35/03/02


تحمیل
الموضوع:ثبوت الهلال
كنا نتكلم في ان الهلال لايثبت ببعض الامور التي هي ظنية على وجود الهلال فالقاعدة التي تقدمت والتي تقول ان الهلال يثبت بالرؤية او بمضي ثلاثين يوما ولكن لايثبت الهلال بقول المنجم لأن قول المنجم هو ظني فلايثبت به الهلال فقول المنجم ليس هو الرؤية وليس هو مضي ثلاثين يوما فلايثبت الهلال بقول المنجم، كذلك لايثبت أول الشهر بكون الهلال موجودا يوم أمس بغيبوته بعد الشفق فان ثبوت أول الشهر لايثبت بالظن فإن الصوم لايثبت بالتظني، وقد تقدم كل هذا
ثالثا: لاعبرة برؤية الهلال يوم الثلاثين قبل الزوال فلايحكم بكون ذلك اليوم هو أول الشهر، وهذا المورد الثالث الذي لايثبت به الهلال لعدم جواز العمل بالظن
ثم ان هذا الفرض نادر التحقق فاننا لم نسمع انه قد رؤي الهلال قبل الزوال أو بعد الزوال بساعة ولكنه في نفسه ممكن خصوصا اذا قلنا بحجية الرؤية المسلحة فبما ان الهلال يسير من المشرق الى المغرب سيرا ظاهريا فيمكن ان يُرى بالرؤية المسلحة قبل الغروب بثلاث ساعات ثم يسير الى الغروب فيغرب قبل غروب الشمس أو يغرب معها فان الشمس تسير أسرع من القمر فيمكن ان يرى في الساعة الرابعة قريبا من الاُفق والشمس مرتفعة ثم تسير الشمس سيرا فتصل الى الغروب مع غروب الهلال أو بعد غروب الهلال فلايُرى بعد غروب الشمس لكنه يرى قبله فهذا ممكن لكننا الى الآن لم نسمع ولم نرى بمثل هذا
نعم شاع ان يرى قبل ان تغرب الشمس بخمس دقائق اما انه يرى قبل أو بعد الزوال فهو ممكن لكننا لم نسمع به ولم نراه، ولا اشكال لو رؤي قبل الزوال على ان اليوم الآتي أول الشهر لأن الرؤية قبل الغروب اذا كانت الشمس أقرب الى الافق منه فهذه الرؤية تلازم رؤية ان يكون الهلال بعد الغروب موجودا أي في الليل ويثبت بها ان غدا هو أول الشهر لأن مراد صم للرؤية وافطر للرؤية يكون مقتضاها هو اعتبار الرؤية في الليل بحيث يكون في الليل والشمس قد غربت
ثم ان الهلال اذا رؤي قبل الغروب بخمس دقائق وكان هو أقرب الى الافق من الشمس فغربت الشمس وغرب القمر في وقت واحد أو غرب القمر قبلها فلم يمكننا ان نراه في الليل بل رأيناه في النهار فهنا نحكم ان اليوم الآتي هو اليوم الأول من الشهر لأن صم للرؤية وأفطر للرؤية لاينافي ان يحصل الأمر بعد الرؤية
ففي كلا الصورتين وهما اذا رؤي قبل الغروب بقليل ولم يرى بعد الغروب أو رؤي قبل الغروب وبقي الى مابعد الغروب ففي الصورتين يثبت ان اول الشهر هو اليوم الاتي لأن الأمر تولد الآن ويكون العمل بعده
فدلينا وهو صم للرؤية وافطر للرؤية يشمل صورتين الاولى اذا رؤي الهلال قبل الغروب وبقي الى مابعد الغروب فيثبت ان اليوم الآتي أول الشهر لأن الأمر قد حصل والعمل يكون بعد الأمر فلابد من صوم اليوم الآتي، والصورة الثانية اذا رؤي قبل الغروب بقليل ولم يرى بعد الغروب فبه يثبت ان اليوم الآتي أيضا هو أول الشهر لأن الامر قد جاء والعمل يكون بعد الامر
أما اذا رؤي بعد الزوال بساعة فهل يثبت ان هذا اليوم أول الشهر؟ هنا السيد صاحب العروة قد نفى الثبوت حيث قال ولا برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال فلا يحكم بكون ذلك اليوم أول الشهر [1]وقلنا ان هذا الفرض نادر بل مجرد قول لكنه ممكن وان حكم المشهور جاء لأن الروايات متعارضة في هذا الفرض فقسم منها يقول ان رؤي الهلال قبل الزوال فهو من الليلة السابقة وان رؤي بعد الزوال فهو لليلته ومن الروايات تقول ان رؤي الهلال في النهار قبل الزوال أو بعده لايدل انه لليلة السابقة بل هو لليلة اللاحقة
موثقة عبيد بن زرارة وعبد الله بن بكير قالا قال ابو عبد الله الصادق (عليه السلام) اذا رؤي الهلال قبل الزوال فذاك اليوم من شوال واذا رؤي بعد الزوال فذاك اليوم من شهر رمضان
صحيحة حماد عن الصادق (عليه السلام) قال اذا رؤي الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية واذا رؤي بعد الزوال فهو لليلة المستقبلة [2]
لكن هذه الروايات المفصّلة تعارض هذه الروايات حيث قالت بعدم اعتبار الرؤية لكون نفس اليوم هو أول الشهر سواء رؤي قبل الزوال أوبعده
صحيحة محمد بن القيس عن الامام الباقر (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام) اذا رأيتم الهلال فافطروا او شهد عليه عدل من المسلمين او شهدوا عليه عدولا وان لم تروا الهلال الاّ وسط النهار أو آخره فاتموا الصيام الى الليل وان غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ثم افطروا [3] فوسط النهار يكون قبل الزوال لأن النهار من طلوع الشمس الى الغروب فوسطه يكون الزوال فان النهار اذا كان من الفجر فوسط النهار يكون ساعة ونصف قبل الظهر
موثقة اسحاق بن عمار قال سألت الصادق (عليه السلام) عن هلال شهر رمضان؟ فقال واذا رأيته من وسط النهار فأتم الصوم الى الليل [4]
وان العمل عند الأعلام على هذه الروايات التي هي مشهورة شهرة عظيمة وهي التي لاتفرق بين قبل الزوال وبعد الزوال وان الروايات المفصّلة قد أعرض عنها المشهور ومعه فتسقط عن الحجية
نعم الى بعض المتأخرين كصاحب الذخيرة والكاشاني ومن المتقدمين كالسيد المرتضى في شرح المسائل الناصرية دون غيره انهم عملوا بهذه الروايات المفصلة بين الرؤية قبل الزوال فيكون هذا هو أول اليوم والرؤية بعد الزوال فيكون اليوم الثاني هو أول اليوم، لكن المشهور قد أعرض عنها فتسقط عن الاعتبار
ثم ان هذه الروايات المفصلة قبل الزوال وبعد الزوال فهو من الظن ولايعدوا الظن ولدينا روايات تقول ان شهر رمضان لايصام بالتظني فقد نُهي عن الصوم بالظن
ولكن روايات صم للرؤية وافطر للرؤية تقول ان الرؤية هي بنفسها توجب الصوم فعلا وهو الصوم من اليوم الآتي فيكون الصوم بعد الرؤية والإفطار بعد الرؤية وليس قبل الرؤية
فالروايات المفصلة بين رؤية الهلال قبل الزوال فيثبت ان هذا أول الشهر واذا رأيته بعد الزوال فيثبت ان اليوم الآتي هو أول الشهر فهذه الروايات معارضة
فصاحب العروة عندما يقول ولا برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال فلا يحكم بكون ذلك اليوم أول الشهر فلايقول بأنه لايحكم بأن اليوم الثاني أول الشهر بل يحكم بأن اليوم الثاني أول الشهر فإن الرؤية تحققت في النهار والعمل به لابد ان يكون من أول أوقات الإمكان وهو اليوم الآتي
ولا بغير ذلك مما يفيد الظن ولو كان قويا إلا للأسير والمحبوس وقد ذكرنا ثلاث موارد للظن بأول الشهر، وهي الغيبوبة بعد الشفق ولم نقبله ان لليلة الثانية والرؤية قبل الزوال على انه كان موجودا في الليلة السابقة ولم نقبله أيضا للروايات المعارضة وهذه الروايات مهجورة، ولا اعتبار بالظن الاّ للأسير والمحبوس فيجوز لهما العمل بالظن بالهلال
ولكن هذا التعبير من السيد صاحب العروة غير تام فإن الأسير والمحبوس لايعمل بالظن بالهلال بل يعمل بالظن على كون الشهر هو شهر رمضان فإن الأسير والمحبوس يرى الهلال أو يعلم بأنه قد مضى ثلاثين يوما ولكنه لايعلم بأن هذا الشهر هو شهر رمضان بل قد يكون شهر شوال أو غيره من الأشهر، فهذا ليس من الإستثناء بينما السيد المصنف جعله من الإستثناء