32/06/21


تحمیل

الصورة الثانية:- وهي أن يفترض أنا نشك هل الحيوان قابل للتذكية ، وأن الخصوصية التي يقبل بها التذكية متحققة فيه أو لا ، وهنا ذكر الشيخ الأنصاري وصاحب الكفاية (قده) أن النوبة لا تصل إلى أصل البراءة بل نجري استصحاب عدم تحقق التذكية.

وفي هذا المجال نقول:- تارة نبني على أن التذكية أمر بسيط وأخرى نبني على إنها أمر مركب ، فيوجد هنا فرضان ، الفرض الأول أن تكون التذكية أمراً بسيطاً ، والثاني أن تكون أمراً مركباً.

الفرض الأول:- إذا بنينا على أنها أمر بسيط ، فتارة يفترض أن حرمة الحيوان منصبة على جزأين ، الأول هو الحيوان ، والثاني هو عدم التذكية ، بحيث يكون عدم التذكية مضافاً إلى الحيوان ، فالحيوان غير المذكى هو الحرام ، وأخرى يفترض أن عدم التذكية مضافاً إلى زاهق الروح وليس إلى الحيوان ، أي من زهقت روحه ولم يكن مذكى يكون حراماً ، فالحرمة لم تنصب على الحيوان بإضافة عدم التذكية بل على زاهق الروح بإضافة عدم التذكية .

والخلاصة:- نحن الآن نتكلم على فرض كون التذكية أمراً بسيطاً ، وفي هذا الفرض تارة نبني على أن الحرمة منصبة على عدم التذكية المضاف إلى الحيوان ، وأخرى نبني على أنها منصبة على عدم التذكية المضاف إلى زاهق الروح . إذن في الفرض الأول توجد حالتان ، وفي كلتا الحالتين نحن بانون على أن التذكية عنوان بسيط .

أما الحالة الأولى :- فهل يجري فيها استصحاب عدم التذكية أو لا ؟

والجواب:- المناسب ذلك ، أي أنه يجري استصحاب عدم التذكية سواءً فرض أن العدم كان محمولياً أم نعتياً ، والفرق بين العدم المحمولي والعدم النعتي أنه تارة تكون الحرمة منصبة على عدم الاتصاف بالتذكية لا الاتصاف بعدم التذكية ، فإذا ما انصب على عدم الاتصاف وهو ما يعبر عنه في المنطق بـ( سلب المحصِّل ) فذلك هو العدم المحمولي ، أما إذا انصبت الحرمة على الاتصاف بعدم التذكية وهو ما يعبر عنه في المنطق بـ( معدولة المحمول ) فمثل ذلك يعبر عنه بالعدم النعتي لأنه يؤخد عدم التذكية بنحو الناعتية ، أي بنحو الاتصاف بالعدم ، إذن مدّعانا في الحالة الأولى أن المناسب جريان استصحاب عدم التذكية ، فتثبت الحرمة سواءً كان العدم مأخوذاً بنحو العدم المحمولي أو بنحو العدم النعتي ، إذ لو كان مأخوذاً بنحو العدم المحمولي ، أي أن الجزء الأول هو الحيوان والجزء الثاني هو عدم الاتصاف بالتذكية - أي ذات عدم التذكية - فيمكن أن نقول أن الجزء الأول محرز بالوجدان والجزء الثاني محرز بالاستصحاب ، لأنه حينما كان حياً لم تكن تذكيته موجودة جزماً والآن نشك ، فنستصحب عدم التذكية الثابت زمان الحياة.

 وأما إذا أُخذ بنحو العدم النعتي - أي كانت الحرمة منصبة على الحيوان المتصف بعدم التذكية - فيمكن إثبات هذا الموضوع بالاستصحاب أيضاً ، فانه في زمان حياة الحيوان يمكن أن نشير إليه ونقول هذا حيوان متصف بعدم التذكية ، والآن بعد ذبحه نشك ، فنستصحب نفس هذا المجموع - أي هذا العدم النعتي - فنقول هو الآن أيضاً حيوانٌ متصفٌ بعدم التذكية بالاستصحاب .هذا كله في الحالة الأولى من الفرض الأول.