33/06/23


تحمیل
 الموضوع:- مسألة ( 329 ) / الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع ( صلاة الطواف )/ واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 النقطة الثانية:- إذا تذكر أثناء السعي فيرجع ويأتي بهما ثم يواصل بقية سعيه ، وقد ذكرنا أن هذه الصورة ربما لم تسلط عليها الأضواء أيضاً في كلمات الاعلام ، فصاحب الشرائع مثلاً لم يشر إليها رغم أنه قد وردت فيها روايات وهذا ملفت للنظر ، وعقد صاحب الوسائل(قده) باباً مستقلاً باسم ( باب 77 ) لأجل ذلك وقال ( باب:- ان من نسي ركعتي الطواف الواجب حتى شرع في السعي وجب عليه قطعه وصلاة الركعتين ثم اتمام السعي ... ) .
 ومن باب القضية الجانبية نقول:- وبهذا تضعف تلك المقالة التي تقول ان صاحب الوسائل يأخذ العناوين من كتاب الشرائع فان هذه المسألة ليست مذكورة في الشرائع ولكن أعطاها صاحب الوسائل عنواناً وباباً خاصاً.
 وعلى أي حال الروايات التي ذكرها صاحب الوسائل أربع ثلاث منها تدل على أنه يقطع السعي ويأتي بالركعتين ثم يواصل ، نعم ثنتان من هذه الثلاث صحيحتا السند وواحدة مرسلة وهذه قضية غير مهمة والمهمة هي أن الرواية الرابعة دلت على أنه لا يقطع السعي وإنما هو مرخص في أن يتم السعي ويأتي بالركعتين بعد ذلك فان هذه تدل على مطلب يغاير ما دلت عليه تلك الروايات الثلاث فلو صحت دلالةً وسنداً أمكننا أن نجمع بينها وبين تلك الروايات بالتخيير بين الأمرين كما صنع صاحب الوسائل فانه في عنوان الباب أشار إلى التخيير بين المطلبين حيث قال في ذيل عبارته السابقة ( ثم اتمام السعي أو صلاة الركعتين بعد اتمامه ) والضمير في اتمامه يعود على السعي وهذا معناه أنه فهم التخيير ، ولنقرأ الروايات ولنلاحظ:-
 الرواية الأولى:- ما رواه الصدوق بإسناده عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( قال في رجل طاف طواف الفريضة ونسي الركعتين حتى طاف بين الصفا والمروة ثم ذكر ، قال:- يعلم ذلك المكان ثم يعود فيصلي الركعتين ثم يعود إلى مكانه ) [1] ، ودلالتها واضحة على أنه يذهب أثناء السعي لا بعد اتمامه.
 نعم ربما يكون في دلالتها على كفاية اتمام ما بقي خفاء لأنه قال ( ثم يعود إلى مكانه ).
 ولكن الجواب واضح فانه لو لم يكن المقصود ذلك لما كانت هناك فائدة في تعليم المكان ، فتعليم المكان فيه دلالة واضحة على أنه يواصل ما سبق ولا خفاء من هذه الناحية.
 الرواية الثانية:- ما رواه الشيخ الطوسي بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان وفضالة عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام ( سألته عن رجل يطوف بالبيت ثم ينسى أن يصلي الركعتين حتى يسعى بين الصفا والمروة خمسة أشواط أو أقل من ذلك ، قال:- ينصرف حتى يصلي الركعتين ثم يأتي مكانه الذي كان فيه فيتم سعيه ) [2] ، وهي صحيحة سنداً كما أنها واضحة الدلالة.
 وهناك رواية ثالثة نقلها صاحب الوسائل بالمضمون السابق وهي مرسلة حماد بن عيسى عمن ذكره عن أبي عبد الله ، ولكنها ضعيفة بالإرسال والمهم هو الروايتان الأوليان وهما كما قلنا واضحتا الدلالة في اتيان بالركعتين قبل اتمام السعي .
 هذا ولكن صاحب الوسائل نقل رواية رابعة:- وهي رواية الصدوق بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ( أنه رَخَّص له أن يتم طوافه ثم يرجع فيركع خلف المقام ) [3] يعني أنه عليه السلام رحض لمن نسي الركعتين أن يتم طوافه - أي سعيه - ثم يرجع فيركع خلف المقام ، ويحتمل أن نقرأها ( رُخِّصَ له ) وهذا لا يؤثر على المعنى.
 وإذا أردنا استيضاح المطلب أكثر فبالإمكان مراجعة عبارة الصدوق ، وإذا رجعنا إلى الفقيه وجدنا أنه ذكر الصحيحة الأولى أولاً وهي صحيحة معاوية بن عمار وبعد ذلك قال ( وقد رخص له أن يتم طواف ثم يرجع فيركع خلف المقام ، روى ذلك محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام فبأي الخبرين أخذ جاز ) [4] ، وعبارته واضحة في أنه حكم بالتخيير ، ولو تمت هذه الرواية سنداً ونقلاً - أي مضمونا ومتناً - لكان المناسب هو التخيير كما ذكر(قده) فانه إذا رخص له اتمام السعي فهذا معناه أنه يجوز قطع السعي ويجوز اتمامه ثم الإتيان بالصلاة فالتقييد واضح ولا موجب للتوقف فيه.
 بيد انه ربما يقال:- ان هذا ليس نقلاً باللفظ وإنما هو نقل بالمضمون والمعنى ، فالشيخ الصدوق يقول رخص لهذا الناسي أن يتم السعي ونحن لا ندري أنه لو نقلت الألفاظ لنا بالنص هل نستفيد منها الرخصة أيضا أو لا ؟ إذن لعل ما نقله الشيخ الصدوق هو اجتهاد منه ، وعلى هذا الأساس تكون حجية هذا النقل محلّ اشكال.
 ان قلت:- أوليس النقل بالمعنى حجة أيضاّ بل ان السيرة جارية على ذلك بل ان ائمتنا عليهم السلام جوزوا النقل بالمعنى كما دلت عليه بعض الروايات فلماذا التوقف في الرواية المذكورة ، ودعوى أنها منقولة بالمعنى ولعل المستفاد منها شيئاً أخر لو عرضت الفاظها علينا أليس هذا تهافت ؟
 قلت:- ان الذي نقبل حجيته هو ما إذا كان النقل نقلاً بالمعنى من دون اعمال عنصر الاجتهاد والحدس وما يفهمه فينقل نفس الروح من دون اعمال الاجتهاد ، وهذا بخلافه هنا فانه ذكر أن الامام رخص له ولعل هذا فهم خاص به بحيث لو سمعنا نص الألفاظ لفهمنا الالزام دون الرخصة أو لعله نفهم شيئاً آخ . وعلى أي حال هذا ليس من قبيل ذاك حتى يحصل تهافت بين المطلبين
 وبالجملة:- التوقف في حجية النقل المذكور شيء وارد ، وعلى هذا الأساس نبقى نحن والروايات الأولى وبالتالي نفتي على طبقها ونقول بلزوم قطع السعي والاتيان بالركعتين لا بنحو الرخصة والتخيير خصوصاً بعد الالتفات إلى أن سند الصدوق إلى محمد بن مسلم قابل للمناقشة باعتبار أنه قد ورد فيه أحد أحفاد البرقي وهو لم تثبت وثاقته فان الثابت وثاقته هو محمد بن خالد البرقي وولده أحمد بن محمد البرقي أما بن أحمد وابن ابنه فلا.
 والنتيجة:- الأمر كما ذكره السيد الماتن(قده) بانه يقطع السعي ويأتي بالركعتين ، وهو مقتضى الصناعة بل هو مقتضى الاحتياط.
 النقطة الثالثة:- إذا تذكر المكلف الركعتين بعد أن أنهى الحج اما بأن عاد إلى بلده وتذكر ذلك هناك أو هو بعدُ في مكة ، وقد فصّل السيد الماتن بين ما إذا أمكنه العود فيعود إلى المقام ويأتي بالركعتين وبين ما إذا لم يمكنه فيأتي بهما في مكانه ، نعم إذا لم يمكنه العود إلى المقام وأمكنه العود إلى الحرم فالأحوط استحباباً الإتيان بهما في الحرم ، والمشهور كما سوف يأتي فصّل كذلك - أي بين أن تكون هناك مشقة في العود فيصلي مكانه وبين أن لا تكون هناك مشقة فيعود إلى المقام - وكما قلنا الفقهاء تعرضوا إلى هذه الحالة وسلطوا عليها الأضواء بشكل كامل.
 وإذا رجعنا إلى الروايات وجدناها مختلفة فانها على طوائف خمس:-
 الطائفة الأولى:- ما دل على أنه يصلي في مكانه من دون تفصيل بل ذكرت هذا المقدار:- وهو أنه إذا التفت بعد الحج فيصلي في مكانه ، وهي روايات أربع ، واحدة منها قالت ( اني لا أشق عليه فليصل مكانه ) ، ولعل الفقهاء الذين فصّلوا بين المشقة وعدمها استندوا إلى هذه الرواية والا فلا توجد رواية مصرحة بالتفصيل بين حالة المشقة وعدمها.


[1] الوسائل 13 438 77 من أبواب الطواف ح1.
[2] المصدر السابق ح3.
[3] المصدر السابق ح2.
[4] الفقيه 2 253.