37/04/12


تحمیل
الموضوع:ائتمام الكامل بالناقص
كان الكلام في ائتمام الكامل بالناقص، وهناك بحث بين الأعلام في اقتداء الناقص بناقص مثله وسيأتي الكلام حوله.
مسألة 3: لا بأس بالاقتداء بمن لا يحسن القراءة في غير المحل الذي يتحملها الإمام عن المأموم، كالركعتين الأخيرتين على الأقوى، وكذا لا بأس بالائتمام بمن لا يحسن ما عدا القراءة من الأذكار الواجبة والمستحبة التي لا يتحملها الإمام عن المأموم إذا كان ذلك لعدم استطاعته غير ذلك [1]
ومرّ بنا القسم الأول من البحث وهو النقص في شرائط امام الجماعة المتعقل بحالاته كالوضوء فان هناك جملة من الروايات المسوغة باقتداء الكامل بالناقص كاقتداء المتوضئ بالمتيمم.
القسم الثاني وهو الاختلاف في الهئية وقد قرأنا بعض الروايات، والمحصل من القسم الثاني هو عدم جواز اقتداء الكامل في الهئية بالناقص في الهيئة نعم مر بنا جواز اقتداء الناقص في الهئية بمثله كصلاة العراة.
موثق إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوم قطع عليهم الطريق وأخذت ثيابهم فبقوا عراتا وحضرت الصلاة، كيف يصنعون؟ فقال: يتقدمهم إمامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيومئ إيماء بالركوع والسجود، وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم [2] فصلاة المأموم هنا درجة أكمل من الامام فان المأموم هنا أكمل من الامام.
القسم الثالث: وهو اقتداء الكامل بالناقص في الأذكار الواجبة كذكر الركوع والسجود وتكبيرة الاحرام والتشهد والتسليم، وقسم من القول الواجب هو نفس القرائة فان القرائة لها مبحث خاص وسيأتي.
فالمشهور عند الأعلام في الأذكار الواجبة هو ان الشخص لو كان عنده لكنة في الكلام في ذكر الركوع او السجود فانه معذور وصلاته صحيحة فالمشهور انه يسوغ الائتمام به من قبل الفصيح
والفرق بين التسالم والاجماع والاتفاق ولم يحكى الخلاف هو ان التسالم أقوى من الاجماع فهو دون الضرورة فان التسالم برزخ بين الاجماع والضرورة، وان البديهي يعني الضرورة لكن التسالم دون ذلك لكنه فوق الاجماع، والاجماع فوق الاتفاق، وان الاتفاق كأنه مثل التصادف والمصادفة في الاتفاق، وبعد الاتفاق يأتي (لم يحكى خلافه) أو (لاخلاف)، وبعد هذا تأتي نوبة (المشهور شهرة عظيمة) أو الأغلب أو الأعظم فإنه أقوى من المشهور، وبعد ذلك يأتي المشهور، وبعده يأتي أشهر القولين، وبعده الأكثر، فهذه درجات من الوفاقيات.
ففي المقام هناك اتفاق أو لم يحكى الخلاف في ان الامام اذا كان معذورا وعنده لكنه أو لحن في الكلام فانه يسوغ الاتمام به من الفصيح والوجه في ذلك هو انهم قالوا ان (أطلاق كلمة صلّ خلف من تثق بدينه أو من ترضى بقوله) شامل له، وبضميمة ان الامام لايتحمل هنا عن المأموم شيئا، وبضميمة ان موضوع الجماعة هو الصلاة الصحيحة للامام عنده فهي تكون موضوع للاقتداء والائتمام فهنا الصلاة صحيحة عند الامام .
وهذه الأدلة بعضها مرّت بنا، وان الجزء الثاني من الدليل هو حصر ضمان الامام عن المأموم في القرائة فقط.
وأما دليل القول الثالث هو ان موضوع الائتمام والاقتداء في صحة صلاة الامام هو ماورد في مثل القسم الأول من الروايات كصحيحة جميل بن دراج وصحيحة حمران
صحيح محمد بن حمران وجميل بن دراج قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إمام قوم أصابته جنابة في السفر وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل، أيتوضأ بعضهم ويصلي بهم؟ قال: لا، ولكن يتيمم الجنب ويصلي بهم، فان الله جعل التراب طهورا [3] وقد استفاد المشهور من هذا التعليل وأمثاله ان موضوع الاقتداء بالامام كون صلاته في نفسها صحيحة
فبضم هذه الأجزاء الثلاثة استفاد المشهور بأنه اذا كان هناك لحن معذور فيه الامام في التشهد، وهذه الفتوى لم يحك فيها الخلاف الاّ النادر.
لكن يمكن المناقشة في هذا الاستدلال الذي هو في نفسه متين وقابل للاعتماد عليه، والمناقشة في انه توجد روايات دالّة على ان الافضل والاولى في امام الجماعة ان يكون اقراءهم بمعنى ان أصل صحة القراءة مفروغ منها فالأفضل في امام الجماعة ان يكون أقراءهم.
ثم ان صلاة الجماعة راجحة حيث انه قد تكون الجماعة مشتملة على مرجحات ومكروهات كما ان يكون امام الجماعة اقدم هجرة وهي الهجرة من مكان عدم التدين الى مكان التدين.
وأما القراءة فقد توصلنا فيها الى كلام الشيخ الطوسي حيث قال بجواز اقتداء الفصحيح بالملحن بالقراءة وان كان في نفسه مكروها، وسابقا بنينا على المشهور من ان الصحيح لايسوغ له ان يقتدي بالملحن في الأولتين أما في غير الاولتين فجائز.
وطبقا لفتوى الشيخ الطوسي هو يسوغ الصلاة خلف الملحن سواء غيّر المعنى أو لم يغيّر وحتى على مبني المشهور فلا محيد عن مبنى الشيخ الطوسي، فان المشهور يسوّغون اقتداء الصحيح بالملحون خصوصا بعد ركوع الركعة الثانية فما بعد، وزيادة على ذلك فان الشيخ الطوسي يقول ان الاقتداء بالملحون بلحن بحيث يغيّر المعنى فانه جائز، وابن ادريس قال بالجواز في صورة عدم تغير المعنى ومعه فلا يجوز.
بالنسبة لكلام المشهور يوجد اختلاف في تصوير شرطية صحة قرائة الامام فالبعض يعبّر عنها بالاتقان في القراءة، وهذا البيان ظاهره ان هذا شرط في امامة الجماعة بمعنى ان من لايتقن صحة القراءة في الحمد والصورة لايصح الاقتداء به حتى في الثالثة والرابعة، ولكن هذا غير مراد قطعا.
والبعض يجعل الفعل الصحيح للقراءة شرط كما ان البعض جعل القدرة على القراءة الصحيحة هو الشرط، والفرق انه اذا بني على ان الشرط وصف فحتى في صورة الخطأ في القراءة سهوا أو نسيانا فتكون الجماعة صحيحة لعدم إخلال الشرط في صحة الجماعة، بخلاف ما اذا قلنا ان الشرط هو نفس القراءة الصحيحة فهنا لايكون قد أتى بشرط صلاة الجماعة الصحيحة، وقد اشترط البعض ان يكونه امام الجماعة قادر وكونه قد اتى بالقراءة الصحيحة.
من الضروري ان يلتفت الانسان الى ان كلام المشهور لايشترط ان يكون على تمامية الحرفية له، ففي جملة من الموارد يكون مرادهم الجدي الارتكازي الاجمالي ليس على طبق حرفية كلامهم، فهنا يوجد مدلول تصوري، ومدلول استعمالي، ومدلول تفهيمي، ومدلول جدي وان المدلول الجدي ينقسم الى انقسامات عديدة ومن هذه التقسيمات مراد جدي تفصيلي ومراد جدي ارتكازي واجمالي.