33/05/18


تحمیل
 الموضوع :- مسألة ( 326 ) / الشك في عدد الأشواط / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 ثم ان هذا كله لو فرض أن الشخص الذي يريد أن يركب العربة التي لا يتحكم في أمرها لو فرض أنه كان مختاراً ويتمكن من مباشرة الطواف بشكله الطبيعي ، وأما اذا كان عاجزاً عن السير بنفسه فهل يجوز له ركوب العربة ويكتفى منه ؟
 ومن ذلك أيضاً حمل الشخص على متن انسانٍ أو على ما يسمى بـ( الخشب ) فهل يكفي ذلك في حالة العجز عن المباشرة الطبيعية ؟ والمقصود هنا هو بما يقتضيه القاعدة الأولية بقطع النظر عن النص الخاص ، فما هو المناسب ؟
 والجواب:- المناسب عدم الاجزاء ، لأنه لا يصدق عليه عنوان طاف أو تطوف ، وبالتالي يكون المناسب بمقتضى القاعدة سقوط وجوب الحج عنه في هذه السنة التي لا يمكنه فيها مباشرة الطواف واذا لم يتمكن الى الأبد فيسقط الحج الى الأبد - وهذا كما قلنا على ما تقتضيه القاعدة - ولماذا ؟ لأن المطلوبية في باب الحج مطلوبية ارتباطية ، يعني أن كل جزءٍ هو مطلوب مع الجزء الآخر فاذا تعذر الطواف سقط الأمر بالحج ، يعني ان مطلوبية بقيّة الأجزاء تسقط أيضاً فان ذلك هو لازم الترابط والمطلوبية الضمنيّة.
 ولكن لو دلَّ دليل على كفاية ركوب العربة أو الحمل على متن انسان أو غير ذلك لقلنا به كما هو واضح.
 والمعروف بين الفقهاء - بل ربما يدّعى عدم الخلاف - هو أنه لو أمكن أن يطاف به - أي بحمله على متن انسان أو ما شاكل ذلك - وجب ذلك ، وان لم يمكن هذا فتصل النوبة الى النيابة - أي الطواف عنه -.
 قال في الشرائع ( ولو استمر مرضه بحيث لا يمكن أن يطاف به طيف عنه ) ، وعلّق صاحب المدارك بقوله ( هذا مما لا خلاف فيه بين الأصحاب ) [1] . اذن من حيث الفتوى أنه لو يمكنه المباشرة بنفسه طيف به والّا طيف عنه ، فالمرتبة الأولى طيف به والمرتبة الثانية طيف عنه.
 واذا رجعنا الى الروايات فيصعب تحصيل رواية تدلّ على ذلك بوضوح بحيث تعطي قانوناً كليّاً بأن من لم يتمكن من المباشرة طيف به وان لم يتمكن من ذلك طيف عنه ، انه قد يصعب تحصيل رواية بهذا الوضوح ، فانه توجد ثلاث روايات تدل على أن المريض يطاف به وتوجد رواية رابعة تقول ( الكسير والمبطون يطاف عنه ).
 اذن نحن نواجه المشكلة من ناحيتين ، فمن الناحية الأولى أن الروايات لم تقل المرتبة الأولى هي الطواف به والمرتبة الثانية هي الطواف عنه وانما ذكرت أن المريض يطاف به والكسير والمبطون يطاف عنه ، فكيف نستفيد هذا التفصيل أي الترتيب في الطواف به والطواف عنه ؟ ومن ناحية ثانية أن رواية الكسير التي قالت يطاف عنه هي خاصة بعنوان الكسير والبطون وليس فيها عمومية لكل عاجز ، وهذا نسجّله على هذه الرواية - أي رواية الكسير والمبطون - وربما لا يأتي في روايات المريض التي قالت ( يطاف به ) فان عنوان المريض يمكن أن تكون له سعة وشمولية فالإشكال يقع في المرتبة الثانية - أعني الطواف عنه - فان رواياته خاصة بالكسير والمبطون ، وعلى هذا الاساس كيف نستفيد الترتيب المذكور بأن المرتبة الأولى الطواف به والمرتبة الثانية الطواف عنه بشكل يصير قانوناً كليّاً لا يختصّ بالكسير والمبطون ؟
 أوّلاً نلاحظ الروايات ثم نلاحظ ماذا نفعل:-
 أما الروايات الثلاث فهي:-
 الأولى:- صحيحة حريز المتقدمة عن أبي عبد الله عليه السلام ( المريض المغلوب والمغمى عليه يرمى عنه ويطاف به ) فهي قد أثبتت الطواف به للشخص المريض.
 الثانية:- صحيحة صفوان بن يحيى ( سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل المريض يقدم مكة فلا يستطيع أن يطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ، قال:- يطاف به محمولاً يخط الأرض برجليه حتى تمسّ الأرض قدميه في الطواف ثم يوقف في أصل الصفا والمروة اذا كان معتلاً ) [2] فإنها دلت على أن المريض يطاف به محمولاً غايته أنها دلّت على لزوم أن تمس رجلاه الأرض وهذا ما يأتي التحدث عنه وأنه شيء واجب أو أنه محمولٌ على الاستحباب.
 الثالثة:- صحيحة اسحاق بن عمار قال ( سأل أبا الحسن موسى عليه السلام عن المريض ، يطاف عنه بالكعبة ؟ قال:- لا ولكن يطاف به ) [3] ، ولعله توجد روايات أخرى غير هذه الثلاث.
 وهذه الرواية الثالثة قد رواها المحمَّدون الثلاثة على ما ذكر صاحب الوسائل ، والشيخ الطوسي رواها بطريقين فرواها مرّة هكذا ( وعنه عن صفوان بن يحيى عن اسحاق بن عمار :- سألت ابا الحسن ) ، والطريق الثاني هكذا ( وعنه عن عبد الله عن اسحاق بن عمار ) ، والمقصود من كلمة ( عنه ) هو موسى بن القاسم الثقة الجليل وذلك نعرفه بعد رجوعنا الى ما قبل هذه الرواية ، واذا كان هناك مشكلة في صحة السند الثاني باعتبار أن عبد الله مردّد بين أكثر من واحد - أي بين عبد الله بن جبلة أو عبد الله بن سنان أو عبد الله الكناني - وبعض هؤلاء لم يوثّق فأمرها سهلٌ بعد وجود السند الأول الذي ليس فيه عبد الله ، على أنه يكفينا سند الشيخ الكليني فانه سنده صحيح وهكذا سند الشيخ الصدوق.
 اذن هذه روايات ثلاث أخِذ فيها عنوان المريض ودلّت على أنه يطاف به.
 وأما الرواية الرابعة:- التي أخذت عنوان الكسير والمبطون وقالت ( يطاف عنه ) فهي صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( المبطون والكسير [4] يطاف عنهما ويرمى عنهما ) [5] ، ولعله توجد روايات أخرى بهذا المضمون.
 اذن الطائفة الأولى التي قالت ( يطاف به ) أخذت عنوان المريض والطائفة الثانية التي قالت ( يطاف عنه ) أخذت عنوان الكسير - أو الكبير - والمبطون ، والمشكلة كما قلنا من ناحيتين فكيف نستفيد الترتيب بحيث تكون المرتبة الأولى هي الطواف به والمرتبة الثانية هي الطواف عنه مع فرض أن الطائفة الثانية التي عبّرت بالطواف عنه واردة في مساحة ضيّقة وهي الكسير والمبطون ؟
 وفي هذا المجال يمكن أن تذكر الوجوه التالية:-
 الوجه الأول:- الجمع العرفي بأن يقال:- ان الطائفة الثانية التي ذكرت عنوان الكسير والمبطون لا يحتمل عرفاً أن لهما خصوصية وموضوعية بل ذُكِرا كمثالٍ للذي لا يتمكن من الطواف به ، وعلى هذا الأساس تكون هذه الطائفة عامّة لغير الكسير والمبطون ، وحينما نضع هذه الطائفة الى جنب تلك الطائفة الأولى التي قالت ( يطاف به ) انه ليس من البعيد أن يفهم العرف أن الطائفة الأولى التي قالت ( يطاف به ) يعني اذا أمكنه المجيء الى محلّ الطواف وحمله على المتن أو غير ذلك ، بينما الطائفة الثانية ناظرةٌ الى من لا يتمكن من ذلك فان الكسير يصعب عليه المجيء الى محلّ الطواف فتحمل على من لا يتمكن من المجيء الى محّل الطواف ، فان العرف حينما ينظر الى الطائفتين يجمع هكذا ، فان قبلنا بهذا فبها ونعمت وهو شيء ليس ببعيد.
 الوجه الثاني:- التمسك بصحيحة اسحاق المتقدمة حيث جاء فيها ( سأل أبا الحسن عليه السلام عن المريض يطاف عنه بالكعبة ؟ قال:- لا ولكن يطاف به ) فانه يمكن أن يفهم منها أن الطواف بالمريض هي المرتبة المتقدمة ما دامت ممكنة واذا لم تمكن فحينئذ تأتي المرتبة الأخرى وهي الطواف عنه فان نفس هذه الصحيحة وحدها ربما يفهم منها ذلك.
 الوجه الثالث:- التمسك بصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( الكسير يحمل فيطاف به والمبطون يرمى ويطاف عنه ويصلى عنه ) [6] فانه عليه السلام فصّل وقال ( الكسير يطاف به والمبطون يطاف عنه ) فيفهم عرفاً أن الكسير حيث يمكنه المجيء فيطاف به والّا فلا يحتمل أنه اذا لم يتمكن من المجيء فأيضاً يطاف به . اذن حيث يتمكن فيطاف به ، بينما المبطون حيث أنه دائما هو مشغولٌ بمرضه فيطاف عنه ، فالترتيب اذن نستفيده من لسان هذه الرواية.
 هذه وجوه ثلاثة ربما يستفاد منها الترتيب الذي ذهب اليه المشهور فان تمَّ فبها والّا فيمكن اضافة وجهٍ آخر كمقوٍ وداعمٍ للوجوه المتقدمة ويرتقي بها الى مستوى الاطمئنان ، وربما يكون هذا الوجه هو وجهٌ مستقل بقطع النظر عن تلك الوجوه:-
 وحاصله أن يقال:- ان المسألة ابتلائية ، فان هناك شريحة ليست قليلة لا تتمكن من مباشرة الطواف بالشكل الطبيعي ولابد وأن يكون حكمها واضحاً ولا نحتمل أن يكون هذا الحكم الواضح هو سقوط الحج أو سقوط الطواف عنه رأساً أو الطواف به رأساً فان هذه احتمالات ضعيفة والّا لانعكس ذلك على فتوى المشهور ، وحيث أن المنعكس على فتواهم هو التفصيل المتقدم فيثبت بذلك أن الحكم الواضح الشرعي هو ذلك - يعني من تمكن من الذهاب الى محلّ الطواف والطواف به وجب ذلك في المرحلة الأولى والّا فيطاف عنه -.
 وهذا الوجه ربما يمكن أن يُحصِّل بنفسه وبشكلٍ مستقل ٍالاطمئنان للفقيه بالفتوى المشهورة ، وربما بضمّه الى الوجوه السابقة يحصل لدى الفقيه الاطمئنان ، وعلى أي حال لا موجب للتوقف في الفتوى المشهورة بعد ما أشرنا اليه.
 نعم قد يذكر في هذا المقام وجه آخر يقوّي الفتوى المشهورة ، كما ربما يذكر وجه وبيان آخر كمضعِّف وموهنٍ للفتوى المشهورة.


[1] المدارك 8 155.
[2] المصدر السابق ح2.
[3] الوسائل 13 390 _ 47 من ابواب الطواف ح7.
[4] وعلى نسخة على ما قيل بدل ( الكسير ) كلمة ( الكثير 9)
[5] الوسائل 13 393 49 من اواب الطواف ح3 .
[6] الوسائل 13 394 49 من ابواب الطواف ح6.