33/05/22


تحمیل
 الموضوع :- تكملة مسألة (326)،الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع ( صلاة الطواف )/ واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 هذا ولكن يمكن أن يقال:- إن دعوى كون ظاهر الأخبار هو ما أشار إليه - أي أنه يكفي العجز حين الورود ولا تلاحظ طيلة الفترة - هو أول الكلام فالنصوص أجنبية عن ذلك - أي لا دلالة لها على ما ذكره - وكان الأنسب أن يدعي أن ظاهرها العكس - أي لزوم الانتظار وملاحظة طيلة الفترة - وهو قد نقل روايةً في هذا المجال ، ولكن أحسن من تلك الرواية صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه السلام ( سألته عن الرجل يطاف به ويرمى عنه ؟ قال:- نعم إذا كان لا يستطيع ) [1] فإنها جعلت المدار في جواز الطواف به على أن لا يستطيع ، ومعلوم أنه ما دام هناك سعة في الوقت ويمكن أداء الواجب الاختياري فيه فهو مصداق لعنوان من يستطيع وليس مصداقاً لعنوان من لا يستطيع.
 إذن مقتضى الضابط المذكور في هذه الصحيحة - وهو كون المدار على عدم الاستطاعة - هو أن المناسب لذلك هو ملاحظة الفترة بامتدادها.
 والنتيجة النهائية هي:- انه لابد من ملاحظة الفترة بتمامها لا ملاحظة حين ورود أرض المطاف.
 أجل ينبغي الالتفات إلى هذه النكتة:- وهي أن الشخص ربما يكون كبير السنّ أو يكون مريضاً ولا يمكنه الانتظار بعد أن يرد أرض المطاف ففي مثله يصدق عليه عنوان ( لا يستطيع ) أما لو فرض أن الجو كان لطيفا وكانت حاله تساعد على الانتظار فحينئذ هو ممن يستطيع . إذن هذه النكتة لابد من مراعاتها وأخذها في الحساب .
 الأمر الثالث:- إذا فرض أن الشخص بعدما أحرم أصابه عارض فقد بسببه الوعي إما إغماء أو غير ذلك فلم يتمكن من مواصلة الأعمال فهل يجب على غيره النيابة عنه بحيث يتوجّه تكليفٌ إلى الأحياء بنحو الواجب الكفائي،أي على المسلمين أن يتصدى أحدهم للنيابة عنه في الأفعال ؟
 مقتضى القاعدة هو العدم فان التكليف يتوجّه إلى كل شخصٍ بنفسه والمفروض أن هذا فاقداً للوعي فيكون ممن رفع عنه القلم وتوجّه التكليف إلى الآخرين للنيابة عنه يحتاج إلى دليل وإلا فالقاعدة تقتضي العدم .
 نعم قد يقال:- إن الدليل ثابتٌ وهو رواية معاوية بن عمار المتقدمة عن أبي عبد الله ( إذا كانت المرأة مريضة لا تعقل فليحرم عنها ويتقى عليها ما يتقى على المحرم ويطاف بها أو يطاف ويرمى عنها ) فإنها دلت على لزوم ذلك حتى قبل أن تحرم فضلاّ عما إذا كان الشخص قد أحرم وعرض له ما عرض ، ودلالتها واضحة ولكنّها ضعيفة السند لما تقدم من أن في سندها إبراهيم الأسدي وهو مجهول الحال.
 نعم إذا فرض أن الشخص كان مغمىً عليه حالة الطواف أو حالة السعي أو ما شاكل ذلك فقد دلّت الروايات المتقدمة على أنه يطاف به إن أمكن أو يطاف عنه إن لم يمكن وهذا شيء لا بأس بالالتزام به ، أما إذا فرض أنه من البداية قد طرأ عليه ذلك - أي قبل الإحرام مثلا - فلا تشمله مثل الروايات المذكور ة والقاعدة تقتضي العدم.
 الأمر الرابع:- إذا فرض أن شخصاً حمل غيره للطواف به أو أجلسه في عربة وطاف به فهل يمكن أن يحتسِب طوافاً لنفسه أيضاً بحيث يطوف عن نفسه بالأصالة وفي نفس الوقت يطوف بذلك العاجز الراكب في العربة بحيث يتحقق طوافان طوافاً عن نفسه وطوافاً عن الراكب ؟
 مقتضى القاعدة جواز ذلك ، لأنه يصدق عليه أنه طاف بلحاظ نفسه ويصدق على الراكب أنه طيف به فيتحقق الواجب في حقّ الاثنين معاً ، وقد دلت على ذلك بعض الروايات كصحيحة الهيثم بن عروة التميمي عن أبي عبد الله عليه السلام ( قلت له:- إني حملت امرأتي ثم طفت بها وكانت مريضة ، وقلت له إني طفت بها بالبيت في طواف الفريضة وبالصفا والمروة واحتسبت بذلك لنفسي فهل يجزيني ؟ فقال:- نعم ) [2] إذن من هذه الناحية لا إشكال أيضاً. وبهذا نفرغ من النقطة الأولى من نقاط المتن.
 النقطة الثانية:- ما حكم صلاة الطواف ؟ بعد الالتفات إلى أنه لا معنى بلحاظها لعنوان ( الصلاة به ) فان الشخص إما أن يصلي هو بنفسه أو يصلى عنه أما وجود حالة ثالثة تكون متوسطة بين هاتين بأن يصلى به كما كنا نقول ذلك في الطواف فانه لا معنى لها في المقام كما هو واضح.
 المناسب بمقتضى القاعدة أن المكلف لو تمكن من المباشرة بنفسه فيباشر وان لم يتمكن سقط وجوبها وبالتالي يسقط وجوب الحج لأنه - كما قلنا - ارتباطي فإذا سقط وجوب بعض الأجزاء سقط وجوب الباقي.
 ولكن دلَّ الدليل على أن من لا يتمكن من الصلاة بنفسه صُلّيَ عنه ، فلاحظ صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( الكسير يحمل فيطاف به والمبطون يرمى ويطاف عنه ويصلى عنه ) [3] ، وبمضمونها روايته الأخرى [4] والتي رواها الشيخ الصدوق ، ودلالتها واضحة على أن المبطون يصلى عنه ، ولكن بضمّ عدم تفصيل الفقهاء بين المبطون وغيره بل لا يفهم عرفاً خصوصية للمبطون سوى أنه مثالٌ للعاجز فيتعدى لكل عاجزٍ ، والنتيجة هي أن من يعجز أن أداء الصلاة بنفسه فيصلى عنه.
 النقطة الثالثة:- ان من شرائط الطواف الطهارة من الحدث ، وعلى هذا ما تصنع الحائض والنفساء ؟ فهل يطاق عنها باعتبار أنها فاقدة لشرطية الطهارة ، وبكلمة أخرى هل تعدُّ من العاجز عن الطواف ؟
 كلا إن حكم الحائض والنفساء حكم خاص تقدمت الإشارة إليه في مسألة ( 290 ) وذكر هناك أنه إذا كان بإمكانها أن تنتظر فتنتظر إلى أن تطهر وإلّا فينقلب حجّها إلى إفراد - أي أنها تذهب إلى عرفات مباشرة بلا حاجة إلى عمرة تمتع متقدمة -. وعلى أي حال لا ينطبق عليها عنوان العاجز عن الطواف حتى تنيب غيرها في ذلك.
 وبهذا فرغ(قده) من الطواف وأحكامه وانتقل إلى صلاة الطواف التي هي الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع.
 
 
 الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع:- صلاة الطواف.
 وهي الواجب الثالث من عمرة التمتع وهي ركعتان يؤتى بهما عقيب الطواف . وصورتها كصلاة الفجر ولكنه مخيّر في قراءتها بين الجهر والاخفات . ويجب الإتيان بها قريباً من مقام إبراهيم عليه السلام . والأحوط بل الأظهر لزوم الإتيان بها خلف المقام فان لم يتمكن فليصل في أي مكان في المسجد مراعياً الأقرب فالأقرب إلى المقام على الأحوط . هذا في طواف الفريضة ، أما الطواف المستحب فيجوز الإتيان بصلاته في أي موضع من المسجد احتياراً.
 ..........................................................................................................
 يشتمل المتن المذكور على مجموعة نقاط:-
 النقطة الأولى:- يجب الإتيان بركعتين عقيب الطواف الواجب ، وهذا الحكم ينحّل إلى أحكام ثلاثة:-
 الحكم الأول:- أصل الوجوب ، يعني يجب الإتيان بصلاة الطواف.
 الحكم الثاني:- إنها ركعتان.
 الحكم الثالث:- أن محلّها عقيب الطواف.
 أما بالنسبة إلى الحكم الأول:- فقد قال في الشرائع ما نصه ( ومن لوازمه ركعتا الطواف وهما واجبتان في الطواف الواجب ) ، وعلّق في المدارك بما نصّه ( المراد أن صلاة الركعتين من لوازم الطواف شرعاً وجوباً في الواجب وندباً في الندب وهذا هو المعروف من مذهب الأصحاب ، ونقل الشيخ في الخلاف عن بعض أصحابنا استحبابهما في الطواف الواجب وهو ضعيف جداً ) [5] .
 إذن وجوب الركعتين ليست قضية اتفاقية بل يوجد فيها مخالفٌ ، ونص عبارة الخلاف هكذا ( ركعتا الطواف واجبتان عند أكثر أصحابنا .... وللشافعي قولان أحدهما مثل ما قلناه والآخر أنهما غير واجبتين ..... وبه قال قوم من أصحابنا ) [6] فالمسألة ليست اجماعية ومتسالماً عليها ، وعليه فكيف نستدل على وجوب صلاة الطواف ؟
 يمكن ذلك بأدلة ثلاثة:-
 الدليل الأول:- الآية الكريمة ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ).
 الدليل الثاني:- بعض الروايات الدالة على أن من فرغ من الطواف فعليه أن يذهب إلى مقام إبراهيم لأداء الصلاة.
 الدليل الثالث:- ما ورد في الناسي - أي أن من نسي صلاة الطواف فعليه أن يتدارك -.
 هذه أدلة ثلاثة على وجوب الصلاة
 أما الدليل الأول:- أعني الآية الكريمة فيمكن أن يستدل بها على الوجوب بتقريبات ثلاثة:-


[1] الوسائل13 - 389 - 47 من أبواب الطواف ح3.
[2] الوسائل 13 - 395 - 50 من أبواب الطواف ح2.
[3] الوسائل13 - 394 - 49 من أبواب الطواف ح6.
[4] المصدر السابق ح7.
[5] المدارك 8 - 133.
[6] الخلاف 2 - 327 مسألة 138.