33/04/17


تحمیل
 الموضوع :- الزيادة في الطواف مسألة (314 ) / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 الرواية الثانية:- صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام ( سألته عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية أشواط ، قال:- يضيف إليها ستة ) [1] ، وهي كما ترى خاصة بطواف الفريضة ولكنها مطلقة من حيث العامد والناسي.
 الرواية الثالثة:- صحيحة محمد بن مسلم الأخرى عن أحدهما عليه السلام ( إن في كتاب علي عليه السلام:- إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة فاستيقن ثمانية أضاف إليها ستاً وكذلك إذا استيقن أنه سعى ثمانية أضاف إليها ستاً ) [2] وهي خاصة بالفريضة كما أنها خاصة بالناسي بقرينة كلمة ( استيقن ) ، وعلى منوالها صحيحته الثالثة [3] ، ويحتمل أنها عين السابقة.
 الرواية الرابعة:- صحيحة أبي أيوب ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط طواف الفريضة ، قال:- فليضم إليها ستاً ثم يصلي أربع ركعات ) [4] ، وهي كما ترى خاصة بالفريضة ومطلقة من حيث العامد والناسي .
 وهذه الرواية قد نقلها الشيخ الصدوق عن أبي أيوب - يعني الخزاز - الذي هو ثقة ، وإنما الكلام في طريقه إليه وقد جاء في المشيخة هكذا ( محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز ويقال أنه إبراهيم بن عيسى ) وهذا التردد في الاسم لا يؤثر إذ بالتالي أن المكنى بابي أيوب هو واحد ولكن اختلفوا في اسمه وهو ثقة ، وجميع رجال السند ثقاة أيضاً سوى محمد بن موسى بن المتوكل الذي روى عنه الشيخ الصدوق فانه لم يذكر بتوثيق ، ومن هنا وقع الكلام بلحاظه ، وواضح أنه إذا أسقطناه عن الاعتبار فسوف نسقط مجموعة من الروايات فانه قد روى عنه الشيخ الصدوق في المشيخة في مواضع كثيرة لعلها تتجاوز الأربعين مورداً ، ومن يبني على أن ترضي الشيخ الصدوق يدل على الوثاقة فبها ، وأما من لم يبنِ على ذلك فهناك طريق آخر وهو أن نفس إكثار الشيخ الصدوق الرواية عنه في أربعين مورداً في طرقه إلى أصحاب الكتب التي ينقل عنها قد يولّد الاطمئنان بأن هذا الرجل ثقة عند الصدوق وإلا فمن البعيد أن يكثر العاقل الرواية عن شخصٍ وينقل عنه أصول الأصحاب بهذه الدرجة من الكثرة وهو لا يعتقد بوثاقته ، ونفس هذه الفكرة ذكرنا تطبيقها في أبحاث سابقة على محمد بن إسماعيل فان الشيخ الكليني في الكافي روى في موارد متعددة عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن .... ووقع الكلام في أن محمد بن إسماعيل من هو ؟ هل هو ابن بزيع صاحب الرضا عليه السلام كما يعتقد السيد حسن الصدر(قده) صاحب ( تأسيس الشيعة لفنون الإسلام ) وقد ألف رسالة في هذا المجال ؟ أو أنه رجل آخر أما البندقي أو النيسابوري ؟ فإذا جزمنا كما جزم السيد حسن الصدر بأنه ابن بزيع فبها ، وأما إذا بنينا على أنه غيره وبنينا على وثاقة البندقي أو النيسابوري فلا مشكلة أيضاً ، أما إذا بقي هذا الشخص مردداً عندنا ولم تثبت وثاقته فما هي الحيلة لإثبات وثاقته ؟ إن أحد الطرق التي يمكن ذكرها في هذا المجال هو إكثار الشيخ الكليني عنه فيأتي نفس ما ذكرناه ، وهذه الطريقة ترتبط بنفسية الفقيه فلعل البعض يقبلها ولعل البعض الآخر يرفضها.
 ولأجل أن هذه الطريقة مقبولة عندنا عبّرنا بأنها صحيحة ، وأما على مسلك من لا يقبل بذلك فالأمر فيها مشكل . وحتى لو قلنا أنها ليست بصحيحة فيكفينا تلك الروايات الأخرى.
 الرواية الخامسة:- رواية أبي كهمس ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط ، قال:- أن ذكر قبل أن يبلغ الركن فليقطعه وقد أجزأ عنه وان لم يذكر حتى بلغة فليتم أربعة عشر شوطاً وليصلِّ أربع ركعات ) [5] ، فإنها دلت على أن من بلغ الركن بحيث تحقق منه شوط كامل فانه يضيف إليه ستة أما من لم يبلغ الركن - أي لم يتحقق منه طواف كامل - فيقطع ما بيده ولا شيء عليه ، وهي خاصة بالناسي ولكنها مطلقة من حيث الفريضة والنافلة.
 وسندها كالتالي:- ( محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبي كهمس ) ، وجميع رجال السند ثقاة ومن أجلة الأصحاب إلا ابن كهمس فانه لم يذكر بتوثيق ومن هنا عبرنا عنها بالرواية.
 وهناك روايات أخرى في المسألة ولكن نكتفي بهذا المقدار . هذا من حيث الروايات.
 وأما من حيث الفتوى:- فقد فنسب إلى المشهور أنهم قالوا بلزوم إضافة ستة أشواط لمن أتى بشوط سهواً لا أنه يبطل ما سبق كما تقتضيه الطائفة الأولى - أي أنهم اخذوا بالطائفة الثانية - نعم نسب الخلاف إلى الشيخ الصدوق حيث قال بلزوم الإعادة - أي أنه أخذ بالطائفة الأولى -.
 قال صاحب المدارك ( ما اختاره المصنف من إكمال الأسبوعين مع الزيادة على السبع سهواً قول أكثر الأصحاب ) [6] ، ثم نقل عن الشيخ الصدوق أنه أوجب الإعادة في الوقت الذي روى في الفقيه عن أبي أيوب ما يوافق المشهور ثم نقل عن الشيخين وغيرهما أن إكمال أسبوعين مختصة بمن بلغ الركن وإلا قطع الشوط الذي بيده.
 وقـال صاحب الحـدائـق ( المشهور بين الأصحـاب أنه إذا زاد على السبعة سهواً أكملها أسبوعين ) [7] ثم نقل خلاف الصدوق ، وهكذا في الجواهر [8] .
 إذن المسألة ليست اجماعية.
 وبعد اتضاح هذا يقع الكلام تارة في من أتى بأقل من شوط وأخرى فيمن أتى بشوط كامل سهواً:-
 أما من أتى بأقل من شوط:- فالمنسوب إلى بعض الأعلام كالشيخين والمحقق أنه يُقطع هذا الشوط ما دام لم يؤت به كاملاً ، وإنما يضاف ستة أشواط إذا فرض أنه حصل الشوط الكامل.
 أما ما هو المستند في ذلك ؟
 قد يوجه ذلك بالاستناد إلى إحدى روايتين:-
 الأولى:- رواية أبي كهمس المتقدمة فإنها قد دلت على ذلك بوضوح كما ذكرنا سابقاً فان الوارد فيها ( رجل نسي فطاف ثمانية أشواط , قال:- إن ذكر قبل أن يبلغ الركن فليقطعه وقد أجزأ عنه وان لم يذكر حتى بلغه فليتم أربعة عشر ... ).
 والثانية:- صحيحة محمد بن مسلم التقدمة حيث جاء فيها ( أن في كتاب علي عليه السلام:- إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة فاستيقن ثمانية أضاف إليها ستاً ) بتقريب أن التعبير بكلمة ( استيقن ) يدل على أن المدار على إكمال الشوط ، يعني إذا استيقن أنه أتى بالشوط الثامن وقد أكمله وإلّا فلم التأكيد بكلمة ( استيقن ) فتدل هذه الصحيحة على أن من أكمل الشوط الثامن واستيقن ذلك يضيف إليه ستة أشواط أما إذا لم يكمله فلا يلزمه الإضافة بل يقطع ما بيده ، هكذا ذكر السيد الخوئي(قده) بالنسبة إلى هذه الرواية الثانية فانه تمسك بها بهذه الصورة.
 ويمكن أن يقال:-
 أما بالنسبة إلى الرواية الأولى:- فهي من حيث الدلالة وان كانت واضحة إلا أنه تقدّم قبل قليل أن أبي كهمس لم تثبت وثاقته . نعم بناءً على كبرى الانجبار بفتوى المشهور يتم السند كما ذكر ذلك صاحب الجواهر فانه قال أنها منجبرة بعمل الأصحاب ردّاً على صاحب المدارك حيث ضعَّفها ، والمسألة مرتبطة بالمباني.
 وأما الرواية الثانية:- فباعتبار أن كلمة استيقن لعلها ذكرت لا من الجهة التي ذكرها( قده) بل لبيان أن إضافة ستة أشواط هي وظيفة من جزم بأنه أتى بشوط إضافي ، أما من لم يجزم وتردّد بأنه أتى بزائد أو ظن بأنه أتى بثامن أو لا فهذا لا يكفي بل لابد وأن يستيقن ، انه من المحتمل أن كلمة ( استيقن ) ذكرت من هذه الناحية ، وعليه فلا يمكن التمسك بها لتفصيل المشهور.
 ولو تنزلنا وسلمنا بصحة الروايتين واعتبارهما دلالة وسنداً فقد يقال:- إنهما معارضتان برواية عبد الله بن سنان المتقدمة حيث جاء فيها ( سمعته يقول:- من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم أربعة عشر شوطاً ) فأنها عبرت بـ( وهم حتى يدخل ) ولم تقل ( حتى يكمل ) فحينئذ هي تدل على أن مجرد الدخول يكفي بلزوم الإكمال أسبوعين.
 وقد يرد:- بأن هذا وجيه إذا لم تكن لدينا الروايتان السابقتان أما بعد وجودهما فلنفسِّر ( حتى يدخل ) بـ( حتى يكمل ويتم ) والذي أريد أن أقوله انه إذا أردنا أن نتساير مع الروايات فالأمر مشكل فان القضية غير صافية من حيث الروايات.
 والأنسب أن يقال:- إن التفصيل المذكور ثابت بمقتضى القاعدة بلا حاجة إلى التمسك بالرواية حتى يقال بأنها ضعيفة دلالةً أو سنداً أو معارضة أو غير ذلك بل يكفينا التمسك بمقتضى القاعدة بلا حاجة إلى الروايات ، وهذه طريقة غابت عن صاحب المدارك(قده) وغيره.


[1] المصدر السابق ح8.
[2] الصدر السابق ح10.
[3] المصدر السابق ح12.
[4] المصدر السابق ح13.
[5] المصدر السابق ح3.
[6] المدارك 8 168 .
[7] الحدائق 16 200.
[8] الجواهر 19 364.