37/08/16


تحمیل

الموضوع: الصوم, شرائط صحة الصوم: الثاني: العقل.

ونكتة المطلب هي أن كل الكلمات السابقة تحوم حول هذا المعنى وهو أن النية باقية عند النائم ارتكازاً وغير موجودة عند المجنون وهذا هو الفارق بينهما والذي يصحح صوم النائم دون غيره.

والى هذا المعنى تشير الكثير من كلماتهم فقد ذكر المحقق النراقي في النائم (فإن عقله باق وإن كانت حواسه الظاهرية مغطاة)[1] بخلاف المجنون حيث لا عقل له, وذكر الشهيد الثاني في المسالك (إعلم أن النوم غير مزيل للعقل اجماعا ، وإنما يغطي الحواس الظاهرة ويزيل التمييز وهو أمر طبيعي سريع الزوال فلا يخرج المكلف به عن أهلية التكليف ، فإذا وقع في عبادة لا يشترط فيها الطهارة الصغرى لم يبطلها كالصوم والاعتكاف والاحرام والسعي والوقوفين وغيرهما ، بل الأمر في الصوم أقوى لأنه أمر عدمي وهو الامساك عن الأمور المخصوصة كما مر تحقيقه . ومثله الاحرام . وهذا بخلاف الجنون والسكر لأنهما يذهبان العقل ويخرجان عن أهلية التكليف ، فيبطلان الصوم وغيره من العبادات)[2]

وبهذا نظر إلى الشيخ ابن ادريس الذي يرى أن النائم غير مكلف بالصيام وعدم شرعية صومه, وذكر صاحب المدارك (وقال ابن إدريس : النائم غير مكلف بالصوم وليس صومه شرعيا ومراده أن الإمساك في حال النوم لا يوصف بوجوب ولا ندب فلا يوصف بالصحة ، لكنه بحكم الصحيح في استحقاق الثواب عليه ، للإجماع القطعي على أن النوم لا يبطل الصوم)[3] وحينئذ لا فرق بين النائم والمجنون على القاعدة والفارق بينهما هو النص والاجماع.

والشهيد الثاني يقول بأن النائم مكلف تعريضاً بأبن ادريس.

وعلى كل حال فالشيخ ابن ادريس وصاحب المدارك وصاحب الجواهر يرون عدم الفرق بين النائم والمجنون والمغمى عليه وان مقتضى القاعدة عدم تكليف غير الشاعر حين عدم الشعور وعدم تبعض الصوم وبطلان صومهما.

ويبدو أن هذا هو الاصح والاقرب فخروج صوم النائم عن القاعدة خروجاً تخصيصياً للنص والاجماع, ولو لا ذلك لكان مقتضى القاعدة الحكم بفساد الجميع, واذا قلنا بأن مقتضى القاعدة الصحة في النائم لابد من الحكم بذلك في المجنون ايضاً.

وهذا هو البحث الثاني: هل خروج صوم النائم عن القاعدة التي تقتضي الفساد خروجاً تخصصياً أو تخصيصياً؟؟ وقد ذكرنا أنه خروجاً تخصيصياً.