35/06/20


تحمیل
الموضوع:صوم الضيف بدون إذن مضيفه
كنا نتكلم في الصوم المكروه وقلنا ان صاحب العروة قال بكرهة صوم يوم عاشوراء أما السيد الخوئي فقد قال بإستحبابه وأخذنا بمناقشة الروايات التي استند اليها السيد الخوئي في حكمه بالاستحباب وقلنا ان هذه الروايات كلها مختلقة وموضوعة وذلك لأن اصطلاح عاشوراء هو اصطلاح اسلامي حدث بعد واقعة عاشوراء فكل من يقول ان المتقدمين كانوا يصومون هذا اليوم بعنوان يوم عاشوراء هو قل كاذب لاأنه اصطلاح جديد وقد أتينا بأربعة أدلة على ذلك
ثم وجدنا تأييد لكلامنا رواية في كتاب (مفاتيح الجنان) قد اسندها الصدوق الى جبلة المكية وهذه الرواية تؤيد ماذهبنا اليه من ان صوم يوم عاشوراء بهذا العنوان مختلقة
تقول جبلة المكية: سمعت ميثما التمار يقول: والله لتقتل هذه الأمة ابن بنت نبيها في المحرم لعشر مضين منه، وليتخذ أعداء الله ذلك اليوم عيدا وبركة، وإنه لكائن قد سبق في علم الله ذكره، بهذا عهد إلي مولاي وإمامي (عليه السلام) وأخبرني بأنه يبكي عليه مؤمنو الجن والإنس وكل شئ حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار، والطير في كبد السماء، وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض، وجميع ملائكة السماوات والأرضين، وحملة العرش، وتمطر السماء دما ورمادا، ووجبت لعنة الله على قتلة الحسين، كما وجبت على المشركين، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس. فنرى في هذه الرواية لم يذكر عاشوراء بهذا العنوان بل بعنوان (عشر مضين من محرم)
ومنها: صوم الضيفبدون إذن مضيفه والأحوط تركه مع نهيه بل الأحوط تركه مع عدم إذنه أيضا [1]فصوم الضيف بدون إذن مضيفه مكروه وقال ان الأحوط ترك الصوم مع عدم إذن المضيّف
والأقوال في هذه المسألة ثلاثة: القول الأول: الكراهة وهو المشهور وقد ذهب اليه المصنف، القول الثاني: عدم الصحة فعدم الإذن من المضيّف يوجب عدم صحة الصوم وقد ذهب الى هذا القول الشيخ المفيد والشيخ الطوسي، القول الثالث: التفصيل بين عدم إذن المضيّف فيكون صوم الضيف مكروها وبين نهي المضيّف فيكون صوم الضيف باطلا
نحن نقول ان الأقوى هو القول الأول فإن صوم الضيّف بدون اذن مضيفة مكروها لورود روايات في المقام
منها: مارواه الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إذا دخل رجل بلدة فهو ضيف على من بها من أهل دينه حتى يرحل عنهم، ولا ينبغي للضيف أن يصوم إلا باذنهم لئلا يعملوا له الشئ فيفسد، ولا ينبغي لهم أن يصوموا إلاّ باذن الضيف لئلا يحتشم فيشتهي الطعام فيتركه لهم [2]وفي سند هذه الرواية محمد بن موسى بن المتوكل فقد يقال انه لم يرد فيه توثيق ومعه فلايحكم بصحة هذه الرواية، السيد الخوئي يقول بوثاقة محمد بن موسى وذلك لأن ابن طاووس قد وثقه حيث شهد بسند الحديث الذي فيه محمد بن موسى فقال بان جميع من في السند ثقاة
ولكن الوثاقة لابد ان تكون حسيّة فإن ابن طاووس بعيد عن محمد بن موسى، فيقول السيد الخوئي ان ابن طاووس يقول وجميع رواة هذا الحديث ثقات اتفاقا وهو يعني اتفاق جميع العلماء بذلك ومنهم القدماء الذي كانوا في زمانه
وهل يمكن القول بحرمة صوم المضيف بدون اذن مضيفه؟ لايمكن ذلك فان (لاينبغي) لو وردت في غير المقام يمكن استفادة الحرمة منها لكنها وردت هنا صفة لعمل مع وجود ارتكاز متشرعي على عدم حرمة الضيف بدون إذن مضيفه لكنها لاتدل على الكراهة أيضا
هنا نقول شيء آخر وهو ان النهي الدال على الحرمة توجه الى شيء في المركب وهو صوم الضيف بدون اذن مضيفه وهو صوم مركب من النية وعدم الارتماس وان لايكون بدون اذن المضيف فان النهي اذا توجه الى شيء في المركّب فيكون دالا على الإرشاد لشرط الصحة ومعه فلايمكن الإفتاء بالحرمة
السيد الخوئي يقول لايمكننا الإستناد الى قول المشهور من ان (لاينبغي) تدل على الكراهة فقال نذهب الى التعليل الوارد في الرواية لئلا يعملوا له الشئ فيفسد فإن هذا التعليل يناسب الكراهة لأن فساد الطعام يمكن دفعه بالتصدق به على الجار أو التوسعة بالطعام على العيال أو انه يدخر لوجبة طعام اخرى، فيقول السيد الخوئي ان هذا التعليل قد لايحصل فيمكن ان لايفسد عليهم الطعام، فيستدل السيد الخوئي بهذا التعليل في الرواية على الكراهة حيث ان المضيف لم يصل الى هدفه ومراده وهو إطعام واكرام الضيف
يوجد دليل آخر على الكراهة وهو ذيل الرواية القائل ولا ينبغي لهم أن يصوموا إلاّ باذن الضيف فإنه عكس مسألتنا ولم يقل أحد بحرمة صوم المضيف بدون اذن ضيفه فيكشف هذا الذيل على ان الصدر يدل على الكراهة
نحن نقول ان هذه الرواية عندما نراجعها وجدانا فهل النهي الموجود فيها مولوي أو ارشادي فان كان النهي مولوي فيقلب الظهور من الحرمة الى الكراهة، فهل النهي هنا ارشادي أو مولوي؟
نحن نقول الظاهر ان النهي هنا هو من الاخلاقيات والارشاديات وليس نهيا مولويا فمن المحبذ للمسلم ان يضيّف من يأتي الى البلد وعليه فان ماتقم من الكلام يصح اذا كان النهي في هذه الرواية نهيا مولويا بينما نحن نقول ان ظاهر هذه الرواية الاخلاقيات والارشاد فليس من الكراهة المصطلحة ولا ينبغي للضيف أن يصوم إلا باذنهم هو حكم أخلاقي
ومارواه الصدوق بإسناده عن نشيط بن صالح، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعا إلا باذن صاحبه، ومن طاعة المرأة لزوجها أن لا تصوم تطوعا إلا باذنه وأمره، ومن صلاح العبد وطاعته ونصيحته لمولاه أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن مولاه وأمره، ومن بر الولد بأبويه أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن أبويه وأمرهما، وإلا كان الضيف جاهلا، وكانت المرأة عاصية، وكان العبد فاسقا عاصيا، وكان الولد عاقا [3]