شك في اشتغال ذمته بالزكاة فأعطى شيئا للفقير ونوى أنه إن كان عليه الزكاة كان زكاة وإلا فإن كان عليه مظالم كان منها، وإلا فإن كان على أبيه زكاة كان زكاة له وإلا فمظالم له، وإن لم يكن على أبيه شئ فلجده إن كان عليه وهكذا فالظاهر الصحة))[1] .

لا شبهة في ان هذه السلسلة في نفسها صحيحة ولا اشكال فيها ، لان التردد انما كان في المنوي بحسب السلسلة الطولية لا في زمن واحد أي ينوي الزكاة لنفسه ان كان عليه زكاة وبعد ذلك ان لم يكن عليه زكاة فعلى ابيه ان كان عليه زكاة وان لم يكن على ابيه زكاة فعلى جده ، فالتردد في المنوي في هذه السلسلة الطولية ، واما في النية فلا يتصور فيه التردد لان النية امر ذهني اما موجودة او لا وجود لها فلا يعقل التردد فيها ، وليست النية من قبيل الفرد الخارج أي الفرد المردد في الخارج بل النية موجودة في الذهن ، وما كان في الذهن امر وجداني إما موجودة او لا ، ولهذا لا تردد في النية ، إنما التردد في المنوي بحسب هذه السلسلة الطولية أي نوى الزكاة لنفسه ان كانت الزكاة عليه ونوى الزكاة لأبيه ان كانت الزكاة على ابيه ونوى الزكاة لجده ان كانت الزكاة على جده ، هذا كله في الشبهات البدوية أي لا يعلم بوجود الزكاة لا في ذمته ولا في ذمة ابيه ولا في ذمة جده بل مجرد احتمال.

واما اذا علم إجمالا بانه اما ذمته مشغولة بالزكاة او ذمة ابيه او ذمة جده فتوجد صورتان:-

الصورة الاولى:- ان يكون المعلوم بالإجمال من صنف واحد ، فهو يعلم بان ذمته اما مشغولة بزكاة بعشرة امنان من الحنطة او ذمة ابيه مشغولة بعشر امان من الحنطة او ذمة جده ، فحينئذ يجوز له الاكتفاء بإعطاء قيمة عشرة امان من الحنطة للفقير وينوي ان هذه القيمة المدفوعة للفقير بديل عن الزكاة في ذمته ان كانت والا فهو بديل عن الزكاة في ذمة ابيه ان كانت والا فهو بديل عن الزكاة في ذمة جده ان كانت فاذا دفعها للفقير برئت ذمته ان كانت الزكاة في ذمته وكذا ان كانت الزكاة في ذمة ابيه فانها تبرئ او كانت الزكاة في ذمة جده فتبرئ بذلك.

الصورة الثانية:- ان يكون المعلوم بالإجمال من اصناف متعددة كما اذا علم اجمالا ان ذمته اما مشغولة بزكاة الحنطة او ذمة ابيه مشغولة بزكاة الغنم او ذمة جده مشغولة بزكاة البقر فحينئذ اذا كان بين هذه الاصناف اختلاف في القيمة كما اذا فرضنا ان قيمة الشاة اكثر من قيمة عشرة امنان من الحنطة وكذا قيمة التبيع اكثر من قيمة الشاة واكثر من قيمة عشرة امنان من الحنطة ، فحينئذ يدور الامر بين الاقل والاكثر ، فهل الواجب عليه الاقل وهو الجامع بين الاصناف الثلاثة او الواجب عليه دفع الاكثر؟

الجواب:- لا شبهة ان العلم الاجمالي منحل الى وجوب دفع الاقل تفصيلاً والشاك البدوي بالنسبة الى الاكثر فلا مانع من الرجوع الى اصالة البراءة.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه) : الثالثة عشر: لا يجب الترتيب في أداء الزكاة بتقديم ما وجب عليه أولا فأولا، فلو كان عليه زكاة السنة السابقة وزكاة الحاضرة جاز تقديم الحاضرة بالنية، ولو أعطى من غير نية التعيين فالظاهر التوزيع))[2] .

الظاهر عدم وجوب الترتيب ولا دليل على الترتيب ، بل لا دليل على الترتيب في سائر العبادات كالصلاة والصيام ونحوهما فضلا عن الزكاة ، فله ان يدفع زكاة هذه السنة اولا ثم زكاة السنة الماضية ثانيا ، هذا اذا كانت الزكاة في ذمة المالك كما اذا تلفت العين الزكوية في هذه السنة وفي السنة السابقة فتنتقل الزكاة الى ذمته فهو مخير بين ان تبرئ ذمته من زكاة هذه السنة اولا او تبرئ ذمته من زكاة السنة الماضية اولا ولا يجب عليه الترتيب.

واما اذا اعطى الزكاة ودفع الزكاة الى الفقير من دون تعيين انها من زكاة هذه السنة او من زكاة السنة السابقة ، فحينئذ هل تقع زكاة عن هذه السنة او عن السنة الماضية او لا تقع زكاة او توزع بينهما؟

الجواب:- الماتن (قدس الله نفسه) إختار في المقام التوزيع ، أما احتمال انها تقع زكاة عن هذه السنة دون السنة الماضية فهذا غير محتمل لأنه ترجيح من غير مرجح ، فان المال المدفوع زكاة الى الفقير نسبته الى زكاة كلتا السنتين على حد سواء فوقوعه من زكاة هذه السنة دون زكاة السنة الماضية ترجيح من غير مرجح او وقوعه من زكاة السنة الماضية دون هذه السنة ترجيح من غير مرجح.

قد يقال:- انها تقع زكاة عن احدهما غير المعين ، اي يقع من احدهما اما زكاة هذه السنة او زكاة السنة الماضية لا على التعيين.

ولكن يقال:- هذا ايضا غير معقول ، لأنه ان اريد بذلك مفهوم احدهما فلا واقع موضوعي له الا في علم الذهن وان اريد من احدهما المصداقي الخارجي فهو من الفرد المردد والفرد المردد غير معقول في الخارج فمن اجل ذلك بنى الماتن (قدس الله نفسه) على التوزيع.

ولكن يمكن المناقشة فيه[3] فان المدفوع زكاة عن هذه السنة والسنة الماضية بنحو التوزيع بحاجة الى قصد البدلية ، فان المدفوع بديل عن الزكاة فاذا دفع مقدار من المال بعنوان الزكاة ولا ينوي كونه بديلا عن زكاة السنة الاولى ولا بديلا عن زكاة السنة الثانية فلم يقع لا من زكاة السنة الاولى ولا من زكاة السنة الثانية ، فان البديلة بحاجة الى القصد والنية وهو لم ينوي البديلة انما دفع مالا بعنوان الزكاة للفقير ، اما كونه بديلا عن زكاة السنة الاولى فلم ينوي ذلك واما كونه بديلا عن زكاة السنة الثانية فلم ينوي ذلك فمن اجل ذلك لا يقع عن شيء منهما.

ونتكلم فيه ان شاء الله تعالى.


[3] أي الحكم بالتوزيع.