37/01/26


تحمیل

الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة, 19.

والصحيح في المقام هو أن يقال بأن المسألة ترتبط بدليل البدل (الاستغفار) لا بدليل المبدل, لأنه تارة يقال بأن دليل البدل يختص بالعاجز عن الكفارة حين حصول موجبها فيخاطب العاجز بالبدل (الاستغفار) فيكون الاستغفار له كفارة, وتارة يقال بأن الدليل لا يختص بالعاجز حين حصول موجبها وإنما يشمل من كان قادراً على الكفارة حين حصول موجبها ثم عرض عليه العجز.

وبناءً على الرأي الاول (القائل بأختصاص دليل البدلية بالعاجز عن الكفارة حين حصول موجبها) يثبت التفصيل _ بين العاجز بالعجز الابتدائي والعاجز بالعجز الطارئ_ الذي ذكره صاحب المستند, بأعتبار أن بدلية الاستغفار وما يترتب عليها من الاجزاء وعدم وجوب الكفارة عند التمكن منها بعد ذلك يختص بالعاجز حين حصول موجب الكفارة, لأنه اذا كان عاجزاً حين حصول موجب الكفارة تسقط عنه, وحينئذ يشمله دليل البدلية (الاستغفار له كفارة) وحينئذ اذا جاء بالاستغفار يكون مجزياً عن الواقع فلا يجب عليه الاتيان بالكفارة اذا تمكن منها بعد ذلك وهذا الكلام على القاعدة, هذا في الفرض الاول (العاجز حين حصول موجب الكفارة).

أما الفرض الثاني (القادر حين حصول موجب الكفارة ثم عجز بعد ذلك) فلا يشمله دليل البدل لأن دليل البدل موضوعه العجز عن الكفارة والمفروض أنه _ في هذا الفرض_ قادر على الكفارة ومتمكن منها حين حصول موجبها, فإذا عجز بعد ذلك لا يشمله الدليل لأننا نتكلم على افتراض اختصاص دليل البدلية بمن كان عاجزاً حين حصول الموجب, ولا يشمل من كان قادراً حين حصول الموجب وعجز بعد ذلك.

أما بناءً على الرأي الثاني ( الذي يقول بأن موضوع دليل البدلية هو العاجز عن الكفارة) فلا يختص بالعاجز حين حصول الموجب وإنما يشمله ويشمل العجز المتأخر عن حصول الموجب لأنه يصدق عليه أنه عجز عن الكفارة وبناءً على هذا الكلام _عدم اختصاص الدليل بالعاجز حين حصول موجب الكفارة_ لا وجه للتفصيل الذي ذكره صاحب المستند, لأن دليل البدلية كما يشمل العاجز حين حصول الموجب يشمل العاجز بعد التمكن, ويكون مخاطباً بالاستغفار كالعاجز حين حصول الموجب ويكون الاستغفار مجزياً له ولو تمكن بعد ذلك لا تجب عليه الكفارة.

والظاهر أن الصحيح من هذين الرأيين هو الرأي الثاني (الذي يقول بأن موضوع دليل البدلية هو العاجز عن الكفارة) للإطلاق بعد وضوح صدق موضوع دليل البدلية على العاجز بعد التمكن, فيشمل الدليل كلا العاجزين, وعليه اذا جاء كل منهما بالاستغفار يكون مجزياً ولا تجب عليه الكفارة اذا تمكن منها بعد ذلك وهذا هو الصحيح في المقام.

 

قال الماتن

(مسألة 20 ) : (يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره وفي جواز التبرع بها عن الحي إشكال والأحوط العدم خصوصا في الصوم)[1]

والظاهر أنه لا اشكال عنده في جواز التبرع بالكفارة عن الميت ونُسب ذلك إلى المشهور في كلمات اكثر من واحد, ويدل على جواز التبرع إلى الميت وانه يصل إلى الميت وينتفع به وتبرأ ذمته به اخبار كثيرة التي تأمر بصلة الميت بأنواع البر من دون فرق بين الامور المالية وغيرها ( من الصلاة والصوم وقضاء الدين وغير ذلك) وقد جمع هذه الروايات السيد بن طاووس في كتابه (قبس من غياث سلطان الورى) وذكرها صاحب الوسائل ايضاً ولكن في ابواب متفرقة كما في باب28 من ابواب الاحتضار والباب 12 من ابواب قضاء الصلوات و الباب 30 من ابواب الدين والقرض وابواب الوصايا وغير ذلك ونحن نذكر بعض النماذج في المقام:

رواية عمر بن يزيد (قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) نصلي عن الميت ؟ فقال : نعم حتى أنه ليكون في ضيق فيوسع الله عليه ذلك الضيق ، ثم يؤتى فيقال له : خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك ، قال : فقلت : فاشرك بين رجلين في ركعتين ؟ قال : نعم)[2]

ورواية معاوية بن عمار قال :( قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) أي شيء يلحق الرجل بعد موته ؟ قال : يلحقه الحج عنه والصدقة عنه والصوم عنه)[3]

ورواية حماد بن عثمان في كتابه (قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إن الصلاة والصوم والصدقة والحج والعمرة وكل عمل صالح ينفع الميت حتى أن الميت ليكون في ضيق فيوسع عليه ويقال : هذا بعمل ابنك فلان ، وبعمل أخيك فلان أخوك في الدين)[4]

ورواية شعيب قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام ) : إن على أخي زكاة كثيرة ، أفأقضيها أو أؤديها عنه ؟ فقال لي : وكيف لك بذلك؟ قلت : أحتاط ؟ قال نعم ، إذا تفرج عنه)[5]

لا اشكال في أن هذه الاخبار فيها دلالة على جواز التبرع عن الميت بالكفارة التي هي محل كلامنا لأنها لا تخلو أما تكون صوماً أو عتقاً أو اطعاماً وكل هذا يدخل في العناوين المذكورة (كعمل البر والعمل الصالح وعمل الخير) ومقتضى اطلاق هذه الروايات جواز التبرع من دون فرق بين أن يكون الميت مشغول الذمة بما يُتبرع عنه أو لا, بل اكثر من ذلك فقد يستفاد من بعض هذه ا لروايات ما اذا كانت ذمة الميت مشغولة لهذا الشيء الذي يُتبرع به عنه وهذا يستفاد من الروايات التي تقول (نعم حتى أنه ليكون في ضيق فيوسع الله عليه ذلك الضيق- وكل عمل صالح ينفع الميت حتى أن الميت ليكون في ضيق فيوسع عليه- قال نعم ، إذا تفرج عنه) وهذا الكلام مبني على أن الضيق الذي يكون التبرع موجباً لرفعه هو الضيق الناتج عن اشتغال ذمته بالشيء الذي تُبرع به عنه كما لو كانت ذمته مشغولة بالزكاة فتُبرع عنه بالزكاة فأنه يُفرج عنه, ومحل كلامنا عن التبرع عن الكفارة الثابتة في ذمة الميت وهل يجوز التبرع عنه بها اولا؟؟ ومقتضى اطلاق هذه الروايات الجواز, بل لعل بعضها يكون وارداً فيما اذا كانت ذمة الميت مشغولة بالكفارة فتدل على جواز التبرع عن الميت بلا اشكال.