37/06/25


تحمیل

الموضوع: فصل في الخلل الواقع في الصلاة

وتتمة للمسألة التاسعة عشر المتقدمة وهي:

مسألة 19: إذا صلى منفردا أو جماعة واحتمل فيها خللا في الواقع وإن كان صحيحة في ظاهر الشرع يجوز بل يستحب أن يعيدها منفردا أو جماعة، وأما إذا لم يحتمل فيها خللا فإن صلى منفردا ثم وجد من يصلي تلك الصلاة جماعة يستحب له أن يعيدها جماعة إماما كان أو مأموما، بل لا يبعد جواز إعادتها جماعة إذا وجد من يصلي غير تلك الصلاة، كما إذا صلى الظهر فوجد من يصلي العصر جماعة ، لكن القدر المتيقن الصورة الأولى، وأما إذا صلى جماعة إماما أو مأموما فيشكل استحباب إعادتها، وكذا يشكل إذا صلى اثنان منفردا ثم أرادا الجماعة فاقتدى أحدهما بالآخر من غير أن يكون هناك من لم يصل [1] . حيث ذكرنا ان الكثير من العوام ربما يظن انه بعد الاقامة يدخل مباشرة في سورة الحمد ومعه فيضيّع تكبيرة الاحرام وان الصلاة بدون تكبيرة الاحرام باطلة.

الاّ اننا ذكرنا ان الشخص يظن في نفسه ان تكبيرة الاحرام هو بعينة تكبيرة الاقامة، ومرّ بنا ان هذا الفرض من الخلل يمكن تصحيحة بدعوى انه من الاشتباه في التطبيق وانه قاصد طبيعة الصلاة اجمالا وان قصد التفاصيل عند الأعلام ليس من مقومات الصحة فان القصد الاجمالي للصلاة يكفي في صحتها وان لم يعلم بالتفاصيل الخاصة بكل جزء وركن، فنيّة الطبيعة العامة اجمالا مجزية وقابلة للتصوير فقصد الصلاة أو قصد الحج أو غير ذلك يكي في صحة العمل وان لم بجزئياته وتفاصيله، وهذا العمل وان لم يكن هو أفضل وأبهى وأزكى الأعمال الاّ انه مقبول.

ونذكر هنا ان الشخص اذا نوى التكبيرة الثانية فيبطل وأما الثالثة فتصح وبعبارة اخرى ان الوتر في التكبيرة يصح دون الشفع، فهذه الفروض والصور التي ذكرها الفقهاء ماهو مرادهم منها؟.

هنا نذكر ان الفقهاء أنفسهم يفتون بأن التكبيرات المستحبة خمسة أو ثلاثة وهذا لايعني ان الصلاة تصح ثم تبطل ثم تصح، فان مرادهم بالتكبيرات المستحبة هو اذا نوى المكلف سبعة أو خمسة أو ثلاثة تكبيرات اذا نوى به فرد واحد من صلاة واحدة فتكون الواجبة واحدة والبواقي من التكبيرات مندوبة وهي تعاضد التكبيرة الصحيحة في انشاء نفس المنشأ الواحد.

فلو أنشاء المكلف الصلاة ثم وسوس المصلي فيرفع اليد عنها ويعاود إنشاء فرد ثاني من صلاة الظهر فإذا اقتصر على الثلاث انعقدت صلاته وأما اذا اقتصر على الشفع فإن صلاته صحيحة لأنه في الوتر ينشئ الإنشاء الصحيح أما في الشفع فانه يقحم الصلاة في الصلاة فتبطل وكذا الكلام في بقية التكبيرات.

وهناك طريقة لمن يوسوس في انشاء تكبيرة الاحرام وهو الاحتياط بأن لايقصد انشاء فرد جديد وهذا الأمر لاينفي الاحتياط بأن يأتي بالتكبيرات السبع أو الثلاث أو الخمس بل حتى لو أتى بالتكبيرات الأربع والست ولكنه لاينوي كونها منشئة لافراد متعددة ومختلفة من الصلاة بل ينويها مجموع التكبيرات المستحبة.

فصل في الخلل الواقع في الصلاة أي الإخلال بشئ مما يعتبر فيها وجودا أو عدما [2] .

مسألة 1: الخلل إما أن يكون عن عمد أو عن جهل أو سهو أو اضطرار أو إكراه أو بالشك، ثم إما أن يكون بزيادة أو نقيصة، والزيادة إما بركن أو غيره، ولو بجزء مستحب كالقنوت في غير الركعة الثانية أو فيها في غير محلها أو بركعة، والنقيصة إما بشرط ركني كالطهارة من الحدث والقبلة أو بشرط غير ركني، أو بجزء ركني أو غير ركني، أو بكيفية كالجهر والإخفات والترتيب والموالاة، أو بركعة [3] .فإن الشقوق التي يذكرها الماتن في الخلل عديدة حيث ذكر سبب الخلل وهو على أقسام وكذا ذكر مسبب الخلل وهو ايضا على قسام من الزيادة والنقيصة وقسم آخر في الجزء الواجب أو الجزء المسحب.

وقد ذكر الفقهاء هذه التقسيمات وهو بسط موضوي للخلل لكي يستبينوا ويروا ان أدلة الخلل تتناول أي الصور من الخلل سواء الأدلة المبطلة أو القواعد العلاجية، للخل فان التدقيق في صور الخلل وتقسيماته الموضوعية بالغ الأهمية في الطواف والسعي والحج وأعمال منى والصلاة والصوم والاعتكاف فكثيراً مايتسرع الباحث لعدم تنقيحه صور وشقوق موضوع الخلل فانه مهم باعتباره يعالج صحة العبادة أو بطلانها، وهذا من جهة موضوعية تنظيرية كلية.

وأما من الجهة الموضوعية الخارجية التطبيقية وهو الشبهة الموضوعية فلابد للانسان ان يتثبت سواء عندما يُسئل من قبل الآخرين أو بالنسبة لممارساته الشخصية لنفسه، فان الشبهة الموضوعية فيها التباس.

فمباحث الخلل على صعيد الموضوع تنظيرا وعلى صعيد الموضوع تطبيقاً يحتاج الى مراس وفطنة ونباهة وكياسة، فالبحث الموضوي يتصور في الشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية، غاية الأمر البحث في الموضوع في التنظير الكلي لارتباطه بالاستنباط هذا بالنسبة لطرف الموضوع في الشبهة الحكمية أو في الشبة الموضوعية تشخيص الموضوع الجزئي.

فالبحث في طرف الموضوع قابل للتصور في الشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية، وهكذا البحث في الحكم قابل للتصوير في الشبهة الحكمية وهو الحكم الكلي وفي الشبهة الموضوعية وهو الحكم الجزئي، ففرز مباحث الموضوع عن مباحث الحكم ضروري في مباحث الخلل.

فكل ماذكره المصنف من أقسام الخلل قابل للتصوير والخلل فيه غير الخلل في الجهة الاخرى وهكذا.

ثم ان هذا الاستعمال أو تمييز أقسام الخلل فائدته ليس فقط على مستوى التطبيق الخارجي بل فائدته في تحديد موارد البطلان عن موارد الصحة.

وهذه الفايدة الثانية بنمط أعمق فان الشارع اذا استعمل العمد يريد به قبال شيئ آخر ففي جملة من أدلة الخلل الشارع يقول ان فعل عمدا يعيد وان فعل سهوا ونسيانا لايعيد وهو تقابل بين العمد والنسيان كما هو الوارد في أدلة خلل لحج في الطواف والسعي.

القدماء قالوا وهو الذي نتبناه ان الخلل في الطواف والحج بل في العبادات عندما يقابل الشارع بين العمد والسهو، فان فقهاء متأخري الأعصار استفادوا ان العمد وغيره باطل اما خصوص السهو والنسيان فهو يصح فيكون العمد هو كمثال فيكون المدار على النسيان والسهو، بينما القدماء قالوا ان المراد من العمد هو خصوص العمد واما المراد من السهو والنسيان هو مطلق غير العمد، فان المراد منه خصوص العمد باطل وماعداه صحيح.