37/07/17


تحمیل

الموضوع: إذا أخل بالطهارة الحدثية ساهيا

لازلنا في المسألة الرابعة وقد مرّ بنا ان المركبات الاعتبارية لابد من تصوير الزيادة في ان يقصد الإقحام داخل المركب أما اذا لم يقصد الإقحام فلا تصوير للزيادة.

مسألة 4: لا فرق في البطلان بالزيادة العمدية بين أن يكون في ابتداء النية أو في الأثناء ولا بين الفعل والقول، ولا بين الموافق لأجزاء الصلاة والمخالف لها ولا بين قصد الوجوب بها والندب نعم لا بأس بما يأتي به من القراءة والذكر في الأثناء لا بعنوان أنه منها ما لم يحصل به المحو للصورة ، وكذا لا بأس بإتيان غير المبطلات من الأفعال الخارجية المباحة كحك الجسد ونحوه إذا لم يكن ماحيا للصورة[1] . فالجزء المستحب مادام الشارع قد رخّص فيه فإن فرض الماتن كما مرّ من انه اذا استطال الجزء المستحب أو تكثر فانه يوجب محو صورة الصلاة فهو مسامحة لأن الشارع عندما يرخص بالجزء المندوب فلايمكن فرض محو صورة الصلاة مع كل هذا.

لايقال: عند المتشرعة ان صورة الصلاة هذه تنمحي عند المتشرعة.

فنقول: ان صورة الصلاة يرجع فيها الى ارتكاز المتشرعة مع عدم وجود نص لفظي يدل على ان الصورة قابلة للتبدل وغير ذلك، ومرّ ان المرحوم الاصفهاني قد بات راكعا ليلة من الليالي في النجف الأشرف الى قريب الفجر وهو في الركوع.

فدعوى محو الصورة بحسب مالدى المتشرعة من الارتكاز، فان الارتكاز للمتشرعة يعمل به مع عدم النص كدليل لبي كاشف عن ماهو مأخوذ من الشارع أما مع وجد نصوص عديدة دالّة على امكانية التمدد فانه لامانع منه، فمحو الصورة عند المتشرعة يعول عليه عند عدم النص.

مسألة 5: إذا أخل بالطهارة الحدثية ساهيا بأن ترك الوضوء أو الغسل أو التيمم بطلت صلاته وإن تذكر في الأثناء، وكذا لو تبين بطلان أحد هذه من جهة ترك جزء أو شرط [2] . لأن قاعدة لاتعاد لاتجري في الوضوء والغسل وإنما تجري في الصلاة.

ولكن في الحقيقة ان قاعدة لاتعاد ماخوذة من قاعدة ( لاتنقض السنةُ الفريضةَ) وقد بنى السيد الخوئي وجملة من الأعلام المتقدمين والمتأخرين قد بنوا على هذه القاعدة، وإن أحد تطبيقات قاعدة لاتنقض السنة الفريضة هي قاعدة لاتعاد.

وهذه القاعدة تبيّن ان في كل العبادات كالحج والصوم والاعتكاف والصلاة كون الأركان هي الفرائض وأما ما تم شريعه من السنة النبوية وسنة المعصومين (عليهم السلام) فهي ليست أكان، وان قاعدة لاتنقض السنة الفريضة هي قاعدة جدا مهمة وحساسة فماهو موجود في الكتاب الكريم ركن وما لم يكن في الكتاب الكريم فهو ليس بركن.

وقد يكون أمر ما قد شرع في الكتاب الاّ ان وجوبه قد شرع في سنة النبي (صلى الله عليه واله) فهذا من زاوية يكون فريضة ومن زاوية اخرى يكون سنة، فإنه لابد من الإقتصار في الفريضة على المقدار المدلل عليه في الكتاب بكونه ركني، وليس كل مافي الركن ركن .

فيكون تميز الركن عن غير الركن يكون بتوسط هذه الضابطة وبقاعدة لاتنقض السنة الفريضة، وان مذكره المصنف من مطلق الجزء والشرط في الوضوء يوجب البطلان هو محل تأما.

ومرّ بنا في بحث الاُصول ان قاعدة لاتنقض السنة الفريضة تجري أيضا حتى في المعاملات والايقاعات، لأنه لم يقيد السنة العبادية لاتنقض الفريضة العبادية بل هو مطلق في كل العبادات سواء السهو منها أو الجهل.

مسألة 6: إذا صلى قبل دخول الوقت ساهيا بطلت ، وكذا لو صلى إلى اليمين أو اليسار أو مستدبرا فيجب عليه الإعادة أو القضاء[3] . بالنسبة لقضية القبلة الصحيح فيها ان المكلف اذا صلى دون اليمين ودون اليسار فلايعيد، اما اذا صلى الى اليمين أو الى اليسار فإنه يعيد في الوقت دون خارجة، واذا صلى مستدبرا فيعيد مطلقا وهذه هي فتوى المشهور.

وقد خالفنا المشهور وقلنا اذا صلى مستدبرا فلايعيد في خارج الوقت ويعيد في الوقت فقط، بمعنى ان حكم المستدبر مع حكم من صلى الى اليمين أو الى اليسار واحد وهو الإعادة في الوقت فقط ولايعيد خارج الوقت، نعم الاحوط مماشات المشهور حيث قالوا في المستدبر يعيد مطلقا أي سواء كان داخل الوقت أو خارجه.

مسألة 7: إذا أخل بالطهارة الخبثية في البدن أو اللباس ساهيا بطلت، وكذا إن كان جاهلا بالحكم أو كان جاهلا بالموضوع وعلم في الأثناء مع سعة الوقت وإن علم بعد الفراغ صحت وقد مر التفصيل سابقا[4] . فيفصل هنا بين التقصير والقصور فانه يعيد في صورة التقصير داخل الوقت أما القصور فلايعيد مطلقاً، وبهذه التعبدات الخاصة يرفع اليد عن قاعدة لاتعاد أو قاعدة لاتنقض السنة الفريضة وذلك لأن هذه نصوص خاصة فتكون مقدمة على القواعد العامة.

مسألة 8: إذا أخل بستر العورة سهوا فالأقوى عدم البطلان وإن كان هو الأحوط ، وكذا لو أخل بشرائط الساتر عدا الطهارة من المأكولية وعدم كونه حريرا أو ذهبا ونحو ذلك [5] . وهذه الامور كلها على نفس التفصيل فمع الجهل لامانع من ذلك، فلا فرق بين الطهارة الخبثية وغيرها.

مسألة 9: إذا أخل بشرائط المكان سهوا فالأقوى عدم البطلان، وإن كان أحوط فيما عدا الإباحة، بل فيها أيضا إذا كان هو الغاصب[6] . فاذا كان هو الغاصب فالأقوى البطلان لأنه غير معفو عنه تكليفا، ومع كونه مؤاخذاً من جهة الحرمة فإن الحرمة تكون منجزة ومع اجتماع الأمر والنهي فيكون سجوده باطلا.

والأقوى ماذكره المشهور من ان الغاصب لايعفى عن جهله مادام غاصبا، فإن وجه البطلان في الغصب هو المؤاخذة ولايمكن التقرب بشئ فيه مؤاخذة، فيختلف الجهل في هذا المقام عن الجهل في المقامات الاُخرى فانه في غير موارد لاتعاد لأنها تجري في الشرائط والأجزاء الأولية.

أما الشرائط الآتية من القواعد العقلية فان لاتعاد لاتجري وهكذا قاعدة لاتنقض السنة الفريضة لاتجري لأنه من باب اجتماع الأمر والنهي، فهذه الشرطية متولدة من التعارض أو التنافي وليست متولدة من التقنين الاولي، فلايمكن تميز الركن من غير الركن في شرائط الصلاة أو شرئط العبادات الاخرى، فاذا كانت متولدة من قواعد عقلية فلا تجري فيها قاعدة لاتعاد كما انه لاتجري فيها قاعدة لانقض السنة الفريضة.