جلسة 118

كفارة الصوم

الحكم الثاني: أنّ المدّ يساوي ثلاثة أرباع الكيلو تقريباً وإنْ كان هو بحسب الدقة أقل من ذلك، والوجه في ذلك أنّ المدّ على ما قيل يعادل 153 مثقال، وكل مثقال على ما قيل يساوي 4.6 غرام، وعلى هذا الأساس لابدّ من ضرب عدد المثاقيل بالغرامات فتكون النتيجة كالتالي:

مقدار المثاقيل: 153 × 4.6 = 703.8 غرام.

مقدار من المثاقيل: (يتم تحويل الكسر إلى عدد عشري) 0.5625 × 4.6 = 2.5875 غرام.

المجموع: 703.8 + 2.5875 = 706.3875 غرام، هذا كله في النقطة الثانية.

النقطة الثالثة: قد ذُكرت في كفّارة الإفطار في قضاء شهر رمضان بعد الظهر عدة أقوال:

الأوّل: إطعام عشرة مساكين، فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام، وهو المشهور بين الأصحاب [1].

الثاني: ما هو المنسوب إلى ابن أبي عقيل وهو عدم الكفّارة أصلاً [2].

الثالث: ما هو المنسوب إلى ابني بابويه من أنها ككفارة شهر رمضان [3].

الرابع: ما هو المنسوب إلى ابن البرّاج من أنها كفارة يمين [4].

الخامس: ما هو المنسوب إلى أبي الصلاح من أنها إطعام عشرة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام بنحو التخيير [5].

أمّا القول المشهور فتدل عليه روايتان:

الأُولى: رواية بريد العجلي عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ: في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان، قال: «إن كان أتى أهله قبل زوال الشمس فلا شيء عليه إلاّ يوم مكان يوم، وإن كان أتى أهله بعد زوال الشمس فإنّ عليه أن يتصدّق على عشرة مساكين، فإن لم يقدر عليه صام يوماً مكان يوم، وصام ثلاثة أيّام كفّارة لما صنع» [6]، والدلالة واضحة إلاّ أنّ المشكلة في السند باعتبار اشتماله على الحارث بن محمّد وهو لم يوثّق.

الثانية: صحيحة هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد الله ـ عليه السلام ـ: رجل وقع على أهله وهو يقضي شهر رمضان؟ فقال: «إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شيء عليه، يصوم يوماً بدل يوم، وإنْ فعل بعد العصر صام ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين، فإن لم يمكنه صام ثلاثة أيّام كفّارة لذلك»[7] ، والمشكلة في الصحيحة المذكورة واضحة حيث جعلت المدار على صلاة العصر دون الزوال.

وقد ذكر السيد الحكيم [8] ـ قدّس سرّه ـ: أنّه لابدّ من التفكيك في الحجية، فيقال: إنّ الصحيحة لها دلالتان:

الدلالة الاُولى: أنّ الكفّارة ثابتة في الجملة.

الدلالة الثانية: أنّ ثبوتها يختص بما بعد العصر.

وسقوط الدلالة الثانية عن الحجية لا يستلزم سقوط الدلالة الأُولى عنها، وهذا كلام تكرّر منه ومن السيد الخوئي قدّس سرّه، بل ومن غيرهما في كثير من الموارد، وقد ذكرنا في أبحاث سابقة أنّ هذا المطلب قابل للتأمل، باعتبار أنّ مدرك حجية الظهور هو السيرة، ونحن لا نجزم بتفكيك العقلاء في الحجية في أمثال هذه الموارد، وحيث إنها دليل لبي فيقتصر فيه على القدر المتيقن.

نعم، لو فرض أنّ مدرك الحجية دليل لفظي بأنْ كان يقول: خذ بالظهور واعمل به، ففي مثل ذلك تتم فكرة التفكيك، حيث يقال: إنّه يوجد لدينا ظهوران فإذا لم يمكن العمل بأحدهما مثلاً فلا مبرر لرفع اليد عن العمل بالثاني، أما بعد إنْ كان المدرك هو السيرة فلا يمكن أنْ يتم الكلام المذكور إذ نحتمل أنّ العقلاء لا يعملون بمثل هذا الكلام رأساً، ولذلك لو حدثنا شخص بخبر وكان في جملة ما ينقل قضية باطلة جزماً، فقد نتوقف آنذاك عن الأخذ بباقي كلامه من باب أنه ينقل بعض الاُمور التي لا يمكن تصديقها، ونحن لا نريد أنْ ندعي الجزم بأنّ العقلاء لا يعملون، وإنما نقول: لا نجزم بأنهم يعملون، ويكفينا عدم الجزم في لزوم التمسك بالقدر المتيقن، وعليه فكلتا الروايتين تشتمل على الإشكال.

لكن لو أغمضنا النظر عن ذلك وقلنا بتمامية دلالتهما وسندهما على المدعى، فإنهما معارضتان بموثقة عمّار الساباطي، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ: أنّه سُئل عن الرجل يكون عليه أيّام من شهر رمضان ـ إلى أن قال: ـ سُئل: فإن نوى الصوم ثم أفطر بعد ما زالت الشمس؟ قال: «قد أساء وليس عليه شيء إلاّ قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه» [9] ، والمناسب حمل السابقتين على الاستحباب بقرينة الموثقة المذكورة.

_____________________

[1] مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام ج6 كتاب الصوم ص233.

[2] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ج16 كتاب الصوم ص264.

[3] مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام ج6 كتاب الصوم ص234.

[4] مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام ج6 كتاب الصوم ص234.

[5] مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام ج6 كتاب الصوم ص234.

[6] الوسائل 10: 347، أبواب أحكام شهر رمضان، ب29، ح1.

[7] الوسائل 10: 347 ـ 347، أبواب أحكام شهر رمضان، ب29، ح2.

[8] مستمسك العروة الوثقى ج8 الصوم ص348.

[9] التهذيب 4: 244/ 846، الوسائل 10: 348، أبواب أحكام شهر رمضان، ب29، ح4.