37/05/25


تحمیل
الموضوع:فصل في مستحبات الجماعة ومكروهاتها
أما المستحبات فأمور: [1]
أحدها: أن يقف المأموم عن يمين الإمام إن كان رجلا واحدا، وخلفه إن كانوا أكثر، ولو كان المأموم امرأة واحدة وقفت خلف الإمام على الجانب الأيمن بحيث يكون سجودها محاذيا لركبة الإمام أو قدمه ولو كن أزيد وقفن خلفه، ولو كان رجلا واحدا وامرأة واحدة أو أكثر وقف الرجل عن يمين الإمام والامرأة خلفه، ولو كانوا رجالا ونساء اصطفوا خلفه، واصطفت النساء خلفهم، بل الأحوط مراعاة المذكورات هذا إذا كان الإمام رجلا، وأما في جماعة النساء فالأولى وقوفهن صفا واحدا أو أزيد من غير أن تبرز إمامهن من بينهن [2]
كنا في المسألة من فصل مستحبات الجماعة ومكروهاتها، فهل ان المأموم اذا كان منفردا في الجماعة يلزم عليه ان يكون على يمين الامام أو انه اذا كان خلف أو على يسار الامام فانه مكروه؟
وقد خالف السيد الخوئي المشهور من هذه الهيئات على الاستحباب، فالظاهر من الأدلة الشرطية الوضعية اللزومية ان كان واحدا على اليمين واذا كان أكثر ففي الخلف واذا كانت مرأة فلابد ان تكون خلف الرجل وهذا، بينما المشهور بنى في كل هذه الامور على الاستحباب.
والقرينة العامة التي اعتمد عليها السيد الخوئي وتبناها هي كالتالي: ان ظاهر كل دليل وارد في المركبات ظهوره الاولى في المفاد الوضعي وليس التكليفي المجرد عن الوضعي، فان الدليل اذا ورد بأمر أو نهي في ضمن مركب فان مفاده وضعي هذه مقدمة معمول بها.
فاللسان الوارد في المركبات سواء كان مفاده وضعي أو كان مفاده تكليفي فهو يفيد اللسان الوضعي لأن الأ مر ورد في المركب فان طبيعة المركب تؤدي الى تلوين المتعلق وجعله ارتباطي.
ثم بالنسبة للسان التكليفي لابد من التمعن والتدقيق بانه هل هو لسان تكليفي محض أو فيه شائبة الوضع، والمعروف المتسالم عليه عندهم انه في اللساان التكليفي في مورد المركبات مشوب بالوضع، فيكون مفاده تكليفي ووضعي معا وهو معنى الارتباطية، وهذا الكلام على القاعدة ويبني عليه السيد الخوئي.
هنا نلاحظ صلاة الطواف فان المشهور شهرة عظيمة عند متأخري الأعصار انها جزء للعمرة والحج بحيث يخل لو أخّر وكان الفصل فصلا طويلا عمدا، بينما مشهور القدماء وهو الصحيح ان صلاة الطواف ليست جزء من العمرة ولاجزء من الحج وليست ارتباطية، نعم هي واجبة لكنها ليست جزء من الحج ولا من العمرة، وذلك لأن الأمر بصلاة الطواف تكليفي محض.
وان من التكاليف المحضة في أعمال منى هو يوم الحادي عشر والثاني عشر من المبيت في منى ورمي الجمرات الثلاث فكلها واجبات لكنها لاصلة لها بالحج، وهذا يشبه تعقيبات الصلاة فالاخلال بها لايبطل الحج.
وأيضا تمسك السيد الخوئي بقرينة ثانية وهي ان الارتباطية والمفاد الوضعي متعين ان يكون لزوميا، أما المفاد الوضعي الندبي فهو غير ممكن، وبعبارة اخرى ان الجزء لابد ان يكون واجبا وكذا الشرط والمانع فهذه لابد ان تكون واجبة أما الجزء والشرط والمانع المستحب فان هذا غير متصور، هذا مبنى استاذ السيد الخوئي فان الاصفهاني قد قال بهذا، وهذا خلاف المشهور شهرة عظيمة.
وبعبارة مختصرة ان القدماء على ان الأحكام الوضعية طبقة منها الزامية وطبقة منها مستحبة وهذا يفتح باب عجيب وغريب في أبواب الفقه وهذا لايبحثه السيد الخوئي وتلاميذه.
وعلى هذا فأكثر المتقدمين يبنون على ان الأحكام الوضعية في كل الأبواب على نمطين بينما السيد الخوئي لايقول بذلك بل يرى الالزام فقط.
وقبل مواصلة البحث نقول: عندما يقال جزء واجب وجزء مستحب ما معناه؟ هنا المراد من الجزء لواجب ليس اللزوم التكليفي بل الواجب بالوجوب الوضعي وهو اللابدية، والشرط الواجب في الوضع فيكون الوجوب وضعي بمعنى انه لابدية له في الصحة ومن دونه تنعدم الصحة فالوجوب وضعي وليس تكليفي، وان المانعية اللزومية يعني فساد العمل بوجوده بخلاف المانع الكراهتي فان العمل لايفسد، فالمراد من الجزء الوجوبي أو الجزء الندبي يعني انه في نفس الجزئية بالمعنى الوضعي هناك ضرورة وهناك ندبية.
فلدينا نجاسة كراهتية وطهارة ندبية ففي الأبواب الفقهية لدينا طبقة لزومية باللزوم الوضعي ولدينا طبقية كراهتية.
وبناء على هذا فقد بنى السيد الخوئي على ان هيئة صلاة الجماعة لزومية بينما المشهور بنى على انها ندبية وان بمعنى ان الشرط ندبي، وقد مرّ بنا من ان الامور الوضعية ليس من الضروري حصرها في اللزوم الوضعي كما مر بنا، ومن ناحية ثانية فان هذه الشروط والأوامر الواردة كلها أوامر وآردة في أصل هيئة الجماعة وصفوف الجماعة وهيئة صفوف الجماعة.
فالقرينة العامة لدى المشهور على ان هذه التفاصيل مستحبة هو ان أصل تسوية الصفوف واقامتها مستحبة وليس هو أمر لازم، الروايات:
صحيح محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: الرجلان يؤم أحدهما صاحبه، يقوم عن يمينه، فان كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه[3]. وظهور هذه الصحيحة في تفصيل وتبين هيئة الجماعة وهو المفاد الوضعي.
صحيح عبد الله بن مسكان قال: بعثت إليه بمسألة في مسائل إبراهيم فدفعها إلى ابن سدير فسأل عنها وإبراهيم بن ميمون جالس عن الرجل يؤم النساء ؟ فقال: نعم، فقلت: سله عنهن إذا كان معهن غلمان لم يدركوا أيقومون معهن في الصف أم يتقدمونهن؟ فقال: لا بل يتقدمونهن وإن كانوا عبيدا [4]. ومثلها صحيح الحلبي في نفس الباب.
معتبرة الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) أنه كان يقول: المرأة خلف الرجل صف، ولا يكون الرجل خلف الرجل صفا، إنما يكون الرجل إلي جنب الرجل عن يمينه [5]. فيستحب للمرأة ان تكون خلف الرجل وان كانت وحدها بخلاف الرجل.