37/03/16


تحمیل

الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة, 25.

ومنشأ الكلام في الجهة الثانية وهل أن المراد بعلي بن اسماعيل علي بن اسماعيل بن عيسى أو علي بن اسماعيل بن ميثم بن شعيب بن ميثم التمار؟؟ فهذا الرجل متكلم من اصحابنا أو يراد به غير هؤلاء؟؟ والذي يزيد في الطين بلة هو أن نسخ الكشي متعددة ففي بعضها وهو علي بن السندي الذي هو محل كلامنا وفي بعضها ورد السدي وفي بعضها ورد السري وهذا يؤخذ بنظر الاعتبار في محل الكلام.

وقد يقال بأن علي بن السندي سواء كان متحداً مع علي بن اسماعيل أو كان متعدداً يمكن اثبات وثاقته بناءً على أن من يروي عنه محمد بن احمد بن يحيى في نوادر الحكمة مباشرة ولم يستثنه ابن الوليد وتلامذته يُبنى على وثاقته واذا تمت هذه الكبرى يمكن الاستدلال على وثاقة علي بن السندي بذلك, لأنه ورد في كتاب نوادر الحكمة ويدل على ذلك _مع أن كتاب نوادر الحكمة لم يصل الينا _ ما ورد في التهذيب حيث أنه اذا ذكر الشيخ الطوسي فيه رواية وبدأ السند بمحمد بن احمد بن يحيى_ والقاعدة في كتاب التهذيب أنه يأخذ الرواية من كتاب الشخص الذي ينقل عنه_ فهذا يعني إنه اخذ الرواية من كتاب محمد بن احمد بن يحيى الذي هو نوادر الحكمة فإذا وجدنا رواية في التهذيب يبدأ سندها بمحمد بن احمد بن يحيى عن علي بن السندي نعرف أن علي بن السندي روى عنه محمد بن احمد بن يحيى في كتاب نوادر الحكمة[1] وعندما جاء ابن الوليد لم يستثني ما رواه محمد بن احمد بن يحيى عن علي بن السندي وحينئذ اذا امنا بالكبرى _وهي أن ما استثناه ابن الوليد ضعيف كما لعله هو المشهور ومن لم يستثنه فهو ثقة وهذه القضية وان لم تكن مشهورة لكننا استقربناها تبعاً للوحيد البهبهاني _ يمكن الاستدلال على وثاقته بذلك, ولا يضر مع ذلك اتحاده أو عدم اتحاده مع علي بن اسماعيل لا سيما أن علي بن اسماعيل روى عنه محمد بن احمد بن يحيى في نوادر الحكمة[2] ولم يستثنه ابن الوليد وحينئذ تنطبق عليه نفس الكبرى, هذا اذا امنا بهذه الكبرى, وإما مع عدم الايمان بها حينئذ يظهر أن اثبات وثاقة علي بن السندي ينحصر بفرض اتحاده مع علي بن اسماعيل اذا اريد بعلي بن اسماعيل علي بن اسماعيل بن شعيب الميثمي الثقة, لكن الظاهر أن اتحاده مع علي بن اسماعيل بن شعيب الميثمي بعيد بأعتبار أن علي بن اسماعيل في هذه الطبقة ينصرف إلى علي بن اسماعيل بن عيسى, وهذا يظهر من طريقين للشيخ الصدوق في المشيخة فهو في احد الطريقين وهو طريقه إلى زرارة وحريز وحماد بن عيسى ذكر فيه علي بن اسماعيل بن عيسى أي قيده بعيسى وذكر طريقاً آخر لحريز منفصلاً عن الطريق الاول وهناك ذكر علي بن اسماعيل من غير تقييد بعيسى ومع كون الراوي الذي يروي عن علي بن اسماعيل في كلا الطريقين هو عبدالله بن جعفر الحميري فأن هذا يفهم منه أن علي بن اسماعيل اذا اطلق يراد به علي بن اسماعيل بن عيسى وقد ذكر هذه النكتة السيد الخوئي (قد) واستفادها من مشيخة الفقيه, واذا لم نؤمن بهذه الفكرة فأنه يكفي التشكيك, لعدم العلم بأن المراد بعلي بن اسماعيل هل هو الميثمي؟؟ أو علي بن اسماعيل بن عيسى؟؟

نعم قد يقال بأن وثاقة علي بن اسماعيل بن عيسى تثبت برواية الاجلاء عنه كمحمد بن علي بن محبوب وعبدالله بن جعفر الحميري ومحمد بن الحسن بن الصفار وسعد بن عبدالله الاشعري ومحمد بن يحيى العطار ومصدر الرواية عنه موجود لكنه في جميع هذه الروايات المذكور هو علي بن اسماعيل مطلقاً ولم يقيد بعيسى, فإذا امنا بفكرة السيد الخوئي (قد) التي تقول بأن علي بن اسماعيل اذا اطلق في هذه الطبقة يراد به علي بن اسماعيل بن عيسى فحينئذ تثبت رواية الاجلاء عنه, واذا ترددنا وقلنا لعل المراد بالمذكور في هذه الروايات غير علي بن اسماعيل بن عيسى فحينئذ لا يكفي ذلك في اثبات وثاقته وعلى كل حال هذا ما يمكن أن يقال في حق هذا الشخص.

أما الكلام في الحسين بن المختار

فقد قال عنه النجاشي: (الحسين بن المختار أبو عبد الله القلانسي كوفي . مولى أحمس من بجيلة ، وأخوه الحسن يكنى أبا محمد ذكرا فيمن روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام . له كتاب ، يرويه عنه حماد بن عيسى وغيره أخبرنا علي بن أحمد بن محمد بن أبي جيد قال : حدثنا محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن السندي عن حماد)[3]

وعده الشيخ الطوسي في الرجال من اصحاب الامام الصادق عليه السلام[4] ومن اصحاب الامام الكاظم عليه السلام وعند ذكره من اصحاب الامام الكاظم نص عليه بأنه واقفي[5] نظير القاسم بن محمد الجوهري.

وعده الشيخ المفيد في الارشاد من خاصة الامام الكاظم عليه السلام وثقاته واهل الورع والعلم والفقه من شيعته, ونقل العلامة في الخلاصة عن ابن عقدة عن علي بن الحسن بن فضال أنه كوفي ثقة.

هذا ما هو موجود في ترجمة هذا الرجل والذي يمكن الاعتماد عليه لأثبات وثاقته هو عبارة عن امور:-

الاول: توثيق علي بن الحسن بن فضال لأنه وصل الينا بطريق معتبر فالعلامة ينقله عن كتاب ابن عقدة وابن عقدة ثقة ولا نشك في وثاقته وعلي بن الحسن بن فضال ثقة ايضاً وان كان كل من ابن عقدة وعلي بن الحسن بن فضال ليس امامياً بالمعنى الاخص لكن كل منهما ثقة أما بن فضال فواضح, وأما ابن عقدة فهو رجل مورد اعتماد الكل ويستندون إلى قوله ويعتنون بآرائه وحينئذ يمكن التعويل على كل منهما لأثبات وثاقة هذا الرجل لأن هذا طريق صحيح.

تبقى مسألة التشكيك في ذكر العلامة لمثل هذا الكلام؟؟ ويجاب عن ذلك بأن كتاب ابن عقدة وان لم يصل الينا لكن لا مشكلة في وصوله إلى العلامة ونقل العلامة عنه, وقلنا بأن استاذ العلامة السيد ابن طاووس كانت لديه مكتبة كبيرة ولعلها تحتوي على كتاب ابن عقدة أو وصل إلى العلامة من طريق آخر وعلى كل حال فأن هذا الدليل لا بأس به لأثبات وثاقة هذا الرجل.

نعم ذكر العلامة في الخلاصة (الحسين بن مختار القلانسي ، من أصحاب أبي الحسن موسى ) عليه السلام ) ، واقفي . وقال ابن عقدة عن علي بن الحسن : انه كوفي ، ثقة . والاعتماد عندي على الأول)[6] وهذا ( أي قول والاعتماد عندي على الأول) لا يعني أن الحسين بن المختار ليس بثقة والتشكيك فيما يقوله ابن عقدة وإنما مبنى العلامة كان هو عدم العمل بروايات الواقفي وان كان ثقة وهذا لا ينافي كونه ثقة . وأصل الواقفية نشأت من شهادة الشيخ الطوسي في الرجال على أنه واقفي لكن هذه الشهادة معارضة بشهادة الشيخ المفيد في الارشاد بأن الحسين بن المختار من خاصة الامام الكاظم عليه السلام واهل الورع واهل العلم من الشيعة وهذا لا ينسجم مع كونه واقفياً .

ويؤيد هذا ما نقله ا لشيخ الكليني في الكافي[7] بسند صحيح من أن الحسين بن المختار نقل وصية الامام الكاظم عليه السلام لولده الامام الرضا وهذا لا يكون دليلاً على عدم كونه واقفياً وإنما يكون مؤيداً بل نقل الشيخ الصدوق عن الحسين بن المختار في العيون[8] روايتين بسند صحيح عن الحسين بن المختار أنه ينقل وصية الامام الكاظم عليه السلام إلى ولده الامام الرضا عليه السلام وهذا لايكون دليلاً ناهضاً في حد نفسه لأنه قد يقال من الممكن أن ينقل الوصية ثم ينكرها بعد ذلك لأغراض خاصة كما حدث ذلك مع زياد بن مراوان القندي الذي هو من عمد الواقفة فقد نقل له الشيخ الصدوق في نفس الباب رواية فيها نص الامام الكاظم عليه السلام على امامة الامام الرضا عليه السلام_ وقد نقلها الشيخ الصدوق بسند صحيح_ لكنه سرعان ما انكر ذلك وصار من عمد الواقفة.

الثاني: رواية المشايخ عنه بسند صحيح معتبر فقد روى عنه ابن ابي عمير بسند صحيح كما في( الكافي ج2 ص502 ح1) و (الخصال ص21 ح75) وروى عنه البزنطي بسند معتبر كما في (عيون اخبار الرضا ج1 ص25 ب 4 ح23).

الثالث: من الامور التي يستدل بها على وثاقة الحسين بن المختار هو توثيق الشيخ المفيد له كما تقدم.

ويؤيد ما تقدم من الوجوه التي استدللنا بها على وثاقته رواية بعض الاجلاء كتابه كما ورد ذلك في عبارة الشيخ النجاشي أن كتاب الحسين بن المختار القلانسي رواه جماعة من الاصحاب والظاهر ان الاصحاب لم تكن طريقتهم أن يرووا كتاباً عن ضعيف, وان كان من الممكن أن يرووا رواية عن ضعيف, ولا توجد قاعدة تقول بأن الاصحاب كلما رووا عن شخص فأن هذا دليل على وثاقته, نعم ثبت ذلك في حق اشخاص معدودين كأبن ابي عمير وجماعته.

هذا ما يمكن أن يقال في اثبات وثاقة الحسين بن المختار والظاهر أن الرواية بناءً على هذا تكون الرواية تامة سنداً ولا بأس بها من جهة الحسين بن المختار وكذلك من جهة علي بن السندي.

الرواية الرابعة: التي تدخل في طائفة الروايات التي يستدل بها على عدم جواز السفر هي رواية علي بن أسباط ، عن رجل(عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا دخل شهر رمضان فلله فيه شرط[9] ، قال الله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) فليس للرجل إذا دخل شهر رمضان أن يخرج إلا في حج ، أو في عمرة ، أو مال يخاف تلفه ، أو أخ يخاف هلاكه ، وليس له أن يخرج في إتلاف مال أخيه ، فاذا مضت ليلة ثلاث وعشرين فليخرج حيث شاء)[10] والرواية يرويها الشيخ الطوسي محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عن رجل(عن أبي عبدالله ( عليه السلام ).

والرواية غير تامة من حيث السند للإرسال ولسهل بن زياد فهو وان كان يروي عنه محمد بن احمد بن يحيى في نوادر الحكمة لكنه مستثنى من قبل ابن الوليد.

ومن حيث الدلالة فأنها فيها تفصيل لم يتقدم عندنا في الروايات وهو التفصيل بين ما قبل الليلة الثالثة والعشرين وبين ما بعدها, فهي ظاهرة بعدم جواز السفر قبل الليلة الثالثة والعشرين الا للحاجات التي ذكرتها الرواية, وظاهرة في جواز الخروج مطلقاً بعد الليلة الثالثة والعشرين ومقتضى التفصيل هو أن الشيء الممنوع منه هناك(في روايات الطائفة الثانية) يكون جائزاً هنا.

هذه هي عمدة الروايات التي يستدل بها على عدم الخروج وقد عرفت بأن فيها ما هو تام سنداً واذا ضممناها إلى روايات اخرى ضعيفة السند قد تحصل الاستفاضة, وهذا يكفي لأثبات وجود طائفة معارضة للطائفة الاولى التي يستدل بها على جواز الخروج ومن هنا يقع التعارض بين هاتين الطائفتين وعلينا أن نفكر في كيفية الجمع بين هاتين الطائفتين المتعارضتين.

الجمع الاول: وهو المعروف بين فقهائنا وهو حمل اخبار الطائفة الثانية على الكراهة ولذا التزموا بجواز الخروج لكن على كراهة, كما هو في الكثير من الفتاوى, وهذا الجمع يعتبروه جمعاً عرفياً بين الادلة بأعتبار ما يذكر في محله من أن روايات الجواز (الطائفة الاولى) صريحة في الجواز بينما روايات المنع (الطائفة الثانية) ظاهرة في التحريم, لأن الروايات تعبر ب (لا) أي لا تفعل مثلاً وهذا التعبير وان كان ظاهراً في التحريم لكن يحتمل احتمالاً معتداً به أن يراد به الكراهة, بينما روايات الجواز نصاً في الجواز وصريحة به وحينئذ نتصرف في الظاهر لصالح النص فنرفع اليد عن الظهور في التحريم الذي في روايات الطائفة الثانية لصالح الروايات الصريحة في الجواز فنحمل المنع في روايات الطائفة الثانية على الكراهة, فيكون الخروج مكروهاً مطلقاً سواء كانت هناك حاجة أو لا نعم قد ترتفع الكراهة عند الحاجة الضرورية لكن مقتضى اطلاق كلامهم هو أن الخروج مطلقاً يكون جائزاً على كراهة, وقد ذهب إلى هذا الجمع من قدمائنا الشيخ الصدوق في الفقيه[11] كما يظهر ذلك من عبارته وتبعه جماعة من المتقدمين ومن المتأخرين.

 

الجمع الثاني: حمل الطائفة الاولى(الروايات المجوزة) على صورة وجود الحاجة والطائفة الثانية (الروايات المانعة) تحمل على صورة عدم وجود الحاجة.

الجمع الثالث: هو أن نفصل بين صورة وجود حاجة غير ضرورية وبين وصورة وجود حاجة ضرورية وبين صورة عدم وجود حاجة مطلقاً فنلتزم في صورة وجود حاجة غير ضرورية بالكراهة, ونلتزم في صورة وجود حاجة ضرورية بالجواز بلا كراهة, ونلتزم في صورة عدم وجود حاجة بالتحريم.


[1] وقد روى محمد بن احمد بن يحيى كثيراً عن علي بن السندي ومثال ذلك ما ورد في التهذيب (ج7، ص363، ح36، ج9، ص123، ح286، ج10، ص49، ح186).
[8] عيون اخبار الرضا، الشيخ الصدوق، ج1، ص25، ح23، ح24.
[9] المراد بالشرط (الالزام).
[11] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج2، ص90.