37/05/26


تحمیل

الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد, مسألة 2.

الادلة التي يستدل بها على عدم حجية خبر الواحد في باب الموضوعات ومنها روايات كثيرة لابد من استعراضها:-

الرواية الاولى : رواية عبدالله بن سليمان (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في الجبن ، قال : كل شيء لك حلال حتى يجيئك شاهدان يشهدان أن فيه ميتة)[1]

وقد ذكرت الرواية أن الشاهدين هما اللذان يثبت بشهادتهما رفع اليد عن الحلية الثابت بالأصل ولا يكفي لذلك شاهد واحد, وهذا يعني عدم الحجية, مع أن الرواية تحتاج إلى الغاء خصوصية المورد للتعدي إلى كل الموضوعات الخارجية, لا أن نحتمل خصوصية للجبن أو للتسهيل أو غيره من قبيل سوق المسلمين حيث أنه لولا هذه الامور لما قام للمسلمين سوق, واذا ادخلنا المورد في هذا الباب سيكون التعدي إلى سائر الموضوعات الخارجية مشكلاً.

وذكر اكثر من واحد أن هذا الرواية ضعيفة سنداً ولعله ضعفها الذي يشيرون إليه هو في الراوي المباشر ومن يروي عنه الشيخ الكليني أما الرواي المباشر فهو عبدالله بن سيلمان ولم يرد فيه توثيق خاص بلا اشكال لكن الظاهر أن بعض المشايخ الثلاثة روى عنه بسند صحيح وهذا يكفي لأثبات وثاقته, حيث أنه عندما يترجمون له لا ينصون على ضعفه وإنما يقولون هو شخص مجهول, وإما احمد بن محمد الكوفي الذي يروي عن الشيخ الكليني مباشرة فهو من مشايخه وروى عنه الكليني حسب ما يقول السيد الخوئي (قد) في اكثر من اربعين مورداً والظاهر أن رواياته منحصرة بالكافي نعم قد ينقل الشيخ الطوسي عن الكافي ويذكره, ولم ينص على وثاقته بشكل واضح وصريح لكن رواية الشيخ الكليني عنه في هذه الموارد الكثيرة لا تخلو من نوع من الوثوق به لأن اكثار مثل الشيخ الكليني عنه _لا يبعد أنه مباشرة_ لا يخلو من شيء, وباقي السند ليس فيه مشكلة فمحمد بن احمد النهدي منصوص على وثاقته ومحمد بن الوليد يراد به في هذه الطبقة الخزاز المنصوص على وثاقته بلا اشكال وابان بن عبدالرحمن هو البجلي وهو ثقة بلا اشكال.

والاستدلال بالرواية واضح لكن في المقابل قد يقال باحتمال خصوصية لهذا المورد_ كما ذكرنا_ بحيث لا يمكن التعدي إلى غيره والخصوصية هي أن الشارع في هكذا موارد يقدم مصلحة التسهيل وهي تقتضي أن يبنى على حلية الاشياء إلى تثبت الحرمة بشكل واضح اما بعلم وجداني وإما ببينة, ولا يعتنى بالخبر الواحد.

والاستدلال بالرواية مبني على عدم القبول بهذا الكلام وكون المورد ليس له خصوصية.

وفي هذا الباب بالخصوص توجد روايات مختلفة فبعضها يصرح في جعل الغاية في الحلية هي (حتى تعلم إنه حرام بعينة) فيؤكد على مسألة العلم الوجداني واذا قلنا أن المراد من قوله (بعينه) التمييز بين العلم الاجمالي والعلم التفصيلي يكون المراد حتى تعلم تفصيلاً أن هذا فيه ميتة يحرم عليك حينئذ, ومع عدم العلم بهذا الشكل فهو لك حلال, وقد يظهر من ذلك أن هناك نوع من التشديد في ثبوت الحرمة لغرض التسهيل على الناس في مأكلهم ومشربهم عندما يتعاملون مع اشخاص يعلمون بأنهم _ في الجملة_ يرتكبون ما يخالف الواقع.

الرواية الثانية :رواية محمد بن مسلم (عن أحدهما ( عليهما السلام ) ، قال : سألته عن رجل ترك مملوكا بين نفر ، فشهد أحدهم أن الميت أعتقه ، قال : ان كان الشاهد مرضيا لم يضمن ، وجازت شهادته، ويستسعى العبد فيما كان للورثة)[2]

قوله (وجازت شهادته)في نسخة جازت شهادته في نصيبه, كما أنه قد ذكرت ذلك بعض الروايات, والمراد من قوله (بين نفر) بين ورثةٍ, والمراد بقوله (ويستسعى العبد) يطلب منه أن يسعى لتحصيل نصيب باقي الورثة.

وسند هذه الرواية تام.

الرواية الثالثة: رواية منصور(قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل هلك وترك غلاماً ، فشهد بعض ورثته انه حر ، قال : ان كان الشاهد مرضيا جازت شهادته ، ويستسعى فيما كان لغيره من الورثة)[3]

وسند هذه الرواية غير تام ففيه مشكلة بنان, والاستدلال بها كالاستدلال بالرواية الثانية.

الرواية الرابعة: رواية منصور بن حازم (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل هلك وترك غلاما مملوكاً ، فشهد بعض الورثة أنه حر ؟ فقال : تجاز شهادته في نصيبه ويستسعى الغلام فيما كان لغيره من الورثة)[4]

وهذه الروايات الثلاث تتحدث عن نفس القضية في رجل مات وترك مملوكاً بين ورثته وشهد احدهم أن الغلام حر, وتقريب الاستدلال في المقام بأعتبار أن الشخص (الذي يشهد بأن العبد حراً) مرضي والمراد بالمرضي ما يشابه الوثاقة, وبالرغم من ذلك وبالرغم من أن المورد ليس مورد تداعٍ حتى يحتاج إلى البينة لم تكتفِ بشهادته في اثبات حرية العبد بتمامه مع أنه لو كان كلامه حجة لترتب الاثر على كلامه وصار العبد حراً.

وهل أن مورد الرواية مورد ترافع وتداعي أو لا ؟؟ فالملاحظ أن ما في الروايات الثلاث لم يكن مورد ترافع وتداعي, لكن هو شيء يترقب منه الوصول إلى الحاكم الشرعي لوجود طرفين في القضية الطرف الاول الوارث الذي يعترف بأن هذا العبد حر والطرف الاخر الورثة الذي لا يقرون بذلك, واذا وصل الأمر إلى الحاكم الشرعي فالبينة هي الفيصل فيه ولا حجة لخبر الثقة الواحد في هذه الباب. هذا من جهة ومن جهة اخرى أن مورد هذه الروايات يمكن ادراجه في باب الاقرار وصاحب الوسائل عندما نقل هذه الروايات في كتاب الوصايا عبر في العنوان ب(اذا اقر بعض الورثة) واذا فسرنا ذلك بالإقرار مع انها تستبطنه يقال حينئذ أن هذا يعني أن العبد يتحرر بعضه ولا يقبل الاقرار في حق غيره, ويمكن أن يفهم من عبارة يستسعى أن هذا العبد تشبث بالحرية ولذا قيل بأنه يستسعى _أي يسعى لكي يحصل على مال يدفعه إلى باقي الورثة_ في نصيب باقي الورثة, ولولا تشبثه بالحرية لا مجال لهذا القول (يستسعى) واذا فهمنا الروايات بهذا الشكل يمكن أن يقال أن هذا الروايات ليس فقط لا تدل على عدم حجية الخبر الواحد بل لعله فيها الاعتداد بخبر الواحد في الجملة, لأنه ترتب اثر على اخباره, وان لم يترتب على الاخبار تمام الحرية لأن القضية قضية اقرار وهو لا ينفذ في حق الشركاء الاخرين ولذا لو فرضنا أن اثنين من الورثة شهدا بأن العبد الموروث حراً فأنه يجري فيه نفس الكلام حيث أنه ينفذ في نصيبهما ويستسعي العبد في نصيب باقي الورثة, هذا ما يمكن أن يقال ولا اقل من التشكيك في الدلالة على عدم حجية خبر الثقة في محل الكلام.