31/11/08


تحمیل

الموضوع: المسالة 228 .

 الرابع من محرمات الاحرام وهو مس الزوجة بشهوة

 ذكرنا ان الكلام يقع تارة في كيفية اثبات الحرمة تكليفا وقد تقدم، وتارة في الكفارة

النقطة الثانية: في الكفارة، وكما تقدم فالروايات على طوائف ثلاثة

الطائفة الاولى: دلت على ثبوت شاة مطلقا من دون تقييد بالامناء والامذاء، وهي صحيحة مسمع وعلى منوالها صحيحة الحلبي

الطائفة الثانية: دلت على تقييد ذالك بما اذا امنى او امذى وهي صحيحة معاوية بن عمار

الطائفة الثالثة: صرحت على ان الشاة تجب حتى لو لم يمني او يمذي، فما هو الموقف؟

 السيد الخوئي في المعتمد ج4 ص 100 ذكر شبيه ماذكره هنا اي مسالة التقبيل بشهوة فقال: ان الطائفة الاولى التي هي مطلقة لايمكن تقييدها بالثانية اي بحالة الامناء فان ذالك تقييد بامر نادر اذ نادرا مايمس الشخص زوجته ويمني والحمل على النادر مستهجن فالاطلاق يبقى على حاله

والنتيجة: وجوب الشاة بالمس حتى وان لم يمني، وقال: مما يوكد ذالك صحيحة محمد بن مسلم فانها صرحت بان الشاة تجب امنى او لم يمني اي صرحت بالتعميم، هذا ما افاده (قده)

ويرده: لو سلمنا انه يلزم من التقييد محذور حمل الاطلاق على ماهو نادر وان كنا قد ناقشنا ذالك بما تقدم، فلو سلمنا ذالك فالنتيجة لاتصير كما اراده اذ الاطلاق يبقى غير قابل للتقييد فيتعارض مع صحيحة معاوية بن عمار التي هي مقيدة بحالة الامناء فواحدة تقول تجب الشاة حتى وان لم يمني والاخرى تقول تجب بشرط ان يمني فاذا تحقق التعارض يلزم التساقط والرجوع الى الاصل وهو يقتضي عكس مااراده

 فانا لو شككنا هل تجب الشاة على المحرم اذا مس ولم يمني فالاصل يقتضي البرائة فان الشاة تجب جزما بالمس عن شهوة مع فرض الامناء اما اذا مس بشهوة ولم يمني فالاصل البرائة، فان قلنا نسير كما يسير اي نقول ان اطلاق صحيحة مسمع لايقبل التقييد فيلزم ان ننتهي الى التعارض والتساقط لا ان ناخذ بالاطلاق ونترك الرواية الاخرى المقيدة وهذا من النكات الظريفة التي يجب الالتفات اليها هذا لوسرنا كما يسير

ولكن المناسب ان نقول: ان صحيحة معاوية المقيدة تتعارض مع صحيحة محمد بن مسلم فهما في رتبة واحدة فصحيحة معاية تقول اذا مس وامنى تجب الشاة بينما صحيحة محمد بن مسلم تقول اذا مس تجب الشاة وان لم يمني، فالتعارض يكون بينهما لان احدهما تصرح بالتقييد والاخرى ترفض التقييد فيتساقطان ونرجع الى صحيحة مسمع لانها مطلقة وتكون آنذاك مرجعا، وبالتالي سوف ثبت الشاة على من مس بشهوة وان لم يمني، اي وصلنا للنتيجة التي ارادها السيد الخوئي ولكن من خلال هذا الطريق لامن طريق ماذكره فانه يرد عليه ما اشرنا

 فانتهينا الى ان الشاة تجب على من مس بشهوة وان لم يمني كما افاده ( قده)

ثم انه توجد ملاحظات خمس

الملاحظة الاولى: انا انتهينا الى ان من مس بشهوة تجب عليه شاة وان لم يمني والسؤال لو فرض ان المحرم مس زوجته من دون شهوة فما هو حكمة

والجواب: انه لاحرمة تكليفية ولاكفارة ويكفينا الاصل بلا حاجة الى ورود نص خاص فان ثبوت الحرمة او الكفارة هو الذي يحتاج الى دليل وحيث لادليل فالأصل هو البرائة من الحرمة ومن الكفارة، مضافا الى ان صحيحة محمد بن مسلم قد اشارت الى نفي الحرمة والكفارة، حيث قالت: فان حملها او مسها بغير شهوة فامنى او امذى فليس عليه شيئ، اذا مادام لاشهوة فلاشيئ عليه حتى وان امنى او امذى

الملاحظة الثانية: ان صحيحة معاوية قد توحي بوجود تدافع بين فقراتها حيث جاء في بعض فقراتها هكذا: فان حملها او مسها بشهوة فامنى او امذى فعليه دم وهذه هي الفقرة التي تمسكنا بها في مسألتنا قبل قليل، بينما في الفقرة الثانية التي جائت بعد هذه الفقرة وقال في المحرم ينظر الى امراته او ينزلها بشهوة حتى ينزل قال عليه بدنة ووجه التدافع هو انه حكم (عليه السلام) على من انزل زوجته من المحمل بشهوة وتحقق منه الانزال حكم بان عليه بدنة، والحال ان في الفقرة الاولى حكم على من مس بشهوة فامنى ان عليه شاة وانزال الزوجة من المحمل مصداق للمس فيلزم ان يكون حكمه حكمه

والجواب يمكن ان نقول ان انزال الزوجة من المحمل هو مس للزوجة مع زيادة، او بالاحرى هو عنوان اخص من المس فيمكن ان يكون له حكم خاص به فالمس بشكل مطلق يثبت بلحاظه شاة ولكن بعض افراده وهو انزال الزوجة من المحمل بشهوة مع الامناء يثبت بدنة هكذا يقال، او يقال انه في الفقرة الاولى فرض ان المحرم مس زوجته بشهوة ثم تحقق منه الامناء ولكن نزول المني لم يتحقق بقصد اليه وانما المحرم كان قاصدا للمس بشهوة، والانزال ترتب من دون قصد وهذا بخلافه في الفقرة الثانية فالمحرم انزل زوجته من المحمل ولكن بقي ماسكاً لها حتى انزل فكأن الانزال تحقق ببقائه ممسكا لها بعد انزالها من المحمل، والمنبه لهذا الذي اشرنا اليه هو التعبير في الفقرة الثانية او ينزلها بشهوة حتى ينزل فاستعين بالتعبير بحتى، بينما في الفقرة الاولى عبر ياللفاء وليس بكلمة حتى

 وعلى كل حال فالتدافع بين الفقرتين قد يدفع اما بالبيانين الذين اشرنا اليهما او بغيرهما

الملاحظة الثالثة: المس قد يوحي أو قد يدعى انصرافه الى حالة المس المباشر اي من دون توسط الملامسة بينما لو رجعنا الى الروايات وجدنا انها تريد الاعم مما اذا كان مباشريا او من وراء الثياب فان بعضها وان عبر بكلمة المس ولو كنا نحن وهذه الرواية المعبرة بالمس لاقتصرنا على المس المباشري والكفارة تختص بذالك، ولكن البعض الآخر من الروايات عبر بالاعم من قبيل صحيحة محمد بن مسلم قال ان كان حملها او مسها بشيئ من الشهوة فامنى فعليه دم يهريقه ومن الواضح ان الحمل يكون عادتا من وراء الثياب وعليه فينبغي توضيح هذا التعبير في المناسك فينبه بان المقصود من المس هو الاعم من المباشري وغيره ولكني لم ار من سلط الاضواء من هذه الناحية

الملاحظة الرابعة: لم يتعرض الفقهاء الى حكم مس الاجنبية وكان من المناسب التنبيه على ذالك وان مس الاجنبية بشهوة هو كذالك اي يوجب شاة، واما الحرمة التكليفية فهي ثابتة بقطع النظر عن الاحرام وانما الكلام في الكفارة، والوجه في ذالك التمسك بالاولوية وهذا مطلب سيال ياتي في جميع محرمات الاحرام التي ترتب الحكم فيها على عنوان الزوجة فانه يتعدى الى الاجنبية بالاولوية وكان من المناسب التنبيه على ذالك ولكن العصمة من الغفلة لاهلها

الملاحظة الخامسة: الطائفة الثالثة من الطوائف السابقة كانت عبارة عن صحيحة محمد بن مسلم وقد رويت بثلاث طرق

 احدها يمكن تصحيحة وهو:

 مارواه الشيخ الطوسي بسنده عن موسى بن القاسم عن عبد الرحمن عن علاء عن محمد بن مسلم، وطريق الشيخ الى موسى بن القاسم صحيح، وموسى بن القاسم هو البجلي الثقة المشهور، واما العلاء فهو العلاء بن رزين وهو ثقة ومحمد بن مسلم كالنار على المنار، وانما الكلام في عبد الرحمن فانه مردد هنا بين ابن ابي نجران الثقة او ابن سيابة الذي لم تثبت وثاقته فان موسى القاسم يروي عن الاثنين، ولكن يمكن تعيين كونه ابن ابي نجران بقرينة العلاء فان ابن سيابة ليست له رواية عن العلاء بخلاف ابن ابي نجران فمن هذه الناحية لامشكلة

قد تسال: لماذا حصرنا عبد الرحمن بين ابن سيابة وابن ابي نجران ولم نحتمل انه ابن الحجاج الثقة الجليل

والجواب: ان ابن الحجاج ذو طبقة متقدمة اي في طبقة محمد بن مسلم وليس في هذه الطبقة التي يروي عنه موسى بن القاسم، فبهذا الاعتبار حصرنا التردد بين ابن سيابة وابن ابي نجران.