37/06/10


تحمیل

الموضوع:- قصد القربى والتعيين.

كلامنا في توكيل المالك في أداء الزكاة تارة ، واخرى في ارسالها الى مستحقيها ، ويكون الكلام في مجموعة من الجهات.

الجهة الاولى :- هل الوكالة على مقتضى القاعدة او انها بحاجة الى دليل خاص؟.

الجهة الثانية:- ان المتكفل لنية القربى بتمام عناصرها من قصد الاخلاص وقصد عنوان الزكاة واسمها الخاص هل هو المالك او الوكيل؟.

الجهة الثالثة:- انه لا شبهة في ان اداء الزكاة ودفعها واخارجها وتعيينها بحاجة الى قصد القربة باعتبار ان الزكاة عبادة ، واما ايصالها الى مستحقيها فهل هو ايضا بحاجة الى قصد القربى او لا؟.

الجهة الرابعة:- يقع الكلام في الروايات الواردة في المقام.

اما الكلام في الجهة الاولى فيقع في صور ثلاثة.

الصورة الاولى:- لا شبهة في ان الوكالة والنيابة على مقتضى القاعدة في الامور الاعتبارية كالمعاملات بكافة اشكالها وانواعها فان المعاملات امور اعتبارية مجعولة من قبل العقلاء لحفظ النظام والشارع امضى هذه المعاملات ، غاية الامر قد يزيد شرطا او قيد او قد يحذف شرطا او قيدا ، نعم قد ألغى الشارع المعاملات الربوية في الشريعة الاسلامية مع انها مجعولة لدى العقلاء ومتداولة بين العقلاء ، وكذا غيرها من المعاملات المحظورة فلا شبهة في ان الوكالة تكون فيها على القاعدة وبناء العقلاء على الوكالة في هذه المعاملات ، فلا فرق بين البيع الصادر من المالك او من وكيله فعلى كلا التقديرين البيع بيع المالك غاية الامر قد يصدر منه مباشرةً وقد يصدر منه بالواسطة او بالتوكيل او بالنيابة ، وكذا في الزواج كما اذا وكل الزوجان شخصان في اجراء عقد الزواج فالزوج والزوجة ليس هو الوكيل والعقد منتسب الى الزوج والزوجة حقيقةً لا الى الوكيل والنائب ، ومعنى ان الوكالة والنيابة على القاعدة هو انها ثابتة لدى العقلاء وممضاة من الشارع ولا يحتاج الى دليل خاص في الشريعة المقدسة.

الصورة الثانية:- تكون الوكالة والنيابة في الامور الانشائية والتكوينية كالقبض فان القبض امر تكويني ولكنه قابل للتوكيل فان قبض الوكيل هو قبض الموكل والاعطاء امر تكويني لكنه قابل للتوكيل والاستنابة فان اعطاء الوكيل اعطاء للموكل ، اذن الامور التكوينية الانشائية قابلة للتوكيل والاستنابة على القاعدة ، بمعنى انها ثابتة ببناء العقلاء وممضاة شرعا ولا تحتاج الى أي دليل خاص في الشريعة المقدسة ، ويكون قبض الوكيل قبض للموكل ، نعم فرق بين قبض الوكيل والولي وبين الوكيل والنائب وبين الولي فان البيع الصادر من الولي بيع للولي لا للمولى عليه كما اذا باع الولي مال الصغير اذا رأى فيه مصلحة او مال المجنون فان هذا البيع لا يستند الى المجنون ولا الى الصغير فهو بيع للولي فمن هذه الناحية يفترق الولي عن الوكيل والنائب ويمتاز عنهما.

الصورة الثالثة:- في الامور التكوينية كالأكل والشرب والنوم والسفر والقيام والقعود والصلاة والصوم وما شاكل ذلك من الامور التكوينة ، فان هذه الامور في نفسها غير قابلة للتوكيل والاستنابة ، نعم قد دل الدليل الخاص للاستنابة في الصلاة عن المبيت لا عن الحي والصوم عن الميت والحج عن الميت ، نعم ورد نص خاص في الحج نيابة عن الحي اذا كان الحي عاجزا ومئيوسا من تمكنه من الحج الى اخر عمره فانه يجوز الاستنابة عنه في الحج.

اذن الاستنابة انما ثبتت في هذه الموارد بدليل خاص , ولكن الصلاة هي صلاة للنائب ولا يمكن استنادها الى المنوب عنه فان المنوب عنه ميت وغير قابل للتكليف , وكذا صوم النائب صوم له حقيقة وحج النائب حج له حقيقة وليس حجا للمنوب عنه

واما الكلام في الجهة الثانية وهي في قصد القربى فان على النائب ان يقصد القربى لان المنوب عنه غير مكلف وغير قابل للتكليف من جهة انه مات او من جهة انه عاجز عن العمل وتكليف العاجز قبيح , اذن يجب على النائب قصد القربى.

ان قلت:- ما هو منشأ وجوب قصد القربى على النائب؟

قلت:- لا شبهة في ان منشأ قصد القربى ليس الامر بالصلاة الموجه الى المنوب عنه فانه الامر بالصلاة الموجه الى المنوب عنه قد سقط بسقوط موضوعه فان المكلف قد مات وبعد الموت قد سقط عنه التكليف فلا يعقل بقاء التكليف بعد موته , واما الامر الاستئجاري والنيابي امر توصلي غير قابل للتقرب به وليس هو امر عبادي ولكن لابد ان يقصد النائب القربى بتمام عناصره.

ذكر السيد الاستاذ (قدس سره) ان منشأ قصد القربى هو الامر الاستحبابي وهو استحباب الاتيان بالصلاة عن الغير فانه امر مستحب وهذا الامر الاستحبابي امر عبادي وهذا الامر الاستحبابي يندك بالأمر الوجوبي وهو الامر النيابي والايجاري وبعد الاندكاك يصبحان امرا واحدا وجوبيا عباديا ، فان كلاً من الامرين يكتسب من الامر الاخر ما هو فاقد له فان الامر الاستئجاري فاقد للعبادية والامر الاستحبابي فاقد للوجوب وبعد الاندكاك يكتسب كل منهما ما هو فاقد له فيصبحان امرا واحدا وجوبيا عباديا وهذا هو منشأ قصد القربى.