36/05/03


تحمیل
الموضوع:استحباب الزكاة في غلات الطفل
فيما تقدم قلنا ان المشهور قال يستحب الزكاة في غلات الطفل وقد ناقشنا ذلك وقلنا لايوجد استحباب وان حديث رفع القلم يقول بعدم التشريع أصلا فمن ذهب الى الاستحباب نظر الى صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم حيث قالتا الصدقة واجبة في غلات الطفل فحملوها على الزكاة وتوجد روايات تقول لازكاة على مال الطفل فقالوا ان المراد بالصدقات هو الاستحباب ولكن هذا لامبرر له لأن صحيحة محمد بن مسلم في وادي آخر وليست ناظرة الى الزكاة، فلم يثبت ان على الطفل استحباب إخراج الزكاة في الغلات وأما في المواشي والنقدين فلا استحباب أصلا
ثم انه اذا اتجر بمال الطفل فقال صاحب العروة يستحب اخراج زكاة مال الطفل اذا اتجر به نعم إذا اتجر الولي بماله يستحب إخراج زكاته وكان الاتجار جائز فيستحب الزكاة وبه قال المشهور لوجود روايات كثيرة بهذا الشأن
صحيحة محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : هل على مال اليتيم زكاة ؟ قال : لا، إلا أن يتجر به أو تعمل به[1] فاذا اتجر به ففيه الزكاة
وخبر محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن صبية صغار لهم مال بيد أبيهم أو أخيهم، هل يجب على مالهم زكاة؟ فقال: لا يجب في مالهم زكاة حتى يعمل به، فإذا عمل به وجبت الزكاة، فأما إذا كان موقوفا فلا زكاة عليه[2] هذه الأدلة لاتؤيد فتوى صاحب العروة حيث ان هذه الأدلة تقول بالوجوب مع ان صاحب العروة قال بالاستحباب
لكن الفقهاء نظروا الى الروايات في التجارة في مال الكبير حيث ان قسم منها قال تجب الزكاة في أموال الرجل الكبير اذا تاجر بها لكن توجد روايات في الرجل الكبير اذا اُتجر فتقول بعدم وجوب الزكاة ومعه فلماذا الطفل تجب في أمواله اذا اتجر بها مع عدم وجوب الزكاة في أموال الكبير وهذا غير ممكن
وأما الروايات الواردة في زكاة اموال الكبير، فهي:
موثقة اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي إبراهيم (عليه السلام): الرجل يشترى الوصيفة يثبتها عنده لتزيد وهو يريد بيعها، أعلى ثمنها زكاة ؟ قال: لا، حتى يبيعها، قلت: فإن باعها، أيزكي ثمنها؟ قال: لا، حتى يحول عليها الحول وهو في يده[3]فلا زكاة على أموال الكبير اذا تاجر بها فكيف بأموال الطفل
موثقة سماعة - في حديث - قال : سألته عن الرجل يربح في السنة خمسمأة وستمائة وسبعمائة هي نفقته وأصل المال مضاربة ؟ قال: ليس عليه في الربح زكاة[4]فيشكل الأخذ بهذه الروايات
وتوجد روايات تقول على مال الرجل ظكاة اذا اتجر بها
صحيحة محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل اشترى متاعا فكسد عليه وقد زكى ماله قبل أن يشترى المتاع، متى يزكيه؟ فقال: إن كان أمسك متاعه يبتغي به رأس ماله فليس عليه زكاة، وإن كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال[5] فالزكاة ثابتة في تجارة أموال الكبير
صحيحة أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل اشترى متاعا فكسد عليه متاعه وقد كان زكى ماله قبل أن يشترى به، هل عليه زكاة، أو حتى يبيعه ؟ فقال: إن كان أمسكه التماس الفضل على رأس المال فعليه الزكاة [6] فالكبير اذا اتجر فتثبت الزكاة في أمواله وهذه الروايات لامنافرة بينهما وبين الزكاة على أموال الصبي اذا اتجر بها
فالروايات في الاتجار في مال الطفل تقول بثبوت الزكاة وجوبا بينما الروايات في أموال الكبير هي متعارضة فقسم منها قالت بثبوت الزكاة وبعضها الآخر قالت بعدم الزكاة، ولكننا يمكننا ان نجمع بينها جمعا عرفيا لأن الروايات التي تقول يزكي هي ظاهرة في الوجوب بينما الاخرى تقول ليس عليه الزكاة فهي ظاهرة في عدم الوجوب فلابد من حمل ماظاهرها الوجوب على الاستحباب
والنتيجة هي ان الزكاة مستحبة في أموال الكبير التي يتجر بها عندها نرجع الى روايات الطفل ونحملها على الاستحباب ايضا لأن الطفل ليس أسوأ حالا من الكبير
ثم ان وجوب الزكاة على مال اليتيم اذا اتجر بماله لو كان ثابتا لكان هذا حكما واضحا باعتبار ان الزكاة من مباني الاسلام واركانه مع انه لم ينسب هذا القول الاّ الى الشيخ المفيد مع ان نفس هذه النسبة الى الشيخ المفيد غير ثابتة باعتبار ان الشيخ الطوسي قال بان الشيخ المفيد ذهب الى الاستحباب
أما لو حصل الصبي على الأموال من دون تجارة كما لو حصل عليها بالهبة أو بالارث فلا وجوب ولا استحباب بالنسبة للزكاة
ولو اتجر بأموال الصبي على وجه غير سائغ كما لو تاجر غير الولي بأموال الصبي سواء نوى ان يكون الربح للصبي أو ان يكون الربح له بل حتى لو تاجر الولي بأموال الصبي لكن التجارة بصورة غير صالحة للطفل أو ان يتجر الولي لنفسه بأموال الصبي فكل هذه الصور تكون التجارة غير سائغة، فهنا صور اربعة:
بالنسبة للصورة الاولى وهي ان يتجر غير الولي لليتيم والصورة الثالثة وهي ان يتجر الولي لليتيم لكن مع عدم المصلحة ففي هاتين الصورتين قالوا لايبعد ثبوت الاستحباب حيث قالوا بأن هذه المعاملة فضولية فاذا ظهر الربح فان الحاكم الشرعي يقول بأن الربح لليتيم ويحكم الشارع بالصحة ومعه فلا يبعد الاستحباب، والروايات في هذا المورد:
معتبرة سعيد السمان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ليس في مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به، فان اتجربه فالربح لليتيم، وإن وضع فعلى الذي يتجر ب[7] فالتجارة هنا غير سائغة فلذا ثبت فيها الضمان مع الخسارة وان تحقق الربح فهو للطفل
صحيحة زرارة وبكير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ليس على مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به، فإن اتجر به ففيه الزكاة، والربح لليتيم، وعلى التاجر ضمان المال [8] فموردها التجارة بمال الطفل غير السائغة لمكان ضمان التاجر مع الخسارة
وأما المتجر بمال اليتيم لنفسه سواء كان غير الولي أو كان هو الولي لكنه معسر فلو حصل ربح فنقول بثبوت الزكاة على الأموال لأن المال للطفل في الواقع ومجرد قصد المتجر بان الربح له غير صحيح شرعا
موثقة سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: الرجل يكون عنده مال اليتيم فيتجر به، أيضمنه؟ قال: نعم، قلت: فعليه زكاة؟ فقال: لا، لعمري لا أجمع عليه خصلتين: الضمان والزكاة [9] فعلى الولي الضمان ولكن لازكاة عليه
وأما اليتيم فهل يستحب له ان يخرج زكاة ماله لو ربح؟ قال السيد الخوئي لايُستحب ذلك لأن الروايات التي ظاهرها استحباب الزكاة هي فيما لو اتجر بمال اليتيم لليتيم بينما هنا اتجر بمال اليتيم للمتجر
نحن نناقش السيد الخوئي ونقول ان الروايات مطلقة وقالت (اذا اتجر بماله) فلو اتجر بماله وتحقق الربح فتستحب الزكاة