32/04/02


تحمیل

الموضوع: المسألة ٢٥٧

المحرم السابع عشر الادهان

 قال (قده) لايجوز للمحرم الادهن ولو كان بما ليست فيه راءحة طيبة ويستثنى من ذالك ما كان لضرورة او علاج

تشتمل المسالة المذكورة على نقطتين

الاولى: لايجوز التدهين للمحرم حتى اذا كان بما ليس فيه طيب

الثانية: يجوز ذالك عند الضرورة

 اما بالنسبة الى النقطة الاولى فينبغي ان تلتفت في البداءة

ان الدهن على انحاء ثلاثة

فتارة يكون في حد نفسه طيبا كدهن الورد مثلا

واخرى لايكون في حد نفسه كذالك وانما له رائحة طيبة

وثالثة لايكون من هذا ولا من ذالك كدهن الوازلين مثلاً

اما الاول فهو مصداق لعنوان الطيب والتطيب وقد تقدمت الاشارة الى ذالك في المحذور رقم 8 فذكر هناك ان استعمال الطيب اكلا وشما ودلكا لايجوز

 اذا الدهن هو احد الافراد المحرمة فينبغي اخراج هذا النحو من حريم الكلام ويختص الحديث بالنحوين الاخيرين

اما الثاني اي ماكانت له رائحة طيبة رغم انه ليس بطيب في حد نفسه فقد ادعي الاجماع على حرمته كما ذكر في الجواهرج18 ص 374 وعبارته واستعمال دهن فيه طيب محرم بعد الاحرام بلا خلاف ولا اشكال بل في المنتهى اجمع علمائنا ...

واما النحو الثالث فالمشهور على ماقيل هو التحريم وقد نسب الخلاف الى الشيخ المفيد وبعض اخر فجوزوا للمحرم التدهين بمثل الوازلين قال في الجواهرج18 ص 376 خلافا لصريح المفيد وظاهر المحكي عن الجمل والعقود والكافي والمراسم

 والمناسب تحريم كلا النحوين كما عليه المشهور

 وذالك لصحيحة الحلبي عن ابي عبد الله (عليه السلام) لاتدهن حين تريد ان تحرم بدهن فيه مسك ولاعنبر من اجل ان رائحته تبقى في راسك بعد ماتحرم، وادهن بما شئت من الدهن حين تريد ان تحرم فاذا احرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل وسائل الشيعة ج12 ص 458 الباب 29 من ابواب تروك الاحرام الحديث1

 وقد يتخيل التنافي بين صدررها وذيلها ففي البداية تقول لايجوز قبل الاحرام خوفا من بقاء الرائحة ثم تقول يجوز لك التدهين قبل الاحرام ولكن بعده لايجوز فان هذا تدافع هكذا قد يتصور بادئ ذي بدء

 ولكن بادنى تامل يرتفع التنافي فالصدر ناظر الى الدهن الذي فيه رائحة طيبة ومثله لايجوز التدهين به قبيل الاحرام خوفا من بقاء رائحته الى حالة الاحرام وهذا معناه انه بالاولوية نفهم ان التدهن به بعيد الاحرام او بعد الاحرام لايجوز فانه قبلا اذا لم يجز خوفا من بقاء رائحته فبعد الاحرام بالاولوية وبهذا يثبت تحريم النحو الثاني

 ثم تعرضت الرواية الى الدهن الذي ليس فه رائحة طيبة كدهن الوازلين مثلا فقالت حين الاحرام اي قبيله يجوز ذالك ولكن بمجرد ان تحرم وتؤدي التلبية فلايجوز ذالك الادهان بمثل الوازلين وبذالك يثبت تحريم الثالث

 فمقدم الصحيحة يدل بعد ضم فكرة الاولوية على تحريم النحو الثالث والمؤخر يدل على تحريم النحو الثالث

 ويدل على ذالك صحيحة معاوية بن عمار المذكورة في نفس المصدر الحديث2 الاّ انه توجد في هذه الصحيحة مشكلتان والرواية هي

لاتمس شبئا من الطيب وانت محرم ولامن الدهن ... ويكره للمحرم الادهان الطيبة الاّ المضطر الى الزيت يتداوى به

 انه لو كنا وصدر الصحيحة من دون ضم الفقرة البعدية اي فقرة ويكره للمحرم الادهان انه لو لم تكن هذه العبارة الثانية وكنا نحن والعبارة الاولى لاستفدنا التحريم من دون مشكلة لانه (عليه السلام) قال لاتمس شيئا من الطيب وانت محرم ولامن الدهن اي ولاتمس شيئا من الدهن وانت محرم وباطلاقها تشمل كلا النحوين اي الذي فيه طيب والذي ليس فيه طيب

 والنهي عن المس واضح الدلالة في حرمة التدهين

 فدلالتها واضحة على التحريم بكلا النحوين لو خلينا وهي

 ولكنه (عليه السلام) قال ويكره للمحرم الادهان الطيبة

فانه توجد مشكلتان

الاولى: انه (عليه السل)ام عبّر بقوله يكره وهذا يدل على جواز استعمال الادهان غايته مع الكراهة فتحصل معارضة للصدر او لصحيحة الحلبي

والجواب ذكرنا اكثر من مرة ان التعبير بالكراهة يراد منه المعنى اللغوي الذي هو عبارة عن الجامع بين التحريم والكراهة المصطلح لا المقصود منه الكراهة المصطلحة يومنا هذا

 وهذا ان لم يكن شيئا جزميا فلا اقل انه احتمال وجيه والاحتمال يكفي لدفع الاشكال فانه بعد ظهور صحيحة الحلبي في التحريم لاتعود هذه معارضة لها لاحتمال ان المراد من الكراهة المعنى اللغوي وانما تتحقق المعارضة لو جزمنا بارادة المعنى المصطلح

 فلا مشكلة من هذه الناحية

الثانية: ان هذه الفقرة من هذه الصحيحة قيدت الادهان بوصف الطيبة وقالت ويكره للمحرم الادهان الطيبة وهذا يمكن ان يفهم منه عرفا ان الادهان اذا لم تكن طيبة مثل دهن الوازلين فلا كراهة فيه اي انه يجوز وهذا ينافي ما استفدناه من الصحيحة الثانية

 وربما يقال ان هذا تمسك بمفهوم الوصف اي كلمة الطيبة هي وصف للادهان وقرأنا ان الوصف لامفهوم له فلاتعود هناك مشكلة

والجواب وقد سلطت الاضواء على هذا الجواب اكثر من مرة وقلت ان بعض ما قراناه في علم الاصول ينبغي ان يبقى في علم الاصول فانه حينما نجيئ الى الفقه والروايات ينبغي ان نتعامل مع وجدانياتنا واستظهاراتنا ونتحرر عما قراناه في علم الاصول

 وانا بوجداني اشعر ان كلمة الطيبة هنا يوجد لها مفهوم اي الادهان الطيبة لامحذور فيها

ولكن من يشعر بالوجدان بثبوت المفهوم لهذا الوصف فكيف يعالج هذه المشكلة؟

الجواب لو قرئنا الصحيحة بكاملها فلعله يمكن دفع الاشكال فانه جاء فيها هكذا ولاتمس شيئا من الطيب وانت محرم ولامن الدهن ... واتق الطيب في زادك... وانما يحرم عليك من الطيب اربعة اشياء المسك والعنبر والورس والزعفران غير انه يكره للمحرم الادهان الطيبة...، فيمكن ان يقال ان سياق الامام (عليه السلام) سياق التحدث عن الطعام والتناول حين قال واتق الطيب في ذالك اي الزاد ثم قال انما يحرم عليك اربعة اشياء ثم قال غير انه يكره للمحرم الادهان الطيبة فيمكن ان نحمل هذا الحكم على النظر الى التناول والاكل فالصحيحة تريد ان تقول لايجوز تناول الطيب في الزاد ثم قالت يحرم في الطيب اربعة اشياء ثم قالت يكره للمحرم الادهان الطيبة اي في الزاد والطعام والمقصود االادهان الطيبة التي ليست طيبا فهذه مكروه تناولها الاّ لمن كان بحاجة الى علاج ونحوه

 وهذا محتمل بدرجة وجيهة والصحيحة على الاقل يحتمل ان تكون ناظرة الى ذالك والنهي السابق يبقى بلا جزم بوجود معارض له وانما يحتمل وجود معارض وهو ليس بمهم فبقرينة النهي بصحيحة الحلبي يحمل هذا النهي على ذالك ان لم يكن ظاهرا وبه يرتفع التنافي

 فمن هذه الناحية لامشكلة

 فاتضح ان الدليل المهم على تحريم الدهن بكلا نوعيه هو صحيحة الحلبي بل وصحيحة معاوية

 وقد يقول قائل يوجد دليل آخر غير هاتين الصحيحتين

 وهو ماورد عنه (صلى الله عليه واله) بقوله الحاج اشعث اغبر، الحاوي الكبير ج4 ص 110

 وكذا عندما سوئل ما الحاج فقال الشعث التفل، سنن ابن ماجه ج 2 ص 167

 والشعث او الاشعث على ماجاء في مجمع البحرين شعث الشعر شعثا من باب تعب تغير وتلبد ومنه رجل اشعت

 واما التفل اي غير متطيب

 فالرواية يستفاد منها ان المحرم يلزمه ان يكون شعثا تفلا اي لايستعمل الادهان وبذالك يمكن ان تكون هذه دليلا ثالثا على حرمة النحوين الاخيرين