37/08/22


تحمیل

الموضوع:- لوازم عدم ملكية الدولة أو البنك أو الشركة الحكومية ، اشكالات على تطبيق فكرة مجهول المالك على أموال البنوك أو الدولة - مسألة ( 19 ) – المكاسب المحرمة.

اللازم الثاني:- إذا فرض أن شخصاً أراد أن يقترض من البنك والبنك يأخذ فوائد على هذا القرض فيلزم م أن يكون ذلك جائزاً ، والوجه في ذلك هو أنّ القرض لا يتحقّق حتى يصدق عليه القرض الربوي ومع الفائدة فإن شرط القرض كما ذكرنا هو الايجاب والقبول والمفروض أنّ البنك لا يتمكّن أن يقرض - أي لا يتمكن على الايجاب بأن يقول أقرضتك - والموظف أو رئيس البنك ليست له ممثلية شرعية حتى يصدر منه الايجاب فالقرض لا يمكن تحققه ، وبالتالي ما يؤخذ إنما يؤخذ بعنوان مجهول المالك ويحتاج إلى إجازة الحاكم الشرعي ، فالمورد إذن ليس موارد القرض وبالتالي الفوائد التي يأخذها البنك يجوز لي أن أدفعها لأني مجبرٌ على دفعها لا من باب أنها فوائد في القرض الربوي لأنا قد فرضنا أنه لا قرض وإنما هي فوائد ابتدائية تؤخذ منّي على مجهول المالك وهذا يؤخذ منّي بالقسر والقوّة فعلى هذا الأساس لا محذور.

ومن هنا يمكن أن يقال للناس الذين يريدون الاقتراض من البنك الحكومي إنه يجوز لك الأخذ من البنك ولو مع الفوائد لهذا التخريج الذي ذكرناه ، فيأخذ المال من البنك لا بنيّة القرض وإلا إذا أخذه بنيّة القرض مع الفوائد فهذا سوف يصير تجرياً ، فصحيحٌ أنّ القرض لا يحصل وإن نويت أنت القرض ولكن نيّتك بأنك تأخذه بنيّة القرض هو قصد التجرّي فأنت مُقدِمٌ على القرض الربوي ، بل يأخذه بنيّة مجهول المالك وبعد ذلك هم يجبروك على دفع الفوائد على مجهول المالك وهذا ولا بأس به من باب القهر والاجبار.

اللازم الثالث:- لو فرض أنّ الشخص كانت بيده أموالاً كما لو جاءته عن طريق الإرث أو الهدية كمليون دينار مثلاً فوضع هذا المليون في البنك فحينئذٍ صارت مجهول المالك بمجرّد الوضع في البنك وقلنا إنّ التخميس لازم أيضاً كما تقدّم ، فإذا سحبها من البنك فما يأتي بيده ليس ذلك المليون بل المليون قد تلف وهذا مليون جديد وهو مجهول المالك فيجب اصلاح أمره مع الحاكم الشرعي ، وحينئذٍ إذا فرض أنه بقي عنده فترةً وأراد أن يودعه في البنك مرّةً أخرى فهذا اتلافٌ جديدٌ ثاني وبالتالي يجب عليه تخميس ثانٍ ، فإذا سحبه فسوف يحصل عنده مجهول مالكٍ جديدٍ ويجب إصلاحه مع الحاكم الشرعي ، وإذا أودعه مرّة ثالثة فهذا اتلافٌ جديد ثالث فيجب التخميس الجديد ..... ، وهكذا يلزم بكلّ ايداعٍ اتلافٌ فيجب التخميس وبكلِّ سحبٍ سوف يحصل مجهولُ مالكٍ فيجب إصلاحه مع الحاكم الشرعي.

اللازم الرابع:- عندنا موظفون أو غير موظفين رواتبهم وأموالهم أحياناً لا تصل بأيديهم كما في الدول الأخرى وإنما يوجد كارت ، فالدائرة تضع الأموال في حسابه وهو عنده كارت وعلى ضوئه يبيع ويشتري ولكن لا توجد في جيبه أموال ولكنه يشتري ويبيع من خلال هذا الكارت ، فيلزم أنّ الذين عندهم كارت من هذا النوع أنه لا خمس عليهم لأنّ هذه الأموال هي من مجهول المالك ومجهول المالك لا يُملَك إلا بقبضه وحيث لم يقبضه فلا يملكه.

ولا تقل:- هذا هو راتبي واستحقاقي وأجرتي.

فنقول له:- كلا هو ليس استحقاقك وراتبك ، بل كلّ هذا مجهول المالك.

فعلى هذا الأساس هذا مجهول المالك وأنت لم تستلمه فليس ملكاً لك وبالتالي ليس عليك خمس رغم أنك مستفيد منه عملاً ، وهذا تخفيفٌ عليك ، فهو ليس ملكاً لك لأنك لم تقبضه فلا يجب عليك الخمس وإن مضت سنة أو سنتان أو أكثر ، نعم متى ما قبضته فنعم هذا مجهول المالك قد تمّ قبضه فإذا بقي عندك أو أرجعته إلى البنك وجب حينئذٍ التخميس ، أما إذا فرض أنه لم يسحبه فلا يجب عليه التخميس.

وأتذكر أنّ السيد الخوئي(قده) كان يلتزم بذلك حينما كانت تأتيه استفتاءات من الخليج حيث كان يقول لا خمس للنكتة التي أشرت إليها.

اللازم الخامس:- إنّ الحقوق الشرعية كثيراً من الأحيان تنتقل من خلال المصارف والبنوك ، فالشخص يبعث مبلغاً من المال حقوقاً شرعيةً ، فحينما يرسل هذه الحقوق وهي تنقسم إلى سهم الإمام عليه السلام وسهم السادة ونحن نقبضها من البنك وما نقبضه من البنك هو مجهول المالك فيجوز حينئذٍ اعطاء الجميع للعوام لأنّ سهم الإمام وسهم السادة قد تلف بوضعه في البنك فلا يوجد عندنا سهم سادة ولا سهم إمام بل يجوز دفع هذا الذي يصل إلى العوام أو السادة من دون حاجةٍ إلى تقسيم.

اللازم السادس:- إنَّ الموظفون الآن يعملون ويحصلون على رواتب ولازم مجهولية المالك أنّ هذا الموظف لا يجوز أن نعطيه إلا إذا كان فقيراً بناءً على الاحتياط الوجوبي في مجهول المالك وهو ليس بفقير ، فهؤلاء الذين يستلمون الأموال من البنوك سواء كانوا موظفين أو غير موظفين لا يجوز أخذهم إلا إذا كانوا فقراء ، أما إذا لم يكونوا فقراء فهذا المال لا يمكن أن يأخذونه لأجل أنه مختصٌّ بالفقراء وهذا ليس بفقير.

اللهم إلا أن يُقطَع برضا الشارع المقدّس من هذه الناحية ، فإذا قطع فتلك قضيّة أخرى ، أما إذا لم يقطع فأخذه سوف يصير محل إشكال ، نعم قد يقول الفقيه:- نحن إذا لم ندفع إليه فسوف يختلّ النظام فبالتالي نقطع برضا الشرع.

وهذا تحصيلٌ لرضا الشرع ، فرجعنا إلى القطع برضا الشرع ، فإذن لابد وأن نصلح الأمر بهذه الضميمة وهي القطع برضا الشرع المقدّس من هذه الناحية وإلا يلزم اختلال النظام.

هذه بعض اللوازم التي تترتب بناءً على عدم ملكية الدولة أو عدم ملكية البنك الحكومي.

اشكالات على تطبيق فكرة مجهول المالك على أموال البنوك أو الدولة:-

بعدما أوضحنا بعض اللوازم على فكرة مجهول المالك إذا أريد تطبيقها على أموال البنوك نأتي الآن ونقول:- هناك إشكالات نقصد من خلالها أن نقول إنّه يمكن أن نلتزم بأنّ البنك ليس مالكاً والدولة ليست مالكة للبيانين السابقين ولكن في نفس الوقت لا نطبّق فكرة مجهول المالك ، وهذا هو الذي أريد أن أختاره وأتبنّاه ، فأريد أن أقول إنَّ الدولة والبنك الحكومي ليس مالكاً للوجهين السابقين ولا توجد عندي مشكلة من هذه الناحية ولكن أقول نحن لا نطبّق فكرة مجهول المالك والاشكالات أو الوجوه هي:-

الأوّل:- إنَّّ ما دلّ على أنّ مجهول المالك يقسّم بين الاخوان أو يتصدّق به أو يحتاج إلى إجازةٍ هو ناظر إلى الأموال الشخصية - يعني الاشخاص - ، من قبيل الرواية التي كانت تقول ( رفيق كان لنا بمكّة ) ، فإنّ هذه الرواية وما شاكلها مختصّة بالأملاك الشخصية ، أما مجهول المالك الذي لا يكون ملكاً للشخص فهنا لا دليل على لزوم التعامل معه معاملة مجهول المالك من حيث إجازة الحاكم الشرعي ومن حيث التصدّق فإنه لا دليل على ذلك.

فإذن يمكن أن نقول:- إنّ البنوك الحكومية ليست مالكة ولكن في نفس الوقت لا نطبّق أحكام مجهول المالك لأنّ تطبيق أحكام مجهول المالك يحتاج إلى مستندٍ والمستند خاصٌّ بالأملاك الشخصية ، فإذن لا تجري فكرة مجهول المالك.

اللهم ألا أن تقول:- إنَّ أملاك الدولة هي أملاكٌ شخصيّةٌ وذلك لبيانات ثلاثة:-

البيان الأوّل:- إن الذين يودعون أوالهم لدى البنوك هم أشخاص ، فعلى هذا الأساس هم حينما أودعوها فهي تكون أملاكاً لنفس المودعين ، وحيث لا نعرف هؤلاء ونحن نذهب إلى البنك ونأخذ من تلك الأموال المودعة للناس الذين لا نعرفهم فتنطبق حينئذٍ فكرة مجهول المالك باعتبار أنّ المودِع هو شخصٌ ونحن نأخذ من أموال المودِع وهو شخصٌ فينطبق على الأخذ أنه أخذٌ لمجهول المالك الذي هو ملكٌ للشخص وليس للعنوان الكلّي ، فحينئذٍ يلزم تطبيق أحكام مجهول المالك.

وجوابه:- إنّ ذلك المودِع يرضى بدفعها إلى الآخرين مادام البنك يضمن له المثل ، فإذن لا ينطبق حينئذٍ عنوان مجهول المالك بعد فرض رضا المالك بأخذ هذه الأموال والتصرّف بها مادام البنك قد قبل اشتراط الضمان.

هذا هو البيان الأوّل وقد اتضح أنه لا يمكن تطبيقه.

البيان الثاني:- إنّ أموال البنك أو الدولة هي نتيجة بيع البترول والمعادن وما شاكل ذلك من الثروات الطبيعية والمعادن والبترول هي ملك الإمام عليه السلام ، وحيث إنّ الإمام عليه السلام لا يمكن الوصول إليه فصار ذلك بحكم مجهول المالك بالملك الشخصي - أي ملك الإمام - غايته لا يمكن الوصول إليه فتنطبق فكرة مجهول المالك.

ويردّه:- إنّ الذي هو ملكٌ للإمام هو البترول ، والدولة حينما تبيع البترول فإنها سوف تحصل على مورٍ أخرى كالذهب أو غير ذلك وتطبع الأوراق نقدية وهذه الأوراق النقدية ليست ملكاً للإمام عليه السلام فإنّ أجزائها من النبات أو غير النبات من المباحات العامّة ، فهذه الأوراق - والمهم عندنا والذي نريده هو الأوراق النقدية - ليست ملكاً للإمام عليه السلام فلا تنطبق آنذاك فكرة مجهول المالك.